05-06-2007, 06:27 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | صاحبة الموقع | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Jan 2006 | العضوية: | 3 | المشاركات: | 5,550 [+] | بمعدل : | 0.81 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
كل ما يخص آل البيت رد الجنيد على أذية الشيخ بن جبرين لآل بيت الرسول رد الجنيد على أذية الجبرين لآل بيت الرسول
--------------------------------------------------------------------------------
دفع أذية الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
عن آل بيت رسول رب العالمين
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على رسوله محمد الصادق المصدوق، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .
أما بعد :
فلقد اشتريت كتاباً كتب على غلافه : "العصبية القبلية من المنظور الإسلامي الناس كلهم بنو آدم، وآدم من تراب" .
وهو بقلم : الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي .
فوقفت فيه على فاقرة كبيرة، وبلية جسيمة، وظلم مشين، واعتداء سافر، وضربة مؤلمة موجعة لآل بيت رسول رب العالمين، وسيد ولد آدم أجمعين، ولكل صاحب سنة يقرأ في كتب عقيدة أهل السنة ما لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من المكانة والفضل، وما يجب لهم من الحقوق، ويقرأ في كتب السنة ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث في فضلهم، والوصية بالإحسان إليهم، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لأمته موصياً في خطبة من خطبه،كما في صحيح الإمام مسلم :
(( وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي )) .
والنبي صلى الله عليه وسلم لا يكرر الشيء ثلاثاً إلا لعظم شأنه، وما له من المنزلة في نفسه، ورحمة لأمته، حتى لا يؤتوا من قبله .
ويقرأ ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من حفظ لهذه الوصية حتى أن الصديق أبا بكر رضي الله عنه قال لعلي رضي الله عنه :
(( والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي )) .
وقال للصحابة رضي الله عنهم :
(( ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته )) رواهما البخاري .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري : قوله ( ارقبوا محمداً في أهل بيته) : يخاطب بذلك الناس ويوصيهم به، والمراقبة للشيء المحافظة عليه، يقول : احفظوه فيهم، فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم .أهـ
قلت :
وهذه الفاقرة الكبرى المؤلمة قد جاءت في فتوى للدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ذكرها صاحب الكتاب مفادها : هدم وإبطال نسب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم المنتشرين في أقطار الدنيا الموجودين في عصرنا الحاضر .
وقد رأيت بعد قراءتها وتأمل ما فيها أن من الواجب عليّ شرعاً أن أرد على فتواه هذه التي حملها هذا الكتاب وغيره.
لماذا هذا الرد ؟
إن لهذا الرد أسباباً عديدة، وإن أهمها ما يأتي :
أولاً : التقرب إلى الله تعالى بدفع الأذية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنته فاطمة وسبطيه الحسن والحسين وابن عمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنهم .
وذلك لأن إبطال نسب قرابتهم ومن يتصل بهم أذية لهم .
ثانياً : التقرب إلى الله تعالى بدفع الأذية والظلم والتشويش الواقع على قرابة النبي صلى الله عليه وسلم المعاصرين من هذه الفتوى، وهذا الكتاب .
ثالثاً : دفعاً لمقالة السوء عن أهل السنة حتى لا يشوش أهل البدع والضلال عليهم بهذه الفتوى، وهذا الكتاب، بأنهم سكتوا أو تخاذلوا عن الرد والدفاع عن آل نبيهم صلى الله عليه وسلم، وحتى لا يستغلوها في تحريش الناس عليهم كذباً وزوراً بأنهم لا يحبون آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم .
وخروج هذا الكتاب وهذه الفتوى وغيرها مما يسعدهم ويفرحهم .
رابعاً : إتباعاً لوصية النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة الصحيحة في تذكيرنا الله تعالى في أهل بيته.
ولا ريب أن دفع الأذية عنهم من حفظها والقيام بها .
خامساً : إنكاراً لعادة من عادات الجاهلية وهي الطعن في الأنساب، ومن الطعن في الأنساب التعريض بأنساب الناس أو إبطالها بغير دليل ثابت، فكيف إذا كان من طعن في نسبه له صلة برسول رب العالمين .
لاشك أن الذنب يعظم ويكبر .
سادساً : إحقاقاً للحق وتبييناً له، وإبطالاً للباطل ونقضاً له، ليتقرر لكل قارىء أو سامع، فيكون من أهل الحق المعتقدين له، المدافعين عنه، المناصرين له .
سابعاً : حماية لهذا النسب من الخوض فيه بغير علم بأن الناس لن يسكتوا عن المتعرض له بغير الحق، وأن التاريخ لن يغفل فيه خطيئته، وأن الأجيال ستردد هنته، ما كتب الله البقاء لمصنف الرد أو تناقل ما فيه.
ثامناً : رحمة للدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حتى يراجع نفسه قبل أن يمثل بين يدي الله ربه يوم الجزاء والحساب مع آل النبي صلى الله عليه وسلم للقصاص .
وقد قال الله تعالى مخوفاً ومحذراً : { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً }.
تاسعاً : رعاية لأنساب قبائل الناس جميعاً من الخوض بالباطل والأذية .
لأنه إذا نسف نسب آل نبيهم صلى الله عليه وسلم وقرابته بهذه الطريقة وسكت عن ذلك، فنسف غيرها يكون من باب أولى وأسهل .
عاشراً : إخماداً أو إضعافاً لما سببه وسيسببه هذا الكلام من جرح للنفوس أوكره وبغض أو زيادة في الضغائن والعصبية بين الناس، بأن هذا الكلام قد رد عليه، وبين مخالفته للحق، وبعده عنه، وأنه لا يتعدى قائله.
وأخيراً: ما أباحه الله تعالى للمظلوم من الدفاع عن نفسه وعن قرابته، والانتصاف لهم ممن اعتدى عليهم.
ونصوص القرآن والسنة في هذا معروفة مشهورة لا تخفى، وبحكم أنني واحد من الهاشميين فإن لي حق رفع الظلم عني وعن سائر قرابتي بردي هذا، بل ولي مقاضاة من ظلمني في المحاكم الشرعية، والمطالبة بتعزيره .
ومن عاب مظلوماً أو تناوله بقبيح لأجل دفعه عن نفسه ولو من عظيم أو صاحب فضل فقد خالف القرآن والسنة والإجماع .
وفي الغالب أنه لا يحس بالظلم ومرارته وآلامه وحرارته وكربه وضيقه إلا من وقع عليه وأصابه، وقد آذاني وآذى من بلغه من آل بيت النبوة كلام الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين هذا أذية بالغة، حيث قطع في فتواه هذه صلتنا بآبائنا وأجدادنا الأوائل, ونسف نسبنا وهدمه، وجعلنا أدعياء دخلاء، ولا ريب أنه لن يتحمله إذا قيل فيه، ولن يقبله، ولن يرضاه ذو نسب لنسبه، بل ولن يتأخر في دفعه ورده كتابة أو مقاضاة أو جمعاً.
ناهيك عن ردة فعل الجاهل .
ولكن مما يعزي المظلوم ويسليه ويخفف ألمه أن الأخذ للمظلوم من الظالم كائن يوم القيامة، وأن دعوته ليس بينها وبين الله حجاب .
نص ا لكلام المردود عليه :
قال الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين كما في الصفحة (140) من كتاب الجريسي :
(ولا شك أن من يدعون أنهم من الهاشميين في دعواهم نظر وذلك لبعد النسب، ولاختلاط الأنساب في القرون الماضية، ولأن كثيراً من العرب قد يريدون الشرف فيدعون أنهم من بني هاشم، ويصدقهم الناس ) .
أوجه الرد :
قلت : والرد على قوله هذا من أوجه عدة :
الوجـه الأول :
إن ما قرره الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين مخالف لما عليه علماء المسلمين في سائر الأقطار واختلاف الأزمان من علماء الأنساب المثبتين لنسب الهاشميين الموجودين في أزمنتهم، وكتب الأنساب والتأريخ والسير والتراجم والرجال والرحلات شاهد حي وحاضر، ودليل ظاهر قاهر، يراها ويقرؤها الصغير قبل الكبير، والذكور والإناث، ومن العرب والعجم .
الوجـه الثاني :
إن دعوى الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين هذه لم يسبق إليها إلا من الرافضة حيث أنكروا جزأً كبيراً من النسب الهاشمي فزعموا : أن لا بقاء لذرية الحسن بن علي رضي الله عنه .
و قد قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في رد فريتهم هذه كما في كتاب " محمد بن عبد الوهاب وآل البيت عليهم السلام" لخالد الزهراني (41-42) :
انظر إلى هؤلاء الأعداء لآل البيت المؤذين رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة بإنكار نسب من يثبت نسبه قطعاً أنه من ذرية الحسن رضي الله عنه، وثبوت نسب ذريته متواتر لا يخفى على ذي بصيرة وقد عد الطعن في الأنساب من أفعال الجاهلية، وقد ورد ما يدل على أن المهدي من ذرية الحسن رضي الله عنه كما رواه عنه أبو داود وغيره .أهـ
ويستفاد من كلامه رحمه الله مسائل :
الأولى: أن هذا القول أذية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وابنته فاطمة رضي الله عنها.
ولا ريب أن أذيتهما من أشد المحرمات .
الثانية: أن ثبوت نسب هذه الذرية متواتر لا يخفى على ذي بصيرة .
بل إن العوام في أمصار المسلمين من عرب أو عجم يشهدون بصحته، فكيف بأهل العلم والنظر والخبرة .
الثالثة : أن من أدلة بقاء اتصال هذا النسب إلى آخر الزمان الأحاديث الواردة في المهدي .
والمهدي من الهاشميين، فهو من ذرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومن ولد فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم .
الرابعة : أن هذا القول من الطعن في الأنساب وهو من أفعال الجاهلية .
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( اثنتان في الناس هما بهم كفر : الطعن في الأنساب، والنياحة على الميت )) .
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :الطعن في الأنساب معناه التعيير بالنسب أو أن ينفي نسبه، مثل أن يقول : أنت تدعي أنك من آل فلان ولست منهم .أهـ
وقال العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله : معنى الطعن في الأنساب أن تقول : ما أنت من بيت فلان، ما أنت ابن فلان .أهـ
الوجـه الثالث:
إن هذا العلة التي ذكرها الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ونسف بها نسب الهاشميين المعاصرين في سائر بلاد المسلمين، من : بعد النسب بين المتقدمين والمتأخرين ، واختلاط الأنساب في الماضي، وإرادة الشرف من كثير من العرب مردودة مبتورة، لأن نتيجتها هي :
إبطال أنساب سائر القبائل المعاصرة جميعاً، وقطع صلتها بأجدادها الأوائل.
وذلك لأنه إذا نسف نسب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم المعاصرين بهذه العلة مع اهتمام النسابين والمؤرخين على مر العصور واختلاف البلدان بتدوينه، وتصنيف الكتب فيه والمشجرات، وكتابة الوثائق والمحاضر وصكوك الأوقاف والأملاك، ووجود ملوك وأمراء يحكمون ينتسبون إليه على مر التاريخ وإلى اليوم، واشتهار أهله بين الناس، ومعرفتهم بهم، ووجود الدواعي الكثيرة للاهتمام به أكثر من غيره، فنسف أنساب غيرهم وإبطالها بهذه العلة من باب أولى وأسهل .
بل إنه لا يوجد نسب اعتنى به النسابون المسلمون، وأهل العلم والتأريخ، وصنفت فيه الكتب أكثر ولا مثل هذا النسب، وذلك لقربه من نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولتعلقه بمسائل كثيرة في الشريعة، وحتى لا يد خل فيه من ليس من أهله، لأن لأهله من الحقوق ما ليست لغيرهم .
حتى قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
فتعلم نسب الرسول صلى الله عليه وسلم لنعرف قرابته ونحبهم، هذا لا شك أنه من أوكد المستحبات .أهـ
الوجه الرابع :
إن في هذا القول من الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين إغلاقاً لباب من أبواب معرفة المهدي الذي يكون في آخر الزمان، وهو معرفته : عن طريق نسبه .
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المهدي منا أهل البيت )) وفي حديث ثاني: (( من ولد فاطمة )) وفي حديث ثالث: ((يواطىء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي )) .
وينظر لذلك : كتاب "عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر " للشيخ عبد المحسن العباد .
وفي هذه الأحاديث إشارة إلى معرفة أمته بأهل بيته، وإلى استمرار هذه المعرفة إلى آخر الزمان، ولهذا نسبه إلى أهل بيته، وحدد أنه من آل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومن ولد زوجته فاطمة رضي الله عنها .
الوجه الخامس :
إن في هذا القول من الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين هدماً لباب من الأبواب الكبيرة في دفع شر الخوارج المارقيـن عن المسلمين، حيث خرجوا في فترات مختلفة، وأزمنة متعددة، زاعمين أن معهم المهدي .
حيث يفضح النسابون وعلى رأسهم أهل البيت النبوي أمر هؤلاء أمام الناس حتى لا يغتروا بهم، وينخدعوا منهم، وذلك عن طريق النسب .
والتاريخ والكتب والواقع شهود .
الوجه السادس :
إن جعل الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ادعاء بعض من يريد الشرف من العرب النسبة إلى البيت الهاشمي من مسببات نسفه لنسب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم المعاصرين جناية عظيمة، وظلم سافر، وعدوان مؤلم على أهل بيت سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وجهل كبير، وخروج على إجماع أهل النسب والمعرفة بأخبار الناس، لأن من المسلمات الواضحات أن انتساب الكاذب الدعي ولو كثر لا يلغي نسب غيره .
الوجه السابع :
إن في قول الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين هذا تجهيلاً للنسابين المعاصرين من مختلف بلاد المسلمين الذين أثبتوا نسب الهاشميين المعاصرين في كتبهم ومخطوطاتهم ومشجراتهم وفي ندواتهم وعبر الصحف والمجلات وغيرها .
ولابأس من ذكر بعضهم في هذا الرد، فمن نجد بلده : النسابة المؤرخ حمد الجاسر، والشيخ عبد الرحمن البسام، والشيخ محمد بن عثمان القاضي، والأستاذ حمد بن إبراهيم الحقيل، ومن الحجاز : النسابة المؤرخ عاتق البلادي الحربي، والأستاذ فايز بن موسى البدراني الحربي، ومن الجنوب محمد بن أحمد العقيلي .
وهناك غيرهم كثير في البلاد السعودية، و في غيرها أكثر وأكثر .
الوجه الثامن :
إن كلام الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين هذا ليس عليه نور العلم، ولا نور أهله،لأن إخراج الناس من أنسابهم أو التعريض بذلك من غير أدلة ثابتة، وبراهين ساطعة، محرم في الشريعة، بل من الطعن في الأنساب، ومن خصال الجاهلية، فكيف إذا كان هذا النسب يتصل برسول رب العالمين إلى الخلق، الذي نقلهم به من نجاسة الشرك إلى طهارة التوحيد، ومن ظلمة البدعة إلى نور السنة، ومن المعصية إلى الطاعة، فهو أشد في الإثم والحرمة، لأن فيه أذية للرسول صلى الله عليه وسلم وأذية لابنته فاطمة وزوجها علي وابنها الحسن وأخيه الحسين رضي الله عنهم، ومخالفة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال لأمته موصياً : (( أذكركم الله في أهل بيتي ))
ولهذا لما ذكر الحافظ السخاوي رحمه الله في كتابه " استجلاب ارتقاء الغرف " الأحاديث المرهبة من ذلك قال : ومن هنا توقف كثير ممن أدركناه من قضاة العدل عن التعرض لذلك ثبوتاً ونفياً، للرهبة مما قدمته .أهـ
الوجه التاسع :
إن من المعروف عند النسابين والمؤرخين وغيرهم من أهل المعرفة بالناس وأيامهم وأخبارهم أن أنساب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من أكثر أنساب الناس تدويناً وضبطاً وتوثيقاً وانتشاراً، وأن الدخول فيها بغير أدلة أصعب وأعسر من الدخول في غيرها، ومن أدخل نفسه فيها بغير برهان فهو عرضة لنقد ونقض النسابين من الهاشميين ومن غيرهم، ثم إن للهاشميين نقابات مشهورة في أصقاع الدنيا تحفظ أنسابهم في البلدان التي استوطنوها أو تواردوا عليها، ولا يقبل ادعاء أحد من جهتهم إلا بتوثيق منهم .
ولما ادعى العبيديون زوراً وبهتاناً نسبتهم إلى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يسكت الهاشميون وغيرهم من أهل المعرفة بالأنساب عنهم، بل تتابعوا في الإنكار عليهم، وإبطال نسبتهم .
وقد جاء في الرسائل الكمالية (8/ 326) عن ابن عنبة : وقد كثر القول في نسب الخلفاء الذين استولوا على المغرب ومصر ونفاهم العباسيون، وكتبوا بذلك محضراً شهد فيه جل الأشراف ببغداد .أهـ
وقال المؤرخ الشهير والمفسر والمحدث الكبير ابن كثير رحمه الله في كتابه" البداية والنهاية" (11/369) و تحت عنوان : الطعن من أئمة بغداد وعلمائهم في نسب الفاطميين :
وفي ربيع الآخر منها كتب هؤلاء ببغداد محاضر تتضمن الطعن والقدح في نسب الفاطميين وهم ملوك مصر وليسوا كذلك، وإنما نسبهم إلى عبيد بن سعد الجرمي، وكتب في ذلك جماعة من العلماء والقضاة والأشراف والعدول والصالحين والفقهاء والمحدثين، وشهدوا جميعاً أن الحاكم بمصر وهو منصور بن نزار الملقب بالحاكم...وأن من تقدم من سلفه أدعياء خوارج، لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب، ولا يتعلقون بسبب، وأنه منزه عن باطلهم، وأن الذي ادعوه إليه باطل وزور، وأنهم لا يعلمون أحداً من أهل بيوتات علي بن أبي طالب توقف عن إطلاق القول في أنهم خوارج كذبة، وقد كان هذا الإنكار لباطله شائعاً في الحرمين، وفي أول أمرهم بالمغرب منتشراً انتشاراً يمنع أن يدلس أمرهم على أحد، أو يذهب وهم إلى تصديقهم بما ادعوه ا.هـ
ولا يزال النسابون من آل بيت النبوة وإلى أيامنا هذه يكتبون ويردون على من ادعى أنه منهم والأدلة والبراهين ترد دعواه، وردودهم ودور القضاء شاهدة، وأهل الاختصاص على دراية ومعرفة بذلك .
الوجه العاشر:
إن من المتقرر عند أهل العلم والنظر من المتقدمين والمتأخرين وعموم الناس : أن الناس في هذه الدنيا مؤتمنون على أنسابهم .
وقد قال الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين كما في نفس كتاب الجريسي المتقدم ذكره كما في الصفحة : (136) عقب هذه المقولة :
فإذا تسمى إنسان بأنه من قبيلة بني فلان، فإنه مأمون على نسبه، ما لم يكن هناك دليل على خطئه .أهـ
قلت : فهو يقرر هذا في حق انتساب إنسان واحد لم يشتهر نسبه، وليس معه إلا دعواه، وأنه لا يعترض عليه من أحد إلا بدليل، ولا يلتزم هذا مع ألوف أنسابهم مستفيضة مشتهرة بين الناس، وأثبتها النسابون والمؤرخون وألوا العلم والنظر، وجماهير المسلمين، والكتب والمخطوطات والمشجرات والوثائق والمحاضر والصكوك والأوقاف فيها موجودة متكاثرة مستفيضة .
ولا يزال العجب يأخذني لماذا هذا الأسلوب، وهذه الطريقة، مع أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وقرابته في هذه الفتوى وغيرها له ؟
مع أن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم المعاصرين ليسوا بمطالبين بإثبات نسبهم لأحد، وتقديم أدلة على ذلك، بل يكفيهم استفاضة واشتهار نسبهم بين الناس، عند من له أدنى معرفة بأصول الناس وفروعهم وأخبارهم وأحوالهم .
فكيف إذا اجتمع مع هذة الاستفاضة والشهرة ما تقدم من الإثباتات ؟
وقد قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كما في "موسوعة الأحكام والفتاوى الشرعية" ( الصفحة: 747-748 ) :
إذا اشتهر أن هذا الرجل ينتسب إلى القبيلة الفلانية، فلا حاجة إلى إقامة بينة خاصة، لأن هذا الاشتهار في هذا يكفي، فهو من الأمور التي يشهد عليها بالاستفاضة.أهـ
وما ذكره رحمه الله من ثبوت النسب بالشهرة والاستفاضة هو محل إجماع بين أهل العلم .
بل أنه يحرم عند أهل العلم على كل من اشتهر واستفاض أنه من قبيلة معينة أن ينتفي عنها، من غير دليل ثابت ظاهر، حتى ولو خالجته شكوك، أو تأثر بكلام .
وذلك لما يترتب على هذا الانتفاء من المفاسد في باب الصلة والقطيعة وأمور الإرث وغيرها.
وتزداد الحرمة وتشتد إذا كانت النسبة إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لما لهم من الأحكام الزائدة على غيرهم، مما هو مشهور معروف في كتب أهل العلم والفقه .
الوجه الأخير :
مع جملة من الأقوال تبين الاعتناء الكبير والاهتمام الشديد بتدوين أنساب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم منقولة من كتاب : " الإشراف في معرفة المعتنين بتدوين أنساب الأشراف أهل الحجاز " للشريف إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير (6-8) :
1- قال الفقيه الهيتمي (973هـ) : ولم تزل أنساب أهل البيت النبوي مضبوطة على تطاول الأيام، وأحسابهم التي بها يتميزون محفوظة عن أن يدعيها الجهال واللئام، قد ألهم الله من يقوم بتصحيحها في كل زمان، ومن يعتني بحفظ تفاصيلها في كل أوان، خصوصاً أنساب الطالبيين والمطلبين .أهـ
2- وقال العلامة المؤرخ حمد الجاسر : لعل أبرز جانب استمرت العناية به تزداد وتقوى من علم الأنساب ما يتصل بآل النبي صلى الله عليه وسلم فقد عني كثير من العلماء والمتشيعين لهم رضوان الله عليهم عناية تمثلت في كثرة المؤلفات والمشجرات التي لا تدخل تحت الحصر لكثرتها منذ أن ألف يحي بن الحسين بن جعفر العقيقي (214-277هـ) كتابه " أنساب آل أبي طالب " إلى عصرنا .أهـ
3- وقال الأديب المؤرخ عاتق البلادي : إن بعضهم ـ أي الأشراف ـ يحفظ هذا النسب فلان بن فلان إلى علي وفاطمة عليهما رضوان الله .أهـ
وكتبه : الشريف عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجـنيد
في : 23/2/1428هـ
الملحق :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه.
وبعد:
فإلحاقاً لما تقدم أنبه على أمور :
الأول : إن للدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين كلاماً آخر في شأن نسب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم شبيه بما تقدم نقله هنا، وقد وقفت عليه بعد كتابة هذا الرد.
الثاني: من المتقرر عند أهل السنة وفي كتبهم أن لأهل بيت النبوة على اختلاف الأزمان والأمصار مزية ليست لغيرهم، وذلك فضل الله يؤته من يشاء، وليس للمؤمن إلا التسليم والانقياد والرضا، وقد قال الدكتور عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين ـ كما في المصدر السابق ـ حين سئل :هل لطبقة السادة"الأشراف الهاشميين"مزية على غيرهم من عامة المسلمين ؟ : ( كان لهم ميزة في العهد النبوي، وما قرب منه، حيث منعهم من أخذ الزكاة، لأنها من أوساخ الناس، ولكن هذه الميزة قد ضعفت في هذا العهد، لبعدهم من النسب الهاشمي، فإن أولئك كانوا يجتمعون مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجد الثالث، أو نحوه، وهؤلاء إنما يجتمعون به بعد ثلاثين جداً أو أربعين، فضعفت تلك الميزة ) .
الثالث: قد نوصح الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين من غير واحد من أهل العلم والفضل من مناطق مختلفةحول هذا الكلام وطلب منه الرجوع، وإلى الآن لم يصدر عنه شيء.
بل أفاد بعضهم عدم الرجوع، وبعضهم بعد الحماسة سكت.
الرابع : نزلت عدة ردود على كلام الدكتورعبد الله بن عبد الرحمن الجبرين في بعض الجرائد،ومنها:
1- رد كتبه الأخ عبد الله بن فراج الشريف في جريدة المدينة ( العدد :16042،في : 7/3/1428هـ الصفحة:15) وملحق في العدد :16063،في :28/1428هـ الصفحة :15 ).
2- تعليق للشيخ عبد الله بن سليمان المنيع في جريدة الوطن ( العدد :2376، في :14/3/1428هـ الصفحة :24) ومما جاء فيه :
فالذي نعرفه من المصادر الموثوقة أن المنتسبين إلى الأشراف والسادة انتسابهم موثق توثيقاً يتوارثه الخلف منهم عن السلف، ولا يخفى أن أهل العلم مجمعون على أن الاستفاضة في النسب معتبرة شرعاً ولها حقها في القبول والثبوت والإثبات .أهـ
ومما جاء فيه أيضاً : وما قيل في الفتوى عن العهد الذي بين أشراف وسادة اليوم وبين عهد من ينتسبون إليهم عهد طويل لا يصلون إليه إلا بعد مرور من أكثر من ثلاثين جداً، نقول لصاحب الفتوى حفظه الله : إن من ينتسب إلى قحطان من أفراد عصرنا الحاضر لا يصل إليه إلا بعد اجتياز ما لا يقل عن ثمانين جداً، فهل هذا يكون سبباً في التشكيك في نسبه ؟ ولو جاء من ينسبه إلى عدنان ألا يعترض على هذه النسبة ؟ فالناس مؤتمنون على أنسابهم والتعرض لها بما يجرح مشاعر أهلها من قبيل الطعن في الأنساب، وهو مسلك مذموم في الإسلام، ومن دعاوى الجاهلية إهـ
3- بيان صادر عن عدد من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد أشير إليه في جريدة الوطن ( العدد :2395 في 4/4 1428هـ الصفحة :25 وتحت عنوان : علماء الأشراف يطالبون الشيخ ابن جبرين بالتراجع عن فتواه حول نسبهم ) .
الخامس : لم أقل في ردي هذا : الرد على الجبرين، أو قال الجيرين، أو قال عبد الله الجبرين، أو دفع أذية الجبرين، وإنما ذكرت اسمه كاملاً أدباً واحتراماً وتحسساً لمشاعر عائلته ـ غفر الله لنا ولهم ـ ومن تشابه اسمه مع اسمه منهم، ودفعاً لما قد يقع من لبس للقارىء أو السامع .
السادس : يطلق في اصطلاح المتأخرين لقب الأشراف أو السادة على كل من كان من نسل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما وعن أبيهما علي بن أبي طالب وأمهما فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وألحقه: الشريف عبد القادر بن محمد الجنيد ( في 13/4/1428هـ )
توقيع : الهاشمية القرشية | وأفضل الناس من بين الورى رجل تقضى على يـده للنــاس حاجــــات لا تمنعـن يـد المعــروف عن أحـــد مـا دمـت مقـتـدراًَ فالســعـد تــارات واشكر فضـائل صنـع الله إذ جُعــلت إليـك لا لـك عنـد الـنــاس حـاجــات | |
| |