02-23-2006, 01:44 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Jan 2006 | العضوية: | 6 | المشاركات: | 1,369 [+] | بمعدل : | 0.20 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
الحكواتي الناجون من عبارة الموت يروون محنتهم وسط الامواج يؤكد مصيبيح الدوسري الذي يرقد في المستشفى أنه قضى ثلاثة أيام في مياه البحر، وحيدًا تارة وبرفقة آخرين تارة أخرى، يصارع البقاء ويتمسك بالدعاء، تقذف به الأمواج هنا وهناك في وسط البحر، يغفو حينا من شدة الإعياء ويستيقظ لحظات، لا يعلم كم من الوقت مضى ينتظر خيوط الأمل في البقاء، يدور في مخيلته شريط العمر وذكريات الصغر والأهل والأصدقاء، لا يعلم مصير من رافقوه وهم اثنان من إخوته وابن عمه.
يقول "أبحرنا في العبارة أنا واثنان من إخوتي وابن عمي، متجهين إلى مصر لمراجعة إحدى المستشفيات، واستقللنا العبارة لا نعلم عن المكتوب وما يخفي القدر من الأحداث، وبعد فترة من الإبحار شاهدنا دخانا كثيفا داخل العبارة المنكوبة، فتوجهنا إلى القبطان مباشرة، الذي حاول أن يهدئ من روع الركاب، وادعى أن الدخان يتصاعد بسبب عطل في الشكمان، وسيتم إصلاحه في الحال، وقلنا إنه غير صحيح أن يكون دخانا بسبب الشكمان، فالأدخنة داخل الغرف، ولكنه ادعى السيطرة على الوضع وبعد فترة وجيزة لاحظ الركاب أدخنة ولهبا يتصاعد من مقدمة العبارة المنكوبة وخاصة من الجانب الأيمن، فخرج جميع الركاب، وتحدثنا إلى القبطان عن الحريق الذي يتصاعد، وأنها ليست أدخنة الشكمان، فرد القبطان أن اللهب الذي يتصاعد نتيجة حريق داخل المطبخ وتمت السيطرة عليه تماماً، واكتشفنا أن اللهب يتصاعد من شاحنة نقل كبيرة وبعد ساعة ونصف شاهدنا أدخنة كثيفة ولهبا يتصاعد، فخرج جميع الركاب من الكبائن داخل العبارة، واشتعلت النيران بكثافة في الدور الأول من العبارة واحترق في الدور الأول بعض الركاب نتيجة عدم علمهم عن النيران، وحاول البعض إطفاء النيران التي اشتعلت في الشاحنات، ونتيجة لكثرة المياه في الجهة اليمنى من العبارة جعلها تميل بتدرج فطلبوا منا التوجه إلى الجهة الأخرى من العبارة للحفاظ على التوازن، ولم يغير ذلك شيئاً، فقام أحد الشباب السعوديون بتوزيع سترات النجاة على الركاب دون تدخل الطاقم أو القبطان، في صورة تدل على عدم الاعتراف بالخطأ الفادح الذي ارتكبوه والمأساة الكبيرة التي تسببوا فيها، وبدأت السفينة في الميلان بالتدرج شيئاً فشيئاً، وفجأة تهاوت السفينة العملاقة داخل أعماق البحر، وتساقط الناس من ظهر السفينة في صورة أليمة ومحزنة، وخلفت العبارة خلفها مجموعات كبيرة من الجثث وأكوام بشرية كثيرة، توفي بعضهم على الفور من أثر الصدمة والخوف، واعترت الناس حالة من الخوف والهلع ووسط البحر والظلام، وكل يبحث عن أفراد عائلته أو أقاربه أو أصدقائه". ويروي مصيبيح قصة محزنة شاهدها وهو يبحث عن النجاة في البحر، يقول: "شاهدت بجواري امرأة تمسك بطفلها وتحاول النجاة به من الغرق، وزوجها يحاول أن يقترب منها داخل الأمواج التي تتقاذفنا، في كل اتجاه، وعندما أحست بعدم قدرتها على الصمود داخل تلك الأمواج، اقتربت وطلبت مني الحفاظ على ابنها الذي لم يبلغ الثلاث سنوات، وأبلغتني أنها لا تستطيع السباحة أكثر من ذلك، فأخذت الطفل من بين يديها، وفي لحظات ابتلعها البحر، وكان ذلك المشهد المؤلم من المشاهد التي لن تفارق مخيلتي" ثم جاء والد الطفل إليه لأخذ فلذة كبده، وذهب للبحث عن زوجته التي اختفت في الأعماق كما قال مصيبيح.
مئات الجثث الطافية كما يروي مصيبيح، منهم من لا يستطيع السباحة، بعد ذلك قذفت الأمواج بالركاب في كل اتجاه، وفي اليوم الثاني شاهد مصيبيح سفينة على بعد كيلومترين تقريباً، "3 ساعات من السباحة وسط البحر حتى وصلت إلى السفينة، وكلي أمل وإحساس بأنني قد نجوت وكتبت لي الحياة من جديد، وبعد أن وصلت استنجدت بهم، فرموا طوق النجاة ولم أستطع الإمساك به، ثم رموه مرة أخرى ولم أستطع الإمساك به، لم تبحر السفينة إنما قبعت بجواري، وأصبح الركاب ينظرون إلي دون تقديم أي مساعدة، طلبت منهم إنزال قارب النجاة لكي أستطيع الصعود إليه، وبعد ذلك يتم رفع القارب، ولكن لا مجيب"، واصل مصيبيح بحثه عن نجاة بعد ذهاب السفينة التي وجدها، وقرر السباحة إلى أي اتجاه يحدوه الأمل بالعثور على منقذ، وفي اليوم الثالث شاهد سفينة في عصر ذلك اليوم، وهي تتبع إحدى شركات النفط، فأنقذوه مع ستة آخرين، وانتشلوا 61 جثة طافية على سطح البحر.
عبد الله زايد الدوسري أصيب بحالة سيئة من آثار الإرهاق الذي لحق بهم نتيجة السباحة مدة طويلة، قال إنه قبل سقوط العبارة داخل أعماق البحر، طلب منهم القبطان التوجه إلى الجهة الشمالية، فتوجه هو وثلاثة معه إلى الجهة الأخرى، ليقفل الطاقم جميع الأبواب التي تؤدي إلى الجهة الأخرى، وهناك استقل قارب النجاة، مشيراً إلى أن ركاب العبارة لم يستفيدوا من القوارب العشرة الموجودة في الجهة الأخرى، متهماً الكابتن بالاكتفاء بإطلاق الإشارات الضوئية بعد نزوله إلى سطح البحر، دون أن يتدخل في إنقاذ الأطفال والنساء وكبار السن.
الدوسري يستذكر تلك اللحظات المؤلمة ويقول " توقفت بجانبنا بعد سقوط العبارة بربع ساعة سفينة أخرى، وتوقعنا أنها قدمت لتقديم المساعدة، أو أنها قدمت بعد رؤيتها الإشارات الضوئية، ولكنها لم تقدم أي مساعدة، وغادرت دون أن تنقذ أحداً من الركاب، ودون إنزال قوارب النجاة"، مشيراً إلى أنه مكث في البحر أربعة أيام يصارع الموت، حتى مرت به سفينة صينية قامت بإنقاذه، وقدموا له المياه الدافئة مع السكر بصورة متقطعة لكي لا تؤثر في صحته ويقول الشاب ياسر محمد زامل النفيعي:"استطعت و3 من رفاقي هم سعود حبيب و طلال عبد الله ومشعل محسن أن نرمي أنفسنا في البحر بينما فقدنا رفيقنا محمد فيحان الذي أراد الخروج وتعلق به حاج مصري وسقطا جميعا".
وتابع :" طفونا على سطح الماء بفضل قوارب النجاة وكنا نجيد السباحة وبعد مرور أكثر من 20دقيقة من السباحة لاح أمامنا قارب كان فيه مساعد كابتن الباخرة وكانت مساحته تقريبا 4 أمتار في 4 أمتار وقد رفض صعودنا معه في بداية الأمر إلا أنه رضخ بعد إصرارنا".
ومن المواقف المثيرة التي رواها الناجي سعود النفيعي أن شخصا غرقت زوجته وبقيت ابنته وعندما حس بالهلاك لبس طوق النجاة وصلى ركعتين أمامنا وقبل ابنته ثم رمى بنفسه في الماء لينجوا وترك ابنته التي لا يتجاوز عمرها عاما ونصف العام فوق سطح الباخرة وهي تغوص".
وأكد الراكب حمود بن سالم أنه بقي يسبح في البحر 10 ساعات رغم أنه لم يتعلم السباحة من قبل.
ووصف الساعات العصيبة عندما غرقت السفينة بقوله إنه قفز و مجموعة من الركاب داخل قارب مطاطي وأخذ يصلي ومن معه في القارب الذي سرعان ما انقلب قاذفا بالجميع في عرض البحر وبقي يتخبط في الموج ويدعو الله أن ينجيه وظل سابحا على ظهره حتى تم إنقاذه وآخرين و إخراجهم لشاطئ سفاجا المصري.
وأوضح زميله في رحلة النجاة أحمد حمد الجربوع أنه تمكن من اللجوء للقارب بعد أن أوشكت السفينة على الغرق ثم انتقل إلى قارب آخر، حتى مرت سفينة إماراتية متجهة إلى الأردن وقام ملاحوها بإنقاذهم.
أما محمد إبراهيم السليمان فقد حمّل قبطان السفينة مسؤولية المأساة التي وقعت، مؤكدا أن الركاب طلبوا منه العودة لميناء ضبا مع بدء تصاعد ألسنة النيران من السفينة، إلا أنه رفض وأخذ يصرخ و يردد أن الوضع طبيعي وأنه مسيطر عليه.
وأضاف:"لاحظنا قاربا يسير خلفنا مصدرا إشارات ضوئية لينبه بوجود خطر في مؤخرة العبارة وبعد مضي قليل من الوقت وبعد انطلاق صفارة الخطر بدأ الركاب يقفزون إلى البحر متذكرا منظر طفل رضيع في يد أمه وعددا كبيرا من المصريين في ملابس أهل الصعيد وهم يهوون داخل البحر ولم يعودوا.
وأوضح الجربوع أنه تشبث بقارب به أكثر من 40 راكبا بينهم سعوديتان، رغم أن القارب كان به خرق، إلا أنه تمكن من تفريغه من المياه أولا بأول وبقي في البحر حوالي 18 ساعة تتقاذفه الأمواج المتلاطمة.
وأشار إلى أن أخويه الاثنين المسافرين معه كانا في قارب بجانبه، حيث كان يرى أخاه ولونه يميل إلى الأزرق من شدة البرد داخل البحر و بقي على هذا الحال حتى أنقذه الله بأن مرت من فوقهم طائرة تابعة لسلاح الجو المصري، حددت مكانهم ثم جاءت السفينة"جرين لاند" وألقت بالحبال للموجودين في القارب فتمكنوا من الصعود لظهرها ليتم تزويدهم بالملابس والطعام وتوصيلهم للشاطئ.
وأضاف أنهم كانوا في منطقة مليئة بأسماك القرش وسط خطر داهم، لكن الله أغاثهم بتلك السفينة، مشيرا إلى أن فتاتين سعوديتين هما أيمان ودلال كانت معهم وتم إنقاذهما أيضا.
كمأنقذت العناية الإلهية ستة من ركاب عبارة"السلام 98" المصرية التي غرقت في مياه البحر الأحمر حيث استمروا في السباحة لمدة 3 أيام متتالية إلى أن وصلوا إلى جزيرة نعمان السعودية ومن ثم تم إنقاذهم بواسطة الطيران السعودي.
وتحدث لـ"الوطن" المواطن سعد مسعود الربيع (32) عاماً والذي كان ضمن الناجين من الكارثة حيث قال:" عندما بدأت العبارة بالنزول قفزنا إلى عرض البحر وتمسكنا ببراميل أسطوانية الشكل وكان ما يقارب 14 شخصاً متمسكين بالحبال حول البرميل وجلسنا نصارع الأمواج والرياح وفي كل لحظة نفقد شخصاً حتى لم يتبق سوى 6 أشخاص
|
| |