12-20-2007, 03:55 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Dec 2006 | العضوية: | 485 | المشاركات: | 813 [+] | بمعدل : | 0.12 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
الحكواتي جُحَا اختلفت آراءُ أهلِ الأدبِ والكتَابةِ حولَ شخصيّةِ هذا الرّجُلِ وحقيقَتهِ ، منهم مَن يرَى أنّه زعيمُ الحمقَى والمغفّلينَ الذينَ شاعَت حمَاقتُهم وذَاعَت ، حَتّى طافتِ الآفاقَ ، وسَارت بِهَا الرّكبانُ ، ومِنهُم مَن يرَى أنّ جُحَا عبقَريٌّ سَاخِرٌ ، شدِيدُ الذّكاءِ ، لا تَستَعصِي عليهِ الطّرفَةُ ولا يتكَلّفُهَا ، وربّمَا لجأ إلى التّحامق والتغَافلِ لينجُوَ مِن هلكةٍ ، أو يسلَم مِن أذىً ، فغلَبَ ذلكَ عليهِ ، وقالَ بعضُهُم بَل هوَ رجلٌ عاقِلٌ ، كانَ لهُ جيرانٌ يحسِدُونَهُ ويبغضُونَهُ فدسّوا هذه الأخبَار عليهِ ، وظنّ بعضُهم أو زعَمَ أنّ لا حقِيقَة لجُحا ، وأنّه مجرّدُ شخصِيّةٍ حبكَهَا خيَالُ النّاسِ ، واستحدَثتهَا مجَالِسُهم ، فصَاغُوا لَها مِن الموَاقِفِ والطّرائِفِ ما يتضَاحكونَ بهِ ، فاختَارُوا لهَا هذا الاسمَ الغريبَ ، ليكونَ علامةً فارقَةً فِي الحماقةِ والطرافةِ والسّخريَةِ .
ذكرَ الجَاحِظُ في الحيَوانِ أنّ اسمَ جُحَا هوَ دُجينُ بن ثابتٍ ، وكنيتُهُ أبو الغصنِ ، وهوَ مِن فِزارةَ ، ثُمّ قال : وهوَ مِن أحمَقِ النّاس .! ثُمّ ساقَ جُملةً مِن حمَاقاتِهِ .
وكانتْ حمَاقاتُ جحَا وغفلتُهُ مضربَ المثَلِ عندَ العربِ ، حَتّى قيلَ : أحمَقُ مِن جحَا ، وذكرُوا له أخبَاراً متنوّعةً ، تؤكّدُ هذا المثلَ وتحقّقهُ ، ولا بأسَ في نقلِ طرفٍ مِن تلكَ الأخبارِ ، وإن كانَ لا شكّ في اختِلاقِ بعضِهَا على ذلكَ المسكينِ ، وتحميلِ ذمّتهِ أشيَاءَ لَم يقترِفهَا ، وحمَاقاتٍ لَم يتلبّس بِهَا .
مِن ذلكَ أنّ أبَاه قالَ لهُ يوماً : دَع ما أنتَ فيهِ مِن الخلاعةِ والجنُونِ ، وتعالَ أخطِبُ لكَ بنتَ فلانٍ فإنّها ذاتَ ثروَةٍ وشرَفٍ ، فقالَ : نعَم يا أبتَاهُ ، ففرِحَ واشتَدّ فرحُهُ ، ثُمّ لمّا كانَ يومُ الخِطبَةِ المشئُومِ تبخّرَ وتزيّنَ وذهبَ معَ أبيهِ إلى بيتِ خطيبَتِهِ ، فدخَلُوا وقَد تجمّعَ النّاسُ وفِيهم عظمَاءُ وكبراءُ ، فقعدَ جحَا صامتاً لا يتَكلّمُ ، فقالَ لهُ أبوه : تكلّم يا بُنيّ !
فقالَ : الحمدُ للهِ ، أحمدُهُ وأستعينُهُ وأشرِكُ بهِ ، حيّ على الصّلاةِ حيّ على الفلاحِ !
فقالَ أبوهُ مبادِراً : يا بُنيّ ، لا تُقمِ الصّلاةَ ، فإنّي عَلى غيرِ وُضُوءٍ !
ومنهَا أنّهُ قيلَ لهُ : هَل تعرِفُ الحِسابَ ؟ . قالَ نعم . قالوا : فاقسِم أربَعَة درَاهِمَ عَلى ثلاثَةِ . فقَال : للأولِ درهمينِ ، وللثّانِي درهمَينِ ، وليسَ للثالثِ شئٌ . !
وركِبَ يوماً بغلَةً ، فاستَعصَت عليهِ ، وسلكَت به طريقاً غيرَ التي يُريدُ ، فلقيَه رجُلٌ فقالَ : إلى أينَ يا جُحا ؟ . فقَال : فِي حاجةٍ للبَغلَةِ .!
وتبَخّر يوماً فأحرقَ ثيَابهُ ، فقالَ : واللهِ لا أتبَخّرُ بعدَ اليومِ إلا عُريَاناً !
ورُويَ أنّ أبَا مُسلمٍ الخُراسَانيّ قال ليَقطينِ بن مُوسَى : أحبّ أن أرى جحا . فذهبَ إليهِ يقطينُ فدعَاهُ ، وطلبَ مِنهُ أن يتهيّأ لملاقاةِ الأميرِ ، فلمّا كانَ مِنَ الغدِ دخلَ جُحا على أبي مُسلمٍ ، ويقطينُ بجانبهِ جالسٌ ، فقالَ : يا يقطِينُ ، أيّكمَا أبو مسلمٍ ؟ . فضحكَ أبو مسلمٍ حَتّى وضعَ كمّهُ على فمِهِ .!
وقيلَ أنّه دخلَ يوماً عَلى المهدِيّ الخليفة ، فقالَ له المهديّ : كَم عِيالكَ ؟ . قال : ثمانيَةٌ . فأمَر له بثمانيَةِ آلافِ درهَمٍ . فأخذهَا وخرجَ . فلمّا بلغَ البابَ رجعَ فقالَ : يا أميرَ المؤمنينَ ، نسيتُ واحدَاً مِن عيَالي ! قالَ : ومَن هوَ ؟ قالَ : أنَا . فضحكَ الخليفَةُ وزادَهُ .
ومِن أخبَارهِ مع المهديّ أيضاً ، أنهُ أحضرهُ ليمزحَ عليهِ ، فلمّا جاءهُ أمرَ بالسّيفِ والنّطعِ ، فلمّا أقعِدَ أمامَ السيّافِ قالَ لهُ : احذَر أن تُصيبَ محاجِمي ، فإنّي قد احتجمتُ البارحَةَ .
وغيرُ ذلكَ مِنَ الأخبارِ كثيرٌ ، امتلأت بهِ كتبُ الأدبِ ، ومصنّفاتُ النّوادرِ .
ولاَ ريبَ أنّ وجودَ هذَا الرّجلِ حقيقةٌ ، وهوَ إلى الحمقِ والغفلَةِ والجنُونِ أقربُ مِنهُ إلى ما زعمُوهُ مِن الذّكاء والتحامُقِ والسخريَةِ ، ولعلّ تعلّقَ الخلفَاءِ والولاةِ بهِ وبحمقهِ ، وتضاحكُهم عليهِ جعلهُ علماً في رأسهِ نارٌ في هذا البابِ ، فانتشرَت أخبارُهُ وذاعَت نوَادِرهُ .
واللهُ أعلمُ
منقــــــول
توقيع : الشريف العماري | عيوني فدوه لعيالي
سديم واحمد
ربي يحفظكم
-------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
استغفر الله العظيم واتوب اليه | |
| |