01-29-2010, 09:38 PM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى :
الإسلامي العام بيان حقيقة التشاؤم به (شهر صفر ـــ والتحذير من التشاؤم من هذا الشهر) الحمد لله الملك الجليل , والهادي إلى سواء السبيل , بيده الملك , وهو على كل شيء قدير , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له إيماناً به وتوكلاً عليه , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين ... أما بعد : أيها الاخوة : يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم (لا عدوى , ولا طيرة , ولا هامة ولا صَفر ) (1) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا عدوى , ولا صفر , ولا هامة ) فقال أعرابي : يا رسول الله ! فما بال إبلي تكون في الرمل كأنها الظباء, فيأتي البعير الأجرب بينها يجربها ؟ فقال صلى الله عليه وسلم (فمن أعدى الأول ) (2) معنى قوله ( لا عدوى ) : المراد به نفي ما كانت الجاهلية تزعمه وتعتقده أن المرض والعاهة تُعدي بطبعها لا بفعل الله تعالى , لذلك سأل الأعرابي مستفهماً من الرسول صلى الله عليه وسلم أن الإبل تكون عنده في الرمل سليمة معافاة فيأتي إليها البعير الأجرب فيخالطها فتصاب بالجرب, فقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتقاد هذا الرجل بقوله له (فمن أعدى الأول) أي البعير الأول المصاب بالجرب من أعداه من أين أتاه هذا المرض,أليس أتى هذا المرض بأمر الله وتقديره,بلا هو ذاك . أما معنى قوله صلى الله عليه وسلم (لا صفر ) فقد اختُلف في تفسيره على أقوال: منها: أولاً : قال كثير من المتقدمين : الصفر داء في البطن , يقال : إنه دود فيه كبار كالحيات , وهو أعدى من الجرب عند العرب , فنفى ذلك النبي ص, وممن قال بهذا من العلماء : ( ابن عيينة , والإمام أحمد , والإمام البخاري , والطبري )(3) ثانياً: قالت طائفة: بل المراد بصفر هو شهر صفر, ثم اختلفوا في تفسيره على قولين. القول الأول : أن المراد نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء , فكانوا يحلون المحرم , ويحرمون صفر مكانه , وهذا قول الإمام مالك ( رحمه الله ) (4) قال الله تعالى {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (5) والقول الثاني : أن المراد أن أهل الجاهلية كانوا يستشئمون بصفر , ويقولون أنه شهر مشئوم فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك . ورجح هذا القول ابن رجب الحنبلي (6) . وكذلك يجوز أن يكون المراد هو نفي التشاؤم بصفر؛ لأن التشاؤم بشهر صفر من الطيرة المنهي عنها, لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا طيرة ) (7) وقوله صلى الله عليه وسلم: (الطيرة شرك , الطيرة شرك )(8) . ويكون قوله: ( ولا صفر ) من باب عطف الخاص على العام , وخصه بالذكر لاشتهاره . فا النفي ــ والله أعلم ــ يشمل جميع المعاني التي فسّر العلماء بها قوله (لا صفر ) والتي ذكرتها , لأنها جميعاً بالطلة لا أصل لها ولا تصريح على واحد منها . فكثير من الجهال يتشاءم بصفر , وربما ينهى عن السفر فيه , وقد قال بعض هؤلاء الجهال : ذكر بعض العارفين أنه ينزل في كل سنة ثلاثمائة وعشرون ألفاً من البليات , وكل ذلك في يوم الأربعاء الأخير من صفر , فيكون ذلك اليوم أصعب أيام السنة كلها , فمن صلى في ذلك اليوم أربع ركعات , يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة , وسوة الكوثر سبع عشرة مرة , والإخلاص خمس عشرة مرة , والمعوذتين مرة , ويدعو بعد السلام بهذا الدعاء ( ثم ذكر الدعاء ) (9) حفظه الله بكرمه من جميع البليات التي تنزل في ذلك اليوم ولم تحُم حوله بلية في تلك السنة (10), وهذا الدعاء المذكور يتضمن ألفاظاً وتوسلات شركية منكرة وهو دليل واضح على بدعية وضلالة هذه الأدعية التي هي من وضع بعض الجهّال من الصوفية وأضرابهم وكذاك ما يفعله بعض الناس في بعض الأقطار الإسلامية من اجتماعهم في آخر أربعاء من شهر صفر بين العشاءين في بعض المساجد , ويتحلقون إلى كاتب يرقم لهم على أوراق آيات السلام السبعة على الأنبياء كقوله تعالى {سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ }(11){سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ}(12) (13) ثم يضعونها في الأواني , ويشربون من مائها , ويعتقدون أن سر كتابتها في هذا الوقت , ثم يتهادونها إلى البيوت . ومثل هذا أيضاً تشاؤم بعض الناس في بعض الأقطار الإسلامية من عيادة المريض يوم الأربعاء وتطيرهم منه. و لا شكّ أن التشاؤم بصفر أو بيوم من أيامه هو من جنس الطيرة المنهي عنها (13) فقد قال صلى الله عليه وسلم (لا عدوى, ولا طيرة, ولا هامة ولا صَفر) (14) وقال صلى الله عليه وسلم ( لا عدوى,ولا طيرة,ويعجبني الفأل) قالوا :وما الفأل ؟ قال: (كلمة طيبة)(15) وقال صلى الله عليه وسلم: (الطيرة شرك الطيرة شرك ) (16) وقال صلى الله عليه وسلم : (من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك) قالوا : فما كفارة ذلك ؟ قال : ( أن تقول : اللهم لا خير إلا خيرك , ولا طير إلا طيرك , ولا إله غيرك )(16) . ولا شك أن من لوازم صفاء العقيدة , ومقتضيات الفطرة صدق التوكل على الله سبحانه وتعالى , والاعتماد عليه , والقضاء على كل عناصر الخرافة في كل أشكالها , وصورها , سواء ما كان منها تقليداً موروثاً عن أصل في العقائد الجاهلية , كخرافة التشاؤم بشهر صفر أو بيوم الأربعاء , أو بأصوات الغربان , أو البوم , أو ما كان وليد الأزمنة المتأخرة كمن يتشاءمون بأصحاب العاهات مثل من يتشاءم بالأعور , حتى بلغ ببعضهم أن قال في حق أعور العين : لا تصحبن أعوراً ولو سباك حسنه *** لو كان شهماً خيراً ما فارقته عينه وهذا دليل الجهل والسفه , وهو اعتراض على الله تعالى في خلقه وهو مناف لكمال التوحيد وصدق التوكل على الله سبحانه وتعالى . وتخصيص الشؤم بزمان دون زمان,أو التشاؤم بالغربان والبوم وغيرها,أو التشاؤم بأصحاب العاهات وغير ذلك,كل ذلك بالطل غير صحيح,لأن الزمان وما فيه كله خلق الله تعالى, وفيه تقع أفعال العباد فكل زمان شغله المؤمن بطاعة الله فهو زمان مبارك , وكل زمان شغله العبد بمعصية الله تعالى فهو مشؤوم عليه وحده . فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله تعالى , واقتراف الذنوب , فإنها تسخط الله عز وجل , فإذا سخط الرب جل وعلا على عبده , شقي في الدنيا والآخرة , كما أنه سبحانه وبحمده إذا رضي عن عبده سعد في الدنيا والآخرة , وهذا من ثمرات طاعة الله تعالى وهو من اليُمن كما قيل : إن رأياً دعا إلى طاعة الله *** لرأي مُبارك ميمون فالعاصي مشؤم على نفسه , وعلى غيره , فإنه لا يؤمن أن ينزل عليه عذاب فيعم الناس , خصوصاً من لم ينكر عليه عمله , فالبُعد عنه متعين (17) وأسباب الشر لا تضاف إلا إلى الذنوب والمعاصي, لأن المصائب إنما هي بسبب ما كسبته أيدي الناس وذلك باقتراف الذنوب كما قال تعالى: {... وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ..... الآية }(18). وإذا كثر الخبث هلك الناس عموماً , وكذلك أماكن المعاصي وعقوباتها يتعين البُعد عنها والهرب منها خشية نزول العذاب كما قال النبي لأصحابه لما مر على ديار ثمود بالحجر ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلاّ أن تكونوا باكين خشية أن يصيبكم ما أصابهم ) (19) ولما تاب الذي قتل مائة نفس من بني إسرائيل وسأل العالم : هل له توبة ؟ قال له : نعم , فأمره أن ينتقل من قرية السوء إلى القرية الصالحة فأدركة الموت بينهما , فاختصم فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأوحى الله إليهم أن قيسوا بينهما فإلى أيهما كان أقرب فألحقوه بها , فوجدوه إلى القرية الصالحة أقرب برمية حجر فغُفر له . فهجران أماكن المعاصي وأخواتها من جملة الهجرة المأمور بها , فإن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه , قال إبراهيم بن أدهم : من أراد التوبة فليخرج من المظالم , وليدع مخالطة من كان يخالطه , وإلاّ لم ينل ما يريد , اخوتي الكرام احذروا الذنوب فإنها مشؤومة , وعواقبها ذميمة , وعقوباتها أليمة , والقلوب المحبة لها سقيمة , والسلامة منها غنيمة , والعافية منها ليس لها قيمة ,والبلية بها بعد نزول الشيب داهية عظيمة. طاعة الله خير ما اكتسب العـبــــ *** ــــــــدُ فكن طائعاً لله لا تعصينه مـا هــلاك النفــوس إلا المعاصي *** فـاجتنب مــا نهــاك لا تقــربنـه إن شيـئـاً هـــلاك نــفـسك فــيــــه *** يـنبـغي أن تصـون نـفسك عنه اللهم اجعلنا ممن توكل عليك فكفيته , واستهداك فهديته , ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئتنا وتوفنا مع الأبرار . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين . *********************************** (1) رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (10/215 ) كتاب الطب حديث رقم (5757) (2) رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (4/1742 , 1743 ) كتاب السلام حديث رقم ( 2220 ) (3) لطائف المعارف ص (74) وفتح الباري (10/171 ) (4) لطائف المعارف ص (74) وفتح الباري (10/171 ) (5) سورة التوبة الآية رقم (37) (6) لطائف المعارف ص (74) (7) سبق تخريجه (8) رواه الترمذي في سننه (3/84 , 85 ) أبواب السير , حديث رقم ( 1663 ) وقال : حديث حسن صحيح . (9) الدعاء هو { بعد البسملة ... اللهم يا شديد القوة , ويا شديد المحال , يا عزيز , يا من ذلت لعزتك جميع خلقك , اكفني من شر خلقك , يا محسن , يا مجمل , يا متفضل , يا منعم , يا متكرم , يا من لا إله إلا أنت , ارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين , اللهم بسر الحسن وأخيه وجده وأبيه وأمه وبنيه , اكفني شر هذا اليوم وما ينزل فيه يا كافي المهمات ويا دافع البليات , فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم , وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين } (10) انظر : رسالة روي الظمآن في فضائل الأشهر والأيام ص (4) (11) سورة الصافات , الآية ( 120) (12) سورة الصافات , الآية (79) (13) انظر : تيسير العزيز الحميد ص ( 380 ) (14) سبق تخريجه . (15) رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع تتح الباري ( 10/244 ) كتاب الطب حديث رقم ( 5776 ) واللفظ له (3) سبق تخريجه . (16) رواه الإمام أحمد في مسنده ( 2/220 ) ورواه ابن السني في عمل اليوم والليلة ص ( 117 ) (17) أنظر : لطائف المعارف ص (74/77) (18) سورة النساء الآية (79)
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
01-30-2010, 04:26 AM | المشاركة رقم: 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
ضوء الشمس المنتدى :
الإسلامي العام رد: بيان حقيقة التشاؤم به جزاك الله خير صح كان في الجاهليه يتشامون من شهر صفر
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
01-30-2010, 10:54 AM | المشاركة رقم: 3 | ||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
ضوء الشمس المنتدى :
الإسلامي العام رد: بيان حقيقة التشاؤم به جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
| ||||||||||||||||||||||||||||||
04-05-2010, 04:22 PM | المشاركة رقم: 4 | ||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
ضوء الشمس المنتدى :
الإسلامي العام رد: بيان حقيقة التشاؤم به جزاك الله خير وبارك الله فيك موضوع جدا رائع
| ||||||||||||||||||||||||||||||
العلامات المرجعية |
يشاهد الموضوع حالياً: 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
| |
المواضيع المتشابهة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | المشاركة الأخيرة |
بيان الأوهام والمغالطات التي أوردها إبراهيم الأمير في أصول نسب أشراف الحجاز | ابوالطيب المتنبي | كل ما يخص آل البيت | 6 | 08-20-2010 11:03 PM |
إتحاف الأحبة في بيان مشتبه النسبة | معشي الذيب | كل ما يخص آل البيت | 1 | 06-28-2010 03:04 PM |
بيان علماء ودعاة المسلمين حول تفجيرات الطائفة اليزيديه بالعراق. | ابن الفخر | الإسلامي العام | 0 | 08-19-2007 05:41 AM |
بيان حقيقة التوحيد الذي جاءت به الرسل"1" | قفل الفتنة | الإسلامي العام | 2 | 12-23-2006 02:45 AM |