:: New Style ::
التسجيل البحث لوحة العضو دعوة اصدقاء تواصل معنا

الإهداءات

         
 
عودة للخلف   منتدى الهاشمية > منتديات علمية > المكتبة الهاشمية
 
         

رد
 
LinkBack أدوات الموضوع أنماط عرض الموضوع
قديم 03-08-2006, 02:40 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
صاحبة الموقع
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية الهاشمية القرشية

الهاشمية القرشية غير متصل

البيانات
التسجيل: Jan 2006
العضوية: 3
المشاركات: 5,550 [+]
بمعدل : 0.80 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
الهاشمية القرشية غير متصل
وسائل الإتصال:

المنتدى : المكتبة الهاشمية
إفتراضي ملامح الخطاب الدعوي النبوي

ملامح الخطاب الدعوي النبوي

بحث
الأستاذ الدكتور/ أحمد يوسف أبو حلبية
أستاذ الحديث الشريف وعلومه وعميد الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بغزة
ورئيس جمعية القدس للبحوث والدراسات الإسلامية
ونائب رئيس رابطة علماء فلسطين بمحافظات غزة
لقد أرسل الله سبحانه وتعالى نبيّه محمداً صلّى الله عليه وسلّم بالهدى ودين الحقّ ؛ ليظهره على الدين كلّه ولو كره الكافرون ، كما بعثه الله تعالى شاهداً ومبشّراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، وعمل جاهداً على تحقيق الأهداف التي بُعِث من أجلها ؛ في الشهادة على الخلق جميعاً أنّ إخوانه الأنبياء والمرسلين قد بلّغوا رسالات السماء ، وفي تبشير المؤمنين بالإقامة الدائمة في جنّة عرضها السماوات والأرض ورضوانٍ أكبرَ من الله عزّ وجلّ ، وإنذار الكافرين والمنافقين بسخط الله تعالى وبالجحيم ونار السموم ، فاجتهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في تبليغ هذه الرسالة وأداء هذه الأمانة على الوجه الأكمل ، ودعوة الخلق من الثقلين(الإنس والجنّ) وإنارة الطريق لهم في هذه الحياة الدنيا بإذن الله جلّ وعلا ، وكان للرسول صلّى الله عليه وسلّم منهجُه المتميّز في دعوة الخلق لهذا الدين الحنيف ، وتعليم المسلمين أمور دينهم ، ونشر هذا النور الذي جاء به من عند الله جلّ جلاله ؛ وذلك لأنّه الرسول والقدوة والأسوة الطيبة الحسنة والمعلّم والمربّي والداعي إلى الله تعالى بحق وصدق ، وقد كان لهذا المنهج ملامح وسمات عِدّة تمثّلت في الأمور التالية :

أولاً : اتباع أسلوب التدرج في التعليم وتبليغ دعوة الله تعالى : كانت المهام الرئيسة التي كُلِّف بها النبي صلّى الله عليه وسلّم من الله عزّ وجلّ هي بيان القرآن وشرح معانيه وتحديد أهدافه ، وإفتاء الناس وتوضيح الحلال والحرام لهم ، والفصل في الخصومات بينهم ، وإقامة الحدود على العصاة منهم ، ومحاربة الكفر والكافرين وأعداء الإسلام ، وسياسة أمور الدولة الإسلامية التي أنشأها في المدينة المنورة وأخذت رايتها تنتشر خارج حدودها .

وهذه المهام لا يمكن تحقيقها فجأة جملة واحدة ومن ثَمّ تغيير حياة الناس من جاهلية وكفر إلى معرفة وإيمان ، بل كان لا بد من اتباع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أسلوب القرآن الكريم في التدرج في التشريع وبيان الأحكام لانتزاع العقائد الباطلة والعادات السيئة الضارة ومحاربة المنكرات والرذائل التي كانت منتشرة في الجاهلية ، ومن ثمّ الاستعاضة عن ذلك بالعقائد السليمة والعادات المفيدة والعبادات الصحيحة والأحكام والمعاملات السويّة ، والدعوة إلى القيم السامية والأخلاق الحسنة الحميدة والآداب الرفيعة .

وقد وجّه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أصحابه إلى اتباع هذا المنهج في التدرج في الدعوة إلى الله جلّ وعلا ، وفي تبليغ تعاليم هذا الإسلام العظيم ؛ كما في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه من حديث معاذ بن جبل أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثه إلى اليمن فقال له : "إنّك تأتي قوماً من أهل الكتاب ، فادعهم إلى شهادة أنْ لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله ، فإنْ هم أطاعو لذلك فأعلمهم أنّ الله افترض عليهم خمس صلوات في كلّ يوم وليلة ، فإنْ هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم ، فإنْ هم أطاعوا لذلك فإيّاك وكرائم أموالهم ، واتّقِ دعوة المظلوم ! فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب"([1]) .

ثانياً : اتخاذ المقرّ والمكان الذي يلتقي فيه بأصحابه جميعاً : اتخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم منزله ودار الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه في مكة المكرّمة ؛ ليكونا مقرّاً يجتمع فيه بأصحابه ليعلمهم أمور دينهم ويحفّظهم القرآن الكريم الذي يتنزّل عليه من عند الله تعالى . كما كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يستغل بعض بيوت المسلمين ؛ لتكون ملتقى لبعض أصحابه ، ليعلّم بعضُهم بعضاً ؛ كما كان خبّاب بن الأَرَتّ يعلّم سعيد بن زيد وزوجته فاطمة بنت الخطاب(أخت عمر بن الخطاب) رضي الله عنهم القرآن الكريم وأحكام هذا الإسلام العظيم كما في قصة إسلام عمر رضي الله عنه([2]) .

ثم اتخذ عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة – بعد هجرته إليها – المسجد النبوي الشريف ؛ حيث أصبح هذا المسجد هو مقرّه الرئيس للتعلم والتعليم والإفتاء والقضاء والعبادة وتسيير الجيوش واستقبال الوفود وإبرام الاتفاقات وقضاء أمور المسلمين والناس جميعاً .

كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يستغل بيوت أزواجه أمهات المؤمنين في تعليم النساء أحكام وفقه النساء .

ثالثاً : عقد مجالس العلم وإعطاء الفرص الممكنة لتبليغ الأحكام ونشر الدين : كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يفسح المجال أمام المسلمين والناس جميعاً ؛ لاستفتائه والاستفهام منه وسؤاله عن أمور دينهم في الطريق وفي جميع المناسبات وفي سفره وإقامته وفي حلّه وترحاله وفي سلمه وحربه .

كما كان النبيّ عليه الصلاة والسلام يكثر من عقد مجالس العلم ؛ حيث يجتمع حوله أصحابه حِلَقاً حِلَقاً ليذكّرهم بالله عزّ وجلّ ، ويبيّن لهم الحلال والحرام . قال أنس بن مالك رضي الله عنه : إنما كانوا إذا صلّوا الغَدَاة قعدوا حِلَقاً حِلَقاً ، يقرؤون القرآن ويتعلمون الفرائض والسنن([3]) . وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتخوّل أصحابه بالموعظة بين حين وآخر مخافة السآمة والملل أنْ يدخل نفوسهم . قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يتخوّلنا بالموعظة في الأيام مخافة السآمة علينا(4) .

رابعاً : إنزال الناس منازلهم ومخاطبتهم على قدر عقولهم : كان النبي صلّى الله عليه وسلّم القدوة الطيبة في ذلك يراعي تفاوت المدارك عند الناس ، ويقدّر اختلاف قدراتهم الفطرية ومواهبهم المكتسبة ، ومن ثَمّ كان يخاطب كل إنسان بما يناسب عقلـه وفهمه وإدراكه ، ويعطيه من العلم أو الجواب على سؤاله ما يلائم بيئته وطبيعته وفطرته ونفسيته ، ومن ثَمّ يكون مقنعاً له بحيث كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يفهمُ عليه أهلُ البادية وأهل الحضر وأهل القرية والريف وكلّ مَنْ يتحدّث معه .

ويدلّ على هذا الصنيع من النبي عليه الصلاة والسلام ما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنـه قـال : جاء رجـل من بنـي فَزَارة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ، فقال : إنّ امرأتـي ولدت غلاماً أسود ، وإنّي أنكرته ، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم : "هل لك إبل؟" قال : نعم ، قال : "فما ألوانها؟" ، قال : حُمْر ، قال : "هل فيها من أَوْرَق؟ " ، قال : إنّ فيها لأوَرَق ، قال : "فأنّى أتاهـا ذلـك ؟" قال : عسـى أنْ يكـون نَزْعَة عِرْقٍ ، قـال : "وهـذا عسى أنْ يكون نزعة عِرْقٍ"(1) .

ومن مخاطبة الناس على قدر عقولهم كان النبيّ عليه الصلاة والسلام يخاطب الناس بلغاتهم ولهجاتهم أحياناً ؛ وذلك ليقرّب مفهوم الحديث ومعناه الذي يريد توصيله إليهم ؛ كما روى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده والخطيب البغدادي في الكفاية في قوانين الرواية من حديث عاصم الأشعري قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : "ليس من أَمْبِر أَمْصِيام في أَمْسَفر"(2) . وهذا الكلام في لغة الأشعريين حيث يقلبون اللام من أل التعريف ميماً ، والمراد بذلك أصل الرواية وهي قول النبي صلّى الله عليه وسلّم : "ليس من البِرّ الصيامُ في السفر"(3) .

خامساً : طريقة كلامه وأسلوب حديثه : تمثّل ذلك في أنّ كلامه صلّى الله عليه وسلّم كان واضحاً ومُفْهِماً ، يَفْصِل بين فقراته ولا يسرده سرداً أخرج الإمامان البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان لا يسرد الكلام كسردكم ، ولكن كان إذا تكلّم تكلّم بكلام فَصْلٍ يحفظه من سمعه ، وأنه كان يحدّث بالحديث لو عدّه العادّ لأحصاه . وكان حديثه أحياناً ثلاثاً ثلاثاً ، مما يجعل كلامه سهل الحفظ بيّناً مفهوماً لا يخفى على سامعه . وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا تكلّم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تُفهم عنه ، وإذا أتى على قوم فسلّم عليهم سلّم عليهم ثلاثاً([4]).





كما كان من أسلوب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في خطاب أصحابه تشويقُهم إلى ما يريد بيانه وإخبارهم به من خلال سؤاله لهم عن ذلك على سبيل التعليم ؛ كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال يوماً لأصحابه : "أتدرون ما المفلس ؟" ، قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال : "إنّ المفلس من أمّتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا ؛ فيُعْطَى هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإنْ فنيت حسناته قبل أنْ يُقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم ، فطُرحت عليه ثُمّ طُرِح في النار"([5]) .

سادساً : إجابة السائل بأكثر من سؤاله : وذلك لأنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم كان حريصاً على بيان الأحكام وأمور الدين للناس وإزالة أيّ إشكال يقف عنده السائل منهم ؛ ليكون ذلك من تمام النصيحة وأداء الواجب ؛ مثل ما رُوي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم حينما سأله رجل عن ماء البحر أنّه قال : "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"([6]) .

وقد علّق ابنُ رُشيد على ختم البخاري رحمه الله كتاب العلم من صحيحه بباب من أجاب السائل بأكثر مما سأله ، فقال : {ختم البخاري كتاب العلم بباب من أجاب السائل بأكثر مما سأل عنه إشارة إلى أنه بَلَغ الغاية في الجواب عملاً بالنصيحة واعتماداً على النيّة الصحيحة}([7]) .

سابعاً : الحرص على التيسير في جميع الأمور : فقد كان من منهجه عليه الصلاة والسلام في تبليغ العلـم وروايته وتمام نصحه للمسلمين حرصُه على التسهيل والتيسير وابتعادُه ونهيُه عن التشديد والتعقيد والتنطع في العبادة والتضييق في الأحكام . كما روى أبو داود والترمـذي في سننهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : دخـل أعرابي المسجد فصلى ركعتين ، ثم قال : اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً ، فالتفت إليه النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: "لقد تحجّرت واسعاً" ، ثم لم يلبث أنْ بال في المسجد، فأسرع الناس إليه ، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : "إنما بُعثتم ميسّرين ولم تُبعثوا معسّرين أهريقوا عليه دَلْواً من ماء أو سِجْلاً من ماء"([8])




وأخرج أبو عمر بن عبدالبر في جامعه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : "خير دينكم أيسرُه ، وخير العبادة الفقه"(1) .

وقال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما : نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الأغلوطات(2) ، والمراد بالأغلوطات : صعاب المسائل .

ثامناً : التواضع والحُلم والتلطّف مع الناس : كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يتعامل مع المسلمين والنّاس جميعاً بتواضع وحلم ورحمة ولين جانب ، كما كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم محبّاً لأصحابه يخاطبهم بالكلام الليّن المحبّب إلى قلوبهم ونفوسهم ويتودّد إليهم ، كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يحبّ اليسر في التعامل مع كلّ الناس ، ويحثّهم على ذلك التواضع والتيسير والحلم والرفق واللين . قـال الرسول صلّى الله عليه وسلّم : "إنما أنا لكم مثـلُ الوالـد ، إذا أتيتـم الغائـط فلا تستقبلـوا القبلة ولا تستدبروها" (3) .

كما كان رسول الله عليه وسلّم متواضعاً ، لا يتعاظم عليهم بل كان لا يرضى أنْ يعظّموه ويطروه ويرفعوه عن درجة البشر التي خلقه الله تعالى عليها ، كما قال النبيّ عليه الصلاة والسلام : "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ، فإنما أنا عبد ، فقولوا : عبد الله ورسوله" (4) .

تاسعاً : التوقف عن الإفتاء عند عدم معرفة الحكم : فقد كان من هدي النبي r أنه إذا سئل عن حكم أو أمر في الدين لا يعلمه يسكت منتظراً نزول الوحي من الله تعالى ليخبره بالجواب والأمثلة على ذلك كثيرة .

عاشراً : التعليم والرواية للنساء : فلم يقصر الرسول r تبليغه العلم وروايته الأحاديث على الرجال فقط ، بل عدّى ذلك إلى النساء حيث كان يجلس إليهن ويحدّثهن ويعظهن ويبيّن لهن أمور الدين وأحكامه ، كما كان يحثّ نساءه على تعليم النساء الأخريات أحكامَ وفقهَ النساء .

روى البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما أنه جاء نسوة إلى الرسول r فقلن : يا رسول الله ما نقدر عليك في مجلسك من الرجال فواعِدْنا منك يوماً نأتيك فيه ، قال : "موعدكن بيت فلان" وأتاهن في ذلك اليوم ولذلك الموعد ، فكان مما قال لهن : "ما من امرأة تقدّم ثلاثاً من الولد تحتسبهن إلا دخلت الجنّة" ، فقالت امرأة منهن : أو اثنان ؟ قال : "أو اثنان" ([9]) .



حادي عشر : التخصيص في التحديث والرواية : كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يخاطب بعض الصحابة الكرام ويخصّهم بنوع من العلم والأحاديث إذا علم منهم قوة إيمان ؛ مثل ما روى البخاري في صحيحه من حديث معـاذ بن جبل رضي الله عنـه أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم كـان راكباً ومعاذ رديفه على الرَّحْل ، فقال لمعاذ : "يا معاذ بن جبل!" قال : لبيك وسعديك يا رسول الله ، قال : "ما من أحد يشهد أنْ لا إله إلا الله صدقاً من قلبه إلاّ حرمه الله على النار" ، قال معاذ : يا رسول الله ! أفلا أخبر الناس فيستبشروا ؟ قال : "إذن يَتّكِلوا" ، وأخبر بها معاذٌ عند موته تأثراً([10]) .

ثاني عشر : استخدام الوسائل التعليمية : كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحرص على بيان أمور هذا الإسلام الحنيف وتوضيحها للناس بشتى الطرق ؛ لذا استخدم الرسول عليه الصلاة والسلام وسائل تعليمية إيضاحية كضرب الأمثلة واستخدام يده أو عصا ليخطّ بهما خطوطاً على الأرض لتوضيح معنىً أو مفهوم معيّن ؛ مثل ما روى البخاري وغيره من حديث عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه قال : خطّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خطاً مربعاً ، وخطّ خطاً في الوسط خارجاً منه ، وخطّ خطوطاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه ، وقال : "هذا الإنسان ، وهذا أجله محيط به ـ أو قد أحاط به ـ وهذا الذي هو خارج أمله ، وهذه الخطوط الصغار الأعراض ؛ فإنْ أخطأه هذا نهشه هذا ، وإنْ أخطأه هذا نهشه هذا"(2) .

وروى أحمد بن حنبل في المسند والدارمي في السنن من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : خطّ لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطاً ، ثم قال : "هذا سبيل الله" ، ثم خطّ خطوطاً عن يمينه وعن شماله ، ثم قال : "هذه سبل متفرقة على كلّ سبيل منها شيطان يدعو إليه" ، ثم قرأ : "وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله"(3) .

وأخرج الترمذي في السنن وأحمد في المسند من حديث النُّوَاس بن سمعان رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : "ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً ، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتّحة ، وعل الأبواب ستور مرخاة ، وعلى باب الصراط داعٍ يقول : يأيّها الناس ! ادخلوا الصراط المستقيم جميعاً ولا تتفرّقوا ، وداعٍ يدعو من فوق الصراط ؛ فإذا أراد أنْ يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال : ويحك لا تفتحه ! فإنّك إنْ تفتحه تَلِجْه ، والصراط : الإسلام ، والسوران : حدود الله تعالى ، والأبواب المفتّحة : محارم الله تعالى ، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله عزّ وجلّ ، والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كلّ مسلم"(1) .

وأخرج الترمذي في سننه من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : "إنّما مَثَلي ومَثَل الأنبياء قبلي كرجل بنى داراً فأكملها وأحسنها إلاّ موضع لَبِنَة ، فجعل الناس يدخلونها ، ويتعجبون منها ، ويقولون : لولا موضع اللبِنة"(2) .

هذه جملة ملامح الخطاب الدعوي النبوي وسِمَاته في نشر الإسلام العظيم وتبليغ العلم ورواية الأحاديث للصحابة الكرام رضوان الله عليهم والناس جميعاً ؛ حيث كان خطاباً واضح المعالم ، وارف الظلال ، عظيم الفائدة والنفع ؛ للقيام بالواجب الدعوي المنوط بالنبي صلّى الله عليه وسلّم ، والاقتداء والتأسّي به عليه الصلاة والسلام .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين



__________________________________________________ ________________

(1) حديث صحيح . أخرجه الترمذي في السنن 5/144 ، وأحمد في المسند 4/182ـ183 .

(2) حديث صحيح . رواه الترمذي في سننه 5/147 ، وقال عنه : حسن ص


--------------------------------------------------------------------------------

(1) صحيح البخاري 2/108 كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة ، 5/109 كتاب المغازي باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن .

(2) انظر هذه القصة في سيرة ابن هشام 1/364-371 . (3) انظر مجمع الزوائد 1/137.

(4) حديث صحيح . أخرجه البخاري في صحيحه 1/25 كتاب العلم باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة .

(1) حديث صحيح . أخرجه مسلم في صحيحه 2/1137ح 18. (2) حديث صحيح . انظر المسند 5/434 ، والكفاية ص183. (3) متفق عليه . انظر صحيح البخاري 2/238 ، وصحيح مسلم 2/786 . (4) انظر حديث عائشة في صحيح البخاري4/168. وصحيح مسلم4/2298ح71 . وحديث أنس في صحيح البخاري1/3 .

(1) انظر صحيح مسلم 4/1997 ج59، وسنن الترمذي 4/613 ج 2418 وقال عنه: حسن صحيح .

(2) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن 1/45 ، والترمذي في جامعه 1/151 وقال عنه: حسن صحيح .

(3) انظر فتح الباري 1/232.

(4) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في سننه 1/156 ، والترمذي في سننه 1/275 – 276 وقال عنه: حسن صحيح .

(1) انظر جامع بيان العلم وفضله1/21. (2) حديث صحيح . أخرجه أبو داود في سننه 3/317 ، وأحمد في المسند 5/435.

(3) حديث صحيح . أخرجه أبو داود في سننه 1/17. وأحمد في المسند 2/247.

(4) حديث صحيح . أخرجه البخاري في الصحيح 4/142 . (5) حديث صحيح . أخرجه البخاري في الصحيح 1/34 .

(1) حديث صحيح . أخرجه البخاري الصحيح 1/41 .

(2) حديث صحيح . أخرجه البخاري في الصحيح 7/171، والترمذي في السنن 4/635 . وأحمد في المسند 1/293 .

(3) حديث صحيح . رواه أحمد بن حنبل في المسند 1/435 ، والدارمي في السنن 1/67 .












توقيع : الهاشمية القرشية


وأفضل الناس من بين الورى رجل
تقضى على يـده للنــاس حاجــــات
لا تمنعـن يـد المعــروف عن أحـــد
مـا دمـت مقـتـدراًَ فالســعـد تــارات
واشكر فضـائل صنـع الله إذ جُعــلت
إليـك لا لـك عنـد الـنــاس حـاجــات

عرض البوم صور الهاشمية القرشية   رد مع اقتباس
قديم 03-09-2006, 03:01 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية بنت الدعوة

بنت الدعوة غير متصل

البيانات
التسجيل: Feb 2006
العضوية: 21
المشاركات: 88 [+]
بمعدل : 0.01 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
بنت الدعوة غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الهاشمية القرشية المنتدى : المكتبة الهاشمية
إفتراضي رد على: ملامح الخطاب الدعوي النبوي

جزى الله كاتبه وناقله خير الجزاء
بحث قيم












عرض البوم صور بنت الدعوة   رد مع اقتباس
قديم 03-21-2006, 06:00 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
صاحبة الموقع
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية الهاشمية القرشية

الهاشمية القرشية غير متصل

البيانات
التسجيل: Jan 2006
العضوية: 3
المشاركات: 5,550 [+]
بمعدل : 0.80 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
الهاشمية القرشية غير متصل
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الهاشمية القرشية المنتدى : المكتبة الهاشمية
إفتراضي رد على: ملامح الخطاب الدعوي النبوي

شكرا بنت الدعوة على مرورك الكريم












توقيع : الهاشمية القرشية


وأفضل الناس من بين الورى رجل
تقضى على يـده للنــاس حاجــــات
لا تمنعـن يـد المعــروف عن أحـــد
مـا دمـت مقـتـدراًَ فالســعـد تــارات
واشكر فضـائل صنـع الله إذ جُعــلت
إليـك لا لـك عنـد الـنــاس حـاجــات

عرض البوم صور الهاشمية القرشية   رد مع اقتباس
رد

العلامات المرجعية


يشاهد الموضوع حالياً: 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code هو متاح
الإبتسامات نعم متاح
[IMG] كود متاح
كود HTML معطل
Trackbacks are متاح
Pingbacks are متاح
Refbacks are متاح


المواضيع المتشابهة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات المشاركة الأخيرة
كيف تكتب الخطاب المرفق بالسيرة الذاتية فراشة الحجاز علم - ثقافة - تطوير ذات 1 11-10-2008 07:11 PM
الخلفاء الراشدين 2 - عمر بن الخطاب رضي الله عنه alabasi قريش 3 03-13-2008 01:06 AM
من طرائف عدالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاطمة الهاشمية الإسلامي العام 3 09-25-2007 08:53 PM
الخطاب الدعوي (أهدافه ووسائله وأساليبه وميادينه) الهاشمية القرشية المكتبة الهاشمية 1 03-08-2006 03:12 AM
وسائل الإقناع والتأثير في الخطاب الديني في ضوء .. الهاشمية القرشية المكتبة الهاشمية 3 03-08-2006 01:34 AM



كل الأوقات هي بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:35 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009

تشغيل بواسطة Data Layer