09-12-2007, 12:43 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Jan 2006 | العضوية: | 7 | المشاركات: | 1,814 [+] | بمعدل : | 0.26 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
مناسبات دينية هوا تكريم للعقل والإرادة الصوم تربية للعقل وتراحم
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون. وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا لعلهم يرشدون ) (البقرة- 185 186).
وقال رسول الله عن ربه عز وجل: (كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه من أجلي) (رواه البخاري). وقاية وتراحم
إن الصوم وقاية وتراحم، يدفع بالقلب إلى ميدان المحبة، وهو تدريب على الجوع والعطش في مختلف الفصول، حتى إذا انقطع الماء والطعام عن الصائم في يوم من الأيام، صبر على ذلك، وقد حدث أن أرسل رسول الله { سرية "سيف البحر" التي ضمت ثلاثمائة مجاهد، بقيادة أمين الأمة أبي عبيدة عامر بن الجراح }، ولم يعطهم وقتها إلا كيساً من التمر، فلما مشوا، أعطاهم أبو عبيدة تمرة.. تمرة، فما اعترض منهم من أحد، لأنهم تعلموا أنهم إذا خرجوا للجهاد، اشتاقوا إلى كأس الشهادة، لا إلا كأس المُدام، وكان الواحد منهم إذا خرج للجهاد يقول لأهله: (سلي الله لي الشهادة، فتقول: أنالك الله الشهادة)..
وهذا بسمارك الوزير الألماني، يقول: أعطوني عشرة آلاف مسلم، وسأفتح لكم بها العالم، وقد قرأ بسمارك الإسلام، وعلم أن من يعيش في ظله واقعاً وسلوكاً أقوى من الجوع والعطش والتعب. تربية وتكريم
والصوم تربية وتكريم للعقل والإرادة، وإذا صام أحدنا صوماً حقيقياً كان تقياً، وإذا صار تقياً بات تائباً، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا كان لكل شئ زكاة، فزكاة النفس الصيام الذي أكرمنا الله به من أجل أن نتسامى عن الأهواء.
ولقد شُرّف هذا الشهر الكريم بأن وقعت فيه غزوة الفتح، في السنة الثامنة للهجرة، ووقتها انطلقت جحافل المؤمنين من المدينة المنورة، وقد بلغت اثنى عشر ألفاً تسلك سبيل الحق والحرية، وخفق قلب النبي الكريم لرؤية مكة المكرمة، ودخلها راكباً على راحلته في جلال المتواضع بين يدي الله، تظلله رايات الفتح العظيم.. ولما وصل إلى الكعبة المشرفة، استلم الركن وكبّر، فكبّر معه المسلمون حتى ارتجت أرجاء مكة، وبعد أن طاف بالبيت العتيق، نزل عن راحلته، ثم انتهى إلى المقام فصلى فيه ركعتين، ثم دخل الكعبة وصلى في جوفها أيضاً ركعتين، ثم وقف على بابها وقال: "لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".
ولاذ المشركون بالصمت، وتواروا وراء الجدران وهم يسمعون أصوات المعاول تهوي على رؤوس الأصنام، فعلموا أنه نصر الله.
فأنتم الطلقاء
وصعد بلال ظهر الكعبة، ودوى صوته الشجي بكلمة التوحيد: الله أكبر.. لا إله إلا الله.. واجتمعت قريش قرب المسجد الحرام لا تحرك أي ساكن، وراح رجالها ينتظرون كلمة ينطق بها رسول الله، ومرَّ بذاكرتهم شريط لكل ما اقترفوه في حق المسلمين. نظر النبي الكريم وقال في صوت يسمعه الجميع: "ما تظنون أني فاعل بكم"؟. وساد صمت المشركين، ثم قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم. فابتسم النبي { وقال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". وهدأت النفوس، وتفتحت القلوب للإسلام، وأصبح الغالب والمغلوب أخوة في الله.
كم شُرِّف هذا الشهر المبارك بنزول القرآن الكريم الذي يُخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم، فجدير بنا أن نلتزم القرآن منهجاً في حياتنا، ومقوِّماً لسلوكنا، لنكون خير خلف لخير سلف، ونحن نلتمس الرحمة والمغفرة في شهرٍ:
بين الجوانح وفي الأعماق سكناه
فكيف أنسى ومن في الناس ينساه
في كل عامٍ لنا لقيا محببة
يهتز كل كياني حين ألقاه
فالأذن سامعة والعين دامعة
والروح خاشعة والقلب أوَّاهُ
وحري بنا أن نمتنع عن المعاصي والآثام، لنصل إلى ما قد وصل إليه أصحاب رسول الله..
فقد كان حسبهم رضوان الله عليهم أن يسمعوا قول الله عز وجل: (إنما الخمر والميسر والأنصاب الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) (المائدة 90 91). حتى قالوا: قد انتهينا يارب.. قد انتهينا يارب.
وتلكم المرأة المسلمة التي كانت تبدي زينتها، فينزل القرآن الكريم: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) (الأحزاب-59). فلم تحتج نساء المهاجرين والأنصار إلى أكثر من أن تطرق هذه الآية أسماعهن حتى التزمن آداب الإسلام.
وهذا عمر بن الخطاب }، يأتيه ابن حابس ويقول له: إنك لا تحكم بالعدل!. فغضب عمر، فقال له أحد أصحابه: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) (الأعراف- 199).
فما تخطاه عمر حين سمع الآية.
وهذا عثمان بن عفان ، رأى نفسه هائماً في رحال الله عز وجل، فما كان منه إلا أن صلى العشاء، ثم استقبل القبلة فكبر، تقول زوجته: فما ركع حتى طلع الفجر.. وقف بين يدي الله يتلو آياته، يترنم في معانيها، ويتأمل في أنوارها.
ورُوي أن أبا أوفى كان يقرأ قول الله عز وجل: (فذلك يومئذ يوم عسير، على الكافرين غير يسير) (المدثر-9 10) فسقط مغشياً عليه وإذا بروحه قد صعدت إلى خالقها عز وجل.
لقد أُشبع هؤلاء الأوائل بروح العزيمة والشجاعة، فكان نهارهم جهاداً وإيماناً، وكان ليلهم تضرعاً وقرآناً، وصامت ألسنتهم عن اللغو والزور والكذب، متعظين بقول الله عز وجل: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (ق-18).
وصامت آذانهم عن سماع الباطل والشر والفساد، وصامت أعينهم عن العورات والمنكر والحرام، وصامت أيديهم عن السوء والظلم والأذى، حيث وعظوا بقوله {: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) (رواه أحمد والترمذي).
وصامت قلوبهم عن الإثم والخطيئة والزيغ والضلال، فكان دعاؤهم آناء الليل وأطراف النهار: ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) (آل عمران-8) فأثمر ذلك كله صفاء في سلوكهم، ونقاء في نفوسهم، فأصبحوا خير أمة أخرجت للناس وأُثر عنهم قولهم: بئس القوم قوم لا يعرفون الله إلا في رمضان، إن الله يحب أن يُطاع في كل زمان، ويكره أن يُعصى في كل أوان.
فلنسِر على هديهم، ولنلتزم أمر الله عز وجل، ولنعلم أن رمضان يضاعف القدرات، ويبعث في النفس الحياة.. رمضان قافلة التقوى ومائدة السماء، ويا هناءة من فهم هذه المعاني، ويا شقاوة من ضاعت عليه الفرصة.. ألا يكفينا أن أول رمضان رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخرة عتق من النار؟.. ألا يكفينا أن ليلة القدر فيه؟.. ألا يكفينا أنه شهر تُصفد فيه الشياطين؟.. ألا يكفينا أنه تُفتح فيه أبواب السماء؟.. إن شيئاً واحداً يبدو كافياً، فكيف بنا ورمضان كله خير.. وربنا جل جلاله يفرح بتوبة عبده كما يفرح أحدنا بضالة أفتقدها في فلاة ثم لقيها بعد أن كان قد يئس منها.. وكم من عصاة عادوا إلى الله ولزموا هديه وذكره فصاروا من كبار الأتقياء. قال تعالى: ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ) (الشورى-25). وإن أنين التائبين أحب إلى الله تعالى من تسبيح العابدين.
يقول أحد الصالحين: تمثلتُ نفسي في النار، أُعرض على غلالها وسعيرها، وآكل من زقومها، وأشرب من غسليلها، فقلت: يا نفس! أي شئ ترغبين؟. قالت: أن أعود إلى الدنيا فأعمل صالحاً أخلص به من هذا العذاب. ثم تمثلت نفسي في الجنة، ألبس من سندسها واستبرقها، وأعيش نعيمها، فقلت: يا نفس! أي شئ ترغبين؟ قالت: أن أعود إلى الدنيا فأعمل عملاً ازداد به من هذا النعيم. فقلت لها: ها أنت ما زلت في الدنيا، فاعملي قبل أن تندمي!.
وفقنا الله للخير، لنكون ممن يُقال لهم: (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) (الحاقة- 24).
|
| |