06-29-2022, 08:47 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Dec 2008 | العضوية: | 4144 | المشاركات: | 428 [+] | بمعدل : | 0.07 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
علم - ثقافة - تطوير ذات وصايا للتعامل مع الخوف أذكرُ مرَّةً أنَّ ابني جاء من المدرسة باكيًا متألمًا، ووالله ما رأيته يتألم كذاك اليوم، سألته، وألححتُ عليه بالسؤال:
إيش فيك؟
يا وليدي إيش فيك؟
⁉️يا وليدي اتكلَّم، لماذا تبكي؟
أرجوكَ أخبرني؛ فأخبرني أنَّ أستاذه أخرجه أمام الجميعِ بعدَ الصلاة، وطلبَ منه أن يُلقي كلمة، لأن المُكَلَّف بها قد غاب، وأنه وجد في ابني بديلًا مناسبًا، ولكن الابن الصغير ذي العشر سنوات أُسقِطَ في يده!
وكيف لا وهو لم يستعد؟
وكيف لا والارتجال يهابه الرجال؟
فوقف المسكين، ثمَّ أرتجَ عليه وتلعثم، ولم يستطع أن يتكلَّم، ضحكَ الطلابُ، إنهارت دمُوعه، قرر أن لا يخرجَ للإلقاء أبدًا، طلب مني كذلك، بل طلبَ مني المسكين أن يغيرَ المدرسة؛ فالجميع كان يضحكَ منه؛ فأحسَّ بالضعفِ والرفضِ والألمِ!
والآن أنا أمام نموذج لمخطط قويّ يحملُ تجربةً ومشاعرَ مبررة، هذا المخطط قد يعيق مهارات الإلقاء لديه طيلة حياته.
هدَّأتُ من رَوعِه، ثمَّ كتبتُ له كلمةً ليلقيها، ثمَّ جئته بعد أن هدأ، أعطيته الكلمة، قلتُ له:
لن أُجبرَك، لكن سأشرحُ لك
⁉️ ماذا يعني أن تخرج غدًا وتتحدَّث أمامهم؟
⁉️ وماذا سيحدث إن لم تخرج؟
فشرحتُ له أنه ربما يتعاظمُ الخوف، ربما لن يستطيع أن يخرج مرةً أخری، وربما، وربما، وربما، ولكن حرارة المشاعر أحرقت كلماتي؛ فرفض أن يخرج!
فعرضتُ عليه مكافأةً كانت بالنسبة له حُلُمًا؛ وافق علی مَضَضٍ، وقال:
ولكن يا بابا ليس غدًا لا أريدُ أن أخرجَ غدًا، ما زال جُرحي ينزفُ؛ فقلتُ له:
لا، بل غدًا، وليس في الصلاة بل في الصفِّ الصباحي، هذا شرطي، إن قبلتَ أعطيتُكَ، وإن رفضتَ فأنت وشأنك، ثمَّ نسقتُ مع المدرسة؛ فخرج أمامَ الطلاب وقال:
ها أنا أقفُ مرةً ثانيةً أمامكم لأنني لم أفشل بالأمس، بل كنتُ غيرَ مستعد، لم تكن دموعي سدودًا تحولُ بيني وبينما أريد، بل كانت جسورًا مررتُ من خلالها إلی تحدٍّ جديد.
لستُ فاشلًا فأنا لم أنسحب.
لستُ ضعيفًا فأنا لم أستعد.
أنا:
رجلٌ تعثر فنهض، وبطلٌ عاد وانتفض، دعونا نحولُ ماحدث إلی درسٍ لنا جميعًا؛ فكلنا نمرُّ بمواقف محرجة، أو صعبة؛ فأمَّا أن نقهرها أو نتقهقر أمامها.
بالأمس لم أتراجع بل رجعتُ للوراء كالسهم لأنطلق أمامكم اليوم، وبقدرِ الرجوع تكون قوَّة الرمية.
صفق الجميع، وتمَّ تكريمه، وأصبح خطيبَ المدرسة بعد توفيق الله ۔جلَّ جلاله۔، ثمَّ جهود مديره ومعلميه.
انتهی الموقف، ولم ينتهي حزني علی أمثال ابني ممن جهلت أسرته الحلول ولم تسعفه، أو استسهلت الأمر ولم تتفاعل معه.
الخوفُ بذر والمواقف تربة
فاقطع مياه الخوف بالإقدام
حطِّم مخاوفك القديمة إنها
كالقيد يثقل خطوة الأقدام
---------------
"وصايا للتعامل مع الخوف "
ياسر الحزيمي .
|
| |