05-13-2007, 07:20 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | زائر | البيانات | العضوية: | | المشاركات: | n/a [+] | بمعدل : | 0 يوميا | اخر زياره : | [+] | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
الإسلامي العام ولقد كانت حياتهم الدنيوية زهداً وتكليفاً ودموعاً وتعالياً عن الدنيا، وإقبالاً على الل الحياة الدنيوية لمريم ابنة عمران وابنها عيسى عليهما السلام
ولقد كانت حياتهم الدنيوية زهداً وتكليفاً ودموعاً وتعالياً عن الدنيا، وإقبالاً على الله والدار الآخرة.
{وجعلناها وابنها آية للعالمين}
بقلم: عبد الرحمن بن عبد الخالق
كانت الحياة الدنيوية لروح الله وكلمته ورسوله الخاتم لرسل لبني إسرائيل عيسى بن مريم، ولأمه مريم بنت عمران عليهما السلام سلسلة متواصلة من الابتلاءات والاختبارات، وكانت حياتهما الدنيوية نموذجاً للزهد والبعد عن الدنيا، والرغبة فيما عند الله.
فأما مريـم عليها السلام فإن الله سبحانه وتعالى اصطفاها واختارها على كل نساء الأرض. قال تعالى: {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمي]. وقال صلى الله عليه وسلم: [كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد..] الحديث جاءت أنثى فيما ترجو أمها أن يكون مولودها ذكراً:
وأول امتحان لمريم عليها السلام أن أمها التي كانت ترجو أن ترزق غلاماً لتهبه لخدمة بيت المقدس رزقت بنتاً، والبنت لا تقوم بالخدمة في المسجد كما يقوم الرجل، وأسفت أم مريم امرأة عمران واعتذرت للرب جل وعلا فقالت: {رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت -وليس الذكر كالأنثى- وإني سميتها مريم، وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} وأوفت بنذرها كما اشترطته على الله: {رب أني نذرت لك ما في بطني محرراً}!! وكان لا بد من الوفاء بالنذر..
وقبل الله سبحانه وتعالى هذا النـذر وجعله نذراً مباركاً.. بل لا يعرف نذر أعظم منه بركة، فقد أعقب خير نساء العالمين ورسولاً من أولي العزم من الرسل يجعل الله ولادته وحياته، ورفعه إلى السماء، ونزوله آخر الدنيا، وما أجرى على يديه من المعجزات آية كبرى من آيات الله سبحانه وتعالى... فأي نذر أعظم من هذا؟ مريم عليها السلام اليتيمة في بيت الله:
ولدت مريم عليها السلام يتيمة فآواها الله عند زوج خالتها -والخالة بمنزلة الأم- وزوج خالتها هو زكريا عليه السلام وهو نبي قومه..
وكان هذا من رحمة الله بمريم، ورعايته لها. قال تعالى: {فتقبلها ربها بقبول حسن، وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا]
وشبت مريم عليها السلام وبيتها المسجد، وخلوتها فيه، ويلطف الله بها فيأتيها الطعام من الغيب وكلما زارها زوج الخالة، وجد عندها رزقاً، وهو الذي يقوم بكفالتها فمن أين يأتيها شيء لم يأت هو به؟!
ويقول لها: {يا مريم أنى لك هذا} فتقول: {هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب}، ولم تكن في هذا في جنة قبل الجنة، وإنما هو بلغة من الرزق يتحف الله به أولياءه، ويكرم به أهل طاعته اتحافاً وإكراماً، إذا ضاق بهم الحال واشتد بهم الأمر، وتذكيراً لهم بأن الله لا يضيع أهله، كما صنع الرب الإله لهاجر عليها السلام وابنها اسماعيل فقد فجر الله لهما زمزم ماءاً معيناً عندما تركهما إبراهيم في هذا المكان القفر.
وكما فعل الرب سبحانه بخبيب بن عدي رضي الله عنه صاحب رسول الله الذي حبسه أهل مكة ليقتلوه، فرأوا في يده وهو في سجنهم قطفاً من عنب يأكل منه، وليس بمكة كلها عنب، ولا هو بأوان عنب، وإطعام الله أهله وأولياؤه من الغيب، وهم في الدنيا هو من باب اللطف بهم، وإظهاره معجزاته لهم فكم نبع الماء من بين أصابع النبي الخاتم محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه؟! وكم بارك النبي صلى الله عليه وسلم في الطعام القليل الذي لا يكفي خمسة من الناس فيأكل منه الجيش كله، وكانوا ثمانمائة رجل أكلوا لحماً وثريداً حتى شبعوا من عناق واحدة، وصاع من شعير لا يكفي خمسة. مريم عليها السلام وأحلام الأنثى:
لم يكن لمريـم عليها السلام التي سكنت في محراب المسجد (المحراب غرفة في المسجد يعتزل فيه المقيم بها عن الناس)، وكان بنو إسرائيل يتخذون المحاريب في المساجد للخلوة والعبادة، (وسمي هذا المكان في المسجد بالمحراب لأن المقيم فيه كأنه محارب للناس مبتعد عنهم أو كأنه بيت الأسد).
أقول: لم يكن لمريم المنذورة لبيت الله من أحلام الأنثى -في الزوج المنشود- والمرآة، وصندوق أدوات التجميل شيء!! بل كان زادها وحلمها وآمالها الطاعة والعبادة!! فقد جاءها أمر الله: {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين* يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين}
وهكذا نشأت مريـم فتاة عابدة في خلوة في المسجد تحيي ليلها بالذكر والعبادة والصلاة وتصوم نهارها، وتعيش لآخرتها. المحنة الكبرى لمريم عليها السلام:
كانت المحنة الكبرى لمريم عليها السلام العابدة الزاهدة البتول أن يبشرها الله سبحانه وتعالى بولد منها وهي غير ذات زوج فقالت: {أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} وحاولت دفع هذا عن نفسها، ولكن جاءها الأمر الإلهي: {كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً}
فكذلك قال الله، فلا راد لكلمته، وكان أمراً مقضياً فمن الذي يستطيع أن يمنع قضاء الله؟! ولله سبحانه وتعالى شأن في إخراج هذه الآية للناس: امرأة عابدة صالحة تبتلى بحمل من غير زوج يصدقها الصادقون المؤمنون، ويكذبها الكافـرون المجرمون، ويكون ابنها الذي قضاه الله وقدره على هذه الصورة المعجزة آية في خَلْقِه، آيه في خُلُقِه، آية في معجزاته، رحمة للناس في زمانه، وبعد زمانه، فتنة لعميان البصائر الذين يغالون فيه فيعبدونه ويجعلونه خالقاً رازقاً مدبراً موجوداً قبل الدهور مولوداً بطبيعة بشرية وهو في ذاته إله من إله!! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً... وهكذا يهلك فيه من اعتقده ابن من الزنا!! ومن اعتقده الإله الخالق وينجو به أهل الصدق والتصديق: {قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً، وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً، والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً} مريم عليه السلام تفر من المسجد خوفاً من الفضيحة والعار:
وتخرج مريم عليها السـلام من محرابها في بيت المقدس بعد أن رأت حملها في بطنها قد كبر، وبعد أن خافت الفضيحة، تخرج إلى مكان بعيد تتوارى فيه عن الأنظار، وفي بيت لحم يلجئها المخاض إلى جذع نخلة -وهي وحيدة غريبة طريدة- فتضع حملها ولا أم هناك، ولا خالة ولا قابلة!! ولا بيت دافئاً، ولا ستر تتوارى فيه عن أعين الناس إلا هـذه الأحراش!! تضع حملها ودموعها تملأ مآقيها، والهموم والآلام تلفها من كل جانب: هم الغربة والوحشة، وفقد الأهل والناصر، والستر وفقد الإرفاق بالوالد، وكم تحتاج الوالد من الإرفاق تحتاج إلى دفء، وحنان زوج، وشفقة أهل، وطعام مخصوص، وفراش، وتهنئة بالسلامة والعافية بالمولود الجديد... وأما مريم عليها السلام فلا شيء من ذلك وهي تنتظر الفضيحة بوليدها الجديد..
وعندما تجتمع كل هذه الهموم والمصاعب تتمنى أن تكون قد ماتت قبل هذا الامتحان!! ولم تعش إلى هذه المحنة الشديدة قالت: {يا ليتني مت قبل هذا، وكنت نسياً منسياً}. (أي شيء متروكاً محتقراً، والنسي في كلام العرب: الشيء الحقير الذي من شأنه أن ينسى، فلا يتألم لفقده).
وفي هذه اللحظة التي يبلغ بها الحزن والأسى مداه يأتيها الأمن والأمان والبشرى والإرفاق.. فيناديها مولودها من تحتها: {ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً} أي سيداً عظيماً {وهـزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً* فكلي واشربي وقري عيناً فإما ترين من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً} إن مع العسر يسراً:
وهنا تأتيها المعجزات بالجملة فهذا جدول ماء رقراق يفجره الله لها، وهاهي تستطيع وهي والد ضعيفة أن تهز جزع النخلة فيتساقط عليها الرطب رطباً جنيا، وأما القوم وخوف الفضيحة فدعي هذا لنا!! وعليك أنت بالصوم عن الكلام، ودعي هذا السيد العظيم الذي تحملينه يتولى الدفاع عنك، وبيان المهمة التي أرسل بها. قال تعالى: {فأتت به من قومها تحمله، قالوا يا مريم لقـد جئت شيئاً فرياً* يا أخت هارون ما كان أبوك امرأً سوء وما كانت أمك بغياً* فأشارت إليه، قالـوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً}، وهنا أنطقه الله ليبين لهم الآية في خلقه على هذا النحو...
وينشأ عيسى في قومه من بني إسرائيل وبدلاً من أن يقابل اليهـود المعجزة بالإيمان والتصديق يقابلونها بالجحود والنكران، ويتوجسون شراً من هذا المولود الذي تكلم في المهد، والذي ينشأ لا كما ينشأ الصبيان، فالأولاد يلهـون بالطين فيجعلون منه عصفوراً حجراً تمثالاً، ولكنه يصنع لهم عصفوراً من الطين ثم ينفخ فيه أمامهم فإذا بالعصفور حي يطير فيكون ردهم أن هذا ساحر كبير!! عيسى عليه السلام العابد الزاهد البار التقي:
وينشأ عيسى عليه السلام عابداً زاهداً يلبس الصوف، وشعر الماعز ..
ولـم يتخذ له مسكناً قط، ولا سكن بيتاً طيلة حياته، ولا أوى إلى سقف قط، ولم يدخر شيئاً قط، ولا ادخر طعاماً لغده أبداً. ينتقل من مكان إلى مكان أينما يدركه المساء بات!! يلبس نعلين من لحاء الشجر، شراكهما ليف، كان عامة تنقله على رجليه، وأحياناً يركب حماراً، عمله السياحـة في الأرض لا يأويه بيت ولا قرية، مأواه حيث جنَّه الليل، سراجه ضوء القمر، وظله الليل، وفراشه الأرض لم يتخذ غطاءاً بينه وبين الأرض قط، ووسادته حجر من الأرض، بقله وريحانه عشب الأرض وربما طوى الأيام جائعاً، لم يره أحد مقهقهاً قط!!
أصحابه وأصدقاؤه وخلانه هم الفقـراء والمساكين والزمنى والمرضى، يمسح دموعهم، ويدعو لهم فيشفيهم الله ببركته، وجلساؤه الخطاءون وقطـاع الطرق، فيدعوهم إلى التوبة فيتوبون على يديه {وجعلني مباركاً أينما كنت} لقد كان عيسى مباركاً حيث كان وأنى تحول... كان مثالاً لبني إسرائيل الذي تكالبوا على الحطام، وأقبلوا على الدنيا، وكانوا أحرص الناس على الحياة، وبخلوا حتى اشتكى البخل من بخلهم، فجاءهم عيسى عليه السلام ليضع الدنيا كلها تحت قدميه، ويلقيها وراء ظهره ويعمل للآخرة فيشفي من يعجز الطب عن شفائه.
فينطق الأبكم، ويسمع الأصم، يفتح أعين من ولد أعمى، ويمسح جلد الأبرص فيعود أحسن من جلـد السليم، ويقيم المقعد الأشل، ويشفي الزمن اليائس من الشفاء، ولا يتخذ على شيء من ذلك أجراً ويعلم الدين، ولو أخذ أجراً لكان أغنى الناس.
ويجعل مجالسه وقيامه وقعوده مع الفقـراء والمساكين والمعوزين، فيمسح دموعهم ويغسل عن أرجلهم، ويتواضع لهم ويبشرهم بالدخول إلى ملكوت السماء إذا زهدوا في هذه الدار الفانية. تعالوا أعلمكم صيد العالم بدلاً من صيد السمك!!:
ويمر على طبرية ويلقي مجموعة من صيادي الأسماك فيدعوهم إلى الإيمان، ويدعوهم إلى حمل دعوة الله، والتبشير برسالته فيعتذرون أنهم مشغولون بصيد السمك فيقول لهم (تعالوا أعلمكم صنعة تصيدون بها العالم بدلاً من صيد السمك) تعالوا فـ (أن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها) فيتبعه منهم مجمـعة يصبحون تلاميذه الخاصين، وأصحابه المنتخبين ويصحبونه من قرية إلى قرية، يدعون إلى الله، ويصيدون الناس في شباكهم إلى الجنة والمغفرة، بعد أن كان كل صيدهم سمكة يرجعون بها إلى أهلهم. اليهود يلاحقون أنبياء الله الثالثة زكريا ويحيى وعيسى ليقتلوهم:
ولكن يظل اليهود هـ اليهود انكباباً على الدنيا، رضا بالذل، وحرصاً على الحياة، وماذا يفعلون وقد قام لهم ثلاثة من الوعاظ في وقت واحد زكريا وابنه يحيى، وعيسى بن مريم عليهم السلام جميعاً.
فأما زكريا عليه السلام فإن اليهود لاحقوه حتى قتلوه، وبعد أن لاذ منهم بشجرة شقوه معها إلى نصفين. وأما يحيى عليه السلام العابد الزاهد البار التقي فإنهم ظلوا يلاحقونه حتى كان آخر أمره أن طلبت رأسه علي طبق، بغي من بغاياهم، لمّا قدمت ابنتها إلى ملك من ملوكهم رقصت في يوم مولده فأذهلت الملك والحضور بجودة رقصها فقال لها اطلبي!! فقالت لها أمها: اطلبي رأس يحيى (يوحنا المعمدان) على طبق!! وقد كان!! قدم الملك رأس يحيى النبي هدية إلى زانية!! لأنها أدخلت السرور على قلب الملك وجلسائه في عيد ميلاده وقال لها لا تطلبين شيئاً إلا حققته لك فطلبت رأس من أفتى بقطع فنها، وتحريم عملها!!
وبقي عيسى عليه السلام النبي المخلص الذي يدعو اليهـود إلى الآخرة، ويريد أن يخرجهم من ذل الرومان الوثنيين، ويعيد لهـم الدين والشريعة والعزة والتمكين... فما كان من اليهود إلا أن صاحوا به وبدأوا يلاحقونه من قرية إلى قرية يريدون إهلاكه وقتله، وإلحاقه بيحيى الذي قطعوا رأسه، وزكريا الذي نشروه إلى فلقتين بالمنشار واتخذ اليهود كل سبيل لقطع عيسى عليه السلام من وسطهم.
ولما علم عيسى عليه السلام أنه ملاحق مطارد وأن القوم قد وشوا به إلى الرومان ليقتلوه واتهموه بالفساد والإفساد في الأرض، وقال اليهود للرومان الوثنيين الكفرة: إن تركتم عيسى فإنه سيفسد عليكم الشعب!! ولن تستقر لكم حكومة في فلسطين!! وكان الرومان الكفار الوثنيون أعظم رحمة وعدلاً مع عيسى عليه السلام من اليهود الذين هم قوم عيسى وجماعته وأهله!! وقال الحاكم الروماني (بيلاطس) لليهود الذين جاءوه شاكين من عيسى عليه السلام: إن هذا رجل بـار، لم نر منه شراً!! إذا كنتم تختلفون معه في شيء من دينكم فهذا شأنكم أننا لا نتدخل في مشكلاتكم الداخلية!! احكموا عليه فيما بينكم!! أما نحن فإننا لم نر منه شراً!! ولكن اليهود وهم اليهود يقولون له: إن لم تقتله شكوناك أنت إلى القيصر في روما، فإنك لا تقوم بعملك في فلسطين على الوجه الأكمل!! إنك تترك المفسدين ليفسدوا في الأرض!! فيقول لهم الحاكم الروماني: يا قوم كيف ألطخ يدي بدماء رجل برئ!! فيقولون له: اقتله ودمه في رقابنا!!
ولا يجد الحـاكم الروماني (بيلاطس) بداً من قتله ليسكن الفتنة فيرسل شرطته وجواسيسه ليأتوه بعيسى عليه السلام، ويتوصلون بالرشوة لمعرفة البستان الذي كان قد اختفى فيه عن الأنظار، ويلقي الله شبه عيسى عليه السلام على غيره ويقاد إلى الحاكم الروماني، فيقول: أنا برئ من دم هذا البار ويؤخذ إلى الحاخام اليهودي الأكبر قيافا، وفي محاكمة صورية هزلية يحكم عليه بأنه مبتدع ضـال مهرطق، وأن حكمه أن يقتل، ويؤخذ شبه عيسى هذا إلى السجن، وينتظر الحاكم الروماني لعل الأمور تتغير، ولعل اليهود يتغيرون ويراجعون حكمهم في عيسى ولكن هيهات.. الحكم على يسوع بالموت:
وكان من عـادة الحاكم في كل عيد أن يطلق لجمهور الشعب أي سجين يريدونه، وكان عندهم وقتئذ سجين مشهور اسمه باراباس، ففيما هـم مجتمعون، سألهم بيلاطس: من تريدون أن أطلق لكم: باراباس، أم يسوع الذي يدعى المسيح؟ إذ كان يعلم أنهم سلموه عن حسد، وفيما هو جالس على منصة القضاء، أرسلت إليه زوجته تقول: إياك وذلك البار، فقد تضايقت اليوم كثيراً في حلم بسببه. ولكن رؤساء الكهنة والشيوخ حرضوا الجموع أن يطالبوا بإطلاق باراباس وقتل يسوع. فسألهم بيلاطس:أي الاثنين تريدون أن أطلق لكم؟ أجابوا: باراباس. فعاد يسأل: فماذا أفعل بيسوع الذي يدعى المسيح؟ أجابوا جميعاً: ليصلب. فسأل الحاكم: وأي شر فعل؟ فازدادوا صراخاً: ليصلب!، فلما رأى بيلاطس أنه لا فائدة، وأن فتنة تكاد تنشب بالأحرى، أخذ ماء وغسل يديه أمام الجمع، وقال: أنا برئ من دم هذا البار، فانظروا أنتم في الأمر! فأجاب الشعب بأجمعه: ليكن دمه علينا وعلى أولادنا! فأطلق لهم باراباس، وأما يسوع فجلده، ثم سلمه إلى الصلب. الجنود يستهزئون بيسوع:
فاقتاد جنود الحاكم يسوع إلى دار الحكومة، وجمعوا عليه جنود الكتيبة كلها، فجردوه من ثيابه، وألبسوه رداءاً قرمزياً، وجدلوا إكليلاً من شوك وضعوه على رأسه، ووضعوا قصبة في يده اليمنى وركعوا أمامه يسخرون منه وهم يقولون: سلام يا ملك اليهود، وبصقوا عليه، وأخذوا القصبة منه، وضربوه على رأسـه، وبعدما أوسعوه سخرية نزعوا الرداء وألبسوه ثيابه، وساقوه إلى الصلب. (إنجيل متى 15-32 )
ولما أحس عيسى عليه السلام أنه ملاحق مطارد مطلوب رأسه، وأن اليهود لن يهدءوا إلا إذا ألحقوه بيحيى وزكريا...
قال لخلص أصحابه: {من أنصاري إلى الله} قال تعالى: {فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله، قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون}. عيسى عليه السلام يحمل الحواريين الأمانة ويصعد إلى السماء:
فحملهم عيسى الأمانة وأوصاهم بالدعوة إلى الله حتى الموت، وبايعهم على الشهادة في سبيل الله وأخبرهم أن الله رافعه إلى السماء، وأنه سيعود مرة ثانية إلى الأرض!! ولكن الحواريين يناشدونه البقاء معهم وألا يتركهم لخوض غمار هذه المحنة وحدهم!! فيخبرهم أنه سيذهب ليأتي المخلص الأعظم، والنبي الخاتم الذي تختم به الرسالات، وأنه إذا بقي فيهم ولم يصعد إلى السماء لا يأتي هذا المخلص الأكبر والنبي الأعظم، وأخبرهم عيسى أن عودته ستكون في النهاية قبل يوم القيامة وأنه عندما يرتفع الليلة إلى السماء سيدعو الله أن يؤيدهم في مهمتهم الشاقة بروح القدس جبريل أمين الله على وحيه ليكون معهم يشد أزرهم حتى يكملوا المهمة...
ويرفع الله عيسى إليه، ويطهره من الذين كفروا، ويصلب الذي ألقى الله شبهه عليه بدلاً من عيسى!! ويفتخر اليهود قائلين: (إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله)!!
ويقوم تلاميذ بالدعوة إلى الله، فيخرج كل منهم إلى مدينة من مدن العالم فينتشر الدين، ويقتلون جميعاً شهداء. ويبقى عيسى عليه السلام اختياراً للناس إلى يوم القيامة:
ويفتن الناس في شأن عيسى فاليهود يسبونه ويرمونه وأمه بالزنا، ويقولون مبتدع مهرطق كذاب!! ادعى أنه جاء ليخلصنا من الذل، ولم يستطيع أن يخلص نفسه، وقد قتلناه واسترحنا منه!! وجمع من النصارى يغالون فيه وتتجارى بهم الأهواء فيقولون هو الله ولد من مريم، وكان موجـوداً قبل الدهور، وهو وروح القدس والله ثلاثة في واحد، الأب والابن وروح القدس إله واحد!! ويختلفون في حقيقته وطبيعته إلى مئات من العقائد والمذاهب والأقوال التي يضاد بعضها بعضاً، ويكفر بعضهاً بعضاً، وأهل الحق من أتباعه يعتقدون أنه عبد الله ورسوله جاء بني إسرائيل بالهدى والدين فكان من شأنهم معه ما كان، ورفعه الله وطهره لتتم الرسالات بالنبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم. عيسى عليه السلام والعودة إلى الأرض:
ويعود عيسى في آخر الزمان نبياً ورسولاً، تابعاً للنبي الخاتم، حاكماً بالقرآن فيكسر الصليب الذي عبد جهلاً، ويقتل الخنزير الذي أحله من زعم أنهم من أتباعه، ويضع الجزية فلا يقبل إلا السيف، ويقيم الصلاة التي علمها محمد بن عبدالله النبي الخاتم، وينزل على مسجد المسلمين في دمشق، وليس على كنيسة من كنائس النصارى... ويتبعه أتباع محمد صلى الله عليه وسلم فيقتلون عباد الصليب أينما كانوا وكيفما كانوا.
قـال صلى الله عليه وسلم: [والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم عيسى بن مريم حكماً عدلاً مقسطاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويؤذن بالصلاة ].
{ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان الله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول كن فيكون}
وهذه حياته وزهده ودعوته وعبادته سلسلة طويلة من الابتلاءات والاختبارات وهكذا أهل الله الذين هم أهله يبتلون ثم تكون العاقبة لهم.
ولقد كانت حياتهم الدنيوية زهداً وتكليفاً ودموعاً وتعالياً عن الدنيا، وإقبالاً على الله والدار الآخرة.
أخر تعديل بواسطة أرحامكم هاشمية ، 05-13-2007 الساعة 07:22 PM |
| |