نبذة عن الشاعر :
هو بركات بن مبارك بن عبدالمطلب الحسيني الهاشمي . . .
لقبه ((الشريف)) نسبة إلى الأشراف وهم الذين ينتهي نسبهم
إلى الخليفة الرابع على بن أبي طالب كرم الله وجهه.
عاش بركات الشريف في أواخر القرن العاشر وأوائل القرن
الحادي عشر الهجري . . . من أشراف مكة المكرمة القلائل الذين
اجتمعت فيهم الشجاعة والفروسية والحكمة والأدب وقد تميز
برجاحة عقلة وسعة نظره . . . كان شاعراً ذا شعبية كبيرة بين
القبائل وله مآثر كثيرة وأفضال كثيرة عليهم فقد كان جواداً كريماً
لا يرد سائلاً فتسابق الشعراء في مدحه ذاكرين خصاله وسجاياه
الحميدة طامعين بهباته , وكان دائماً عند حسن ظنهم فيه حتى قيل
أنه يعطي كل ما يملكه دون بخل ودليل ذلك قول الشعيبي فيه.
تلجـأ إليهـا مفاتيـح الرجـال كمـا
يلجـأ الجـواد ابـن الكريـم السيـدا
وفيّ الذمـام عن المـلام ابن مبـارك
ابـن الملـوك خليفـة آل محمــدا
ملـك مضيفـه لم يـزل مـد البقـا
لجميـع وفّـاد البـرايـا مقصــدا
هـذا يشيـد وهـذا بعيشـه راغـدا
طول الزمان وهـذا يـروح موفّـدا
وقد بلغت شاعرية بركات الشريف القمة خصوصاً حينما نظم
وصيته المشهورة التي يوصي بها ولده ((مالك)) وكانت
وصية كاملة شاملة عامة تصلح للناس كلهم على مختلف
فئاتهم وعصوهم حتى أسماها الناس ((دستور الرجولة))
وهي فعلاً كذلك فقد شملت كل أوجه الحياة ولم يغفل شاعرنا
فيها بيتاً واحداً إلاَّ وضمنه حكمة أو وصية تدل على صدق شاعريته
وعمق نظرته وبعد نظره واستفادته من تجربته بالحياة التي ترجمها ببراعة
قصيدته فكانت حقاً من عيون الشعر النبطي وما زال الناس يستشهدون
بوصيته تلك حتى الآن وأصبح كل بيت منها موضوعاً وكل شطره منه
حكمة تغني عن شرح طويل , فقد استعرض فيها شاعرنا شئون الحياة.
وهذه بعض من أبيات القصيدة:
تربية الأولاد:
أدّب ولـدك إن كـان تبغيـه يشفيـك
لـو تزعـل أمـه لا تخلّيـه ياطـاك
أما سمج واستسمجـك عنـد شانيـك
ويفر من فعلـه صديقـك وشـرواك
وإلاَّ بعـد جهلـه تـراهـو بياذيـك
لو صاحـت أمـه لا تخلّيـه يـالاك
تصريف الأموال:
احفظ دبشك اللي عن النـاس يغنيـك
اللي إليا بـان الخـلل فيـك يرفـاك
وطالع ترى مكـة ولاهـا ابناخيـك
لو تطلبه خمسة ملاليـم ما أعطـاك
اجعل دروب المرجله كلها من معانيك
واحذر تمايل عن درجهـا بمرقـاك
كرم الأخلاق:
هـرج النميمـة لا يجـي فـي فيـك
وإياك عرض الغافـل إيـاي وإيـاك
تبدي حديـث النـاس وفيـه تشكيـك
وتهيم بين النـاس بالكـذب وشـراك
واعرف ترى منهو حكالك حكا فيـك
وأصبحت مبغضنـا وحنـا كرهنـاك
اختيار الصديق:
الحر مثلك يستحـي يصحـب الديـك
وان صاحبه عاعا معاعـات الأديـاك
صديقـك اللـي بالعطايـا يمـانيـك
انصه بقضيـا حاجةٍ قبـل ينصـاك
أمـا تجـي منـه العطايـا تباريـك
وإلاَّ تعـذر دون مـالك إليـاجـاك
بعد النظر:
يا ذيب وإن جتك الغنـم في مفاليـك
فاكمـن إليـن إن الرعايـا تعـداك
من أولٍ يا ذيـب تفـرس بياديـك
واليوم جا ذيبٍ على الفرس عـداك
يا ذيب عاهدني وأعاهدك ما أرميك
ما أرميك أنا يا ذيب لو زان مرماك
لــــســـــمـــاع الــقــــــصــــيـــدة :
www.qassimy.com/up/users/star/abrkaaat.rm
والقصيدة أطول من ذلك بكثير ومليئة بالحكم والمواعظ والوصايا.
ولم يكن شاعرنا شاعر حكمه فقط بل كانت له قصائد قوية مشهورة
في مختلف فنون وأغراض الشعر النبطي منها قصيدة قالها بالخلاف
الذي حصل بينه وبين الأشراف جماعته فأمره والده بمغادرة
مكة المكرمة ففعل وخرج منها وسكن الصحراء فأرسل
لوالده القصيدة التي كانت سبباً لرجوعه معززاً مكرماً يقول بمطلعها:
عفا الله عن عينٍ للأغضـا محاربـه
وجسـمٍ دنيـفٍ زايـد لهـم شاغبـه
أسهـر ليانـام المعافـي ومـدمعـي
قد هل من بيـن النظيريـن ساكبـه
ويعد شاعرنا علامة مميزة في مسيرة الشعر النبطي عبر
الأجيال التي توارثته فلا يخلوا كتاب صدر عن الشعر النبطي
من قصيدة له يفتتح بها الكتاب أو يستشهد بها المؤلف.
إلاَّ أنه لم يجمع تراثه في كتاب واحد.