03-30-2008, 10:50 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | البيانات | التسجيل: | Mar 2006 | العضوية: | 32 | المشاركات: | 835 [+] | بمعدل : | 0.12 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
كل ما يخص آل البيت إدعاء الصوفية لأنساب آل البيت الأصول والمنطلقات إدعاء الصوفية لأنساب آل البيت الأصول والمنطلقات
الشريف محمد حسين الصمداني
من الصفحات المجهولة في التاريخ الصوفي صفحةٌ بعنوان " إدعاء بعض الصوفية لأنساب آل البيت " ؟ و قد يستغرب العنوان لأن المتبادر و المشهور عنهم أنهم قومٌ صالحون و أهل زهد و ورع ..!!
هل يمكن أن يأتي أهل الصلاح بالتزوير في نسب البيت النبوي ؟ و هل في تجارب التاريخ و أحوال الناس ما يؤيد ذلك . لقد أدخل الغلو على قوم أن كذبوا على النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه وقوله ، وقولوه ما لم يقل ، بدافع الحب ؟ زعموا ! و من الحب ما قتل ! نعم من الحب ما يقتل دعوة الأنبياء ويضعف أثرها في الناس عندما يصرف الناس عن حقيقة الدعوة النبوية للانشغال بالجاهات والمناصب والرئاسات الوهمية ، و هي ما تتقاطع معها الأنساب – خاصة نسب آل البيت في كثير من الأمور - ..
إن الصوفية – كما يشاهد الانسان و يسمع - من أكثر الناس كلاماً عن حب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لكنك إن فتشت عن هذا الحب ، وجدته حب غالٍ ، لم يأمر الله ولا رسوله صلى الله عليه و على آله وسلم به ، بل هو خارجٌ عن حد الاسلام وسمته ، يجعلهم ذلك الحب الفاسد يهدمون دعوته عليه الصلاة والسلام ، و يقوضون أصول الدعوة الاسلامية عبر التهوين من العلم الشرعي ، و تعظيم الخرافيين ، و تمجيد زوار القبور و سدنتها ، ثم في نهاية المطاف يفسدون بيته بالدخول في النسب الشريف ، فتفسد أنساب الذرية الطاهرة لأجل ولي مجذوب أو درويش مفتون ، يتمنى الأماني الكاذبة و يرى خيالات الشياطين ، فيثبت من خلالها أنساباً للحسن والحسين و لغيرهم من الأولياء والأصفياء ... ، وهلم جرا .. !
إن ادعاء الصوفية لأنساب آل البيت ثمرة من ثمرات العقيدة الفاسدة والحب الغالي ، و الغلو لا يجتمع مع الاعتدال ، و في هذا المقال سنشير إلى منطلقات الصوفية و أصولهم في إدعاء الأنساب ، و شواهد ذلك من كتبهم ومصادرهم ، ليعلم بعد ذلك الانسان طرفاً من قصة القوم ، و يدرك سراً من أسرارهم مع آل البيت ، فقد سرى بخبرهم الركبان .. !!
****
مدخل
صوفي يدعي النسب أمام الحجرة النبوية
" .. أخبرني شريفٌ حسيني بأنه توجه لحج بيت الله الحرام و زيارة قبر نبيه عليه الصلاة والسلام ، لا حرمنا الله وسائر المسلمين من التوجه لتلك البقاع الشريفة المعظمة المطهرة المنيفة ، وصادف الحال في تلك السنة أن سافر بقصد الحج السيد محمد ... ، المدرس بكلية القرويين ، واجتمع الشريف الحسيني المغربي مع أشرقي المذكور بالمدينة المنورة بباب الحجرة النبوية ؛ فالشريف المذكور كان يتكلم مع أحدٍ بباب الحجرة الشريفة ، و أشرقي المذكور كان يتكلم مع شريف من شرفاء المدينة المنورة ، إذ قال أشرقي للشريف الذي كان يتكلم معه : " نحن شرفاء أبناء عمكم " ، و سمعه الشربف الحسيني المغربي ، الذي قال لي :" والله ما تم كلامه حتى عاقبه الله على قوله ، و مرض ، و سافر من المدينة المنورة إلى هذه الحضرة ، ولا زال بها مريضاً " [1] !! .
إنها ( المدينة تنفي خبثها ) .
جحافل مضت .. و أخرى تنتظر ، " و ما بدلوا تبديلاً "
" لما جاء القرن السابع كان العالم الاسلامي من أقصاه إلى أقصاه يموج بالصوفية من العلويين و لاسيما في إيران… … " أهـ[2].
يقول الدكتور كامل الشيبي في " الصلة بين التصوف والتشيع " :" … إننا نجد أن النسب العلوي ينتظم عبدالقادر الجيلاني ، والسيد أحمد الرفاعي ، وبكتاش الولي ، والدسوقي ، والسيد أحمد البدوي ، وأبا الحسن الشاذلي ، والسنوسي ، والمهدي ، وكذلك عبدالوهاب الشعراني .
ويمكن أن نضيف إليهم :
السيد حيدر التوني الموسوي المتوفى سنة 618 هـ ، شيخ الطريقة القلندرية المعروفة [3].
ونعمة الله الولي المتوفى سنة 732 هـ .
وصفي الدين الأردبيلي المتوفى سنة 735هـ . ( من عقبه الصفويون ) .
والسيد علي الهمداني المتوفى سنة 786هـ .
فضل الله الحروفي المقتول سنة 804 هـ .
وخليفته علي الأعلى المتوفى سنة 822 هـ .
وعماد الدين النسيمي المقتول سنة 830هـ أو 837هـ .
ومحمد نور بخش المتوفى سنة 869هـ .
وأستاذه خواجه اسحاق .
وباليم سلطان مجدد الطريقة البكتاشية المتوفى سنة 922 هـ .
وكثيرين غيرهم ، ومن آخرهم عبدالقادر الجزائري القائد المجاهد المشهور ، فلقد كان صوفياً علوياً… " .أهـ [4].
و العجيب أن كثيراً من العلويين الثابتي النسب لم يكن لهم حظ في التصوف ، ولهذا كانت صحة نسبهم تمنعهم من البدعة ، و ذلك لأنفتهم عن كثير من ترهات الطرقية و مسلكة المريدين !! و لهذا كان بعض الصوفية يستنكر عدم وجود الكرامات -بزعمه - للصوفية من العلويين . يقول د. الشيبي بعد أن عدَّدَ جمعاً من العلويين الذين صاحبوا الصوفية :" ... إنَّ هذا العدد من العلويين الملتحقين بالتصوف ضئيل إذا قيس بالثائرين منهم والمتفقهين والأئمة ! ( و قد ) زعم عبدالله الهروي (ت481) أنه من بين ألف ومائتي صوفي عرفهم لم يزد عدد العلويين من أصحاب الكرامات منهم على اثنين فقط ، هما : إبراهيم بن سعد ، و حمزة العلوي . و قد روى الهروي أن بعض شيوخ الصوفية كان يقول لمريده العلوي :" لن تشم رائحة التصوف حتى تخرج من علويتك كلية" !! " . أ هـ [5].
****
الأصول والمنطلقات
****
الأصل الأول : الحقيقة المحمدية و وحدة الوجود .
من أهم الأصول و المنطلقات عند الصوفية في هذا الباب ، قولهم بمفهوم الحقيقة المحمدية ، و حديثهم عن الإنسان الكامل ، والفيض النوراني من النبي عليه الصلاة والسلام ، وسريانه الى العالم ، وأنه هيولي العالم ، وقولهم بأنه أبو الروحانيات ، وآدم أبو الجسمانيات . و هي فكرة شيعية الأصل و المنبت . و في هذا يقول ابن عربي :" … اعلم أيدك الله أن أصل أرواحنا روح محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو أول الآباء روحاً ؛ و آدم أول الآباء جسماً ، ونوح أول الآباء رسولاً … " أهـ [6] .
إنَّ هذه الفكرة فكرة شيعية قديمة ، و لذا قال بعض المستشرقين : " الاعتقاد بأزلية الوجود المحمدي قد ظهر مبكراً جداً عند الشيعة " . و يضيف :" أنَّ الوجود استمر عند الشيعة يظهر بعد محمد في صورة علي وأهل بيته " [7].
و لهذا ذهب بعض الباحثين إلى أن ابن عربي :" … نفذ إلى وحدة الوجود من مثل هذه الأفكار الشيعية التي تجعل أهل بيت النبي كُلاً لا يتجزأ يصدرون جميعاً عن نور النبوة الأزلي ، وقد كان النور المحمدي قديماً في التشيع الغالي ، فجمع ابن عربي فكرة النور وفكرة وحدة آل محمد الروحية والعلمية ، وأسبغها على الناس كافة - نعني بهم السالكين الذين هم من عامة الناس ، ولكنهم يبلغون هذا المقام السامي ، لأن فيهم هذا النور المحمدي - . وقد تنبه ابن عربي أيضاً إلى الحديث القائل :" سلمان منا أهل البيت " [8]، وجعل سلمان الفارسي مثلاً يضرب على شمول النورية للناس ، وكون الأمة الاسلامية أهل البيت لا أسرة النبي وحدها … " أهـ [9].
و إذا كان مبدأ الاتحاد وحدة الوجود يجعل الولي يرى أنه هو " الله " و " الرب " – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً – ، وقولهم في الولاية ، يجعلهم يصلون إلى مرحلة " النبوة " ! إذا كان هذا كذلك ، فكيف يستغرب إدعائهم لنسب أحد من الناس كآل البيت أو من سواهم ، أو ليس الوجود واحداً !!
و يوجد لهذا أصل عند ملاحدة الشيعة من الاسماعيلية وغيرهم ، فقد نقل أحمد الكسروي في كتاب" مشعشعيان " النصَّ الآتي :" … الاعتقاد أن علياً الذي كان بجنب النبي هو السرُّ الدائر في السماء والأرض ، و محمداً صلى الله عليه وسلم كان هو الحجاب بنوع الرسالة ، و الأحد عشر إماماً كانوا هم الملائكة منهم إليه ومنه ، و سلمان من أهل البيت ، والبيت هي الطريقة والمعرفة ، و كل من وصل إلى عرفانه كان سلمان في كل عصر و زمان… "أهـ[10].
بل يوجد كلام لابن عربي في الفتوحات يظهر منه أن المرء يستطيع أن يكون (( أنصارياً )) ، فها هو ذا يقول :" … واعلم أن كل من نصر دين الله في أي زمان كان ، فهو من الأنصار ، وهو داخل في حكم هذا الحديث … -يعني حديث : آية الايمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الأنصار - " .أهـ [11]. ومن أقوال الصوفية لمريديهم :" كن علوي الهمة ، عثماني الحياء ، عمري الفعل ، بكري العمل " . و لابن عربي مقولة في " الفتوحات" ينصح بها أتباعه ، يقول فيها :"… كن عمري الفعل …" أهـ[12].
و هو كلامٌ قد يكون لا غبار عليه ، لكن الخطأ إذا كان في الأصول شبراً صار في الأتباع ذراعاً .
ومن مداخلهم لذلك تقريرهم : لمسألة بنوة التبني ، فإن ابن عربي يقرر جوازها . و هي ما تكون بالاصطفاء و المرتبة . و لفظة "الابن " هي المنهي عنها عنده[13] . و لهذا يشيع عند المتصوفة لفظة الانتساب إلى شيوخهم و أوليائهم و ما يرادفها ، فيقال في تراجمهم :" وله انتسب " ، و " هو من أولاده " ، و يعنون بذلك " مصطلح بنوة التبني " الذي قرره ابن عربي .
و هم يقرون أنها ليست نسبة نسب وصلب ، و لكنها نسبة روح وكسب ، و هي أعظم من التي قبلها ، فتجوز عندهم الاضافة للشيخ ، أو الولي ، أو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، و من بعدهم ...
أقول : و هذا من أهم أسباب تداخل أنساب المتصوفة ، حتى لا تعلم هل هؤلاء ينتسبون طريقة للولي الصالح والشيخ المجذوب أم أنهم من عقبه و صلبه أم أنهم من خدام حضرته ومن سدنة ضريحه ؟
و في كرامات النبهاني أيضا : " وقال سيدي حاتم : خدمت سيدي الشيخ ابا السعود عشرين سنة ، و أنا أسأله أن يأخذ عليّ العهد ، فيقول : لست من أولادي ! أنت من أولاد أخي أبي العباس البصير ، سيأتي من ارض المغرب . فلما قدم إلى مصر أرسل سيدي أبو السعود إلى سيدي حاتم ، وقال له : شيخك قدم الليلة ، فاذهب لملاقاته في بولاق ، فأول من اجتمع به من أهل مصر سيدي حاتم ، فلما وضع يده في يده قال : أهلاً بولدي حاتم ، جزى الله أخي أبا السعود خيراً في حفظك إلى أن قدمنا " ! انتهى[14].
و فيه أيضاً :" …وكان الشيخ جاكير يقول : ما أخذت العهد قط على مريد حتى رأيت اسمه مكتوباً في اللوح المحفوظ ، و أنه من أولادنا " [15] !! .
و فيه أيضاً :" و قال شهاب الدين النشيلي لما رأى الشعراني ، و تعرّف عليه : " أهلاً يا ابن الشوني ، أيش حالك و حال أبيك ؟! " قال الشعراني : وكنت لا أعرف قطّ الشوني ! فبعد عشر سنين حصل لي الاجتماع بالشوني ، فأخبرته بقول الشيخ شهاب الدين ، فقال : " صدق ، أنت ولدي ، و إن شاء الله يحصل لك على أيدينا خير ... " انتهى[16] .
و اعلم أنَّ هذا الباب مما احتار فيه جماعة من محققي النسابين المعاصرين و فضلائهم ، حتى أني سمعت من بعضهم أنه تحير في أنساب طائفة من الصوفية لسنوات عدة ، كلهم يدعي النسب لرجل واحد ، و هم يطعنون في بعضهم البعض ، و سببه ما قدمناه من قدوم المريدين و المتسلكين إلى زوايا الأولياء والشيوخ بقصد ملازمة الشيخ و الأخذ عنه ، وبعد مدة ، يحصل له الانتساب لطول الملازمة ، و يختلط أمر الذرية الحقيقية للولي بأولاده من جهة بنوة التبني التي قررها ابن عربي .
و هذا ليس من جنس العلم بالنسب ، حتى ينتظم أمرهم ، و يمكن للنساب أن يتتبعه ، بل لابد من العلم بأصول القوم ، و هو من جنس الكلام في الفرق والعقائد و آثارها في الوجود ، فإذا لم ينعم الله على النساب و المؤرخ بفهم أصول القوم ، و إلا أصبح أكثر حيرة من تلك الطوائف التي تطعن في نسب بعضها البعض !
إنَّ تفصيل هذا الأصل فيه طول يخرجنا عن موضوعنا ههنا ، فإنه يليق به تأليف مستقل في معنى الحقيقة المحمدية عند القوم ، يبين فيه ما في هذه الأقوال من المعاني الفلسفية الكفرية ، و توضح فيه آثارها على الاعتقاد و نشوء الفرق ، و نقاط التوافق بين الصوفية و الرافضة ، فضلاً عن أثرها على أنساب آل البيت ، و في قليل الإشارة ما يغني عن كثير العبارة .
****
الأصل الثاني : الرؤى والمنامات
للصوفية اعتقاد معروف في " الرؤى والمنامات " ، فهي أحد مصادر المعرفة عندهم . و إذا كان هذا كذلك .. فهل لذلك أثر على الأنساب ؟!
قال الشعراني في طبقاته عن الشيخ البكري :" ومما يدل على صحة نسبه الى الامام ابي بكر الصديق ما رأيته بمكة المشرفة ، وذلك أن بعض الحسدة ذكر سيدي محمدا بغيبة ، فزجرته عن ذلك فلم ينزجر ، ثم رايت الامام ابابكر الصديق رضي الله عنه وهو يقول: جزاك الله خيرا عن ولدي محمد ، فعلمت صحة نسبه بذلك " انتهى[17].
و الرؤى كما هو معلوم مصدر من مصادر المعرفة عند المتصوفة ، فلهذا اثبات صحة الأنساب بها يسير !
طامة كبرى
نقل الشيخ عبدالغني النابلسي عن ابن الفارض الصوفي الاتحادي وعن سبطه شارح التآئية ( جامع الديوان ) ، رؤيا أثبت منها النسب الشريف لابن الفارض !
قال عبدالغني النابلسي :"…قال ابن الفارض : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي : يا عمر ! لمن تنتسب ؟ فقلت : إلى بني سعد يارسول الله ، وهي قبيلة حليمة السعدية مرضعتك يا رسول الله . فقال صلى الله عليه وسلم : لا ؛ بل أنت مني ، أي من ذريتي ، ونسبك متصل بي . فقلت : يا رسول الله إني أحفظ نسبي عن أبي وجدي إلى بني سعد ! فقال صلى الله عليه وسلم : لا ، لا ، ماداً صوته صلى الله عليه وسلم ! : بل أنت مني ، ونسبك متصل بي ؛ أي : من أولاد علي من فاطمة الزهرآء رضي الله عنهم. فقلت : صدقت يا رسول الله مكرراً ذلك القول ثلاث مرات مشيراً إليه صلى الله عليه وسلم بأصبعي . قال جامع هذا الديوان : رأيت ولده المشار إليه واقفاً على قدميه في اليقظة ، وأصابع يديه مبسوطة على ركبتيه من غير انحنآء في ظهره ، بأن كانت يداه طويلتين ، بحيث تصلان إلى ركبتيه . وقال - أي : ولد الشيخ رحمه الله تعالى - :رأيت والدي ، أي : الشيخ عمر بن الفارض رضي الله عنه : واقفاً على قدميه ، وأصابع يديه مبسوطة على ركبتيه مثل وقوفي هذا ، وأشار إلى وقوفه ذلك كذلك . وقال - أي ولد الشيخ ، أو الشيخ -: هذا وصول اليدين الى حد الركبتين من علامات الشرف . قال العارف النابلسي : ولايلزم أن يكون ذلك شرطاً في صحة النسب ، بل هو من علاماته ، كما قال ؛ وقد ورد في الأخبار ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت يداه طويلتين في الحس والمعنى [18] !…." أهـ .
ثم ساق بعض الروايات في معنى طول يديه . ثم قال :" … قال جامع هذا الديوان سبط الشيخ : النسبة الشريفة التي أرادها صلى الله عليه وسلم بقوله للشيخ عمر في المنام : "بل أنت مني ، ونسبك متصل بي " : إما أن تكون نسبته الأهلية بأن يكون من ذرية فاطمة التي هي ذرية النبي صلى الله عليه وسلم . قال العارف النابلسي : وهو الظاهر المتبادر من الكلام ، وإنْ لم يكن ثابتاً في الظاهر ، وكان الثابت غيره ، لأنه لما كان المعتبر في الشرع ثبوت النسب بالبينة واختلاف الأزمان بقتضي اختلاف الناس في طبآئعهم ، وعاداتهم وأغراضهم وقاصدهم ، فقد يضعف بعض الذرية عن إقامة البينة ، وقد تمتنع الشهود عن أدآئها لخوف أو لطمع ، وقد يعد الحاكم ، وقد يظلم ، ، وقد ينتسب بعض الذرية إلى غير نسبه لجهله بنسبه ، أو لغرض من الأغراض فيكون قول النبي صلى الله عليه وسلم هو الصحيح على خلاف ما هو في ظاهر الحال ، وإنْ لم تكن هذه الرؤية المنامية موجبة لحكم من الأحكام الشرعية . قال سبطه : أو تكون تلك النسبة نسبة المحبة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ، والنسبة التي هي عند أهل المحبة أشرف قدراً واعتباراً من نسب الأبوة التي كانت منها الولادة ؛ وهي التي جعلت بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي من أهل البيت …" أهـ . ثم ساق النابلسي شيئاً من الأحاديث التي تؤيد المعنى الثاني هذا كحديث :" آل محمد كل تقي " ، ونحوه .
ثمّ قال :" … وإلى هذا النسب الشريف الذي هو نسب المحبة أشار شيخنا يعني الشيخ عمر رضي الله عنه في القصيدة اليآئية التي قافيتها اليآء المثناة التحتية ، حيث قال :
نسبٌ أقربُ في شرع الهوى بيننا من نسب من أبوي
قلت -أي جامع هذا الديوان سبط الشيخ عمر - : بطريق المناسبة في اعتبار نسب المحبة نظير واقعة الشيخ عمر رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ورأيت في المنام كأنني في الحضرة الشريفة المحمدية ، وكأنّ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة كثيرة من الأنبيآء والأوليآء ، وكأنّ الشريف شمس الدين الأيكي نقيب الأشراف ، وقاضي العساكر المنصورة -توفي بدمشق في شهر رمضان سنة سبع وتسعين وستمائة - مع الجماعة في الحضرة الشريفة ، ولم أعرف أحداً منهم بصورته سواه ؛ وكأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإثبات نسبة الشيخ صبيح الحبشي إليه ؛ أي : إلى النبي صلى الله عليه وسلم . ورأيت رجلاً في المجلس معه المكتوب الذي يشهد فيه بالنسبة الشريفة المحمدية ، وهو يدور على الحاضرين في ذلك المجلس يأخذ خطوطهم فيه ؛ فلما وصل إليّ ناولني المكتوب ، وقال لي : اكتب . فقلت له : أنا مارأيت الشيخ صبيح ، و لا عاصرته ، و لا أعرف نسبته ، وإنما رأيت أولاده ، وهم أصحابي . فصرخ عليّ صرخة عظيمة ، وجدت لها رعباً عظيماً ؛ وقال لي : اكتب كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُكْتَبَ ! فقلت : وكيف أمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ يكتب ؟ فقال : اكتب :" أشهد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم متصل النسب بالشيخ صبيح " . قال النابلسي : فكتب كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب ، والشيخ صبيح المذكور لم يعرف أحد أنه من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ أنه كان رجلاً من الصالحين الكاملين كما وقع للشيخ عمر رضي الله عنهما ، فلعلهما في حقهما نسبة الأهلية ، أو نسبة المحبة كما سبق بيانه " انتهى [19].
تأمل العبارة السالفة : " الرسول صلى الله عليه وسلم متصل النسب بالشيخ صبيح " ! سبحان الله ! النبي صلى الله عليه وسلم متصل النسب بحضرة سِيْ السيد الشيخ صبيح لا أن الشيخ صبيح الحبشي المولى متصل النسب بالنبي عليه الصلاة والسلام ؟!
ما عهدنا في تاريخ الأشراف و السادة الأكارم إلا أنهم يجعلون اسم " صبيح " و أمثاله للعبيد و الموالي ، ... ، إيهٍ ... " إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه " !
و هذا الكلام الذي تقشعر منه جلود الذين آمنوا ، و تتقزز منه النفوس ، ينقله النبهاني الصوفي ، دون أن يعلق عليه بما يوجبه الشرع ، و هو المتيم بحب النبي صلى الله عليه وسلم و حب أهل بيته ، أوَ لم يؤلف " الشرف المؤبد " ؟
إذا تعارض حب دراويش الصوفية و خيالات المجاذيب و البلهى مع حب آل بيت النبوة قدم البلهى والمجاذيب عند الترجيح ! و لو كان هناك قليلٌ من الغيرة على " بيت النبوة " لرد على تلك الطوام ، كيف و هو القاضي الذي يفصل بين الخصوم ويرد على المبطلين دهراً طويلاً ! نعم لو كان تعرض أحدٌ للصوفية و للدجاجلة ، كما فعل الإمام محمد عبده التركماني بمصر ، لأخرجه النبهاني من دائرة الاسلام كما فعل حين اتهمه بترك الصلاة ؟!!
****
الأصل الثالث : الكشف !
يثبت بعضهم أمر النسب أحياناً من جهة الكشف ، وإذا علم أن الكشف من مصادر المعرفة عند الصوفية ، هان الأمر . و الكشف في أقرب معانيه التي يمكن مخاطبة القراء بها ، هو : " الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور الخفية ، وجوداً أو شهوداً" .
مساكين هؤلاء النسابين ، أضاعوا أعمارهم في غير طائل من الأمر ، هذا أبو العباس المرسي يقول : " والله الذي لا إله إلا هو ما من ولي لله كان أو هو كائن إلا وقد أطلعني الله عليه و على اسمه و نسبه ، وكم حظه من الله تعالى " [20].
عجيب صوفي و نسابة ! عهدنا و عهد الجميع بالصوفي أنه ينهى عن " الفقه " ، و " العلم " ، و لا يجوز لمريديه حضور مجالس " الفقهاء " ... و لو علم أصحاب " الشجرات " و " أعمدة النسب " المساكين لحاولوا أن يكشفوا أو يُكشف لهم من أجل أن يتعلموا الأنساب .. و يرتاحوا ويريحوا ..!
العادة الجارية أن الكشف و الذوق والمواجيد القلبية كلها راجعة إلى اعتقاد الانسان ، و حبه أو بغضه للشيء الذي يفكر فيه . وذلك أن كل نفس متحركة طالبة لمحابها ولذاتها ، فما لاح في قلبه من الاعتقادات أو الكشوفات أو المواجيد ونحوها ، رأى صدقه في حياته إما بصوت يظن أنه يسمعه بأذنه ، أو بتردده في داخل نفسه ، أو بخيال يظن أنه يراه بعينه ، أو يتأمل مبناه في نفسه .
توقيع : صريح للغاية | ولقد دعتني للخلاف عشيرتي.. ... ..فعددت قولهم من الإضلال
إني امرؤٌ فيَّ الوفـــــاء سجيـة.. ... .وفعــال كل مهـذب مفضـال
| |
| |