01-26-2010, 10:02 PM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى :
المنتدى العام المفتوح الافتخار والاحتقار بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واهتدى بهديه إلي يوم الدين وبعد هذا مقال لفضيلة الشيخ الدكتور / سعيد بن ناصر الغامدي بعنوان : - الافتخار والاحتقار كثر حديث الناس اليوم في بلادنا عن قضية علاقة الكفاءة في النسب بالزواج ، وكل تحدث بحسب علمه وفهمه أورغبته وميوله ، أو إلفه وعادته ولن أتحدث هنا عن أقوال الفقهاء ، وما الذي يستند إلى دليل وما الذي لا دليل له في شرع الله الذي جاء بالعدل والحق والحكمة والرحمة ، ولكني سأتحدث عن زاوية أهملها كثير من المتحدثين في هذا الموضوع، وهي من الأهمية بمكان، ذلك أن الفتوى والحكم الشرعي يبنى على إدراك مناط الحكم وتعلقه بأحوال الناس ، وكثير من الذين تحدثوا في هذا الموضوع بينوا أن القول بالكفاءة في النسب ضعيف لا دليل عليه ، بل الأدلة على عكسه، إلا أن بعضهم تحدثوا في إقرار القول بالكفاءة مراعاة للوضع الاجتماعي والآثار الاجتماعية . وهذا يقتضي أن ننظر إلى القضية بمنظار أوسع يستوعب كل الآثار والأضرار والمفاسد أو أكثرها. فإذا كان بعض المفتين راعى جانب المعرة التي يمكن أن تصل إلى الطرف الأقوى ، فلماذا لا يراعي جانب المعرة والمغرمة التي يمكن أن تصل إلى بلد بكامله ومجتمع بأكمله ، بل إلى دين عظيم جاء رحمة لكل العالمين دين جاء بالعدل لكل الناس، ولم يأت لعرق معين أو عنصر معين حتى على افتراض تميز ذلك العرق أو ذلك العنصر كما هو مذهب نبتشه في السوبرمان وهتلر في العرق الآري، ومن خلال معرفتي الشخصية وحواراتي مع بعض المشايخ وطلاب العلم أخشى أن بعضهم(عنصري في ثياب عدلية ) و( طبقي يستعمل لغة السواسية ) ولو ذهبت أحكي بعض ما سمعت أو رأيت من هذه الأحوال عند مشائخ ومثقفين وأكاديميين لطال المقام . والزاوية المهملة عند كثيرين ممن تحدثوا عن قضية الكفاءة في النسب سواء في النكاح أو غيره هي الخلفية النفسية والذهنية والشعورية التي ينطلق منها ( المتعصب لأصله وعرقه وقبيلته ) هذه الخلفية مهمة جداً في إدراك طبيعة هذه القضية ، وإدراك النموذج الذي ينتج عنها في الواقع سواء أكان نموذجاً اجتماعياً أو معرفياً أو حتى فقهياً في بعض الأحيان . إن من يتأمل أحوال المعتزين بأصولهم ويسمع أقوالهم وينظر في التاريخ والواقع يجد أن هذا الاعتزاز يصدر من احد أمرين أو منهما معاً ، والأمران هما : 1- الافتخار بالعنصر والعرق والذات والقبيلة والأسرة والعشيرة والحمولة ....الخ 2- الاحتقار للعناصر والأعراق والأسر التي يراها أقل منه درجة ومرتبة. وحتى لا يكون الأمر هكذا على إطلاقه بغير ضبط فإنه يمكن رؤية هذه الخلفية بعنصريها الأساسيين ( الافتخار والاحتقار) من خلال هذا الجدول الرباعي : افتخار واحتقار احتقار بلا افتخار افتخار بلا احتقار لا افتخار ولا احتقار إذا نظرنا لعموم المنسوبين أو المنتسبين إلى أصول وأعراق وأنساب ذات امتياز ( تاريخي أوديني أو قبلي أو سياسي أو مالي أو وجاهي ...الخ ) فإننا نجدهم بالنسبة لموضوع الافتخار والاحتقار على أربعة أقسام : القسم الأول : من أصيب بالداءين معاً ففيه افتخار بأصله وعنصره وقبيلته وأسرته ، وفي الوقت ذاته احتقار للآخرين . وهذا الصنف يكثر في العوام وأشباههم من الخواص ، وأصحاب هذا القسم فيهم شبه بإبليس الذي ( افتخر بأصله ) ( خلقتني من نار ) و( احتقر آدم) ( وخلقته من طين) وفيهم شبه باليهود الذين افتخروا بأصلهم فهم يدّعون أنهم أبناء إسرائيل الذي هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام . وقالوا بأننا نحن أبناء ( الحرة) سارة زوج إبراهيم . وقالوا ( نحن أبناء الله وأحباؤه) و ( نحن شعب الله المختار) وأسس المفكر اليهودي "موسى هس" فكرة الصهيونية على أساس أن العرق اليهودي عرق متميز حافظ على وحدته ونقاوته عبر العصور وأن لهذا العرق سمات ( بيولوجية ) ( خلقية جسمانية) تميزه عن غيره تتمثل في حجم الجمجمة ولون الجلد أو العيون أو الشعر. وفي المقابل يرى كثير من اليهود أن الأعراق البشرية الأخرى (جوييم) أي ( أغيار) أو( غوغاء) وهم على درجات في الهوان والدونية . والعربي عندهم من ( الأغيار ) المحتقرين فهم في نظر اليهود ويقولون عنهم بأنهم ليسوا سوى ( أمة من الدهماء) وحتى وإن انتسبوا إلى إبراهيم عليه السلام ، فإنهم أبناء ( الجارية) ( هاجر) في حين أنهم أي اليهود ( أبناء الحرة سارة) ومن ثمرات هذا المزيج ( الافتخاري الاحتقاري ) عند اليهود أنهم ( أعادوا تفسير حظر الزواج من أبناء الأمم الكنعانية السبع الوثنية (( تركينه7/2-4)) (ووسعوا نطاقه بحيث أصبح ينطبق على جميع الأغيار دون تمييز بين درجات عليا ودنيا ..) موسوعة اليهود واليهودية الموجزة للمسيري جـ 2/ صـ53 ( وعندهم أن الزواج المختلط أي الزواج من الأغيار غير معترف به في الشريعة اليهودية ) المصدر السابق. ولنا أن نعقد مقارنة بين هذه النزعات العنصرية اليهودية وما يحدث في بعض المجتمعات العربية من افتخار بالأصل والعرق واحتقار للمخلوقات البشرية الأخرى . ومما يؤسف له أن يوجد من بعض أهل العلم الشرعي وبعض المثقفين من لديه هذه النفسية ، وعنده هذه الخلفية ( الافتخارية الاحتقارية) وهم أولى الناس بالنهي عن الافتخار لأن الله لا يحبه ولا يحب أهله كما قال سبحانه(إن الله لا يحب كل مختال فخور) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد) رواه مسلم وفي الحديث ( إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء ، الناس بنو آدم وآدم من تراب ، مؤمن تقي وفاجر شقي ، لينتهين أقوام يفخرون برجال إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله عز وجل من جعلان تدفع النتن بأنفها ) إسناده حسن كما في الترغيب والترهيب . وأهل العلم الشرعي هم ـ أيضاً ـ أولى الناس بالنهي عن احتقار المسلم لأخيه المسلم بأي وجه من أوجه الاحتقار ، إتباعا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم القائل ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأشار بأصابعه إلى صدره ) رواه مسلم من حديث أبي هريرة . ليس بعد هذه النصوص ما هو أوضح ولا أجلى ولا أغلى ولا أعلى في مكافحة هذين المرضين الخبيئين وما ينتج عنهما من أعمال وتصرفات ( إنفصالية) ( تشتيتية ) وما تثمره من هيمنة طبقة على طبقة واستعلاء عنصر على آخر . إن الواجب على كل مسلم أن يلتزم بأوامر دينه فيما أحب وكره ، وعلى العلماء والدعاة أن يسارعوا إلى حصر أمراض ( الافتخار) و( الاحتقار) في أضيق نطاق لأن عدواها سريعة وعواقبها سريعة والاستجابة لها قوية لأن بعض النفوس والمشاعر مهيأة لذلك بحكم الرعونة أو بحكم الموروث كما أنه يجب الحذر من التحايل على أمور الدين والتنبه للتأويلات التي تجعل من الالتفاف حول الشريعة أمراً سهلاً ، بعبارات فيها الكثير من الحذف والصقل ولكنها في نهاية الأمر تلتف على محكمات الإسلام وتتناسى روحه وتخالف جوهره . القسم الثاني : من لديه افتخار وليس عنده احتقار. وهذا أقل سوءاً من القسم الأول لتجرده من احتقار أحد من إخونه المسلمين ، ولكن بقاء بذرة الافتخار في نفسه تجعل نزعته في التمييز بين الناس بناء على أعراقهم نزعة قوية ومؤثرة ، قابلة لاستعلاء صاحبها وتكبره بنسبه أو عنصره أو قبيلته ، ووجود عنصر (الافتخار ) بالأصل والعنصر في نفسية وعقلية شخص مّا دليل على تصور سلبي عن الدين وقصور فهم عن مقاصده وقواعده وهداياته العظمى وخاصة عن معاني ( العدل ) و( الحق ) التي هي من أعظم مقاصد الدين . إنّ هذا الكامن ( الافتخاري ) يفترض أن هناك من هو مستثنى من قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الناس بنو آدم وآدم من تراب ) حديث حسن الإسناد إن المصاب بفيروس الافتخار يفترض أن ثمة جوهراً ( عرقياً ) أو ( نسبياً) يحق لها رفع الرأس لأنها تزيد وغيرها ينقص ؛ لأنه يتخيل أن هناك طبيعة وشخصية محددة لها حق الامتياز بمجرد التناسل ، و لها خصوصية وحق فوق الآخرين ، ولذلك كان لهذه ( الهوية العرقية) حق في الافتخار بهويتها وحق في التميز والانعزال داخل الأعراق النقية !! أما بقية أبناء آدم فليس لهم حق في هذه الامتيازات العنصرية . وهذا الوعي الكامن ينعكس في الدفاع عن مصالح العرق والنسب والقبيلة وإن كانت خاطئة ، وفي تهميش فئات من المسلمين لا ذنب لهم إلا مجرد التناسل الذي لا اختيار لأحد فيه !! وبدهي عند صاحب كل عقل ودين ورشد أن مثل هذه النظرة تتجاهل الحقائق الكبرى للإسلام ، والمصالح الكبرى للمجتمعات الإسلامية ، وما حدث في التاريخ بين القيسية واليمانية والعدنانية والقحطانية أكبر دليل على خطورة ( الافتخار النسبي) ويتضح ضرره في كسر دعائم الأخوة الإسلامية وتشتيت قوى المجتمع المسلم ، إن كل عاقل يستطيع إذا نظر إلى التاريخ الإسلامي من خلال الكوارث ـ أن يجد العنصرية والعرقية والقبلية والشعوبية من أهم وأبرز عوامل الهزيمة والتفكك والضعف والشتات الذي أصيب به المسلمون . إن المصاب بمرض ( الافتخار) الظاهر أو الخفي في حاجة إلى عناية مركزة لوجود هبوط في الوعي واحتباس في الرأي واحتقان في الحقوق مع ارتجاج سياسي وانكفاء عرقي .. نسأل الله العافية . وأعجب عجائب بعض المفتخرين بأعراقهم وأنسابهم أنهم لا يمارسون هذا الظلم إلا على أبناء جلدتهم وملتهم ، فإذا وقفوا أمام أبناء العم سام ذاب الافتخار وتحول إلى انبهار ، بل بعضهم دعا إلى نبذ وصفهم بالكفار وجعل بدلاً من ذلك ( الآخر) فياليتهم عاملوا المهمشين من أبناء بلدهم كما عاملوا أصحاب البشرة الحمراء والعيون الزرقاء!! القسم الثالث : من عنده احتقار وليس لديه افتخار. وهذا يكثر بين أبناء القبيلة الواحدة أو العشيرة الواحدة أو الأسرة أو العرق أو النسب الواحد ، وذلك لأنه لا مجال لافتخاره عليهم لتمتع الآخرين بالمزية التي يراها لنفسه ، فيلجأ حينئذ إلى احتقار الآخرين الذين هم من نفس درجته وطبقته ، وهذا يعرفه كل من يعرف أحوال القبائل ، فحين يغيب عنصر التفاخر ـ عند بعضهم ـ يظهر عنصر الاحتقار والتعيير والأرشفة لإحداث ومواقف معينة ضد الشخص الفلاني أو الأسرة الفلانية أو القرية الفلانية بل حتى القبيلة بأسرها ، وقديماً عبر عن هذا المعنى الأعرابي الذي قيل له تود أن تكون من قبيلة باهلة وتدخل الجنة قال بشرط ألا يعلم الناس بذلك وقال شاعر عربي يهجو قبيلة قريش وهي التي كانت العرب تراعي جاهها : ألهى قصياً عن المجد الأساطير *** ورشوة مثل ماترش الفاسير وأكلها للحم بحثاً لا خليط له *** وقولها: رحلت عير وأتت عير ويظهر هذا الداء أيضاً عند بعض من ليس له نسب معروف أو هو في الأصل من عرق آخر غير العرق السائد في بلده فليس لديه مجال للدخول في سوق ( الافتخار العنصري ) فيلجأ إلى ( سوق الاحتقار العنصري ) وخاصة إذا وجد من أصحاب السوق الأول من يمارس ضده التهميش والاستخفاف ويعامله بازدراء ويلمزه في أصله وعرقه وربما في لونه وشكله وهنا تستعر نيران التباغض والتدابر ، وتتخذ في بعض الأحيان ـ عند تطورها ـ مسارات سياسية أو اجتماعية حادة قابلة للصراعات والانقسامات ، وهي في أدنى أحوالها تقوض دعائم الوحدة الاجتماعية ، والأخوة الإسلامية . ومن نظر في أحوال التفاخر العربي في زمن بني أمية وكيف أشغلوا الناس بجرير والفرزدق والأخطل ومفاخراتهم المشهورة ، ثم إن التفاخر العربي كان أحد أسباب نشأة الشعوبية المتعصبة للعجمية المزرية بالعرب ، وهكذا عكس الحال الذي كان في زمن علي رضي الله عنه حين تبرأ من الفخر بالأنساب ، فقد روي عنه أنه قال من كان سائلاً عن نسبنا فإنا نبط من كوثى ، وفي رواية أن رجلاً سأله فقال أخبرني يا أمير المؤمنين عن أصلكم معاشر قريش فقال : نحن قوم من كوثى ، وروي نحوه عن ابن عباس قال نحن معاشر قريش حي من النبط من أهل العراق ، قال بعض أهل العلم ( وهذا من علي وابن عباس تبرؤ من الفخر بالأنساب وردع عن الطعن فيها وتحقيق لقوله عز وجل ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) القسم الرابع : من لا افتخار لديه ولا احتقار. وهؤلاء هم أفاضل المسلمين وأشرافهم وسادتهم وعلى رأسهم النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي أخبرنا أنهى (سيد ولد آدم يوم القيامة ) ثم أضاف قطعاً للوهم الجاهلي قائلاً ( ولا فخر ) هذا الصنف ضمانة لوحدة الأمة ووحدة المجتمع الإسلامي ، وهم الذين يصدق فيهم قول الله تعالى ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ). فإذا كان صاحب الافتخار يعلو بعنصره وعرقه وصاحب الاحتقار يشيع الفساد ، فإن المؤمن الواعي التقي الصادق مع إسلامه وإيمانه لا يفتخر ولا يحتقر لأنه يعلم أن الإنسان لا يمدح أو يذم ولا يثاب أو يعاقب إلا على شيء من اختياره ، وليس في الأعراق والأنساب اختيار ، ولم يوجد ولن يوجد أحد يختار أمه وأباه ، ولذلك لم يعلق الله حكماً على هذا فقد أخبر سبحانه عن كيفية نشأة الخلق وأنهم جميعاً يعودون إلى أصل واحد ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء) وأخبر سبحانه في سورة الحجرات أن كل الخلق يتناسلون من ذكر وأنثى فليس هناك امتياز في أصل النشأة ، وأن تكاثرهم جعلهم ينقسمون إلى شعوب وقبائل ليتعارفوا ويتآلفوا ويتعاونوا لا ليفخر بعضهم على بعض ولا ليسخر بعضهم من بعض ولا ليستكبر بعضهم على بعض ثم بيّن سبحنه أن المعيار الحقيقي للأفضلية والتميز والتفوق والحسن والشرف هذا المعيار هو ( التقوى ) وفي هذا قطع لكل موارد العصبية والعنصرية والتفاخرات الوهمية والاحتقارات الشيطانية وما يتبعها من إيجاد فئات هامشية محتقرة معزولة بين المسلمين الذين من المفترض أن كل شخص منهم قد سمع الآية ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) وهذا التكريم الرباني والتمييز الرحماني للناس في الدنيا وفي الآخرة ، وليس صحيحاً ما يقوله بعض المتأولة من المدافعين عن الامتيازات ( النسبية) بأن هذا التكريم في الآخرة فقط !! وفي كلام العلماء المقربين وغيرهم ما يرد هذه الدعوى ، ولا أدل على ذلك من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه رضوان الله عليهم ، فهاهو سيد المسلمين ( بلال) الحبشي المولى في تلك المنزلة العالية من التكريم النبوي وها هو أبو لهب القرشي الهاشمي في تلك المنزلة الدنيا من الإهانة . إن هذا الصنف من المسلمين الذي سلم من وباء الاحتقار وداء الافتخار هم أصحاب الوعي الحقيقي بدين الإسلام وهم الذين يتوقع منهم ومن أمثالهم في المستقبل إنجاز المشروع الحضاري الإيماني الذي ينقذ البشرية من أدواء البراهمة وطبقياتهم المقيتة في الهند ، وأمراض السامية والآرية وتفوق العرق ( الأبيض ) كما في أوروبا وأمريكا ، وأمراض القوميات المشتتة لوحدة الأمة المسلمة عربية أو كردية أو فارسية أو بربرية أو غيرها . إن هذا الصنف هم المؤهلون بعلمهم وعملهم وممارساتهم السديدة أن يتجاوزوا مآزق وانحرافات (العنصريات ) بكل أشكالها وألوانها ، وأقول يتجاوزون ذلك لأن بقاء هذا الأمر الجاهلي مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم خبر تحذير وتنفير في قوله : (ثلاث في أمتي من أمر الجاهلية ...... والفخر بالأنساب . والطعن في الأحساب ) ( تخريج الحديث ولفظه ) إن الوعي بخطورة آثار ( العصبية ) لا ينحصر في مسألة الزواج بل هو أوسع من ذلك. ومن ذلك ما حدث بين الدعاة في الشام في هذا العصر من تعصبات دمشقية وحلبية وحموية ، أورثت مشكلات كبيرة ، وما حدث بين الأفغان من تعصبات بشتونية وطاجيكية وأوزبكية جعلت عدو المسلمين يستخدم بعضهم ضد بعض ، وما حدث في العراق من انعزال الأكراد تحت قوميتهم عن إخوانهم العرب السنة فانفتح المجال للفرس الشيعة وأتباعهم يفتكون بهم ، وفي بلد عربي ـ لا أسميه للمصلحة ـ يقوم بعض كبار الدعاة فيه بدعوة خفية إلى قحطانية مقابل الهاشمية العدنانية ، وفي بلدان عديدة يستخدم الانتساب إلى قريش أوبني هاشم وسيلة لتكثير الأتباع ورسم هالة دينية قدسية حول أشياخ معينين يجعلون الرضوخ للنسب جزءاً مهماً من التدين وفي بلد عربي تأتي العصبية بوصف بعض أبناء ذلك البلد بأنهم ( غنم البحر ) وتأتي القصائد الشعبية والعامية والأغاني لترسخ في المسلمين ( العصبيات ) تحت مسميات خادعة مثل ( العرضات ) ( الرديات ) ( شاعر المليون ) ( الوطنيات ) وغير ذلك ، وفي خمار هذه الاحتفاليات الصاخبة تصرخ العصبية من فوق رؤوس الجميع وكل ينادي أبناء بلده ( أرفع رأسك أنت تنتمي إلى كذا وكذا ، غيرك ينقص وأنت تزداد وترتفع بانتمائك ويرددها الناس الذين يتلون قول الله تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ولعل من المناسب هنا أن أذكر شخصية ( عبد المتكبر ) هكذا أسمي هذه الشخصية التي ليست افتراضية بالكامل ، بدلاً من تسميته ( العبد المتكبر) لنرى من خلال هذه الشخصية كيف تنداح العصبية من الأدنى إلى الأكبر يرى عبد المتكبر أن شخصيته متميزة على إخوانه وأبناء عمومته ويفخر بأن ابن فلان وأخواله آل فلان وأخوال أبيه آل فلان ، ثم ينداح قليلاً فيرى إخوانه ووالدهم أفضل وأفخر من أعمامه وبقية عائلته ، ثم إذا فارت عائلته بغيرهم فهم أهل المجد والفخر حتى على قبيلتهم ، وقبيلتهم أفضل وأكرم من غيرها من القبائل العربية ، التي هي بدورها أفضل وأفخر من تلك الأسر المهمشة ومن تلك الأعراق غير العربية ، ثم لدواعٍ معينة يضطر للتوسع فيرى أن مجموع هؤلاء يضمهم وطن واحد وأهله بالضرورة أحسن وأجود من غيرهم من أهل الأوطان الأخرى ، وهكذا تتضح هذه المتوالية ( الفخرية ) التي يمكن أن تقرأ بالعكس من الأوسع إلى الأدنى .... فيا لشدة المأساة وبالعمق التخلف !! إن ( العصبية ) و( العنصرية ) و ( العرقية ) مجال خصب لأعداء الأمة ، ومنحدر خطير يهوي بأمة التوحيد إلى سفوح التشرذم والضياع .. وها نحن نرى اليوم من يحارب الدعوة الإسلامية المعاصرة لأنها ( أممية ) وتحارب ( الوطنية ) بزعمهم ، وهؤلاء لم يفطنوا إلى أن معادلة ( الوطن والأمة ) غير متناقضة بل متكاملة ، وبعضهم يعلم ذلك ولكنه ينحاز ( تعصباً ) و(عنصرية ) إلى قطره وبلده وينكفئ داخل هذه الشرنقة زاعماً أن له هوية غير هوية الأمة وأنه بالحدود الجغرافية متميز على غيره كما يزعم صاحب الحدود القبلية والحدود العرقية !!! وهكذا تتحول هوية الوحدة (وأن هذه أمتكم أمة واحدة ) إلى (هويات) منعزلة متناقضة وأحياناً متحاربة . إن النظر العميق إلى مسيرة (العنصرية ) و ( الطبقية )بأي لون جاءت يجد أنها ترتبط بالصراع والتمزق والشتات والتباغض والتدابر والتفرق وذهاب الريح وحصول الفشل . هل واجب على الدعاة والعلماء والوعاة من المسلمين التذكير بأنه لا يوجد أحد من البشر خلق من عجينة مغايرة ؟ وأنه ليس أحد أفضل من أحد إلا بأعماله الاختيارية إن كانت صالحة ؟ وأن ذلك من محكمات الإسلام ومن بداهة العقول ؟ إن أوجب الواجبات على نخبة المجتمع الإسلامي مقاومة أي تنظير يؤدي إلى ترسيخ العنصريات أو تسويغ آثارها ، وإيقاف كل أنواع العبث التأويلي الذي يحاول أصحابه إعطاء عرقيات معينة مزايا وحقوق تميزهم عن إخوانهم المسلمين بمجرد العنصريات ، تمهيداً لمستقبل الكفاءة و الأمانة ، وليس مستقبل التخلف القائم على المحسوبية والعرقية والقبلية كما قال الله تعالى (إن خير من استأجرت القوي الأمين ) وقال عمر ( لو أن سالم مولى أبي حذيفة حياً لوليته....) سعيد بن ناصر الغامدي
| ||||||||||||||||||||||||||||||
01-26-2010, 11:58 PM | المشاركة رقم: 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
الغراز المنتدى :
المنتدى العام المفتوح رد: الافتخار والاحتقار ماكتب أعلاه يعد أفضل مقالة كتبت في بابها
| ||||||||||||||||||||||||||||||
01-28-2010, 09:06 AM | المشاركة رقم: 3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
الغراز المنتدى :
المنتدى العام المفتوح رد: الافتخار والاحتقار بسم الله عجبني الموضوع وفعلا تمنيت انه ينحط للنقاش حبيت ارد بشكل عفوي بدون استلالات وادله من السنه ومن الفقه والتوحيد والحديث وكل كتب الدين كلنا هذا الكلام وقريناه كثير بس هو للاسف نفسي مثل ما ذكر الكاتب يعني لو في اصلاح نحتاجه للنفس لان الحكم الديني اعتقد ما يخفى على الكثير والاغلب عارف بس في كثير نفوس الى الحين صعب تلين وتدافع عن قرارها با الحلال والحرام وندخل في لفه كبيررررررره وبا الاخير اذا ما اقتنعت النفس محيتغير شي ردي بسيط اولا : صاحب المقاله ابدع بكتابتها وان شاء الله يقدر يطبقها بنفس روعة كتابتها ثانيا : ما ننكر ان تكافئ النسب المتعصب للاسف الاثار السلبيه فيه اقوى من الايجابيه يمكن قبل عشرين سنه كنت راح اتدافع عنه واعتبره اصل وواجب بس حاليا الضرر اللي واقع اكبر 1\ ازدياد عدد البنات ذوات النسب با البيوت با الوقت للي تخلو عنهم ابناء العمومه والخوال واتجهوا للغرب بحجة ان الولد مسموح له الخروج عن القاعده لن الولد يشيل اسمه وبكذا المعادله اختلت وسار الطرف س لا يساوي ص وس > ص 2\ المغريات والتطورالتكنلوجي السريع المرئي والمسموع من انترنت ومليون قناه كلها حب واغرام وتهييج للمشاعر وهذا طبيعي فطره الميل للجنس الاخر الفطره السويه اللي صعب نسجنها 3\ قبل عشرين وثلاثين سنه كان النسب في المقدمه ثم المال ثم العلم حاليا تغير القانون لان الدنيا حاليا تحتاج حتى يعيش الواحد عيشه محترمه المال ثم العلم ثم النسب للاسف معيار النسب هبط كثير لدرجة انه اصحابه ابنائهم ما يعرفون اش معناه واش يعني اذن كيف الحال حتكون بعد 30 سنه مستقبليه مين حيقيمك بدون علمك وشهادتك ومالك ومنصبك وحينضر لنسبك واخيرا اتمنى اتمنى اتمنى فعلا نكسر العادات والتقاليد اللي للاسف ضرتنا كثيرررررر ورجعتنا ورى كثير وخسرنا بسببها كثير انتشر الفساد في البر والبحر واحنى نغني على ليلاه اتمنى محد يفهم كلامي استهتار با الانساب با العكس نسب الانسان هو اصله وكل واحد يحق له يفتخر بأسمه وقبيلته بس بدون ضرر وبدون ما يجعل قيمته كانسان بمجرد اسم وهوا من الداخل اجوف لا اخلاق لا علم لا دين ومرتكز على اخر اسم بشهادة ميلاده لانه حيجي وقت حيلقى نفسه يوطوط لوحده تحياتي
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||
العلامات المرجعية |
يشاهد الموضوع حالياً: 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
| |