03-08-2006, 02:54 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | صاحبة الموقع | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Jan 2006 | العضوية: | 3 | المشاركات: | 5,550 [+] | بمعدل : | 0.80 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
المكتبة الهاشمية الحوار في القرآن الكريم آدابه وفضائله الحوار في القرآن الكريم آدابه وفضائله
إعداد
الأستاذ/ خليل إبراهيم فرج
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه بإحسان إلى يوم الدين..
وبعد:
إن من الأعمال القيمة التي يقوم بها المسلم، ويعتني بها أيما اعتناء هو إسهامه بنشر العلوم الإسلامية المختلفة، وتوضيحها للمسلمين وتسهيلها عليهم، وقيامه بنشرها بأسلوب سلس سهل، حتى يتمكن المسلمون من الاستفادة من تلك الثروة الهائلة من العلوم الإسلامية التي تركها لنا علماء المسلمين في شتى ميادين الشريعة الإسلامية من تفسير وفقه وأصول فقه وعلوم الحديث.. إلخ، نتيجة لما بذلوه من جهود جبارة في سبيل تدوين تلك العلوم الإسلامية وتقعيد قواعدها وتسهيلها للمسلمين للاستفادة منها.
ومن الواجب أن يتعمق المسلمون في هذا التراث العلمي الهائل، وأن يقوموا بنشره بما يحقق الفائدة الكبرى للمسلمين، وبما يوجد حلولاً عدة لمشاكلهم الكثيرة.
جاء في كتاب الرسالة: "فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلاّ وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها"([1]).
ولعل من أجلِّ العلوم وأعظمها علم التفسير؛ وذلك الشرف ناله ذلك العلم لارتباطه بكتاب الله -عز وجل-، ذلك الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ذلك الكتاب الذي تقرر لدى المسلمين بما لا يدع مجالاً للشك بأنه عمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة ونور الأبصار والبصائر، وأنه لا طريق إلى الله سواه ولا نجاة بغيره ولا تمسك بشيء يخالفه([2]).
ذلك الكتاب الذي أفحم الفصحاء، وأعجز البلغاء أن يأتوا بمثله، ميسر للفهم فيه عن الله ما أمر به ونهى.
قال تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) ([3]). وقال -عز وجل-: (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّا) ([4]).
ذلك الكتاب من حكم به عدل، ومن قال به صدق، ومن طلب الهداية في غيره فقد ضلّ سواء السبيل، ومن تبع هداه فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عنه فإن له معيشة ضنكا!
قال الناظم([5]):
ومن لجلباب الحيا أزاحه ------------------- معارضاً له حوى افتضاحه
كمثـل ما جاء به مسـيلمة ------------------- من ترهات باختلال معلمة
ركيكة في لفظها والمعنى ------------------- كقوله والطاحنات طحنا
ولقد اهتم العلماء كثيراً بكتاب الله -عز وجل- فنهلوا مما فيه من علوم شتى، واستفادوا منها وأفادوا المسلمين بنشرها، ولا يزال كتاب الله -عز وجل- هو مصدر العلوم المختلفة.
ومن ضمن تلك العلوم علم التفسير، فالواجب على العلماء أن يقوموا بالكشف عن معاني كلام الله -عز وجل-، وتفسير ذلك وطلبه من مظانه، وتعلم ذلك وتعليمه، كما قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) ([6]).
وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ([7]).
فاستحق أهل الكتاب الذم لبعدهم عن كتاب الله المنزل عليهم وإقبالهم على الدنيا وجمعها واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله، فعلينا أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به، وأن نأتمر بما أمرنا به من تعلم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه وتفهمه وتفهيمه([8]).
ولذا اهتم العلماء منذ عصر الصحابة بتفسير القرآن، ومن أجَلِّهم عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- الحبر البحر ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترجمان القرآن ببركة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل([9]).
كما اهتم أكابر الصحابة، ثم تابعهم على ذلك العلماء. ولكن على ما أُوتي أولئك العلماء وخاصة من الصحابة والتابعين من الفصاحة، وتوقد الذهن، إلاّ أنهم كانوا يضعون قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار)([10]) نصب أعينهم، وهذا أبوبكر الصديق يقول -رضي الله عنه-: (أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم)([11]). وكذلك وردت آثار بنفس المعنى عن التابعين([12]).
ولكن كان ذلك التفسير بغير علم، أما إن كانت له دراية في التفسير وعلومه المترابطة به فلا حرج في ذلك، بل نحن مأمورون به مصداقاً لقوله تعالى: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) ([13]).
وقد اشتغل العلماء بالقرآن وما فيه من علوم، فبعضهم اشتغل بتفسير ما فيه من آيات الأحكام، والتي تشتمل على أحكام شرعية، وبعضهم اشتغل بما فيه من البلاغة وعلوم النحو والصرف.. إلخ.
ومن الملاحظ للمستقرئ آيات القرآن الكريم أنه هناك في القرآن أسلوباً متميزاً، ألا وهو أسلوب الحوار، الذي يوجد منه الكثير في آيات هذا الكتاب العزيز، جاء القرآن ليعرض الحوار بشكل متميز يسترعي الانتباه ويلفت الأنظار، ويترك للعقول المجال الواسع لاستنباط العبر والعظات من تلك المحاورات العديدة التي حفل بها القرآن العظيم، والتي جاءت في سور عدة في القرآن الكريم، وجاءت تلك المحاورات لتتحدث عن مواضيع مختلفة تهم الناس كافة.
وقد جرت تلك المحاورات بين أطراف متعددة، كلها تعطي لنا دروساً كثيرة وجمة، وتشعرنا بأن هذا الأسلوب لم يأت به الله -عز وجل- منزل ذلك الكتاب عبثاً، بل لفائدة عظيمة جليلة، فنجد محاورات عدة في القرآن الكريم، منها محاورات كان أحد طرفيها الله -عز وجل- كما حاور رب العزة الملائكة وإبليس، وجرت تلك المحاورات في بعض الأحيان على ألسنة الرسل مع أقوامهم، وعلى ألسنة المؤمنين مع الطواغيت، وغير ذلك من تلك المحاورات.
فإن موضوع الحوار في القرآن الكريم من الموضوعات الهامة التي تدور أساساً على الإيمان بالله ورسله، وعلى وحدانيته وأحقيته بالعبادة دون غيره، والإيمان بالبعث والجزاء، وهذه العناصر الثلاثة من أهم قضايا القرآن الكريم، ولهذا كانت موضع جدل وحوار.
فالقرآن الكريم بشموليته لم يترك لنا باباً إلاّ وقد تناوله بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة التي حاج بها خصومه في صورة جلية واضحة يدركها الداني والقاصي، الجاهل والمتعلم، العام والخاص، معطلاً كل شبهة، بأسلوب واضح وتركيب سليم لا يحتاج إلى إعمال الذهن في المسألة المطروحة، لأنه يذكر لنا الحقائق ويقررها بوضوح فيلمسها الإنسان بنفسه دون عناء.
فالقرآن الكريم ما جاء في الحقيقة إلاّ لهداية الناس لكي يحتكموا إلى الصوات والحق، وإلى أن ينتهوا ويسلكوا الطريق السوي الصحيح، ألا وهو طريق الحوار العقلي المجرد عن اتباع الهوى؛ لأنه أقرب طريق يوصل إلى الحق ويبعدهم عن طريق التعصب واستخدام القوة في تسوية الخلافات العقائدية والاجتماعية.
فالقرآن الكريم وضع القواعد وأصَّل الأصول لحل جميع القضايا، ومن أهمها الحوار القائم على العقل لا على القوة كوسيلة إلى التعامل مع المخالفين مع أن القرآن يعترف بها كعقوبة للمصرين على الباطل بعد وضوح الحق وهي وسيلة نهايته لإعادتهم إليه.
وقد حكى لنا القرآن الكريم صوراً مختلفة للحوار، كحوار الله سبحانه وتعالى مع الملائكة والبشر وهو الجبار المنتقم ذو القوة المتين القادر على إنهاء الخلاف كما يجب وكما يريد، ولكنه سبحانه وتعالى حاورهم وتقبل منهم ما حاوروا فيه، وإن كان فيه ما يشبه الإنكار والاعتراض أحياناً على الله في ظاهر اللفظ.
كما في قول الملائكة لله سبحانه وتعالى: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) ([14])، وكان هذا رداً منهم على الله حينما قال لملائكته: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَة) ([15]).
وحواره سبحانه وتعالى مع إبراهيم -عليه السلام- حينما سأل ربه فقال: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى) ([16]).
وكأنه غير متيقن تماماً من البعث كل اليقين، هل قال له ربه تأدب يا إبراهيم؟، هل استعمل معه القوة؟، لا بل حاوره حواراً علمياً مقنعاً، فقال له رب العزة: (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)
وصورة أخرى في حواره سبحانه وتعالى مع نوح -عليه السلام- الذي ناجى ربه لينقذ ولده من الغرق، فحاوره الله -سبحانه وتعالى- لأجل أن يبين له الحق والصواب كما في قوله تعالى: (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ، قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ، قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) ([17]). وحواره سبحانه وتعالى مع موسى -عليه السلام- عندما طلب من ربه بكل إلحاح: أن يأذن له برؤيته سبحانه وتعالى لأجل أن يزداد يقيناً وليحاج بما رأى قومه الذين قالوا له "أرنا الله جهرة".
فكيف كان الحوار هل ردَّ الله عليه مقولته وطلبه، بل حاوره الله ليملأ نفسه يقينا كما في قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)([18]).
وحوار الله سبحانه وتعالى مع إبليس العاصي اللعين المخالف المتحدي لأوامر الله سبحانه وتعالى، مع ذلك حاوره الله سبحانه وتعالى ليعلم الله الناس أن الطريق إلى إظهار الحق وإحقاقه لا يكون بالقوة وإنما طريق الحوار العقلاني البناء مهما كانت طبيعة الخلاف، ومن ثم فإن مسألة الحوار من المسائل المهمة في المنطق الإسلامي، كأسلوب متحرك عملي في الوصول إلى الحقيقة، وفي حركة الصراع في القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية، لأنه الوسيلة المثلى التي يعبر فيها الإنسان عن فكره بطريقة خاصة سواء كان بالرفض أو بالإيجاب، أو قبوله لأفكار الآخرين.
أهمية الموضوع:
ترجع أهمية الموضوع إلى انه يتناول موضوعا متعلقا بكتاب الله عز وجل ويستعرض أسلوباً من أساليب القرآن ألا وهو أسلوب الحوار المتميز في كتاب الله عز وجل.
سبب اختيار الموضوع:
يرجع سبب اختياري لموضوع الحوار في القرآن الكريم إلى عدة أمور منها:
1- أهمية أسلوب الحوار في عرض الدعوة الإسلامية.
2- بيان هذا الأسلوب المتميز الذي اتبعه القرآن الكريم بشكل منهجي.
3- إن أسلوب الحوار من أنجع الأساليب وأمثلها لحل المشاكل بين الأفراد، حيث تدور المحاورات ويبدي كل منهم رأيه ووجهة نظره بعيدا عن الضغوط وبعيدا عن الأهواء الفاسدة.
4- تقسيم الحوار في القرآن الكريم إلى مناهج تربوية بأسلوب ميسر تمكن المسلم من تناولها فهما وتطبيقا.
توقيع : الهاشمية القرشية | وأفضل الناس من بين الورى رجل تقضى على يـده للنــاس حاجــــات لا تمنعـن يـد المعــروف عن أحـــد مـا دمـت مقـتـدراًَ فالســعـد تــارات واشكر فضـائل صنـع الله إذ جُعــلت إليـك لا لـك عنـد الـنــاس حـاجــات | |
| |