11-28-2009, 02:12 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | البيانات | التسجيل: | Mar 2009 | العضوية: | 5357 | المشاركات: | 52 [+] | بمعدل : | 0.01 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
الإسلامي العام شجاعة تائب وتوبة شجاع بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اهدني وسددني شجاعة تائب وتوبة شجاع (1) الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، وفق من شاء برحمته إلى طاعته، ويسر أسباب الهداية لمن أحب من خلقه واجتبى، فوفقهم برحمته إلى صراطه السوي وهدى، وجعل الخاتمة لهم الحسنى، ثم أكرمهم برحمته فأدخلهم جنة المأوى، قال الله تعالى:{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [يونس:25].
والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وقائد الغر المحجلين، من جعله ربه هادياً مهدياً، بشيراً ونذيراً، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
وبعدُ: فتأمل معي هذا الموقف لهذا الشجاع الذي بتَّ الجُبْنَ بطلاقٍ بائن بغير رجعة، كان هذا الشجاع في أرغد عيش وأهناه، كان في كفالة عمه، يتلذذ بعيشه.
وفي تلك الأثناء سمع بخبر ذلك النبي العظيم محمد بن عبدالله الكريم صلى الله عليه وسلم ، وسمع عن أخلاقه وكرمه، وسماحته وشجاعته، وإحسانه وبذله، وبره وحكمته، فما تمالك هذا الشجاع أمره، حتى طار قلبه سروراً، وابتهجت نفسه سعادة وحبوراً ، فما زال يبحث عن أخباره، ويسأل عن أحواله، فما زال يتخيل شكل النبي صلى الله عليه وسلم في كل زاوية ومكان.
فكانت أمنية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم رابطة على فؤاده، لا تفارق ناظريه، حتى تاقت تلك النفس الطيبة للهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ يحدث نفسه بالهجرة، ويفكر في .
فكان رضي الله عنه بين أهله شارد الذهن، كثير السرحان، حتى أوجس بعض أهله خبره، وعلموا همه، فما إن علم عمه - الذي يقوم على رعايته، وينفق عليه - بهمه ومراده، غضب غضباً شديداً، بل أرغى وأزبد، وصرخ وهدد، ونهى هذا الشاب عن إسلامه وهجرته.
حتى أن عمه هدده وهو صاحب النفقة واليد العليا عليه إن هو ذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجرده من كل شيء، نعم كل شيء، حتى ما أعطاه من الثياب.
لكنه قابل عقيدة وثباتاً، وشجاعة ورباطة جأش، فكان في صلابته وثباته كالجبل الأشم، وفي وضوحه كالسيف الصقيل، فلم تصده تلك التهديدات، ولم يردعه ذلك الوعيد، بل زاده ذلك ثباتاً، وعزماً على السير إلى الله ورسوله.
ولما جمع الشاب متاعه، وعزم على الهجرة، قامت الدنيا ولم تقعد، وحصل بعد ذلك ما يحصل بين باغي الخير والصاد عنه.
لكن صاحبنا كان ذا شجاعة عالية، ونفس أبية تواقة؛ ولسان حاله يقول:
خذ كل شيء: الأموال، والطعام، والمسكن، بل حتى الثياب، بل حتى الجسد خذه، لكن دع فؤادي يطير إلى عشه ومسكنه، دع قلبي يرفرف بين يدي رسول رب العالمين ليهنأ بلقياه.
فصح فيه قول القائل: ضَعْ فِيْ يَدَيَّ الْقَيْدَ أَلْهِبْ أَضْلُعِيْ *** بِالْسَّوْطِ ضَعْ عُنُقِيْ عَلَى الْسْكِّيْنِ
لَنْ تَسْتَطِيْعَ حِصَارَ فِكْرِيَ سَاعَةً *** أَوْ نَزْعَ إِيْمَــــانِيْ وَنُوْرَ يَقِيْنـِيِ
فَـالْنُّوْرُ فِيْ قَلْبِيْ وَقَـلْبِيْ فِيْ يَدَيْ *** رَبِيْ وَرَبِيْ حَــــافِظِيْ وَمُـعِـيْنِيِ فعزم الشجاع على الهجرة، ونفذ العم ما وعد به فجرده من كل شيءٍ حتى الثياب التي أنعم بها عليه.
ثم طرده حتى يصبح لا مأوى، ولا مسكن، بل ولا ملبس.
فأشفقت أمه عليه، لكن ما باليد حيلة، فتلمظت تبحث له عن شيء يستر سوأته، فلم تجد عندها إلا بجاداً صغيراً - قطعة قماش- فأعطته إياه فقسمه نصفين اتزر بأحدهما، وارتدى الآخر.
ثم سار الشجاع الذي طلق الدنيا، وداس ذل الكفر، وهوان المعصية بقدميه الطاهرتين، يحدوه الشوق، ويسوقه الأمل.
سار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس له ومعه إلا بجادين، فبلغ ذو البجادين غايته وهدي إلى خيري الدنيا والآخرة، فلقي النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به وصدق، وكان حسن السيرة والسريرة رضي الله عنه ، هذا هو الصحابي الجليل ( ذو البجادين ) عبد الله بن عبد نهم رضي الله عنه .
أما خاتمة هذا المهاجر الشجاع فكانت خاتمة أهل السعادة والحياة الطيبة.
لقد واراه النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم بيديه الشريفتين وهو يقول اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه) فهنيئاً له، ثم هنيئاً له حيث قُبِرَ بيد النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له.
فهذه هي الشجاعة المحمودة التي ساقت صاحبها إلى رضوان الله، والفوز بدعاء رسوله صلى الله عليه وسلم .
فتأمل يا أخي شجاعة هذا الصحابي، على ما لاقاه في طريقه إلى الله ورسوله من شدة والبلاء، ومن عسر وعناء، ومع هذا لم يصده ذلك كله.
فهل تملك شيء من الشجاعة الإيمانية لتنطلق من قيود المعاصي والآثام، وأوحال الزلات والشهوات؟
كن كعبدالله تكن من السعداء.
كن كذي البجادين لتُكْسَى لباساً هو خير من الدنيا وما فيها، إنه لباس التقوى خير لباس:{وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف:26].
واعلم أخي: أنك متى صدقت العزم، وأحسنت في الطلب، فإن الله معك ومؤيدك وحافظك، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } [النحل:128].
وبعد صدق العزم والتوكل على الله سر على بركة الله يحدوك أمل التوبة والشوق إلى لقاء الله، ويلازمك الخوف منه ومحبته ورجاه، مع مجاهدة النفس على ذلك، قال الله تعالى:{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } [العنكبوت:69] .
وفي الختام: اعلم أن الدنيا ساعة فاجعلها طاعة، وتذكر دائماً هادم اللذات ومفرق الجماعات فقد قال صلى الله عليه وسلم :« أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ»(2).
فالمؤمن الشجاع دائماً ذكَّاراً للموت، ولذا فهو يعمل لما بعده.
وتذكر دائماً: أن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه؛ ومن ثمار طريق الخير خاتمة الخير، فلن ينطق بالشهادة عند الموت إلا من يسرها الله له، وكان عمله خيراً.
أسأل الله لي ولك الهداية والتوفيق،
وخاتمة الحسنى والسعادة إنه قريب مجيب،
والحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. منقول
|
| |