07-02-2007, 06:23 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | البيانات | التسجيل: | Mar 2006 | العضوية: | 32 | المشاركات: | 835 [+] | بمعدل : | 0.12 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
الإسلامي العام حبّ الفضيـلة، وبغض الهيئة .. في قلب امرئ ليس يجتمعان! حبّ الفضيـلة، وبغض الهيئة .. في قلب امرئ ليس يجتمعان!
المارقال
قال بوجهٍ غضوب:
ما أدري ما علاج هذه الحساسية المفرطة لديكم ضد أي نقد يوجه ضد الهيئة حتى لكأن أعضاء هذا الجهاز ملائكة من السماء أو أنبياء من الأرض، فما تطيقون سماع أي نقد ضدهم، ولا ترضون أن يذكر فيهم أي خطأ أو عيب، وتريدون من جميع الناس أن يسبحوا بحمدهم ويتغنوا بأمجادهم ومن سلك طريقاً غيره فهو العلماني اللعين.
أفلئن جاز نقد المؤسسات والقطاعات الحكومية فلم لا يجوز نقد جهاز الحسبة، وكيف نثني على النقد الموجه ضد كثير من المؤسسات ونراه بناءً ومثمراً ،وحين يتجه مثله إلى الهيئة ينقلب جريمة ومروقاً من الدين .
رفقاً أيها الموقر، فليس الأمر كما توّهمت، إذ ليس في نقد جهاز الحسبة، وتجلية الأخطاء التي تقع من أفرادها أية حساسية، بل كلّ صاحب خطأ فالحق أن يبين خطأه، وأن يتواصى الجميع على تجلية الطريق الصواب له، وإن كان هذا في حق الأفراد فهو في حق المؤسسات أولى.
وإنما الحساسية هي في الطريقة العبثية التي تمارسها بعض الجهات في التعامل مع جهاز الحسبة، بحيث تكون الأخطاء مطية للطعن في الجهاز، وللنيل منه، ولإظهار الغيظ والكمد وتمرير بعض الرؤى الفاسدة، فهذا الطريقة لا بد أن توجد حساسية لدى المسلم الذي يغار على دينه ويعرف حرمة شعيرة الاحتساب.
أرأيت تلك الصحيفة التي تترصد لأي قضية تكون ضد الهيئة لتطير بها وتعلّقها في صفحتها الأولى، بطريقة عجلة تحتاج معها لكثير من الخرص والظن حتى يكتمل نزول الخبر، ثم يأتي كاتبها بعد ذلك بأقل من يوم ليسطر مقالة عن تطوير الهيئة ويستغل هذه الواقعة ليعرض بعض رؤاه المنحرفة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن لم تجد هذه الصحيفة شيئاً ضد الهيئة فإنها تؤجر نفسها شاهد زور ضد الهيئة لحين العثور على قضية جديدة.
ولعله لا يخفى عليك: أن الهيئة هي الجهاز الوحيد الذي تكون أخطاء أعضائه سبباً لمطالبة بعض الكتّاب بحلّ هذه الجهاز أو دمجه أو تحجيم صلاحيته!
ولا يخفاك أن الكثير من الطعن في جهاز الهيئة هو من قبيل الانحرافات الفكرية التي تتستر خلف نقد الهيئة، فذاك الرجل الذي ينتقد الهيئة لأنها تتعدى على الحرية الشخصية أو تمارس دور محاكم التفتيش أو نحو هذه الانتقادات التي ما هي إلا عرض لمرض فكري مزمن عشعش في رؤوس بعض الناس ففرّخ مثل هذه الانتقادات.
هنا يا عزيزي مكمن الحساسية، وهذا هو الأمر الذي يحتسب المسلم من أجل إعلان النكير على تلك الأصوات المنكرة، وأما حين يكون النقد موضوعيّا صادقا يتعامل مع الخطأ بنزاهة كما يتعامل مع أخطاء بقية الأجهزة الحكومية فحيهلاً بهذا النقد، وهو أمر لا يتردد عاقل في دعمه وتشجيعه، وربما يوجد من الأخيار من ينفر من جميع النقد الموجه للهيئة وهذا خطأ لا شك فيه، وهي ردة فعل للطريقة العبثية في نقد الهيئات.
- أشاح صاحبنا بوجهه، والغضب يأكل في وجهه ومنخره وقال:
أني أرى هذا الجهاز يمارس عدواناً صارخاً على الحرية الشخصية للإنسان، فعمل هذا الجهاز يكاد يكون محصوراً في ملاحقة الناس، والترصد لهم، والبحث عن عيوبهم، وهي صفة ذميمة تستوجب الوقوف ضدّها لا المحاماة عن أصحابها.
كل الناس يا صديقي يريدون الحرية، وكلهم في نفس الوقت لا يريدونها حرية بلا قيود.
فلا حاجة لأن تعظنا بأهمية الحرية لأن الحرية من المسلّمات في نفوسنا، ولا معنى لأن تطلق الحرية من غير قيود لأن جميع الناس لا يعرفون الحرية إلا بقيود.
فالعبرة أيها الموفق هي في القيود التي تحدد الحرية، إذ لكل أمة وحضارة قيود تحكم حرياتها، فالموفق من وفق لمعرفة القيود الصحيحة لهذه الحرية، وحين تحكم على أهل الاحتساب أنهم يمارسون عدواناً على الحرية فإن هذا الحكم مبني على رؤية للحرية قد لا تكون موافقة للإسلام الذي يحكمنا ولا يرضى أحد بغيره حكماً، وحين ترجع لنصوص الشريعة فإنك ستجد أن ثمة قيود تضعها الشريعة على حريات الناس لمعانٍ ومقاصد جليلة لا تفهمها كثير من الفلسفات المعاصرة وبالتالي فهي لا ترتضيها وتراها قيدا وعدواناً على الحرية، فلا يهولنّك ما تسمعه من إرهاب المصطلحات لأن الحرية محكومة بالقيم، فلنا قيمنا ولهم قيمهم، ونحن نحارب حريتهم لا نحارب ذات الحرية.
إذا تقرّر لك هذا : علمتَ أن رجال الحسبة حين يمنعون المرأة من السفور، ويحاربون الخمور، ويلاحقون السحرة وغير ذلك، فهم بفعلهم هذا محسنون لالتزامهم بقيم دينهم إذ إن حماية المجتمعات من أوضار هذه المفاسد أولى من مراعاة المصالح الشخصية لكلّ فرد.
- نظر إلي، وقد بدت على محيّاه بسمة ماكرة، وتحدث ببرود قائلاً:
أراك أيها الفاضل تتحدث عن منكرات وشريعة ودين، وكأن رجال الحسبة يتعاملون مع مشركين وكفار وملاحدة، أفترى أن عامة الشعب ممن عداكم هم من ذوي الموبقات وقد أوكلتكم الشريعة بمحاربتهم والترصد لهم أينما حلّوا!
عجيب أمرك: حين تتحدث عن أعمال الهيئة وكأنها تمارس أعمالا قد أجمع المسلمون عليها، مع أنه لا يخفاك أن كثيراً من أعمال الهيئة من المسائل الخلافية التي قد وقع النزاع فيها من قديم الزمان، فبأي حق تأتي وتفرض رؤيتك ورؤية مشايخك على المجتمع وتراه هو الدين وما عداه باطل، خاصةً أن العلماء قد حكوا أن المسائل الخلافية لا إنكار فيها.
أشكرك أيها الحبيب وأمهلني قليلاً لأقول لك:
أن ما ذكرته من اتهام الناس، والحكم عليهم بالمعاصي والطغيان، ونحو هذا الكلام هو أمر لم يقله أحد، ولن تجد قائلا به لا بلسان الحال ولا بلسان المقال، فأتمنى أن تتعامل مع القضايا بنظرة معتدلة تعرف مكمن الخلل وتبحث عن علاجه، وإن كنتَ باحثاً عن الحق فإني أعيذك بالله أن تلجأ إلى مثل هذه الأساليب التي يراد بها التهويل والتفخيم.
وأما وجود الخلاف في المسائل الشرعية التي يمارسها رجال الحسبة فلعلي أجليها لك ببيان ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن عامة القضايا التي يتعامل معها رجال الحسبة هي من الأمور المتفق عليها، ولا نزاع بين المسلمين فيها، إذ لن تجد نزاعاً بين المسلمين في محاربة السحرة، أو منع الخلوة والاختلاط المحرّم والسفور، أو منع الفواحش والزنا، ونحو هذه القضايا المجمع عليها.
الأمر الثاني: أن المسائل التي لا إنكار فيها هي المسائل الاجتهادية التي يحتملها الدليل وليس هو في أي مسألة خلافية، لأن المسلم مطالب بأن يلتزم بالنص الشرعي، ولا يسوغ لأحد أن يترك النص الشرعي لأجل أن فلان من الناس قال بخلافه، ولئن ساغ لهذا المجتهد أن يخالف الدليل لتأويل فلا يسوغ لأحد أن يخالف الدليل لمجرد ورود خلاف فيه، ولو قيل بأن المسائل الخلافية لا ينكر فيها للزم منه أن لا ننكر في مسائل كثيرة مما دلّ النص القطعي عليها لمجرد ورود خلاف فيه، فنكون بهذا قد علّقنا العمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم بأقوال الرجال فإن اتفقوا عملنا بالسنة وإن اختلفوا لم تبقى السنة سنة لأن الناس لم يتفقوا عليها، وهذا فيه من الخلل ما لا يخفى.
الأمر الثالث: أن من المتقرر عقلاً وشرعاً أن الحاكم المسلم له أن يلزم الناس ببعض الأمور المباحة ويقيدهم بها إذا كان في ذلك مصلحة عامة، والناس يدركون هذا جيداً، فعامة القرارات والتنظيمات العامة هي من قبيل الأمور المباحة التي يمنع الناس منها ولا يجدون حرجاً فيها ،فسبحان الله كيف نقبل أن نمنع من مباح قطعي لأجل المصلحة العامة ولا نرضى أن نمنع من أمر قد قيل بأنه محرّم ودلّت عليه الأدلة ونتعذّر بأن فيه خلاف، فأي تناقض كهذا!
فعلى أسوء الأحوال: لو افترضنا أن بعض عمل رجال الهيئة هو من قبيل المختلف فيه، وافترضنا أن المسائل الخلافية لا يسوغ الإنكار فيه، فحتى على هذين الافتراضين فللهيئة أن تلزم الناس بالرأي الأرجح بناءً على المصلحة العامة الراجحة، وإذا كنّا نتقبل من الحاكم المنع من المباح المتفق عليه فكيف لا نتقبل المنع مما قد قيل فيه إنه مباح!
- أخذ صاحبي كوباً من الماء، وقد بدا عليه شيء من الهدوء والارتياح، ونظر إلي قائلاً:
هب أني سلمتُ لك بكلّ ما قلت، فلمَ تلك القسوة والشدة والغلظة التي نراها بادية في رجال الحسبة، ولم لا يلتزم أهل الدين بأخلاق الدين فيكونون قدوة حسنة للناس في الأخذ بالرفق واللين والرحمة، وأين هم عن خلق المصطفى صلى الله عليه وسلم ورحمته.
نعم يا صاحبي، اللين والرفق هو الأصل والواجب في التعامل مع الناس، والتقصير فيه وارد من الجميع، ومن رجال الحسبة، ومن حقهم عليك أن تنصحهم بذلك، وان تذكرهم به كلّ حين، فهو – كما ذكرتَ – خلقٌ إسلامي ولا بد من التواصي على تطبيقه.
غير أن حال رجال الحسبة ليست على الكيفية التي عرضتَ، فلئن وجد منهم قسوة وغلظة، فإن غالب أحوالهم هو الرفق واللين، وهو ظاهر لمن أنصف، بل إن الرفق واللين فيهم أظهر من الرفق واللين في غيرهم من القطاعات الأمنية ، والغلظة فيهم أقلّ من الغلظة في غيرهم.
وها هنا أمرٌ لا بد أن يتقرر لديك أيها الموقر، ذلك أن جهاز الحسبة هو ولاية من الولايات العامة التي يراد بها حفظ المصالح الشرعية وحمل الناس على الالتزام بها، ومن طبيعة الولايات أن فيها قوة وسلطة تلزم الناس بالعمل بقراراتها ولو على سبيل القوة، فمن الخطأ أن ينظر إلى جهاز الحسبة كما ينظر إلى شخص المتحدث والواعظ، إذ يناط بجهاز الحسبة من الأحكام ما لا يناط بغيره، ويطلب من المؤسسة ما لا يطلب من الفرد، فالواعظ يكفيه أن ينكر بلسانه، والمحتسب لا بد أن يزيل المنكر بالكلية، والنظر إلى المحتسب كما ينظر إلى الناصح هو من قبيل الاستهانة بجهاز الحسبة، إذ لا يستنكر الناس من الشرطي حين يقبض المجرم، أو يلاحق المتهم، ولا يفكر أحد بان دور الشرطي يقف عند دور النصيحة والتذكير فحسب.
- نظر صاحبي لساعته، واعتذر بلطف عن الإطالة، ونهض للقيام، فطلبتُ منه أن أسجل للقرآء مضمون ما جرى به الحديث بيننا، فوافق بلا تردد، غير أنه تحفظ بأدب على عنوان المقالة، وطلب بلطف أن تحذف عبارة أعداء الفضيلة لمن يحارب الهيئة، وقال: ليس كلّ من عادى الهيئة محباً للرذيلة، وليس كلّ من أحب الفضيلة لا بد أن يكون من أنصار الهيئة، والإنصاف خير.
شكرته على لطفه واعتراضه، وقلت له:
حين أقرر أن معاداة رجال الحسبة هو من صفات أهل الرذيلة، وأن حبهم هو من الفضيلة لا يلزم من هذا الوصف أن كلّ من عاداهم فهو من أصحاب الرذيلة، ولا أن كلّ من أحبهم فهو من أنصار الفضيلة.
ألا ترى انك تقول : السيجارة سبب من أسباب الإصابة بالسرطان، وأنت تعلم يقيناً أن كثيراً من الناس يشربون السيجارة ولا يصابون بالسرطان، وأن كثيراً من الناس يصابون بالسرطان وما هم ممن يستعمل السيجارة.
وتسمع العقلاء يقولون: من يصاحب الأشرار فهو منهم، مع أنك تعلم قطعاً أنه قد يصاحب الأشرار من ليس مثلهم، وقد يكون شريراً من جميع جلسائه من الأخيار.
فحين ترى أن أمراً ما سبب لأمر، أو وصف لفئة من الناس فهذا يدلّ على تأثير هذا الوصف ولا يفهم الناس منه ذلك الفهم الحدّي الذي فهمتَه، فمناصبة الهيئة العداء هو من أوصاف أهل الانحراف والفساد والشهوات، لظهور هذا الوصف فيهم والعاقل من الناس لا يفهم من هذا القول أن كلّ من عاداهم فهو فاسد وفاجر، وإنما هذا من أوصافهم والعاقل اللبيب يجتنب أوصاف أهل السوء.
ودّعني صاحبي بالسلام وطيب الكلام، وبادلته التحية بمثلها، وودعته داعياً له بان يحفظه الله ويسدّده، فلقد ظهر لي أنه ممن إذا لاح له الحق اتبعه، وما أندر هذا الصنف في بني البشر.
المارقال
10 / 6 / 1428هـ
توقيع : صريح للغاية | ولقد دعتني للخلاف عشيرتي.. ... ..فعددت قولهم من الإضلال
إني امرؤٌ فيَّ الوفـــــاء سجيـة.. ... .وفعــال كل مهـذب مفضـال
| |
| |