الشيخ الشريف حمزة الفعر: معرفة حقوق آل البيت واجب ديني ومن يغمط الصحابة حقهم يطعن في القرآن



الفعر يتحدث للزميل عبدالله متولي


اختتم مكتب الشؤون الفنية في قطاع المساجد - وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية - ملتقى «آل البيت والصحابة محبة وقرابة» الثالث الذي عقد في الفترة من 13/1 وحتى 15/1/2008 وذلك ضمن مجموعة انشطة وفعاليات ينظمها مكتب الشؤون الفنية لمناسبة الشهر المحرم.
وقد استضاف الداعية الاسلامي الشيخ الشريف الدكتور حمزة حسين الفعر، من المملكة العربية السعودية ليحاضر في هذا الملتقى، وقد القى المحاضر الكريم ثلاث محاضرات كانت الاولى عن الإمام «السجاد» علي زين العابدين ابن الامام الحسين رضي الله عنهما، ألقاها في مسجد (مطلق الخزام) بمنطقة الفحيحيل وكانت الثانية عن العلاقة الحميمة بين الآل والاصحاب، وألقاها في مسجد (بنيه الخرينج) في محافظة الفروانية، اما المحاضرة الثالثة فكانت بعنوان (مكانة الصحابة عند آل البيت) وألقاها في مسجد (شريح القاضي) في محافظة الجهراء.
وعلى هامش الملتقى كان لقاء مع المحاضر الذي ابدى اعجابه وتقديره لأنشطة وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية ممثلة في قطاع المساجد مشيرا إلى ان هذه الانشطة تمكن المسجد من اداء رسالته السامية التي انيطت به، وخص منها ملتقى «آل البيت والاصحاب» لما له من فائدة كبيرة في تعريف الناس بمدى العلاقة الطيبة التي كانت موجودة بين آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الاخيار، موضحا ان ما يثار حول هذه العلاقة من اشكالات ليس له اساس من الصحة. وانها بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
وتكلم الشيخ الفعر اثناء اللقاء عن قضايا مهمة وحساسة منها قضية الانتساب للاشراف وان ادعاء النسب للاشراف يكون دائما لمصلحة دنيوية وهو بذلك يستحق لعنة الله، ثم تكلم عن قضية محبة آل البيت وانها محبة تكريم وتقدير لا محبة تقديس وتأليه، وان اقامة حقوق آل البيت في الدنيا واجب ديني مشيرا إلى ان آل البيت بشر والقول بعصمتهم لا يصح في حقهم، والمغالاة فيهم ينافي منهج الشريعة.
مؤكدا ان الصحابة هم الذين نقلوا للامة فضل آل البيت وكانوا ارعى الناس لحقوقهم وجاهل من يظن ان هناك عداوات بين آل البيت والصحابة.
واكد الشيخ الشريف حمزة الفعر أن من يغمط الصحابة حقهم يطعن في القرآن وان الطعن في الصحابة اتهام للرسول صلى الله عليه وسلم. وانتقل الحوار إلى الحديث عن الدعوة الإسلامية واشار الفعر إلى انها من اوجب الواجبات، موضحا ان الكيد للاسلام قائم منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وان هناك فتنا طائفية تعصف بالامة هذه الايام. وان ما يحدث للمسلمين سببه البعد عن الله واشار الضيف إلى ان مساجد الكويت عامرة والأنشطة التي تقام فيها تؤكد ان هناك جهدا كبيرا يبذل فيها، وان ملتقى (الآل والاصحاب) فكرة رائدة يجب ان تستمر، هذا وموضوعات أخرى فتابع معنا.

• الاشراف منتشرون في جميع دول العالم العربي... وهناك من ادعى انه من الاشراف كيف نوصل في هذه المسألة ونكتشف مدعي الانتساب للاشراف ؟
- هذه القضية شأنها اي قضية اخرى في الدنيا لها اصولها ومراجعها ولها شخصياتها العلمية التي تمحص وتحقق فيها، وفي كل مكان وفي كل تخصص وفي كل بيئة الادعاء موجود وكذلك الكذب... وكثيرا ما نسمع ان انسانا قبض عليه وهو يدعي انه طبيب مثلا، وكذلك ادعاء النسب وهذه مسألة يتسارع فيها اناس كثيرون لاغراض ومصالح دنيوية.
فالذي يكذب في هذا ليس دافعه دافعا دينيا، لأن حقائق الدين ضد هذا الامر، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (من ادعى لغير ابيه وهو يعلم لم يرح رائحة الجنة» ومن يدعي هذا يجر على نفسه اللعنة «فمن ادعى لغير ابيه او انتسب لغير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين» وهناك مؤلفات وكتب انساب وكتب تاريخ واشخاص متخصصون في علم الانساب وبالامكان بل من السهل معرفة المنتسب من المدعي، وان كان بنو هاشم والاشراف على وجه الخصوص واقصد بهم الذين ينتسبون إلى علي بن ابي طالب - كرم الله وجهه - هؤلاء من ابناء الحسن والحسين وهم منتشرون في كثير من أصقاع الدنيا لاسباب عدة منها:
طبيعة الحياة الاسلامية الاولى والجهاد ومنها الرحلة العلمية ومنها التجارة، اسباب كثيرة جدا جعلت الناس ينتشرون ثم آل بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - الله سبحانه وتعالى بارك في نسلهم وفي عقبهم، وهذا امر ليس بمستغرب ولا ببعيد، فتكثير النسل من فضل الله، والمسلمون في كل صلاة يصلون على محمد وعلى آل محمد، ويباركون على محمد وعلى آل محمد، هذه البركة في كل شيء ومنها تكثير النسل، وهذه لها اتصاا وثيق بحقوق الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنه رعاية آل بيته واصحابه وقد ثبتت حقوق لآل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم - ومن هذه الحقوق للرسول رعاية آل بيته، وفي ذلك يقول ابو بكر رضي الله عنه شيخ الامة وافضلها بعد النبي صلي الله عليه وسلم «ارقبوا محمدا في آل بيته».
فالاشراف منتشرون وهناك بالطبع من يدعي الانتساب لهم، لكن هذا يمكن تمييزه عن طريق اهل الخبرة في هذا الخصوص.

حقوق آل البيت

• اشرتم في حديثكم إلى حقوق آل البيت فماذا تقصدون بها ؟
- عندما نقول الحقوق، فهي جمع معرف بالألف واللام ويقصد به ما ثبت لهم ماديا كان او معنويا، وقد ثبت في حقهم تحريم الصدقة وتحريم الزكاة، فلا يجوز ان يأخذوا من الصدقة او من الزكاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «انما هي اوساخ الناس» وهذا دليل على تكريم آل البيت، ثم ان الله تعالى جعل لهم حقا في الفيء وفي بيت مال المسلمين وهذا بنص بالقرآن الكريم.
أما الحقوق المعنوية فتبدأ بالمحبة ونقصد بها المحبة الشرعية لا محبة التقديس ولا محبة التأليه، لكن المحبة التي تقتضي الموالاة ومعرفة صلتهم بالرسول صلى الله عليه وسلم، وانتسابهم اليه فرعاية الانسان في ذريته يعتبر من الوفاء فما بالك برسول الله صلى الله عليه وسلم وذريته!
فمن حق الرسول على أمته رعاية ذريته والدفاع عنهم والحرص عليهم، وآل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم أولهم ابناء فاطمة رضي الله عنها ثم زوجاته رضي الله عنهن ثم قرابته من ابناء عمومته، ومحبتهم من محبة الرسول والذب عنهم ومساعدتهم والتألم لأحوالهم فإذا كان فيهم جاهلاً ينبغي ان يحرص المسلمون على تعليمه، اذا وجدنا فيهم محتاجاً يجب ان يحرص المسلمون على سد حاجته من باب زيادة الرعاية تأسياً بما كان عليه الصحابة في تعاملهم مع آل بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد كان ابوبكر وعمر رضي الله عنهما يقدمان الحسن والحسين رضي الله عنهما في العطاء عن بقية ابناء الصحابة حتى على الاكبر منهما سناً، وكانوا يزيدون لهما في العطاء عن بقية الصحابة.
فلذلك حق الرعاية لهم على الأمة واجب وهذا حصل فيه تفريط كبير بلا شك، ومن الشؤم ان هناك بعض الناس يتجاسر ويتطاول على آل البيت ويسبهم ويقصر في حقوقهم، يسلبهم حقهم، فيقول هم كغيرهم... نعم هم بشر والحساب عند الله سبحانه يوم القيامة بالسواء... لكن هذا من حقوق الدنيا، والناس في الدنيا مراتب (ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات) والدنيا مبنية هكذا لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى وحتى نكون جميعا في خدمة بعضنا البعض.
قال تعالى (ليتخذ بعضكم بعضاً سخرياً)... فلابد ان نتبين هذا الأمر من جانب ديني يجب الحرص عليه وهو اقامة حقوق آل البيت في الدنيا، وقد كان الائمة الكبار اذا دخل عليهم احد من (آل البيت) حتى ولو كان صغيرا يقومون له ويجلسونه ويوقرونه... وهذا مراعاة لحق الرسول صلى الله عليه وسلم حتى ولو كان مقصراً أو مخطئاً أو جاهلاً فله حق الرعاية... ليس هذا يعني انه يتجاوز عنه في الحدود، لكن فيما يمكن التجاوز عنه فقد قال صلى الله عليه وسلم «اقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود»، وهي الهفوات التي لا تصل إلى حد المعصية أو الكبيرة.

قضية المساواة

• أليس في ذلك تجاوز لقضية المساواة ؟
- المساواة تكون في الحقوق والواجبات فالناس فيها سواسية، أما ما نقصده فهو الأمور المعيشية أو امور الحياة العامة... فمثلاً اذا دخل واحد من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إلى مجلس فمن الواجب على الحضور اكرامه وافساح المجلس له من باب الاكرام لجده صلى الله عليه وسلم، وهذه القضايا التي لا يلزم لها نزع الحقوق من اصحابها. فآل البيت لهم في كل الاحوال حق قرابتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه مسألة ينبغي ان يتفهمها الناس، وهذا يؤكد ان يكون لهم وضع لائق بهم.
على الجانب الآخر، هناك تجاوزات كثيرة منها تقديسهم واظهار ان آل البيت هؤلاء لهم علوم خاصة، وانهم يتلقون عن الوحي مباشرة أو انهم معصومون، هذا كله كلام لا يصح في حقهم لأنهم بشر يخطئون ويصيبون والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»، ولم يعصم أحد إلا الانبياء لمنطق التبليغ، أما بقية الناس فهم يخطئون ويصيبون ومنهم آل البيت، فليس لأحد عصمة والائمة الكبار من آل البيت كانوا يتلقون علومهم عن أناس آخرين.
فالمغالاة في آل البيت وتقديسهم ليست من منهج الشريعة وهؤلاء بشر يجري عليهم ما يجري على البشر، فإخراجهم عن دائرة البشرية وان يكون لهم من التقديس ينافي ايضا منهج الشريعة، لأن معيار التفاضل هو التقوى، ثم ان هناك من آل البيت من يقصر ومن يخطئ، فكيف يقال انه معصوم، ثم اين ميدان التسابق والتفاضل لو كانوا معصومين فلماذا يتسابقون؟ فهم كغيرهم لكن يجب ان يكونوا هداة مهتدين، وان يكونوا أحرص الناس على الهداية وعلى الاتباع وان يكونوا محققين لهذا النسب الشريف، ولحقوقه قبل ان يطالب به الناس، ويجب ان يكونوا قدوة للناس كما كان جدهم عليه الصلاة والسلام وقد كان فيهم قدوات كبار في العلم والورع والتقوى.

فكرة رائدة

• ملتقى «آل البيت والصحابة» الذي ينظم قطاع المساجد كيف ترونه ؟
- قضية الملتقى هذه اعتقد انها فكرة رائدة يجب ان تستمر وان نستزيد منها، وان تكون هناك أنشطة متعددة تعرف بالحقوق الصحيحة لآل البيت وبالواجبات التي عليهم، وما يجب عليهم تجاه الأمة. بما يجب عليهم وبما يجب لهم، كما اعتقد ان هناك خللاً كبيراً في كل طبقات الأمة في حقوق آل البيت بين محب غال وبين مبغض قال... وبين أناس كثر في طبقات الأمة جهلة بحقوق آل البيت، فلذلك يجب ان يعرف الناس بهذا الأمر، وهذه الملتقيات فرصة لتعريف الناس بهذا الأمر في الاطار الشرعي، وتعريف آل البيت بما يجب عليهم كما لا ينبغي بحال من الاحوال ان نفصل بين الصحابة والقرابة، فالصحابة هم الذين نقلوا للأمة فضل آل البيت وهم الذين آزروا الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم الذين وجدا في دائرتهم هذا الفضل، وكانوا أرعى الناس لحقوق آل البيت.
فالعلاقة بين آل البيت والصحابة علاقة قوية ووطيدة تعززها المصاهرات الكثيرة التي تمت بينهم، هناك مصاهرات بين آل البيت وبين بقية الصحابة فالإمام جعفر الصادق رضي الله عنه حفيده
أبوبكر الصديق رضي الله عنه، وهو الذي قال «لقد ولدني أبوبكر مرتين»، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه تزوج من أم كلثوم ابنة علي وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين، فالقضية متشابكة، والجاهلون يظنون ان هناك عداوات مستحكمة بين آل البيت والصحابة، وهذا كلام غير صحيح اطلاقا، لان جانب المصاهرة من أجل الجوانب التي تدل على المودة والمحبة والتقدير.
فما معنى ان يتزوج آل البيت من بنات الصحابة، وما معنى ان يسموا أبناءهم بأسماء الصحابة؟ أليس هذا دليل محبة وتقارب بينهم؟ فكيف نقول بانه كان هناك خصومات وعداوة بين آل البيت والصحابة؟!

تفريط وغفلة

• لماذا ننكر هذه الاحداث ولماذا تطمس ؟
- هو نوع من التفريط وتناسي وغفلة، فينبغي وان تظهر هذه المعاني، وليختلف الناس لانهم بشر، لكن لا ينس أحدهم فضل الآخر ومنزلته، وكم حدث من خلاف بين كبار الصحابة لكنهم لم يفضلوا فضل بعضهم البعض، ويبقى الامر في نطاق الخلاف والاجتهاد ولا نخرج عن هذا الاطار العلمي، لان اختلاف الناس سنة كونية.
لكن القضية هي ما وراءها... فإلى أي حد نسير في هذا الاختلاف؟ يجب ان يبقی الخلاف في دائرته، خلاف اجتهاد وخلاف رأي، فالذي يحكم هذا هو شرع الله، فلا يمكن لصحابي ان يرى ان شرع الله واضحا في جانب من الجوانب ويخالفه.
فالصحابة كانوا أخلص الناس قلوبا وأصفاهم نفوسا وأقربهم الى الحق وأحرصهم على رضوان الله سبحانه وتعالى.
والخلاصة ان ما كان بين الصحابة وآل البيت من زواج ومصاهرة وتسمية الأبناء وما قاله كل فريق في حق الآخر ومعرفة كل طرف لفضل الآخر، وانزاله منزلته وثناء بعضهم على بعض، وحب بعضهم لبعض توقن انه لم يكن هناك مشكلة على الاطلاق بينهم على الأقل عند الجيل الأول منهم.
لكن الاشكالات حدثت في الاجيال اللاحقة التي أرادت أن تثبت لآل البيت حقوقا وان ندافع ونكافح عما سكت عنه الأولون ورضوا به.
فالبعض يقول ان أمير المؤمنين علي رضي الله عنه سكت عن حقه في الخلافة لجمع كلمة المسلمين ولم يطالب بالخلافة... فإذا كان صاحب الحق سكت عنه فلماذا نأتي الآن في أعقاب الزمن ونثير هذه القضية ونجعلها قضية خلاف واختلاف... لا سيما ان شخصا مثل علي كرم الله وجهه جمع الله فيه من الفضائل الكثير مثل العلم والزهد والشجاعة... واحد بهذه المواصفات ما كان له ان يسكت عن حق، فهل يخشى علي رضي الله عنه من الناس؟!
فعندما نغمط الصحابة حقوقهم فنحن نطعن في القرآن ونكذب الرسول صلى الله عليه وسلم، في أحاديثه الصحيحة، وايضا نلحق العار والمنقصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، لانه لو كان هؤلاء الصحابة على غير هذا المستوى من الفضل والعمل والخلق والكمال لاصبح المتهم هو الرسول عليه الصلاة والسلام، فكيف يرضى ان يكون في أصحابه منقصة؟ فرضاه بهم وتقريبه لهم دليل على خلل فيه هو لو كانوا كذلك وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك.
فالإنسان يقارن بقرينه، فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبل بصحبة انسان كاذب.
وكما ان الله اختار محمداً من بين البشر وهو أفضل الخلق وصاحب أفضل نسب بين الخلائق، ثم كمل ذلك وجمله وعظم خبره، وبره بانزال الوحي، ثم اختار له أصحابه فهم الذين ناصروه وآزروه، وهجروا الدنيا وما فيها من أجله وحبا له، ولولا يقينهم بصدق هذا الرسول ولولا حبهم له لما فعلوا كل هذا من أجله فكيف نأتي بعد ذلك ونطعن بهم؟!

الدعوة الإسلامية

• كيف ترون الدعوة الاسلامية اليوم ؟
- الدعوة الى الله سبحانه وتعالى من أوجب الواجبات
وهذا دل عليه قوله سبحانه وتعالى: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة»، وكل مسلم عليه كفل وتبعة من هذا الدين لكن على قدر طاقته، لابد ان ينصر دينه، وان يدعو اليه، ويحرص إذا رأى خللا، أو تقصيرا ان يحاول رأب هذا الخلل وتبينه.
فالدعوة هي في حقيقة الأمر يمكن ان نجعل لها ثلاثة مسارات، الاول: هو تصحيح الأخطاء عند المسلمين، لانه يوجد قصور في عبادات الناس وسلوكياتهم ومعاملاتهم.
الثاني: تنبيه الغافلين، وهذا من أهم الجوانب، قال تعالى: «وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين»، ومن ذلك استغلال الوقت والاستفادة منه في الذكر والتسبيح، والتذكير بالمواسم الفاضلة والايام المباركة كصيام عاشوراء، والاثنين والخميس، وغيرها، فقضية التذكير هذه قضية مهمة جدا في الدعوة، المسار الثالث هو: رد الشبهة والاشكالات التي يثيرها بعض الناس، لان هذه الشبهات ممكن ان تزل فيها أقدام أناس كثيرين، وهناك شبهات كثيرة تثار ليلا ونهارا، وللاسف انزلق بعض المسلمين وراء مثيري هذه الشبهات، وقالوا بقولهم، ومن هذه الشبهات مثلا القول بعدم قدسية القرآن الكريم واعتباره كلاما أدبيا كغيره، وهذا كلام لا بد من كشفه ودحضه بالحجة والبرهان.
ومثل هذه الشبهات ينبغي ان تتكفل الدعوة بحلها وبيانها، والوسائل لذلك كثيرة، ومتعددة منها المحاضرة والكتاب والمنشور، والقصة وغيرها، ولا ينبغي ان نقف عند وسيلة معينة ونكتفي بخطب الجمع والمحاضرات العامة.
وما ذكرته من المسارات الثلاثة للدعوة يكون في نطاق المجتمعات المسلمة وينبغي ان نسلك كل الوسائل الممكنة في سبيل ذلك ومنها وسائل العصر كالانترنت والفضائيات، فلا نقف عند حد معين، ويجب ان يكون هناك ابتكارات وابداعات في هذا المجال.
وهذه مهمة مشتركة بين كل مسلم، وتبرز فيها طائفتان طائفة العلماء فلا يجب ان يتولى الدعوة إلا أهل العلم والعارفون بما يقولون، فالدعوة يجب ان يضطلع بها العلماء العارفون وليس كل من فهم آية قرأ كتابا وسمع درسا فيعطي لنفسه الحق في ان يصبح عالماً وداعية يوجه الناس ويفتي لهم، لانها مسؤولية كبرى وحمل ثقيل لا ينوء به الا القادر عليه.
فلا بد ان يفهم الانسان ألا يتجاوز بدعوته حدود علم اما الطائفة الثانية فيجب ان تضطلع بأمر الدعوة فهي الهيئات والمؤسسات الرسمية مثل وزارات الأوقاف والشؤون الاسلامية، والأئمة والخطباء، الدعاة الرسميين، ولي الامر المسلم.
اما الجانب الآخر وهو الدعوة لغير المسلمين فالواجب علينا فيه شرح الاسلام وبيان حقائقه ودعوة الناس الى الالتزام به، وهذه الامور تحتاج الى جهد والى تمكن علمي ومعرفة بأساليب الخطاب مع الناس، ولا بد ان نسلك كل السبل الممكنة والمتاحة في هذا لتعريف غير المسلمين بالاسلام على شكل صحيح، وهنا تقوم الجمعيات والمؤسسات، لكن يجب ان ترعى أيضامن ولي الأمر.
والحمد لله مع ان جهود المسلمين فيها ضعف لكن الله سبحانه وتعالى يبارك فيها، فقد نجد داعية لا يملك من حطام الدنيا شيئا يبارك الله في جهوده فيسلم على يديه المئات بل الآلاف، في الوقت الذي لا يقبلون فيه بالنصرانية، رغم تقدمها جمعيات التبشير مع ما يصرف على هذه المؤسسات الكنسية وما تدعم به من امكانات وأموال... وهذا لان القضية الله سبحانه وتعالى هو الذي يرعاها، فاذا أخلص الناس فيها واجتهدوا فلا شك ان الله سبحانه وتعالى سيبارك في جهودهم وان كانت متواضعة قال تعالى: «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا»، وهذه قضية لا توجد في غير الاسلام ولا في غير الدعوة الاسلامية.
فالمسلمون الأولون كانوا يستشعرون مسؤوليتهم عن هذا الدين، فانتشر الاسلام في بقاع كثيرة من الأرض على أيدي التجار المسلمين الذين استشعروا انهم مكلفون بنشر هذا الدين ففعلوا فوفقهم الله وبارك في جهودهم.
فينبغي ان يحرص كل انسان مسلم على هذا الواجب على قدر استطاعته.

المسلمون والإرهاب

• وصم الغرب الاسلام والمسلمين بالارهاب... كيف نتخلص من هذه التهمة ؟
- الله سبحانه وتعالى قال عن عداوة الكفار للمؤمنين «ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا» فالكيد والمكر مستمر، وقد بدأ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستمر على ان تقوم الساعة، وهذا ما يجب ان يثني الانسان صاحب الحق، وعلينا ان نثبت بالواقع العملي وبالممارسة الصحيحة اننا طلاب حق واننا نحمل رسالة عظيمة، وعندما ندعوا الناس الى شيء يجب أن نكون
أول من يحققها...
واعتبار غير المسلمين محاربين للاسلام أمر غير صحيح، لانه الآن أصبح بيننا وبينهم عهود ومواثيق، فغير المسلم عندما تعطيه تأشيرة لدخول بلاد المسلمين فقد أعطيته عهداً وميثاقاً بالامان، ليسوا محاربين.
ثم كيف نقنع الناس بديننا وما فيه من قيم جميلة وأخلاق حميدة؟
فنحن بحاجة إلى ان نقيم الاسلام في نفوسنا أولا، ثم في حرصنا على أن نعلم ونبين بعض الاشياء الغائبة لان الغرب فيه دعاية كبيرة مضللة ضد المسلمين من منذ زمن، ويصفون الاسلام بأوصاف هو منها براء جاءت عن سوء فهم وسوء نية أيضا، وعلينا ان نكشف هذه الامور وان نوضحها.

الفتن الطائفية

• هل حقاً الأمة مقدمة على فتنة طائفية ؟
- نعم هذا واقع الآن ويغذى من جهة أعداء الاسلام ومن جهة أصحاب الآراء المفتونين بها، وهؤلاء يطعنون في بعض المسلمين ويجعلون همهم المسلمين وينبغي ان نقطع الطريق عليهم، وما يجري الآن في عدد من بلاد المسلمين ما هو الا ارتكاع على قضايا الطائفية، فالاعداء يقربون فئة ويغمطون الأخرى لجعلهم يتفرقون ولا بد ان يتنبه المسلمون لهذا.

قضايا الأمة

• قضايا الأمة في العراق، في فلسطين، في السودان... هل هناك من سبيل للخروج منها ؟
- الكلمة المختصرة الشائعة ان يعودوا إلى دينهم، لكن كل هذه المشكلات بسبب البعد عن الدين والله سبحانه وتعالى قد يبتلي بعض عباده لوجود التقصير وعدم النصرة للدين، ووجود الخلل من العلماء والدعاة لانهم لا يصححون المفاهيم الخاطئة ولا ينصحون الناس، ومن باب زيادة التمحيص، قال تعالى: «وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين»، هذا كله وارد، لكن أيضا الأمة بحاجة الى قادة وإلى مرجعيات في كل شؤونها، قيادات سياسية تجمع كلمة المسلمين وان يكون بين دول المسلمين قواسم مشتركة... في جوانب كثيرة اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، والاتحاد الاوروبي يعتبر نموذجا يجب ان يحتذي به المسلمون... ونحن عندنا ما ليس عندهم، وقد كان بينهم من الحرب ومن الاقتتال ما لم يحدث عندنا لكنهم راعوا مصالحهم، فاجتمعوا واصبح بينهم وحدة في كل شيء، فالمسلمون يملكون من الثروات والطاقات العلمية والاعداد البشرية والموقع المتميز ويملكون الكثير مما لا يوجد عند غيرهم، فعندهم مقومات كثيرة جدا للاتحاد والتكامل، وهذه آمال وأفكار لكنها لم تفعل حتى يصبح المسلمون قوة أمام شعوبهم وامام الدول الاخرى وامام اعدائهم... فلذلك هذه الوحدة مهمة جدا بين المسلمين، ولا نرى جهدا عمليا واضحا الآن في سبيلها، كل دولة تهتم بمصالحها الخاصة وهذا له أثره السلبي، وقضية فلسطين أكبر شاهد على هذا الامر، فلم نستطع الى الآن ومنذ أكثر من نصف قرن أن نوحد كلمتنا وموقفنا لحلها وان نوجد موقفا قويا موحدا لحسم هذه القضية فالانسان اذا هانت عليه نفسه هان على الآخرين.
فالخلاصة ان ما يحدث في بقاع كثيرة من بلاد المسلمين سببه تفرق الكلمة والتقصير في حق الله وعدم نصرة دينه قال تعالى: «ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم».

• كيف رأيتم مساجد الكويت ؟
- رأيتها بخير والحمد لله، وروادها كثر والحمد لله، وأرى الانشطة التي تقام فيها جيدة، وتؤدي رسالة ايمانية واجتماعية وتربوية مهمة للغاية للمسلمين.
فجزى الله القائمين على هذه الفعاليات كل خير، واخص بالذكر وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية في دولة الكويت ومن ثم قطاع المساجد، والاخوة في الشؤون الفنية، على ما يبذلون من جهد مبارك في خدمة بيوت الله وتهيئتها للعبادة وجعلها محاضن تربوية قبل ان تكون محاضن عبادية. فهو لا شك مجهود يشكر وندعو لهم بالتوفيق.

سلمت يمينك اختي على هذ المنقول الحواري الرائع والمفيد

كلام جميل من شيخ فاضل وجزاك الله على هذا النقل ونتمنى كتابة نبذة يسيرةعن هذا الشيخ الفاضل

الله يعطيكي الف عافيه على النقل الرائع والطرح الجميل

بارك الله فيك

يعطيك العافيه يابنت العم
دمتي بحفظ الله ورعايته :