إن نقل طفل من مدرسة إلى أخرى قد يسبب مشكلة لأسرته كلها. فكما يعلم كل الآباء أن تعود الطفل على مدرسته الأولى ليس أمراً سهلاً، والدليل على ذلك دموعه الغزيرة فى أول يوم له فى المدرسة! فما بالك لو أخبرت طفلك أنه سيترك مدرسته التى تعود عليها وسينتقل إلى مدرسة أخرى، فى هذه الحالة غالباً ما ستواجهين نوبات غضب شديدة ومجادلات. اقرئى لتعرفى كيف يمكن أن تجعلى هذه الخطوة الانتقالية أسهل.
بغض النظر عن صعوبة أو عدم صعوبة الأمر، أحياناً يكون من الضرورى نقل الطفل من مدرسته إلى مدرسة أخرى. كثير من الآباء يصابون بخيبة أمل من مستوى مدرسة طفلهم التى ظنوا أنها مدرسة جيدة ويقررون البحث عن مدرسة أخرى يعتقدون أن مستواها أفضل. آخرون قد يجدون أنفسهم مضطرين للانتقال من حى إلى حى آخر بعيد، أو من مدينة إلى أخرى، أو حتى من بلد إلى آخر ولا يكون أمامهم خيار سوى نقل أطفالهم إلى مدرسة جديدة. إذا اضطرتك الظروف لمواجهة هذا التحدى، يجب أن تضعى بعض الأشياء فى الاعتبار:
افهمى وجهة نظر طفلك
رغم رؤيتك الواضحة لضرورة أو أهمية نقل طفلك من مدرسة إلى أخرى، إلا أن طفلك قد لا يستطيع رؤية الأمر بنفس الوضوح. بالنسبة للطفل، فهو يشعر بالراحة فى مدرسته القديمة المليئة بأصدقائه والوجوه المألوفة له، وربما كان يتطلع طفلك إلى القيام برحلة معينة خاصة بمرحلة أعلى وكان يتلهف للوصول لهذه المرحلة لكى يقوم بهذه الرحلة أو ربما كان يتطلع للاشتراك فى نشاط خاص بالأطفال الأكبر سناً، فإذا قلت لطفلك فجأة أن عليه أن يترك مدرسته ويلتحق بمدرسة أخرى، سيحزن حزناً شديداً. لا يعنى هذا أن تعدلى عن قرارك، ولكن المهم ألا تستهينى بمشاعره تجاه هذا الموقف المحزن له.
حاولى إشراك طفلك فى خطوات التغيير واسمحى له بالاختيار فى بعض الأمور. قد لا يكون من العملى ترك مسألة اختيار المدرسة الجديدة للطفل، إلا أنه يمكن تخييره فى كثير من الأمور الأخرى. على سبيل المثال، إذا كانت المدرسة توفر أنشطة ما بعد اليوم الدراسى، يمكنك مساعدته فى اختيار نشاطين أو ثلاثة توافقان عليهم أنتما الاثنان ثم اتركى له حرية اختيار النشاط الذى يرغب فى الاشتراك به. أيضاً اتركيه يختار حقيبته المدرسية وحذاءه. من المهم أن تظهرى لطفلك الأشياء التى يمكن أن يختار من بينها ثم اتركى له حرية الاختيار لكى يشعر أنه هو صاحب الاختيار.
إذا اضطر طفلك إلى الانتقال إلى مدرسة مستواها أقل نظراً لتغير فى ظروفكم المادية، حاولى التحدث معه فى الأمر وحاولى إيجاد طريقة تعوضيه بها. ربما تشركيه فى رياضة جديدة، أو تلتزمى بالقيام معه بنشاط معين كل أسبوع. إذا كان الانتقال نتيجة حدوث انفصال بين الأبوين أو بسبب وفاة أحد الوالدين، فى هذه الحالة يجب مراعاة مشاعر الطفل بشكل أكبر، فالأطفال الذين يمرون بمثل هذه التجارب يحتاجون لمساندة أكبر من الأشخاص المحيطين بهم.
أياً كان الأمر، لا تتوقعى أن يتقبل طفلك نقله من مدرسته دون مناقشة. عندما تقررين بشكل نهائى نقل طفلك، أعطى له فكرة مسبقة ومهدى له الأمر ولا تنتظرى تفجير الموضوع فى آخر لحظة.
فكرى فى الأمر جيداً
إذا اخترت أو اضطررت لنقل طفلك من مدرسة إلى أخرى، تأكدى من أن الإيجابيات تفوق السلبيات. لا يجب الاستهانة بمسألة النقل. إذا كنت ستنقلين طفلك من مدرسة إلى أخرى فى نفس المدينة، حاولى أخذ طفلك معك لجولة تفصيلية لزيارة بعض المدارس – المناسبة لإمكانياتكم المادية – وتعرفى على عيوب ومزايا كل مدرسة مع مقارنة كل واحدة بالمدرسة التى يذهب إليها طفلك. إذا كان طفلك صغيراً، يمكنك تشجيعه على التعبير عن رأيه شفهياً، أما إذا كان طفلك أكبر سناً، فيمكنك تشجيعه على عمل قائمة بما يراه من عيوب أو مميزات فى كل مدرسة.
سهلى على طفلك عملية الانتقال
بمجرد أن تقررى نقل طفلك لمدرسة جديدة، اعرفى إن كان من الممكن إشراكه فى البرنامج الصيفى الخاص بها. كثير من المدارس تستقبل تلاميذ من مدارس أخرى خلال الصيف فلن يكون طفلك هو التلميذ الجديد الوحيد. سيعطيه ذلك فرصة التعرف على مدرسته الجديدة، ولذا لن يكون يومه الدراسى الأول فى المدرسة الجديدة بنفس الصعوبة كما لو كان يرى المدرسة لأول مرة. إذا كان طفلك محظوظاً، قد يستطيع تكوين صداقة جديدة خلال البرنامج الصيفى مع تلميذ آخر سيستمر فى نفس المدرسة.
حاولى قدر استطاعتك معرفة مدرسى طفلك قبل بداية العام الدراسى أو على أقصى تقدير فى أول يوم دراسى. بعد ذلك حاولى معرفة تفاصيل عنهم من طفلك وتحدثى عنهم مع طفلك مع ذكر أسمائهم حتى يألفهم طفلك سريعاً.
عندما تبدأ المدرسة، شاركى طفلك فى اهتماماته المدرسية قدر المستطاع. حاولى حضور المناسبات المدرسية وحاولى التعرف أكثر على زملائه وشجعيه على أخذ أرقام تليفوناتهم والاتصال بهم فى الأجازة الأسبوعية. دعوة طفلك لبعض زملائه فى البيت أو لقاؤه معهم فى النادى قد يساعده على التأقلم بشكل أسهل وأسرع.
إذا كانت المدرسة الجديدة بها أنشطة ما بعد اليوم الدراسى، شجعى طفلك على الاشتراك فى بعضها. إذا كان طفلك يشعر بخجل من اتخاذ هذه الخطوة، اتصلى أنت بالمدرسة لمعرفة التفاصيل، ولكن لا ترغميه على الاشتراك إذا لم يرغب فى ذلك.
شجعى طفلك على الاتصال بأصدقائه القدامى، خاصةً إلى أن يتأقلم مع أصدقائه الجدد. الاتصال بأصدقائه القدامى عن طريق التليفون أو البريد الإلكترونى ولقاؤه بهم فى النادى سيساعده على عدم الشعور بفقدان هؤلاء الأصدقاء. تروى إحدى الأمهات عن تجربة نقل أطفالها الثلاثة من مدرسة إلى أخرى نتيجة انتقالهم من مدينة إلى أخرى فتقول: "قمنا بعمل اتصالات تليفونية لبضع ساعات كل يوم بكل أصدقاء أطفالى والأشخاص الذين كانوا يحبونهم فى المدينة التى كنا نعيش بها – وبالطبع قد كلفنا ذلك دفع فاتورة تليفونات مرتفعة! كما قمنا بتحميل برنامج Yahoo الخاص بالمحادثات عبر الإنترنت وقمنا بتركيب كاميرا خاصة بالكمبيوتر لكى نستطيع محادثة ورؤية الأصدقاء عن طريق الكمبيوتر." رغم أن المداومة على الاتصال بالأصدقاء القدامى يساعد الأطفال على عدم الشعور بأنهم قد فقدوا شيئاً ثميناً، إلا أنك يجب أن تشجيعهم أيضاً على عمل صداقات جديدة.
توقعى حدوث بعض التغيير فى سلوكيات طفلك. إن محاولة الطفل التأقلم مع البيئة الجديدة التى وضع فيها أمر هام بالنسبة له وقد يحاول التأقلم بطريقة قد تجدينها غريبة. تقول إحدى الأمهات: "أطال ابنى الأكبر شعره وبدأ يسهر مع زملائه بعض الشئ خلال الأجازات الأسبوعية."
أحياناً يجد الأطفال بعض الصعوبة الدراسية خلال أول شهرين فى الدراسة فى المدرسة الجديدة ويجب أن تتقبلى ذلك لأنه أمر طبيعى. غالباً ما سيكون أسلوب المدرسة الجديدة مختلفاً فيما يتعلق بالواجبات المدرسية والامتحانات، وغالباً ما ستكون الكتب مختلفة وقد تكون هناك مواد دراسية جديدة أيضاً وبالتالى غالباً ما سيجد التلاميذ الجدد صعوبة فى التأقلم. إذا احتاج طفلك لمساعدة دراسية، قومى بمساعدته أو يمكنك الاستعانة بمدرس. كونى على اتصال بمدرسيه قبل فوات الأوان لكى تعرفى مستواه ولكى تحددى المواد التى يحتاج فيها مساعدة.
تحدثى مع طفلك
احرصى على التواصل الدائم مع طفلك. أحياناً قد لا يعرف طفلك كيف يعبر عما يضايقه فى المدرسة الجديدة. إذا تكررت شكوى طفلك من آلام فى بطنه أو صداع على سبيل المثال، قد يكون ذلك ناتجاً عن ضغط نفسى. عنف الطفل أو سرعة بكائه هى تغيرات فى الشخصية قد تحدث للطفل عندما يتعرض لضغط نفسى. فى أغلب الحالات، يمكنك التعامل مع هذه الأعراض بشكل غير مباشر عن طريق إيجاد طرق لمساعدة الطفل على التعبير عما يضايقه من الوضع الجديد. توجيه الأسئلة لطفلك بخصوص ما يضايقه أو التحدث معه عن تجارب لك مشابهة قد يساعده على الخروج من هذه الحالة. حاولى تخصيص بعض الوقت كل يوم – على سبيل المثال بعد عودة طفلك من المدرسة أو قبل النوم – للتحدث مع طفلك عن يومه الدراسى. يمكنك البحث عن كتب تحكى قصص لأطفال يمرون بتجارب مشابهة أو حتى يمكنك تأليف حدوتة أو اثنتين عن تجارب مشابهة.
لا تيأسى
حتى إذا بدا أن طفلك قد تأقلم تماماً مع الوضع الجديد، غالباً ما سيسترجع من وقت لآخر ذكرياته عن مدرسته القديمة وربما يلومك على نقله منها. تقول إحدى الأمهات: "لقد مرت أربع سنوات على انتقال طفلى إلى مدرسته الجديدة ومن الواضح أنها أفضل من مدرسته القديمة، ولكن لازال طفلى من وقت لآخر يتذكر مدرسته القديمة ويذكر أنها كانت مدرسة عظيمة." حاولى مساعدة طفلك على إدراك مزايا وإيجابيات مدرسته الجديدة