08-03-2006, 06:27 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | صاحبة الموقع | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Jan 2006 | العضوية: | 3 | المشاركات: | 5,550 [+] | بمعدل : | 0.80 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
المنتدى العام المفتوح منطقة الخليج بين سلاح إيران وفاتورة الحماية الأمريكية منطقة الخليج بين سلاح إيران وفاتورة الحماية الأمريكية
د. عبدالله بن موسى الطاير
مجلة آراء حول الخليج الصادرة عن مركز الخيج للابحاث في دبي عدد جون 2006م
في تقرير أعدته مؤسسة (راند) لصالح القوات الجوية الأمريكية قبل أحداث 11 سبتمبر 2001 ونشر عام 2002 صُنفت إيران على أنها لا تمثل تهديداً وشيكاً للمنطقة، ولكن التقرير لم يخل من تلميح إلى احتمال تطوير طهران سلاحاً نووياً في العقد الحالي. وعلى الرغم من أن إيران تحتل جزراً إماراتية منذ عام 1971 ومع كونها قد وسعت نشاطها العسكري في تلك الجزر، بل ونقلت إليها بعض الأسلحة الكيميائية في منعطفات معينة من أزماتها مع القوات الأمريكية في الخليج العربي، فإن التقرير صوّر إيران عاجزة عن القيام بمغامرة عسكرية نتيجة عوامل اقتصادية أثرّت في تسليح الجيش الإيراني، وعوامل جغرافية تحد من حرية الحركة المباغتة، وتخلق مصاعب لوجيستية لا يمكن الاستهانة بها، ونتيجة أيضاً للرفض الشعبي الإيراني لأي حملة عسكرية، إذ لاتزال الذاكرة الإيرانية تكتنز الكثير من المآسي بسبب الحرب مع العراق. كما أن التقرير يؤكد على تراجع المد الثوري وانحسار فلسفة تصدير الثورة مما يوحي بأن إيران ليست خطراً محتملاً يجب أن تستعد له القوات الجوية الأمريكية ولكنه يتطلب مراقبة جيدة.
وتلت إعداد التقرير أحداث تمثلت في الحادي عشر من سبتمبر أصابت الاستراتيجية الأمريكية بالعمى المؤقت، فوجهت آلتها العسكرية ومجهودها الحربي والاستخباراتي شرقا للانتقام من طالبان، وكانت تقصف جبال تورا بورا من جهة، فيما تخطط للإطاحة بنظام صدام حسين من جهة أخرى ، وبين كابول وبغداد أُكتفي بتصنيف إيران على أنها واسطة منظومة (الشر). هذا الإنشغال الأمريكي بأفغانستان والعراق غيب الرقابة التي كان التقرير آنف الذكر قد أوصى بها. وكان الإيرانيون من الذكاء بما يكفي للإمعان في توريط (الشيطان الأكبر) فمدوا، كغيرهم، يد العون للأمريكيين في أكثر من موقع؛ إذ ساعدوا تحديدا على دعم تحالف الشمال الأفغاني وخففوا ضغوطا تكتيكية ولوجيستية على القوات الأمريكية مما أشعر الأمريكيين ببعض الطمأنينة تجاه إيران. وإمعاناً في التمويه ساعدت إيران بشكل مباشر وغير مباشر، ولو بصمتها، على اجتياح العراق وإسقاط الخصم الشرس صدام الذي لم تغفر له إيران، وخصوصاً أبناء الثورة، أنه كان أول إسفين استخدمه الغرب لضربها في المهد، وأشغلها ثماني سنوات طوال. وعلى الأرض كانت الخلايا الثورية تعيد حساباتها، وكانت إيران تبني قوتها في مأمن وبسرية تامة لم تكشفها سوى المعارضة الإيرانية. وكان يتشكل على الساحة تيار ثوري جديد استطاع أن يأتي بأحمدي نجاد ابن الثورة ليعيد إلى الواجهة إيران القوية التي تقدم نفسها شرطياً للمنطقة من جديد، وتحدياً للسياسة والهيمنة و(الاستكبار) الأمريكي في المنطقة وهو ما يريده ليس الشيعة فقط ولكن يتطلع إليه أيضا السنة المضطهدون الذين يريدون أية قوة على وجه البسيطة تقول لأمريكا (لا).
أمريكا التي لم تجد بدا، أمام الكرم الإيراني، من غض الطرف عما يجري في الأخيرة والتقليل من شأن قوتها العسكرية ومطامحها السياسية في المنطقة وما يمكن أن تلده الأيام على التراب الإيراني. وبتسويق هذه المزاعم حاولت أمريكا تضليل أصدقائها في المنطقة، فأغلقت منافذ الفهم أمام نصائح وتذمرالساسة الخليجيين. لقد نقل جون سيمسون محرر الشؤون الدولية في الـ (بي بي سي) عن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي قبل الحرب على العراق بأسابيع تأكيده على أن المستفيد الوحيد من اجتياح العراق سيكون الحكومة الإيرانية واصفا الأمريكيين (أنهم لا يستمعون) حين يخبرهم بذلك.
هذه الحيثيات التي سبقت إعلان إيران عن تقدمها في تطوير الوقود النووي تؤكد أن حلفاء أمريكا في الخليج أصيبوا بصدمة ثقة، إذ أكدت مرارا أن إيران لا تمثل تهديدا وشيكا، وأن ثلاثية الشر التي شملت إيران جاءت من باب صناعة عدو استراتيجي للولايات المتحدة بعد العراق ليبقى للوجود الأمريكي ما يبرره، ولكن الذي يحير المراقب هو أن قوة (الشر) تلك تمكنت من تسليح نفسها تسليحاً نووياً، في وقت كان يجب أن يكون للولايات المتحدة دور وقائي أكثر تأكيدا لالتزامها بأمن الخليج وهو ما لم يحدث مما يثير تساؤلات عدة. فمن جانب لا نريد أن نصدق أن العين الأمريكية تنام، وأن أشياء كثيرة يمكن أن تحدث خارج سمع وبصر جهاز المخابرات المركزي الأمريكي الـ (سي آي إيه)، وعلى صعيد آخر تؤكد الحالة الإيرانية، وسابقتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أن هذا الجهاز الذي لا تغرب عنه الشمس قد غفا عدة مرات وكانت النتائج مدمرة، فكيف يمكن أن نضمن عدم تكرار تلك الغفوات التي قد تعود بنتائج وخيمة على المنطقة. الذي يقرأ رواية أوليفر نورث (الحشاشون) التي صدرت العام الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية يمكنه أن يتخيل حقيقة الخطر المحدق بالمنطقة نظير اعتمادها على حليف لا يسمع من الأصدقاء ولا يثق بهم، ولا يرى أن له حليفاً استراتيجياً في المنطقة سوى إسرائيل. هذه الرواية الخطيرة تكشف الكيفية التي يفكر فيها الأمريكيون، ففي وقت يباد فيه حليف استراتيجي مهم في الخليج، وتصفى أسر حاكمة فإن تفكيرالإدارة الأمريكية ينصب على النفط وكيفية تعويض حصتها المفقودة بعد تدمير إرهابي مفترض لحقول النفط في الخليج. ومع أنها مجرد رواية إلا أنها تستند إلى خلفية مرجعية مشتركة بين المؤلف وأبطال روايته، وهي نتاج عقلية نفعية ومستوى تفكير واقعي يتعامل مع الآخرين على أساس مصالحه وليس على أساس من العواطف.
قد يعتقد البعض أنني ضد امتلاك إيران سلاحاً نووياً، وهذا اعتقاد ليس في محله، بل أنا مع امتلاك كل الدول في المنطقة أسلحة دمار شامل مادامت إسرائيل تمتلك تلك الأسلحة، فإما منطقة خالية من تلك الأسلحة تماماً، أو منطقة مسلحة، لأن توازن الرعب يمكن أن يقي المنطقة الدمار، بينما بقاء إسرائيل متفردة بسلاحها، تفرض ما تريد من شروط تحت تهديد أسلحة الدمار الشامل على الأرض، لن يؤدي إلى إحلال سلام في المنطقة. لكن امتلاك إيران للسلاح النووي لا يمكن أن يحميها من مخاطر هجوم أمريكي، إذ مهما أنتجت إيران من السلاح النووي ستبقى قدراتها أقل بكثير من قدرات الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن الأخيرة تشن حرباً نووية بعيداً عن أرضها ولذلك فهي في مأمن من أسلحة الدمار الشامل الإيرانية. والتحفظ الآخر هو أن إيران لم تبد طيلة أكثر من عقدين مشاعر إيجابية حقيقية نحو منطقة الخليج، فلا تزال تحتل الجزر الإماراتية وتتدخل في العراق بشكل سافر وتبسط هيمنتها على جنوب لبنان من خلال حزب الله، ناهيك عن أخطار التسرب الإشعاعي من مفاعلات لا تتمتع بشبكة إنذار مبكر وتقع تحت رحمة حزام زلزالي نشط.
وفي المقابل، علينا أن نعترف بأن أمريكا لا تملك خيارات عديدة للتعامل مع الملف النووي الإيراني، فهي ليست في وضع يمكنها من شن حرب على المواقع النووية الإيرانية، ولا هي في وضع يسمح لها بتدخل عسكري شامل لتغيير النظام الإيراني لأن المزاج الأمريكي في الداخل مختلف جداً عنه عشية اجتياح القوات الأمريكية لبغداد. إلا أنه من المهم ألا نركن إلى ما تعلنه مراكز الدراسات واستطلاع الرأي حول شعبية إدارة الرئيس بوش، فالشعب الأمريكي يتأثر بالدعاية الإعلامية الضخمة وبخاصة من وسائل إعلام مؤيدة للإدارة، ولايزال لدى الغالبية أمل في أن تعمنا رسالتهم الديمقراطية وهم بلا شك سيصطفون خلف جيش ينشر بزعمه الديمقراطية والحريات والعدل والمساواة في بلاد الرعاع والفوضويين. ومن المحتمل أن ترتكب إسرائيل الحماقة بضربة استباقية لمفاعلات إيران وهو ما سيجر الولايات المتحدة إلى حرب ضد إيران لأنها ستكون أمام أمر واقع وهو أمن إسرائيل، وإن كنت لا أعتقد أن الإسرائيليين سيرتكبون هذا الخطأ ولو بأمر من الولايات المتحدة الأمريكية.
إن معطيات المشهد السياسي والأمني والعسكري والدولي تؤكد أن الخيار المثالي للولايات المتحدة هو أن تترك الحال على ما هو عليه بالنسبة لإيران والتركيز على العراق، فهي بحاجة إلى إيران في حل الكثير من مشكلات العراق، وسوف تتجاوب إيران خصوصاً إذا جُنبت العقوبات الدولية والتعاطي مع ملفها وفقاً لمقتضيات البند السابع، كما أن إيران لديها القدرة على المناورة السياسية خلال فترة الصمت الأمريكي، وتستطيع الولايات المتحدة فتح حوار مع إيران من خلال دولة ثالثة ربما تكون من دول الخليج ولن تمانع إيران نظرياً بحوار كهذا لأنه يكسبها الوقت للتقدم بشكل كبير في برنامجها، فهي تعرف جيدا أن الصمت الأمريكي تكتيكي وليس استراتيجياً.
إن السؤال عن مستقبل الخليج بين دولتين نوويتين وقوة عظمى تترنح عسكرياً ومادياً في العراق يبدو أكثر إلحاحاً. وهنا يمكن لنا أن نستعيد السيناريو الذي أعقب تحرير الكويت، فقد بقيت الفاتورة مفتوحة والبنود المالية مشرعة، فكلما حرّك صدام قواته جنوباً تحركت الآلة العسكرية الأمريكية بحجة حماية دول الخليج، وكان على دول الخليج أن تتحمل أعباء الفاتورة الضخمة. والحالة ستكون مشابهة ولكن فاتورتها ستكون أعظم بكثير لمبررات منطقية، أولها أن العدو هذه المرة نووي، وثانيها أن أسعار النفط مرتفعة جداً وعلى المنطقة أن تدفع من أجل أمنها وأمن الإمدادات النفطية. ومثلما هي الولايات المتحدة فإن دول الخليج لا تملك خيارات كثيرة في التعامل مع الضغوط الأمريكية، كما أنها لا تملك تطمينات إيرانية يمكن الوثوق بها. وأكثر ما نخافه في المنطقة أن نكون ضحية صفقة سياسية عسكرية أمريكية – إيرانية، أو أن نكون ميدان معركة لا ناقة لنا فيها ولا جمل. وكلا الافتراضين مطروح وبقوة. لا نريد هنا أن نجتر نظرية المؤامرة ولا أن ننساق لنبض الشارع المتوجس خوفاً من العلاقات الإيرانية - الأمريكية وصفقاتها السرية أكثر من خوفه من أسلحة الدمار الشامل، ولكننا بحاجة إلى شفافية أكبر في التعامل الخليجي مع التهديد الإيراني الذي (اكتشفته) الولايات المتحدة بعد أن بلغ الحلم، ومع السياسة الأمريكية التي تتخبط وقد تفتك بحلفائها قبل أعدائها في أوقات الحسابات البراغماتيكية الصرفة. فنحن كشعوب وأنظمة لا نعني لأمريكا شيئاً ذا قيمة إنسانية، فالذي يهمها هو النفط وقد تضمن تدفقه دولة نووية قوية مثل إيران، وعندها فلنستعد لسياسة أمريكية جد مختلفة.
توقيع : الهاشمية القرشية | وأفضل الناس من بين الورى رجل تقضى على يـده للنــاس حاجــــات لا تمنعـن يـد المعــروف عن أحـــد مـا دمـت مقـتـدراًَ فالســعـد تــارات واشكر فضـائل صنـع الله إذ جُعــلت إليـك لا لـك عنـد الـنــاس حـاجــات | |
| |