05-08-2006, 04:31 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Jan 2006 | العضوية: | 10 | المشاركات: | 1,409 [+] | بمعدل : | 0.21 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
الحكواتي سـُحقا ً لحذائي !! سـُـحـْـقـا ً لحذائي
بقلم: حنان مطير
كنتُ طفلة ً لم تتجاوز الخامسة ، أقطن في بيت صغيرٍ تحف ّ الخضرة ُ غالب نواحيه.. طفلة ٌ ما انفكّت عيناها تـُتابعان شجرة التوت من بـُعـْـدٍ قريب .. لتدخل إلى عالم خيالي آخر بعد ثوان ٍ من نظرة ..
لم تكن تبعد عن ناظري أكثر من خمسين متراً ، لكنها بعدت عن يداي وقدماي آلاف الأمتار فقد حُظـِر عليّ الاقتراب منها وتسلقها وكأن ألغاماً ستفتتني بمجرّد وصولِها ، لم أكن أعرف السرّ في منعي ، ولم يكن عقلي آنذاك متفتحاً بالقدر الذي يدفعني لمناقشة ِ والداي َ عن السبب ، إلى أن حان الوقت وعرفت ..
إنه "البريستيج" !!
كنت أنظر لشجرة التوت حولها الأطفالُ متراكضين وفوقها متسلقين وكأنها الجنة ُ في الأرض ِ ، يمنعني دخلوها "بريستيج" والداي !!
لم أشعر بشعور الغيرة ِ تختلطها الحسرة ُ في مواقف أكثرَ من تلك التي كنت أرى فيها الأطفال فوق شجرة التوت وحولها .
لقد كان الأطفالُ حـُـفاة ً يركضون صارخين ضاحكين متنادين ناظرين إلي ّ عن بُعدٍ نظرة ً ما كنت لأفهم معناها ولازلت..
لعلـّها الشفقة ُ لحالي الناظرة إليهم دون قدرة ٍ على الاقتراب ، ولربما كانوا ينظرون إليّ متمنين مشاركتهم بتسلق شجرة التوت، وقد يكونوا حاقدين لأسباب ٍ لم أكن أعيها وقتئذ!
وقد تكون نظرات هادفة لإغاظتي ، فهم يملكون شجرة توت كبيرة ، أما أنا فلا !!
كانوا يتراكضون ويتسلقون حفاة ً ، لكني لا أذكر أن ّ شوكة ً حادة ً دخلت قدم أحدهم لتجرحه فينزف حتى الموت!!!
ولم تكن ملابسهم منمّقة ولا أيديهم نظيفة ، لكني لا أذكر أيضا ً أن ّ أحدهم أصيبَ متلوِثاً بفايروس "الأيدي الوَسـِخة " !!!!
كانوا يتقاذفون حبات التوت صِبية ً وفتيات صغار، وبكل حبة ٍ تـُـقـذف كانت تصيب ُ عقلي قائلة ً : " سـُـحقا ً لحذائـِـك .. سـُحقا ً لنظافة ملبسِك ِ ويديك ِ .. سحقا ً لبريستيج والديك الذي يمنعك ِ من الاختلاط بالأطفال الحفاة الغير مهندمين .. الذي يمنعكِ من تحقيق رغبة ٍ بريئة !! ".
كنت أقنع نفسي وأواسيها ببراءة الطفولة ، أني سأرى ذاتي تتسلق شجرة التوت في نومي تلك الليلة .. وتمر ّ ليلة ٌ تلو الليلة دونما رؤية !
ليتني لم أسمع كلمات والداي َ وقت إذ كان " البريستيج " والوسواس الأبوي ّ الحريص يقيدهما ويمنعهما من أن يتركاني وحريتي .. يتركاني وطفولتي .. وعالمي .. وخيالي ..
......
أصبحت ُ شابة .. ولا زالت شجرة التوت تلاحقني ..
لكن ماذا بعد .......
انتقلنا ......
وضــاع البيت ........
ضاعت الخـُُـضرة .....
ضاعت شجرة التوت .......
وضاعت معها نصف أحلامي ؟!!
توقيع : بسمة بني هاشم | لا إله إلا الله محمد رسول الله | |
| |