01-22-2006, 03:12 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Jan 2006 | العضوية: | 10 | المشاركات: | 1,412 [+] | بمعدل : | 0.21 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
الإسلامي العام ألمانيا تنوي تدريس الإسلام في المدارس نشأ موسى باغراش، ابن عامل مناجم مهاجر، في مدينة ينتشر فيها الدخان. مكان يتجه فيه الرجال الي اعمالهم يحملون اكياس الغداء بأياد صلبة، ويشعر المسلمون بالضياع في مساجد مؤقتة في ظلال ابراج الكنائس. تنقل باغراش، كروح غير واثقة بين عالمين، ففي بلدة هام التي نشأ فيها والواقعة على بعد 20 ميلاً جنوب مونستر، تلقى تعليمه في مدرسة سانت جوزيف الابتدائية، وكان عضواً في فرقة انشاد دينية بالمدرسة، حيث كان يردد الاغاني المسيحية. وفي الوقت ذاته، كان يذهب الى مدرسة اسلامية مرتين كل اسبوع، ليتعلم القرآن ويدرس الديانة الاسلامية. وكان يحاول دائماً معرفة طريقة للفرار من حياة الطبقة العمالية لمعظم الألمان من أصل تركي.
وقال باغراش، وهو طالب جامعي في الثامنة والعشرين من عمره: «نحتاج لشعراء وأطباء وطبقة متوسطة، يمكن للمسلمين الألمان التطلع اليها. الألمان ينظرون للاسلام كدين للطبقة العاملة. بينما الإسلام دين لكل الطبقات. ولذلك نحن بحاجة لوجود المزيد من المدرسين المسلمين في المدارس». وباغراش يعتبر مبشراً نوعاً ما في هذا البلد، الذي يصل عدد الجالية المسلمة فيه إلى ثلاثة ملايين مسلم، أي 4 في المائة من سكان ألمانيا. وانضم باغراش، مع حوالي 12 طالباً مسلماً، إلى جامعة مونستر في أول دورة دراسية من نوعها في ألمانيا: إعداد مجموعة من المسلمين الذين ينتمون للحضارة الغربية لتعليم الإسلام في المدارس العامة.
وتبلورت مثل هذه المبادرات في ضوء مشاكل العنف، من هجمات 11 سبتمبر (ايلول) إلى تفجيرات مدريد العام الماضي، وتفجيرات الصيف الماضي في لندن. ويشير مراقبون إلى ان حرب المتطرفين الإسلاميين ضد أوروبا تتسع، ويثير السياسيون الليبراليون والمحافظون تساؤلات حول كيفية دمج الجاليات الإسلامية التي تضاعف عددها منذ الثمانينات، ولكنها تعيش منعزلة عن المحيط العام.
ويمثل الشباب المسلم، من امثال باغراش، نقاط لقاء العقيدة الاسلامية والحياة الاوروبية. فهم يحملون جهاز «ايبود» للموسيقى ويذهبون الى الملاهي الليلية. والكثير منهم يهتم ببرامج تلفزيون «الواقع» الألمانية أكثر من مراقبة السياسة الدامية في العراق. ولكنهم ايضاً يؤدون الصلاة خمس مرات يومياً، راغبين بأن يكونوا متدينين من دون ان يصبحوا متطرفين. ويعتقد معظمهم بأنه من الممكن الاحتفاظ بعقيدتهم بالرغم من المناخ العلماني المحيط بهم.
ولا يتصرف هؤلاء بطريقة قلقة، وانما بطريقة تشير الى وجود انقسام خفي لا يمكن اختراقه بينهم وبين الأوروبيين الأصليين. البعض منهم رزين، والبعض هادئ ولكنهم مباشرون. وقلة منهم غاضبة. ويشرب الشباب البيرة الخالية من الكحول والشاي الحلو، وتعلموا كيف يرفضون وبأدب الاكلات التي تحتوي على لحم الخنزير. وبعضهم يشير الى آيات من القرآن الكريم والانجيل بأحاديثهم. هذه قارة تتعايش فيها أعياد «كريسماس» المسيحية و«الهانوكه» اليهودية وشهر رمضان المبارك معاً، وتؤكد الدساتير أهمية حقوق الإنسان. ولكن زيادة التطرف بين الشباب المسلم تمثل تحدياً لتلك الدساتير وتلقي بظلالها على تعريف «الاوروبي» المعاصر.
وعلق باغراش على الدورة الدراسية التي تنتظر اقرار الدولة لها، «ان دراسة الاسلام في المدارس سيمنح الأطفال المسلمين الشعور بالانتماء». ومن الممكن ان يبدأ تخريج مدرسي المستقبل خلال 3 سنوات.
وترتدي دنيا أبو زاهر، زميلة باغراس في الدراسة، الحجاب، وهو ما يميزها في دولة تأمل في ان تحتويها في يوم من الايام. وتقول دنيا وهي من اصل فلسطيني، هاجر والداها من لبنان في السبعينات: «اذا ما عاش مسلم في مجتمع غربي، عليه الالتزام بقوانين هذا المجتمع. ولا يمكنه القول إنه يريد دولة اسلامية. لم نتأثر بالتوجهات الاصولية. يمكن للاسلام التعايش مع الديمقراطية، الأمر يرجع الى التسامح».
ويلاحظ ان التسامح يخضع لتأثير التحامل الثقافي مع اصطدام الرغبة الاوروبية مع تزايد عدد السكان المسلمين. ففرصة دنيا في التدريس، على سبيل المثال محدودة. فسبع ولايات من بين 16 ولاية المانية تعتبر الحجاب رمزا دينيا قويا وتمنع المدرسات في المدارس العامة من وضعه. وتقول دنيا، التي ترتدي الحجاب منذ كانت طفلة، ان الالمان يريدون من المسلمين قبول السلوكيات الغربية، ولا يتعاطفون مع المعتقدات الاسلامية.
وتوضح «لا يمكنني ارتداء الحجاب اذا ما اردت التدريس في بافاريا. والمشكلة ان الالمان يعتقدون ان ارتداء الحجاب هو رمز للقهر، ولكن بعدم السماح لي بالتدريس، أليس ذلك نوعا من القهر ايضا.؟».
البعض ينظر لدنيا وزوجها الملتحي، ناهل غانم، كشخصيتين غريبتين، فيما يعتبرهما آخرون مثيرين للقلق، وهو تذكير بالخوف من احتمال ان يصل صدى أذان الصلاة في الأحياء الفقيرة الى الأحياء الثرية في المدينة. شدت دنيا تنورتها الطويلة وجلست وزوجها ناهل في واحد من مقاهي المنطقة.
تقول دنيا انها تتحدر من اصل فلسطيني، إلا ان مسجدا في منطقة المونستر، هو الذي منحها هويتها المميزة الحالية. خرج أجدادها من فلسطين عند تكوين دولة اسرائيل عام 1948، اما والدها فقد ولدا في بيروت وولدت هي في المونستر حيث تنتشر الجريمة والمخدرات. والدها لم يكن رجلا متدينا، وكان عاملا وسائق سيارة اجرة. تواصل دنيا حديثها قائلة: انها بدأت تذهب لأداء الصلوات في المسجد وهي في السنة السابعة بمرحلة التعليم العام قبل الجامعي. في المسجد تعلمت، طبقا لحديثها، ان للنساء حقوقا متساوية، وشعرت بارتياح عام إزاء التجربة الجديدة هذه. في وقت لاحق ادركت انها باتت تتمتع بقوة وثقة وانها اخبرت صديقاتها الألمانيات بأنها مسلمة. وتقول ايضا انها عندما تلتحق بمهنة التدريس تريد ان تستصحب الكثير من التجارب التي مرت بها. فقد عاشت وأسرتها في منطقة فقيرة، حيث الكثير من الشباب الذين لم يذهبوا الى المسجد انتهوا الى تعاطي المخدرات او السجن.
يدرس الإسلام حاليا في المدارس، ولكن ليس بالقدر الذي يرغب فيه الكثير من الأسر المسلمة. تواصل دنيا حديثها وتقول، ان مسؤولياتها ستكون الأخذ مما هو مفيد في الغرب، وما ورد من تعاليم في القرآن وتضمين ذلك في الدروس. ولكن هل تنجح عملية الدمج هذه؟ يرى كل من دنيا وباغراش، ان البعض في حجرة الدراسة يتساءلون عن هذه القضية. كما انهم يناقشون قضايا مثل الزواج الذي ترتبه الأم للابنة او الابن، وهي ممارسة مسموح بها في التقاليد الاسلامية لكنها مرفوضة في المجتمع الألماني. كما يناقشون ايضا قضايا اخرى مثل فوائد صالات التمرينات المنفصلة للبنات والأولاد، كلا على حدة في المدارس الابتدائية، وكيف ان التعاليم التي وردت في القرآن قبل قرون خلت حول قضايا، مثل الميراث تخاطب اليوم ايضا المسلمين الذين يعيشون في المجتمع الغربي. تؤكد دنيا، وهي ام لطفلين، رغبتها في إعطاء الأطفال صورة عامة عن الإسلام، حتى يتمكنوا من الفصل والتمييز بين الأشياء التي يفعلها البشر وما يقوله الدين في ذلك. تقول في هذا السياق ان الاسلام متسامح وان المسلمين لا يقولون انهم يريدون العيش مع المسلمين فقط. زوجها، ناهل غانم، يقول ان الناس في الوقت الراهن يشعرون بالشك والريبة تجاه الاسلام، ويستطرد قائلا: «اتيت لهذه البلاد كي ادرس. انا ملتح، ويظنون انني جزء من خلية ارهابية نائمة».
كانت دنيا تقلب صفحات كتاب كان في يدها وأشارت الى صورتين احدهما لمريم العذراء والأخرى للام تريزا وقالت معلقة: «انظر الى هاتين السيدتين، كلتاهما تلبس غطاء للرأس». ترك والد باغراش مدينة اوردو التركية بمنطقة البحر الاسود عام 1970 للعمل في المناجم بالقرب من هام جنوب مونستر، ووصلت والدته عام 1976 وولد هو في العام التالي. ويقول ان تجربة النشأة كانت بالنسبة له مثل القفز او التنقل بين ثقافتين: كاثوليكية سانت جوزيف والعادات الاسلامية داخل المنزل. ويضيف باغراش قائلا: ان شعورا غامضا انتابه، فهو يعرف انه مسلم ذاهب الى كنيسة كاثوليكية، إلا ان امه قالت له: «لا تقلق، الكنيسة ايضا من بيوت الله». لم يعرف باغراش مدى الشعور بالقلق ازاء الاسلام من جانب كثير من الألمان، إلا عندما وصل الى المراحل الأخيرة من التعليم العام قبل الجامعي، حيث المدارس التي تغص بأبناء وبنات المهاجرين. يتذكر باغراش كيف ان مدرستهم كانت مشاركة في جزء من برنامج تلفزيوني، وكانت الصورة السائدة هي انهم يمثلون معقلا من معاقل الاصولية، ويقول ان الألمان اكتشفوا في ذلك الوقت ان دولتهم متعددة الثقافات وانهم بدأوا منذ ذلك الوقت يتعايشون مع هذا الواقع وان توازنا حدث على مدى الـ10 او 15 عاما الماضية. أدى باغراش سنة الخدمة العسكرية الإلزامية، بعد انتهائه من المرحلة الثانوية، وتزوج في وقت لاحق، إلا ان الوظائف غير متوفرة في منقطة هام، حيث يقيم. ويقول ان والده، الذي كان يتحدث قليلا من اللغة الألمانية، دائما ما كان يحثه على إجادة اللغة والالتحاق بعمل مفيد. وحول الحق في العيش في أي بقعة في ألمانيا يقول باغراش: «سألت والدي عندما كان على قيد الحياة، حول ما اذا كان هو الذي اختار الشقة التي تسكنها الاسرة، وأجاب والدي بالنفي. تدري، المجتمع هو الذي يحدد اين نسكن، إلا ان أجيال المسلمين مستقبلا ستكون قادرة على السكن في المكان الذي تريد».
وبالنسبة له، فإن السبيل الى تحقيق هذا الهدف هو المقررات المدرسية والسبورة، ويرى انه من الممكن ان يلعب استاذ الدين دور الصلة بين أطفال المسلمين والدولة، ويعتقد ان الطرفين يثقان في المدرس، مؤكدا أهمية التعليم الذي كان يحثه والده عليه حتى عندما كان على فراش الموت.
|
| |