09-30-2022, 01:57 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Feb 2006 | العضوية: | 22 | المشاركات: | 1,376 [+] | بمعدل : | 0.20 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
علم - ثقافة - تطوير ذات افهم اللعبة جيدا وإلا أصبحت جزءا منها ! افهم اللعبة جيداً وإلا أصبحت جزءاً منها!
عوض حاسوم الدرمكي
يحكى أن مهندساً زراعياً كان يعمل بعيداً عن عائلته، إذ إن الشركة التي يعمل بها أرسلته للعمل في أحد فروعها بإحدى قرى صعيد مصر فأراد الذهاب في إحدى الإجازات إلى أهله في القاهرة، فركب القطار وجلس بجانب رجل فلاح مسن من القرية وقد وضع بين قدميه شوالاً من الكتان!
أثار استغراب المهندس قيام الفلاح خلال الرحلة بتقليب الكيس وركله يمنة ويسرة ثم يتركه بين قدميه لربع ساعة تقريباً، ثم يعود لتقليبه وركله من جديد قبل أن يتركه، الأمر الذي أثار فضول المهندس، فابتسم في وجه الفلاح المسن وسأله ما قصة هذا الشوال ولماذا يقلبه ويركله كل فترة دون أن يرتاح!
ابتسم العجوز وأخبره أنه فلاح بسيط من إحدى القرى، يصطاد الفئران والجرذان التي تكثر في غيطان القرية ويقوم بتوريدها للمركز القومي للبحوث بالقاهرة لكي يقوموا عليها بالتجارب الطبية، ولأن الفئران لو تركت على حالها ستقوم بقضم خيوط الشوال بأسنانها الحادة ثم الهرب منه، فقد كان لزاماً عليه أن يقوم بتقليب الشوال حتى ترتطم الفئران والجرذان بعضها ببعض فتتعارك فيما بينها وتنسى أنها في سجن كبير هو مشكلتها الكبرى، ثم أستريح أنا قليلاً وبعد ربع ساعة تكون قد توقفت عن العراك فأقوم بتقليبها وجعلها تتعارك من جديد حتى تبقى غافلة عن الشوال إلى أن أصل بها إلى مقر المركز وأحصل على قيمتها!
لو نظرت من حولك بتمعن لوجدت مثل هذه الخطة تنفذ من بعض الدهاة، ستجدها في مؤسسات العمل وفي منصات التواصل الاجتماعي وفي الحياة العامة، ليست القضية الآن كونها صواباً أم خطأً، ولكن من المهم أن يعي الإنسان أن بعض الأمور ليست كما تبدو عليه، وأن بعض «الشوشرة» والمعارك المصطنعة التي يختلقها البعض وينساق وراءها كثيرون، ليست سوى ستار لتحقيق هدف آخر لا ينتبه له، ولتمريره لا بد من اختلاق مشكلة تشغل الفئة المقصودة في معمعة مربكة ومفاجئة، تأخذ تركيزهم وتستنزف طاقتهم ووقتهم!
قلناها كثيراً ونعيدها: لا تنشغل بكل المعارك، اختر معاركك بعناية، لا تجعل حياتك قائمة على ردات الفعل، فحينها ستتعب كثيراً عند من يمسكون بدفة المبادرة، وسيقومون بسحبك يمنة ويسرة كيفما شاءوا حتى تضيع مسارك وتنسى أولوياتك وتصبح رؤيتك للعالم من حولك ضبابية ولا ترى منها إلا ما يريدك هؤلاء أن تراه منها! دائماً احرص على أن تستخدم مبدأ «زاوية الهليكوبتر» لرؤية أي مشكلة أو ملاحظة أي وضع مستجد، وذلك يعني أن تتخيل مجال رؤيتك داخل طائرة هليكوبتر، فعندما تكون رابضة بجوف غابة كثيفة الأشجار فأنت لا ترى إلا شيئاً بسيطاً من المشهد، وكلما ارتفعت للأعلى استطعت رؤية تفاصيل الغابة أكثر وأكثر، وهذا ما يجب أن تفعله لدى تفاعلك مع مشكلة أو وضع جديد.
توقف عن التفاعل المتسرع واسأل نفسك لماذا قامت هذه المشكلة أصلاً؟ ومن وراء هذا الوضع الطارئ؟ ومن المستفيد من حدوثه؟ وهل حدوثه يقصد منه صرف الانتباه عن شيء آخر أكثر أهمية؟ غالباً الأشياء الواضحة للغاية يكون خلفها غاية خفية للغاية! مقياسك لا بد أن يكون ثابتاً، فالثوابت لا يمكن أن تتغير أو تتلون وليس ذلك تحجراً كما يدّعي المتلونون و«الزئبقيون» والمستعدون للتشكل كيفما دعتهم الظروف ولا يمانعون من الانتقال من النقيض إلى النقيض، أما صاحب المبدأ فلا يمكن أن يضيع، ولا يمكن أن يستغفل، ولا يفترض أن يجر لمعارك مشبوهة.
قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لست بالخبء - أي اللئيم، ولا الخبء يخدعني»، فتعامل مع ما حولك من مستجدات بحذر كافٍ و«هدي اللعب» قليلاً، فلست مجبراً على التفاعل مع كل حدثٍ طارئ، ولست مطالباً للتسرع في ردات فعلك، وكما أن سوء الظن الدائم خطأ، فكذلك حسن الظن الدائم خطأ، فتعامل مع كل موقف بقرائنه وملابساته واعرف أطرافه وثق بما يخبرك به قلبك، قلب الإنسان أحياناً يرى ما لا تراه العين، المهم إن حدثت لعبة أن لا تكون جزءاً منها ..!
|
| |