03-11-2008, 01:18 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Aug 2006 | العضوية: | 337 | المشاركات: | 1,158 [+] | بمعدل : | 0.17 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
الإسلامي العام التسامح في الإسلام التسامح في الإسلام يمتاز الدين الإسلامي بخصائص عديدة تشكل في مجموعها ملامحه الخاصة وتبرز صورته الناصعة وتظهر ما يتميز به من عظمة وتفرد وسمو. ومن خصائص هذا الدين الراسخة خاصية التسامح والرفق والإحسان في القول والفعل. ولا عجب في هذا فإن منطلقات هذا الدين الأخلاقية والإنسانية تجعله ناهضًا على قيم ومبادئ أصيلة وراسخة. يقول الله تعالى: { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي} وحسبك ما تنطوي عليه هذه الآية الكريمة من دلالة على أن كل قيمة خيرة هي مما أمر به الشرع وأن كل أمر فاحش وبذئ وكل منكر هو مما نهى عنه. والتسامح والإحسان في التعامل هو إحدى قيم الخير التي اتسم بها الدين الإسلامي والتي أسهمت في تشكيل ملامحه وصورته وفي تميزه بروح إنسانية عالية وثمة دلائل وشواهد غير محصورة على كونه يزخر بمثل هذه القيم والمبادئ النبيلة يقول الله تعالى: { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} ويقول { ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك}. وتجئ نصوص السنة الشريفة أيضًا مترجمة لهذه الروح التي تحدثت عنها الآيات القرآنية ومؤكدة لها. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم" رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع واذا اشترى وإذا اقتضى" ويقول " ليس المسلم بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذئ". وهكذا تمضي نصوص الدين في هذه الوجهة مؤكدة على علوم قيمة التسامح والإحسان ومنزلتهما السامية ويذكره بأن على المسلم أن يتحلى بهما والا أصاب إيمانه كدر ووهن وتضعضع. وفي الحديث الشريف: " إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه" " ليس منا من دعا إلى عصبية". التسامح والإحسان إذن هو خلق المسلم في أحواله جميعًا، في حله وترحاله، في فرحه وحزنه، في صفائه وتكدره وفي رضائه وضيقه. وهو قاعدته الراسخة في تعامله مع الآخرين الصديق والعدو، المسلم وغير المسلم يقول الله تعالى: { ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن. فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } وحتى يكون المسلم على هذا النحو فانه تشرق روحه بنور هذا الدين وتسمو نفسه إلى مشارق حقائقه وروحه ويتعالى بهذا الخلق السامي عن كل جهالة وإسفاف { وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" روى الإمام مسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم ما ضرب شيئًا قط بيده ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله.وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك من محارم الله فينتقم لله}. وروى الإمام البخاري أنه كان صلى الله عليه وسلم قد قسم قسمة فقال رجل: والله إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله: فأتي النبي صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه فذكر له ذلك فشق عليه وتغير وجهه ثم قال: لقد أوذي موسى بأكثر من ذلك". فانظر أخي المسلم - حفظك الله- كيف كان صلى الله عليه وسلم يقابل الإساءة بالصفح والاستعزاز بالتقاضي.
وفي مجال العلاقة بين المسلمين وغيرهم يمثل المعهود الإسلامي لهذه العلاقة نظرةً حضارية راقية تجعل منها مدخلاً للتفاهم وتبادل المصالح بين الأفراد وبين الأمم والشعوب. وليس بمستغرب أن يكون هذا شأن هذه العلاقة المذكورة إذ أن قواعد الدين الإسلامي ومرتكزاته التي تنهض عليها أحكامه بشكل عام تنسجم مع هذا التوجه وتجعل منه ترجمة حية لروحه ومعانيه الكلية.وليس بمستغرب أيضًا أن تكون هذه طبيعة التعامل مع غير المسلمين إذا ما نظرنا إلى قيم أخرى من قيم الدين الأصيلة التي تعد مثالاً لرقي المفهوم الإسلامي للعلاقة مع غير المسلمين ولسمو نظرته.
فقيمة العدل مثلاً قيمة مطلقة تتجاوز العدل مع المسلمين إلى العدل مع الكل. ولا تسمح قواعد الدين بأن تتخذ العاطفة الدينية والرغبة في مناصرته والولاء له ذريعة إلى ظلم غير المسلم أو التحامل عليه. يقول الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون}. ومن ثم يصبح واضحًا غاية الوضوح أن التسامح واحسان المعاملة مع غير المسلمين انما هو واحدة من جملة قيم راسخة وأصيلة وجزء من منظومة كاملة تشكل روح الدين الإسلامي.
ولا يظنن ظان أن النصوص والأحكام الشرعية التي تحث على مدافعة غير المسلمين ومقاتلتهم والإغلاظ عليهم تناقض معاني التسامح وإحسان التعامل معهم: ذلك أن هذه النصوص والأحكام إنما أمرت بإحسان معاملتهم إلا أن تعدوا وتجاوزوا وبادروا بالعداوة والبغضاء والتعدي، فحينئذ تكون المدافعة والإغلاظ والقتال حتى لا يتحول التسامح إلى تفريط والإحسان إلى تهاون وانظر - حفظك الله- إلى قوله تعالى: { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}. وقيمة التسامح والإحسان في دين الإسلام تبدو أكثر وضوحًا إذا ما نظرنا على أنها إنما تتجاوز في الواقع هذا المنطق العقلي العادل الذي ذكرناه إلى منطق روحاني إنساني أكثر سموًا ورفعةً. وذلك أن جملة نصوص شرعية توالت وتتابعت في التأكيد على منـزلة الصفح والعفو والغض عن جهالة الجاهلين وتطاولهم: { فاصفح الصفح الجميل} { ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور} { والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}. وقد روي أن بعض اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ومعه عائشة رضي الله عنها فقالوا السام عليكم. فقالت السيدة عائشة لهم عليكم السام ولعنكم الله وغضبت الله عليكم. فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش. قالت أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: أو لم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم فيَّ.
هذه إذن قيم هذا الدين ومبادئه الراسخة، وحين يتحلى المسلم بها تزدان صورته وتغدو الصورة الأكثر إشراقًا وإضاءة لأن نفسه حينئذ تكون النفس العامرة بروح الدين ومعانيه وأنواره.
|
| |