حوار صحيفة الاقتصادية
مع الشيخ الأستاذ الدكتور فالح بن محمد الصغير
حوار: سعد السهيمي - 14/03/1429هـ.
دعا الدكتور فالح بن محمد الصغير المشرف على شبكة السنة وعلومها وأستاذ السنة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى التمسك بالوسطية ونبذ التشدد والتنطع في الدين، وقال إن ممارسة هذه الأفكار يؤدي إلى الانحراف عن المنهج الصحيح وينتهي بصاحبها إلى الوقوع في أخطاء جسيمة، وأكد في حوار لـ "الاقتصادية" أن التشدد والتساهل وجهان لعملة واحدة وصاحب أحدهما يميل إما يمنة أو يسرة عن جادة الصراط المستقيم والتفكير القويم، ودافع الدكتور الصغير عن تسابق العلماء والدعاة وأهل الخير على افتتاح مواقع إسلامية على الإنترنت ووصفها أنها ظاهرة صحية وأنها أسهمت في نشر العلم الشرعي والأهداف النبيلة التي تجسد مفهوم الإسلام وما يتعلق به، وأضاف أن بعض هذه المواقع أصبح في مصاف المواقع الكبيرة وفق استطلاعات الرأي وتصنيف المواقع على الشبكة العنكبوتية، وتطرق إلى عدة أمور أخرى فإلى الحوار:
بداية حدثنا عن سيرتك العلمية والعملية؟
أنا أخوكم في الله فالح بن محمد بن فالح الصغيّر من مواليد محافظة الزلفي في منطقة الرياض والمؤهلات العلمية هي ماجستير في السنة النبوية وعلومها عام 1402هـ - 1982م، والدكتوراة في السنة النبوية وعلومها 1405 هـ - 1985م، والدرجة العلمية هي أستاذ في السنة وعلومها منذ عام 1414هـ، وكانت رسالة الدكتوراة عن (مسند أبي يعلى الموصلي من أوله إلى نهاية مسند أبي سعيد الخدري) تحقيق ودراسة.
فيما كانت رسالة الماجستير عن (كتاب الغمّاز على اللمّاز في الأحاديث المشتهرة للشيخ نور الدين السمهودي) تحقيق ودراسة، وبالنسبة للأعمال الوظيفية السابقة فقد توليت عدة مناصب وهي وكيل كلية أصول الدين في الرياض 1406- 1409هـ وعميد كلية أصول الدين في الرياض 1409- 1415هـ. والوظيفة الحالية أستاذ في قسم السنة وعلومها – كلية أصول الدين في الرياض).
وأشرف حاليا على موقع شبكة السنة النبوية وعلومها على شبكة "الإنترنت"
www.alssunnah.com ، وهو موقع يعنى ببيان سنّة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعليمها للناس، ونشرها، والدفاع عنها، وبيان سيرته العطرة، وشمائله المباركة عليه الصلاة والسلام.
هل لكم بحوث وكتب قمت بتأليفها على الساحة الإسلامية وما أبرزها؟ حرصت على العمل على تأليف بعض الكتب النافعة وقد تجاوزت مؤلفاتي 30 كتاباً منها: من فقه السنة "مجلدان"، ومن أسئلة النساء للنبي صلى الله علية وسلم – رواية ودراية – مجلد كبير ودروس في الحقوق الواجبة على المسلم، وكتاب أحكام الديات في الشريعة الإسلامية وتطبيقها في السعودية، وكتاب مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رمضان ومعالم التوحيد في الحج وسلسلة أحاديث في الدعوة والتوجيه بلغت 17 كتاباً.
كذلك خرج لي بعض الأبحاث العلمية وهي بحث (الإسلام و سماحته) قدّم لمؤتمر مكافحة الإرهاب الذي أقامته جامعة الإمام في الرياض وبحث (وقفات مع المستشرقين وموقفهم من السنة النبوية) قدّم لندوة عناية السنة والسيرة النبوية في المدينة المنورة التي أقامتها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وبحث عن منهج سماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله – في التعامل مع ولاة الأمر) قدّم للندوة التي أقامتها جامعة الملك خالد في أبها عن سماحة الشيخ عام 1422 هـ، وبحث عن المرأة في حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم) قدّم لندوة اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء المقامة في لبنان عام 1424هـ، وبحث عن فقه التعامل مع الخلاف والمخالف) مقدم في الملتقى العلمي لكليات البنات – الأقسام العلمية – الرياض.
فكرة هذا الموقع
ذكرتم أنكم تشرفون على موقع شبكة السنة النبوية وعلومها كيف بدأت فكرة الموقع؟ وهل هو متخصص في جانب معين أم أنه موقع عام؟ انطلقت فكرة هذا الموقع منذ عدة سنوات وتحديداً عندما كنت أشارك في دورة علمية في إحدى الدول الأوروبية، فاقترح الطلبة أن يتم التواصل وإلقاء الدروس عن طريق الإنترنت، وعندما عدت إلى السعودية بدأت بدراسة الفكرة واستشارة المختصين من طلبة العلم وغيرهم حتى بدأت البداية الفعلية للمشروع وفق عمل مؤسسي في شهر شعبان عام 1427هـ برعاية المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات في الربوة في مدينة الرياض، وتم تدشين الموقع يوم الأحد 3/5/1428هـ في حفل بهيج رعاه وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والموقع مختص بالسنة والسيرة النبوية وما يتعلق بذلك من علوم وأبحاث.
وعلى ما تحتوي شبكة السنة النبوية وعلومها من تقسيمات وأبواب؟ يعد موقع شبكة السنة النبوية وعلومها أول موقع شامل للسنة النبوية وعلومها المختلفة وهو يحتوي على أكثر من 20 باباً من أبرزها:
منزلة السنة النبوية والدفاع في السنة النبوية، تاريخ السنة النبوية وأحاديث العقيدة وفقه السنة والسيرة والشمائل النبوية وأسباب ورود الحديث والأمثال في السنة النبوية والقصص في السنة النبوية والتربية والدعوة في ضوء السنة النبوية والبيوت السعيدة في ضوء السنة النبوية والسنن الموسمية والأذكار في السنة النبوية والأحاديث القدسية والإعجاز والطب النبوي ومصطلح الحديث وعلل الحديث والتخرج ودراسة الأسانيد وأعلام السنة النبوية ومشكل الحديث ومعجم المصطلحات الحديثة، إضافة إلى أبواب خدمية تهتم بالاستشارات العلمية والحديثية، وباب للحوار مع عالم، إضافة إلى الصوتيات والمرئيات، ويتيح الموقع للعلماء وطلبة العلم المشاركة بنتاجهم العلمي في باب (مشاركة القراء)، إضافة إلى منتدى شبكة السنة النبوية ومنتدى البيوت السعيدة والذي يشرف عليها الموقع.
التنوع الإيجابي
يرى بعض المتابعين أن التسابق على إنشاء مواقع إسلامية لا ينظر إلى المضمون والجوهر بل يجعل فقط الاهتمام بالمظهر فقط؟ كثرة المواقع الإسلامية ظاهرة إيجابية بصورة عامة لأن في ذلك مزيداً من التنوع الإيجابي والتعدد في الطرح المفيد مما يدعو أيضاً إلى مزيد من التنافس والتميز.
ولكن أوصي إخواني القائمين على مثل هذه المواقع بإخلاص النية لله والاهتمام بجودة الطرح والعناية بالمادة المقدمة المبنية على كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتحري المعلومة الصحيحة في النقل والبعد عن كل ما يعكر الصفو أو يخرق الكلمة، كما أذكرّ أن الوقت وقت التخصص فلتتجه المواقع الآن إلى التخصص لتتعمق فيه وتنتقل من الطرح العام إلى الأخص والأدق، ليرتقي المستوى.
ولكن هناك من يرى أن المواقع الإسلامية هي صورة كربونية بعضها لبعض وليس فيها تميز؟ لا أعتقد ذلك، فالتنوع موجود، فالمواقع الإسلامية تتعدد أطروحتها بين مواقع شخصية للعلماء وطلبة العلم ومواقع عامة تشمل علوماً متنوعة، إضافة إلى الأبواب والخدمات والمنتديات، وهناك مواقع متخصصة في أحد العلوم أو القضايا الشرعية، وهي متنوعة أيضاً من حيث التميز وعدمه فمنها مواقع متميزة بل وصلت إلى العالمية، فالنظر إلى مواقع التصنيف العالمي يجد مجموعة من المواقع الإسلامية في مقدمة الترتيب ومواقع تحتاج إلى العمل الجاد إلى الوصول إلى التميز.
وماذا عن التنافس بينها لكسب الزوار وشدته بينها؟ وهل تعد ذلك ظاهرة صحية تعود بالفائدة على العمل الإسلامي؟ التنافس بين المواقع الإسلامية كما ذكرت في إجابة مسبقة ظاهرة صحية تخدم المسلم والدعوة الإسلامية متى ما أخلصت النية وحَسُن المقصد، وهذا التنوع وذلك التعدد يمثل قنوات إعلامية لخدمة الدين وتتناغم مع لغة العصر ليصل هذا الخير إلى أنحاء المعمورة بأساليب متنوعة وطرق متعددة تناسب جميع الفئات، وتوصل العلم الشرعي بأسهل الطرق وأيسرها وأسرعها وهي تتنافس على تقديم الخدمة الجيدة التي يكون لها أثرها في الارتفاع بالعمل الإسلامي الإلكتروني.
وجهان لعملة واحدة
التشدد والتساهل في الدين كلمتان لهما رواج على أطر مختلفة هل يمكن أن تفصلوا لنا ما يتعلق بهما؟ وما الموقف الصحيح في التعامل مع النصوص الشرعية وبالذات السنة النبوية؟ التشدد والتساهل وجهان لعملة واحدة وصاحب أحدهما يميل إما يمنة أو يسرة عن جادة الصراط المستقيم والتفكير القويم، فإذا نظرت مثلاً إلى صاحب التشدد وجدت أنه يتصف بصفات كثيرة منها:
1- الاضطراب في منهج الاستدلال بمعنى أن من يقول بهذا القول لن تطّرد معه قاعدة أصولية تجاه التعامل مع النصوص والسنة النبوية، ومن ثم التناقض والاضطراب.
2- التخبط في الأحكام لأن منهج الاستدلال، غير سليم فيعطي نتائج غير سليمة.
3- الشدة في تناول الأحكام العملية لأن هذا يعتبره هو المخرج من الإشكالات التي تعترضه.
4- الجرأة في الحكم على الأشخاص كفرا وفسقا، وابتداعا وغيرها. لأن هذا نتيجة من نتائج طريقته في الاستدلال، فمن أخذ بظاهر هذه النصوص دون عرضها على النصوص المقابلة لم يجد مسوغا ألا يحكم على هؤلاء الأشخاص بالكفر أو الفسق ونحو ذلك.
5- التعدي والجرأة - وبخاصة على أهل العلم المعتبرين - فيصمهم بالجهل، أو المجاملة مع الآخرين، أو أكثر من ذلك ببيع ذممهم في سبيل الدنيا.
6- وقد يصل الأمر إلى التضييق على الناس في عبادتهم وأحوالهم ومعاشهم لأنهم يعتبرونهم عصاة بعيدين عن منهج الله تعالى.
7- الخلط في المفاهيم الكبرى – وهذه من أعظم الآفات التي يقع فيها أصحاب هذا المنهج الخطير - مثل مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فينقلون المفاهيم العظيمة في هذا المصطلح من كونها مفاهيم واسعة إلى مفهوم ضيق ينحصر في الخروج على الوالي فيأخذون بمذهب الخوارج، ومن ذلك مفهوم الجهاد وغايته. فيحصر هذا المفهوم أن الجهاد: القتال فحسب دون النظر إلى النصوص الأخرى التي توسع المفهوم إلى أن يكون شاملا لجهاد النفس وكفها عن المعاصي، وجهاد المنافقين بالحجة والبيان، وجهاد الشيطان بمدافعته عن الغواية، وجهاد الكفار بمقاتلتهم هو جزء من المفهوم وليس المفهوم كله.
وغير ذلك من الآثار الخطيرة، وواحد منها كاف لبيان ضرر هذا المنهج فضلا عن وجود هذه الآثار وغيرها كثير لكن المقام مقام إجمال لا تفصيل.
وهذا المنهج وجد قديما، ويظهر في المجتمعات المسلمة بين الحين والآخر، فليس ما تراه وتسمعه في هذا الزمن ببعيد عما جرى على مدار تاريخ الأمة المسلمة منذ ظهور هذا الدين. وبعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى يومنا الحاضر، لكن من الخير العظيم أن يُتعرف على الأسباب لتكون المعالجة معالجة شمولية. تصحح ما وقع فيه هؤلاء، وما يلبس على غيرهم، وخاصة أن العالم اليوم عالم منفتح، والمعلومة متداولة، وكما يقال: العالم كالقرية الواحدة، بل أصبح الآن أعظم.
وإن من أهم الأسباب والتي يجب أن نصارح أنفسنا بها، ونصارح بعضنا، وتكون محل تأمل ونظر من طالب العلم المبتدئ، والمتوسط والداعية، والمسؤول، والأب، والأم، والموجه وغيرهم، أقول من أهم هذه الأسباب ما يلي:
- الجهل بدين الله تعالى حقيقة فهو أم الآفات، والجهل المراد به هنا: الجهل بمصادر التشريع، وأدلته، وطرائق الاستدلال.
- ومن أهم الأسباب التلقي للعلم والفتوى من غير أهلها، والله جل وعلا قال: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وأشاد بالعلماء، وجعلهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورثته، وما حادت الأمة عن هذا المنهج إلا ضلت وأضلت، والمنطلق هو مصدر التلقي، وفرقة الخوارج التي خرجت على عثمان وعلى علي، رضي الله عنهما، إنما انطلقت في ضلالاتها من الحيدة عن كبار الصحابة، رضي الله عنهم، إلى المجاهيل الذين لم يعرفوا بعلمهم ولا تاريخهم.
- ومن الأسباب أيضا النظر للقضايا بغير النظر الشرعي الدقيق ومن ذلك المصطلحات مثل: المعصية، التكفير، الضلال. الفسق، الابتداع، الولاء، البراءة، النفاق،... تلك المصطلحات التي ضبطت شرعا، وهي مصطلحات وردت في القرآن والسنة، وهي في الوقت نفسه مصطلحات دقيقة تحتاج إلى دقة نظر وجمع للنصوص فمن أخذها من زاوية دون أخرى لم يستطع ضبطها، ومن ثم وقع في الضلالة.
- ردود الأفعال وخاصة تجاه النفس، فعندما يرتكب الإنسان بعض المعاصي ويقع في بعض الذنوب وينغمس فيها، ثم يمن الله عليه بالتوبة، يظنُّ ألا يكفر هذا إلى الطرف الآخر، فينظر إلى الأمور بنظرة حادة تقوده إلى تضييق الأحكام على نفسه أو على الآخرين.
أما التساهل فهو على نقيض ذلك المنهج ويتمتع أصحابه والآخذون به بسمات منها: ما سبق بيانه من أصحاب المنهج الأول وهو الاضطراب في منهج الاستدلال وفي الأحكام والميل إلى تمييع النصوص بل إلى إنكار بعضه والاعتماد على العقل في تحكيم النصوص والتساهل في تطبيق الأحكام الشرعية واتهام الآخرين بالتشدد، وأما الأسباب التي أدت إلى هذا المنهج هي الأسباب نفسها والنتيجة الانحراف والموقف الصحيح فهو الموقف الوسط الذي سار عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، والمنضبط في ضوء القواعد الشرعية وبينه أهل العلم المعتبرون، وقد جاء توضيح ذلك في مثل قوله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ) وقوله تعالى: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) وغيرها الكثير، وقوله عليه الصلاة والسلام: (عليكم بسنتي وسنة خلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة). ومن أهم معالم المنهج اقتفاء أثر العلماء المعتبرين الذين يبينون الحق بدليله وزكاهم النبي، صلى الله عليه وسلم بقوله: (العلماء ورثة الأنبياء). والحيدة عن هذا المنهج هو بداية الانحراف نحو المناهج الضالة.
الهجوم المتواصل على نبي الرحمة وجد وما زال مواقف حماسية مؤقتة لكنها لم تصل إلى العمل المتواصل المبرمج المنظم الذي يمكن استثماره لخدمة الدين والدفاع عن نبي الرحمة بما يؤثر في الآخرين إلى ما ترجع ذلك؟ الهجوم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس جديداً والجهود كثيرة ووقتية وتفتقد إلى خطط طويلة المدى عميقة النتائج، ولهذا كان من البرامج المنظمة لنصر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتعريف به موقع شبكة السنة النبوية وعلومها والذي نحاول أن يكون موسوعة شاملة للسنة والسيرة النبوية وعلومها وللدفاع عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومنها جهود مشروع نبي الرحمة في اللغة الإنجليزية، كما ندعو جميع المسلمين القادرين علمياً ومادياً إلى إيجاد مشاريع مؤسسية لا لمجرد الدفاع عن شخصية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل لنشر السنة والسيرة النبوية بأساليب وطرق متعددة كتعليم السيرة للأطفال في مشاريع إعلامية من منتديات وبرامج فضائية، وكذا ما يخص المرأة ومشاريع بحثية في لغات متعددة وغيرها، والمجال مفتوح، وفق الله الجميع.
هناك من يطالب بإلغاء نغمات القرآن الكريم والسنة النبوية من الجوالات واتخذ في ذلك المجمع الفقهي قرارا لكن ألا يرى فضيلتكم أن ذلك سيدفع عامة الناس إلى القفز إلى الجانب الآخر؟ الحكم الشرعي المتعلق بذلك حكم مدروس من نخبة من أهل العلم وفيه احترام لكلام الله وكلام رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصيانتهما من العبث والتقطيع أو وجودهما في أمكنة غير مناسبة، وهناك ولله الحمد جملة من المؤثرات الصوتية الجائزة شرعاً، ومن هذا المنطلق فليس هناك حجة لمن أراد أن يستخدم النغمات المحرمة لهذا العذر غير المبرر شرعاً ثم إن في ما أحل الله تعالى – في جميع الأشياء - غنية عن الحرام والمباح دائرته – ولله الحمد - أوسع من المحرم.
تضارب الفتوى أوجد حيرة لدى المستفتين كيف يمكن تلافي ذلك؟ وإلى أي رأي يستند المستفتي؟ لا شك أن الفتوى: يجب أن تكون وفق ضوابطها الشرعية والخلاف في الفرعيات موجود، أما الأصول والقواعد فلم يختلف عليها أهل العلم، ومن أسباب الخلاف: ثبوت الدليل أو عدم ثبوته، والفهم للدليل وطرائق الاستنباط، وتصور الواقعة أو الحادث المبنى عليه الدليل.
وقد كتب أهل العلم في هذه المسائل التأصيلية كتباً كثيرة وبينوا ما يتعلق بها من أحكام ومن ذلك ما وضعوه ضوابط للمستفتى ومنها:
1. أن يستفتى من يفقه بدينه وعلمه.
2. عدم التنقل بين المستفتين.
3. عدم تتبع الرخص.
4. أن يأخذ الفتوى من أهلها.
وإذا تعامل المسلمون بهذه الضوابط تلافوا ما يقع مما يظن أنه تناقض ومن هنا عليهم أن يتعاملوا وفق هذه الضوابط حتى لا يقعوا في الحرج.
المرأة المسلمة لها مسؤوليات متعددة تجاه نفسها وتجاه بيتها وتجاه مجتمعها فكيف يمكن قيامها بكل هذه المسؤولية؟ المرأة نصف المجتمع كما يقال بل هي المجتمع، فالمرأة هي الأم والزوجة والبنت والأخت والقريبة وهي المربية والمعلمة وهي مخرجة الرجال ومربية الأبطال ومنشئة القادة والعلماء والدعاة.
وتتحدد مسؤولية المرأة المسلمة ضمن أطر عدة منها:
الإطار الأول: مسؤوليتها عن نفسها ويكمن هذا الإطار في التالي:
- في إيمانها بربها عز وجل.
- في طلبها للعلم الذي يقوم به دينها.
- في قيامها بالعمل الصالح من فرائض ومستحبات.
- في حماية نفسها من المعاصي والسيئات.
الإطار الثاني: مسؤوليتها في بيتها.
والمرأة في البيت إما أن تكون زوجة فحق زوجها عليها عظيم، وقد تجمع إلى هذه الصفة أو تنفرد عنها بأن تكون أماً ترعى أبناءها وتهتم بأولادها ولها حق البر بها، وإما تكون بنتا تحفظ وقتها وتعبد ربها وتساعد أمها.
الإطار الثالث: مسؤوليتها نحو المجتمع.
المرأة جزء من المجتمع فهي مع أقاربها وجيرانها وبني جنسها تقوم بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والنصيحة والإصلاح.
وهي من خلال هذه الأطر عليها أن تعي تلك المسؤولية وتقوم بها أياً كان موقعها ووظيفتها. فالمسؤولية عظيمة كما قال عليه الصلاة والسلام: ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، وكما قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله سائل كل راع عما استرعاه).