01-03-2008, 05:03 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | البيانات | التسجيل: | Oct 2006 | العضوية: | 397 | المشاركات: | 1,531 [+] | بمعدل : | 0.23 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
الإسلامي العام الرؤيا في القرأن الكريم 2
رؤيا ابراهيم الأمر بذبح ابنه اسماعيل عليهما السلام
قال عز وجل في سورة الصافات :
" وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيم (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)"
تفسير ابن كثير
وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ خَلِيله إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنَّهُ بَعْدَمَا نَصَرَهُ اللَّه تَعَالَى عَلَى قَوْمه وَأَيِسَ مِنْ إِيمَانهمْ بَعْدَمَا شَاهَدُوا مِنْ الْآيَات الْعَظِيمَة هَاجَرَ مِنْ بَيْن أَظْهُرِهِمْ وَقَالَ " إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ " يَعْنِي أَوْلَادًا مُطِيعِينَ يَكُونُونَ عِوَضًا مِنْ قَوْمه وَعَشِيرَته الَّذِينَ فَارَقَهُمْ .
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ خَلِيله إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنَّهُ بَعْدَمَا نَصَرَهُ اللَّه تَعَالَى عَلَى قَوْمه وَأَيِسَ مِنْ إِيمَانهمْ بَعْدَمَا شَاهَدُوا مِنْ الْآيَات الْعَظِيمَة هَاجَرَ مِنْ بَيْن أَظْهُرِهِمْ وَقَالَ " إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ " يَعْنِي أَوْلَادًا مُطِيعِينَ يَكُونُونَ عِوَضًا مِنْ قَوْمه وَعَشِيرَته الَّذِينَ فَارَقَهُمْ .
فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ
وَهَذَا الْغُلَام هُوَ إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهُ أَوَّل وَلَد بُشِّرَ بِهِ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ أَكْبَر مِنْ إِسْحَاق بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْل الْكِتَاب بَلْ فِي نَصّ كِتَابهمْ أَنَّ إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام وُلِدَ وَلِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام سِتٌّ وَثَمَانُونَ سَنَةً وَوُلِدَ إِسْحَاق وَعُمْر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام تِسْع وَتِسْعُونَ سَنَةً وَعِنْدهمْ أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمَرَ إِبْرَاهِيم أَنْ يَذْبَحَ اِبْنه وَحِيده وَفِي نُسْخَة أُخْرَى بَكْرَهُ فَأَقْحَمُوا هَهُنَا كَذِبًا وَبُهْتَانًا إِسْحَاق وَلَا يَجُوز هَذَا لِأَنَّهُ مُخَالِف لِنَصِّ كِتَابهمْ وَإِنَّمَا أَقْحَمُوا إِسْحَاق لِأَنَّهُ أَبُوهُمْ وَإِسْمَاعِيل أَبُو الْعَرَب فَحَسَدُوهُمْ فَزَادُوا ذَلِكَ وَحَرَّفُوا وَحِيدك بِمَعْنَى الَّذِي لَيْسَ عِنْدك غَيْره فَإِنَّ إِسْمَاعِيل كَانَ ذَهَبَ بِهِ وَبِأُمِّهِ إِلَى مَكَّة وَهُوَ تَأْوِيل وَتَحْرِيف بَاطِل فَإِنَّهُ لَا يُقَال وَحِيدك إِلَّا لِمَنْ لَيْسَ لَهُ غَيْره وَأَيْضًا فَإِنَّ أَوَّل وُلِدَ لَهُ مَعَزَّةٌ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَوْلَاد فَالْأَمْر بِذَبْحِهِ أَبْلَغُ فِي الِابْتِلَاء وَالِاخْتِبَار وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم إِلَى أَنَّ الذَّبِيح هُوَ إِسْحَاق وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ طَائِفَة مِنْ السَّلَف حَتَّى نُقِلَ عَنْ بَعْض الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَيْضًا وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي كِتَاب وَلَا سُنَّة وَمَا أَظُنّ ذَلِكَ تُلُقِّيَ إِلَّا عَنْ أَحْبَار أَهْل الْكِتَاب وَأُخِذَ ذَلِكَ مُسَلَّمًا مِنْ غَيْر حُجَّة وَهَذَا كِتَاب اللَّه شَاهِد وَمُرْشِد إِلَى أَنَّهُ إِسْمَاعِيل فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْبِشَارَة بِغُلَامٍ حَلِيم وَذَكَرَ أَنَّهُ الذَّبِيح ثُمَّ قَالَ بَعْد ذَلِكَ " وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ " وَلَمَّا بَشَّرَتْ الْمَلَائِكَة إِبْرَاهِيم بِإِسْحَاقَ قَالُوا " إِنَّا نُبَشِّرك بِغُلَامٍ عَلِيم " . وَقَالَ تَعَالَى " فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب " أَيْ يُولَد لَهُ فِي حَيَاتهمَا وَلَد يُسَمَّى يَعْقُوب فَيَكُون مِنْ ذُرِّيَّته عَقِب وَنَسْل وَقَدْ قَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ لَا يَجُوز بَعْد هَذَا أَنْ يُؤْمَر بِذَبْحِهِ وَهُوَ صَغِير لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ وَعَدَهُمَا بِأَنَّهُ سَيُعْقِبُ وَيَكُون لَهُ نَسْل فَكَيْفَ يُمْكِن بَعْد هَذَا أَنْ يُؤْمَر بِذَبْحِهِ صَغِيرًا وَإِسْمَاعِيل وُصِفَ هَهُنَا بِالْحَلِيمِ لِأَنَّهُ مُنَاسِب لِهَذَا الْمَقَام .
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ من الصابرين
وَقَوْله تَعَالَى " فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْي " أَيْ كَبِرَ وَتَرَعْرَعَ وَصَارَ يَذْهَب مَعَ أَبِيهِ وَيَمْشِي مَعَهُ وَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَذْهَب فِي كُلّ وَقْت يَتَفَقَّد وَلَده وَأُمّ وَلَده بِبِلَادِ فَارَان وَيَنْظُر فِي أَمْرِهِمَا وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْكَب عَلَى الْبُرَاق سَرِيعًا إِلَى هُنَاكَ وَاَللَّه أَعْلَم وَعَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَزَيْد بْن أَسْلَم وَغَيْرهمْ " فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْي " بِمَعْنَى شَبَّ وَارْتَحَلَ وَأَطَاقَ مَا يَفْعَلهُ أَبُوهُ مِنْ السَّعْي وَالْعَمَل " فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْي قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَام أَنِّي أَذْبَحك فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى " قَالَ عُبَيْد بْن عُمَيْر رُؤْيَا الْأَنْبِيَاء وَحْيٌ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة " قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَام أَنِّي أَذْبَحك فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى " وَقَدْ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الْمَلِك الكرندي حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَنْ إِسْرَائِيل بْن يُونُس عَنْ سِمَاك عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رُؤْيَا الْأَنْبِيَاء فِي الْمَنَام وَحْي " لَيْسَ هُوَ فِي شَيْء مِنْ الْكُتُب السِّتَّة مِنْ هَذَا الْوَجْه وَإِنَّمَا أَعْلَمَ اِبْنه بِذَلِكَ لِيَكُونَ أَهْوَن عَلَيْهِ وَلِيَخْتَبِرَ صَبْره وَجَلَده وَعَزْمَهُ فِي صِغَره عَلَى طَاعَة اللَّه تَعَالَى وَطَاعَة أَبِيهِ " قَالَ يَا أَبَتِ اِفْعَلْ مَا تُؤْمَر " أَيْ اِمْضِ لِمَا أَمَرَك اللَّه مِنْ ذَبْحِي " سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّه مِنْ الصَّابِرِينَ " أَيْ سَأَصْبِرُ وَأَحْتَسِب ذَلِكَ عِنْد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَصَدَقَ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ فِيمَا وَعَدَ وَلِهَذَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَاب إِسْمَاعِيل إِنَّهُ كَانَ صَادِق الْوَعْد وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَكَانَ يَأْمُر أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَكَانَ عِنْد رَبّه مَرْضِيًّا" .
فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ
أَيْ فَلَمَّا تَشَهَّدَا وَذَكَرَا اللَّه تَعَالَى إِبْرَاهِيم عَلَى الذَّبْح وَالْوَلَد شَهَادَة الْمَوْت وَقِيلَ أَسْلَمَا يَعْنِي اِسْتَسْلَمَا وَانْقَادَا إِبْرَاهِيم اِمْتَثَلَ أَمْرَ اللَّه تَعَالَى لِإِسْمَاعِيلَ طَاعَةً لِلَّهِ وَلِأَبِيهِ قَالَ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَابْن إِسْحَاق وَغَيْرهمْ وَمَعْنَى تَلَّهُ لِلْجَبِينِ أَيْ صَرَعَهُ عَلَى وَجْهه لِيَذْبَحهُ مِنْ قَفَاهُ وَلَا يُشَاهِد وَجْهه عِنْد ذَبْحه لِيَكُونَ أَهْوَن عَلَيْهِ قَالَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة " وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ " أَكَبَّهُ عَلَى وَجْهه وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا شُرَيْح وَيُونُس قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ أَبِي عَاصِم الْغَنَوِيّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْل عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَمَّا أُمِرَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِالْمَنَاسِكِ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَان عِنْد السَّعْي فَسَابَقَهُ فَسَبَقَهُ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِلَى جَمْرَة الْعَقَبَة فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَان فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَات حَتَّى ذَهَبَ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْد الْجَمْرَة الْوُسْطَى فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَات وَثَمَّ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَعَلَى إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَمِيص أَبْيَض فَقَالَ لَهُ يَا أَبَتِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي ثَوْب تُكَفِّنُنِي فِيهِ غَيْره فَاخْلَعْهُ حَتَّى تُكَفِّنَنِي فِيهِ فَعَالَجَهُ لِيَخْلَعَهُ فَنُودِيَ مِنْ خَلْفه " أَنْ يَا إِبْرَاهِيم قَدْ صَدَّقْت الرُّؤْيَا " فَالْتَفَتَ إِبْرَاهِيم فَإِذَا بِكَبْشٍ أَبْيَض أَقْرَن أَعْيَن قَالَ اِبْن عَبَّاس لَقَدْ رَأَيْتنَا نَتَتَبَّع ذَلِكَ الضَّرْب مِنْ الْكِبَاش وَذَكَرَ هِشَام الْحَدِيث فِي الْمَنَاسِك بِطُولِهِ ثُمَّ رَوَاهُ أَحْمَد بِطُولِهِ عَنْ يُونُس عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فَذَكَرَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ إِسْحَاق فَعَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فِي تَسْمِيَة الذَّبِيح رِوَايَتَانِ وَالْأَظْهَر عَنْهُ إِسْمَاعِيل لِمَا سَيَأْتِي بَيَانه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ الْحَسَن بْن دِينَار عَنْ قَتَادَة عَنْ جَعْفَر بْن إِيَاس عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فِي قَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيم " قَالَ خَرَجَ عَلَيْهِ كَبْش مِنْ الْجَنَّة قَدْ رَعَى قَبْل ذَلِكَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا فَأَرْسَلَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام اِبْنه وَاتَّبَعَ الْكَبْش فَأَخْرَجَهُ إِلَى الْجَمْرَة الْأُولَى فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَات ثُمَّ أَفْلَتَهُ عِنْدهَا فَجَاءَ إِلَى الْجَمْرَة الْوُسْطَى فَأَخْرَجَهُ عِنْدهَا فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَات ثُمَّ أَفْلَتَهُ فَأَدْرَكَهُ عِنْد الْجَمْرَة الْكُبْرَى فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَات فَأَخْرَجَهُ عِنْدهَا ثُمَّ أَخَذَهُ فَأَتَى بِهِ الْمَنْحَر مِنْ مِنًى فَذَبَحَهُ فَوَاَلَّذِي نَفْس اِبْن عَبَّاس بِيَدِهِ لَقَدْ كَانَ أَوَّل الْإِسْلَام وَإِنَّ رَأْس الْكَبْش لَمُعَلَّق بِقَرْنَيْهِ فِي مِيزَاب الْكَعْبَة حَتَّى وَحِشَ يَعْنِي يَبِسَ . وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْبَرَنَا الْقَاسِم قَالَ اِجْتَمَعَ أَبُو هُرَيْرَة وَكَعْب فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يُحَدِّث عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ كَعْب يُحَدِّث عَنْ الْكُتُب فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ لِكُلِّ نَبِيّ دَعْوَة مُسْتَجَابَة وَإِنِّي قَدْ خَبَّأْت دَعْوَتِي شَفَاعَة لِأُمَّتِي يَوْم الْقِيَامَة " فَقَالَ لَهُ كَعْب أَنْتَ سَمِعْت هَذَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ فِدَاك أَبِي وَأُمِّي - أَوْ فِدَاهُ أَبِي وَأُمِّي - أَفَلَا أُخْبِرُك عَنْ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ؟ إِنَّهُ لَمَّا أُرِيَ ذَبْحَ اِبْنه إِسْحَاق قَالَ الشَّيْطَان إِنْ لَمْ أَفْتِن هَؤُلَاءِ عِنْد هَذِهِ لَمْ أَفْتِنْهُمْ أَبَدًا فَخَرَجَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِابْنِهِ لِيَذْبَحهُ فَذَهَبَ الشَّيْطَان فَدَخَلَ عَلَى سَارَة فَقَالَ أَيْنَ ذَهَبَ إِبْرَاهِيم بِابْنِك ؟ قَالَتْ غَدَا بِهِ لِبَعْضِ حَاجَته قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغْدُ بِهِ لِحَاجَةٍ إِنَّمَا ذَهَبَ بِهِ لِيَذْبَحهُ قَالَتْ وَلِمَ يَذْبَحهُ ؟ قَالَ زَعَمَ أَنَّ رَبّه أَمَرَهُ بِذَلِكَ قَالَتْ فَقَدْ أَحْسَنَ أَنْ يُطِيع رَبّه فَذَهَبَ الشَّيْطَان فِي أَثَرهمَا فَقَالَ لِلْغُلَامِ أَيْنَ يَذْهَب بِك أَبُوك ؟ قَالَ لِبَعْضِ حَاجَته قَالَ فَإِنَّهُ لَا يَذْهَب بِك لِحَاجَةٍ وَلَكِنَّهُ يَذْهَب بِك لِيَذْبَحك قَالَ وَلِمَ يَذْبَحُنِي ؟ قَالَ يَزْعُم أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ قَالَ فَوَاَللَّهِ لَئِنْ كَانَ اللَّه تَعَالَى أَمَرَهُ بِذَلِكَ لَيَفْعَلَنَّ قَالَ فَيَئِسَ مِنْهُ فَتَرَكَهُ وَلَحِقَ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَقَالَ أَيْنَ غَدَوْت بِابْنِك ؟ قَالَ لِحَاجَةٍ قَالَ فَإِنَّك لَمْ تَغْدُ بِهِ لِحَاجَةٍ وَإِنَّمَا غَدَوْت لِتَذْبَحهُ قَالَ وَلِمَ أَذْبَحهُ ؟ قَالَ تَزْعُم أَنَّ رَبّك أَمَرَك بِذَلِكَ قَالَ فَوَاَللَّهِ لَئِنْ كَانَ اللَّه تَعَالَى أَمَرَنِي بِذَلِكَ لَأَفْعَلَنَّ قَالَ فَتَرَكَهُ وَيَئِسَ أَنْ يُطَاع وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ يُونُس عَنْ اِبْن وَهْب عَنْ يُونُس بْن يَزِيد عَنْ اِبْن شِهَاب قَالَ إِنَّ عَمْرو بْن أَبِي سُفْيَان بْن أَسِيد بْن جَارِيَة الثَّقَفِيّ أَخْبَرَهُ أَنَّ كَعْبًا قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَة فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ وَقَالَ فِي آخِره وَأَوْحَى اللَّه تَعَالَى إِلَى إِسْحَاق أَنِّي أَعْطَيْتُك دَعْوَة أَسْتَجِيب لَك فِيهَا قَالَ إِسْحَاق اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوك أَنْ تَسْتَجِيب لِي أَيّمَا عَبْد لَقِيَك مِنْ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ لَا يُشْرِك بِك شَيْئًا فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّة . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْوَزِير الدِّمَشْقِيّ حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاء بْن يَسَار عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَيَّرَنِي بَيْن أَنْ يَغْفِر لِنِصْفِ أُمَّتِي وَبَيْن أَنْ يُجِيب شَفَاعَتِي فَاخْتَرْت شَفَاعَتِي وَرَجَوْت أَنْ تُكَفِّر الْجَمّ لِأُمَّتِي وَلَوْلَا الَّذِي سَبَقَنِي إِلَيْهِ الْعَبْد الصَّالِح لَتَعَجَّلْت فِيهَا دَعْوَتِي إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمَّا فَرَّجَ عَنْ إِسْحَاق كَرْب الذَّبْح قِيلَ لَهُ يَا إِسْحَاق سَلْ تُعْطَ فَقَالَ أَمَا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَتَعَجَّلَنَّهَا قَبْل نَزَغَات الشَّيْطَان اللَّهُمَّ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِك بِك شَيْئًا فَاغْفِرْ لَهُ وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّة " هَذَا حَدِيث غَرِيب مُنْكَر وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم ضَعِيف الْحَدِيث وَأَخْشَى أَنْ يَكُون فِي الْحَدِيث زِيَادَة مُدْرَجَة وَهِيَ قَوْله إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمَّا فَرَّجَ عَنْ إِسْحَاق إِلَى آخِره وَاَللَّه أَعْلَم فَهَذَا إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَالْأَشْبَه أَنَّ السِّيَاق إِنَّمَا هُوَ عَنْ إِسْمَاعِيل وَإِنَّمَا حَرَّفُوهُ بِإِسْحَاقَ حَسَدًا مِنْهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا فَالْمَنَاسِك وَالذَّبَائِح إِنَّمَا مَحِلّهَا بِمِنًى مِنْ أَرْض مَكَّة حَيْثُ كَانَ إِسْمَاعِيل لَا إِسْحَاق فَإِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ بِبِلَادِ كَنْعَان مِنْ أَرْض الشَّام .
وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا ابراهيم
وَقَوْله تَعَالَى " وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيم قَدْ صَدَّقْت الرُّؤْيَا " أَيْ قَدْ حَصَلَ الْمَقْصُود مِنْ رُؤْيَاك بِإِضْجَاعِك وَلَدك لِلذَّبْحِ وَذَكَرَ السُّدِّيّ وَغَيْره أَنَّهُ أَمَرَّ السِّكِّين عَلَى رَقَبَته فَلَمْ تَقْطَع شَيْئًا بَلْ حَالَ بَيْنهَا وَبَيْنه صَفْحَة مِنْ نُحَاس وَنُودِيَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عِنْد ذَلِكَ " قَدْ صَدَّقْت الرُّؤْيَا " .
قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
وَقَوْله تَعَالَى " إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ " أَيْ هَكَذَا نَصْرِف عَمَّنْ أَطَاعَنَا الْمَكَارِه وَالشَّدَائِد وَنَجْعَل لَهُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّه يَجْعَل لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب وَمَنْ يَتَوَكَّل عَلَى اللَّه فَهُوَ حَسْبه إِنَّ اللَّه بَالِغ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّه لِكُلِّ شَيْء قَدْرًا " وَقَدْ اِسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَة وَالْقِصَّة جَمَاعَة مِنْ عُلَمَاء الْأُصُول عَلَى صِحَّة النَّسْخ قَبْل التَّمَكُّن مِنْ الْفِعْل خِلَافًا لِطَائِفَةٍ مِنْ الْمُعْتَزِلَة وَالدَّلَالَة مِنْ هَذِهِ ظَاهِرَة لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى شَرَعَ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ذَبْح وَلَده ثُمَّ نَسَخَهُ عَنْهُ وَصَرَفَهُ إِلَى الْفِدَاء وَإِنَّمَا كَانَ الْمَقْصُود مِنْ شَرْعِهِ أَوَّلًا إِثَابَة الْخَلِيل عَلَى الصَّبْر عَلَى ذَبْح وَلَده وَعَزْمه عَلَى ذَلِكَ .
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِين " أَيْ الِاخْتِبَار الْوَاضِح الْجَلِيّ حَيْثُ أُمِرَ بِذَبْحِ وَلَده فَسَارَعَ إِلَى ذَلِكَ مُسْتَسْلِمًا لِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى مُنْقَادًا لِطَاعَتِهِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وَفَّى " .
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِين " أَيْ الِاخْتِبَار الْوَاضِح الْجَلِيّ حَيْثُ أُمِرَ بِذَبْحِ وَلَده فَسَارَعَ إِلَى ذَلِكَ مُسْتَسْلِمًا لِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى مُنْقَادًا لِطَاعَتِهِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وَفَّى " .
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ
|
| |