نصيب من الجنة

منذ أيام كنت أشاهد قناة العربية حيث عرضت أجزاءاً من الفيلم التسجيلي (نصيب من الجنة)وموضوعه يتركز على المسلمات الهولنديات الجديدات اللواتى يعشن فى المجتمع الهولندي وأخواتهن اللواتى خرجن من مجتمعاتهن إلى مجتمعات إسلامية...بالفعل كنت أشعر بفرحة عارمة وأنا أرى من أسلمن عن اقتناع بالرغم من اختلافهن فى اللغة والخلفية الثقافية والمجتمعية وخرجن من كل هذ الاختلاف ا إلى رحاب الإسلام وأنشأن وعائلاتهن مجتمعات صغيرة جديدة داخل الكيان الأوروبي ربما هى أكثر التزاماً من كثير من مجتمعاتنا التى نشأت فى أحضان الإسلام..ولعل هذا يذكرنى بمقولة عمر بن الخطاب رضى الله عنه: لا يعرف الإسلام من لم يعرف الجاهلية..

بيد أن المشكلة أن الفيلم قد ركز على التباعد الذى أحدثه الإسلام بين المسلمين الجدد وبين أهليهم ومجتمعاتهم التى تكاد تلفظهم بالرغم من أنهم لم يخلوا بنظامها ولم يوقفوا مسيرة الحياة بها بل كل مافعلوه هو التصرف فى المساحة الخاصة بهم من الحرية التى تعودوها منذ نعومة أظفارهم..بيد أن مجتمعاتهم التى عودتهم الحرية حتى فى الفحش والشذوذ أبت عليهم نفس الحرية فى الستر والالتزام ..والذى لم يحاوله الفيلم قط هو إيجاد أرضية مشتركة بين الإسلام وبين قيم واحتياجات المجتمع الأوروبى موضوع الفيلم..فكلنا نعلم أن تلك المجتمعات تعلى من قيمة الصدق والعمل وإتقانه..وكذلك الإسلام..وكلنا يعلم أن تلك المجتمعات تفتقر إلى الترابط الأسري والبعد الروحي للحياة التى أغرقت فى المادية البحتة والإسلام يمتلك هذه الجوانب المفتقر إليها.. بل لقد بالغت مشاهد الفيلم المتلاحقة فى تعميق الفجوة بين المسلمين والمجتمع المحيط وانحصرت فى حيز ضيق من الإسلام وهو الحجاب الذى بالطبع يرفضه أو يتحفظ عليه المجتمع الغربي ( وأرجو ألا يفهم من كلماتى أنى أطالب بخلع الحجاب فى البلاد الغربية لأنى ببساطة من أشد المدافعات عنه ولكن لا أريد أن يكون هو الموضوع الأساس لفيلم تسجيلي عن إسلام الأوروبيات طالما هو نقطة خلاف بيننا وبينهم فالتركيز على نقاط الخلاف لا يزيد الأطراف إلا تباعداً وتنافراً وربما...تناحراً..)..كما ركز الفيلم أيضاً على الجنة والتى لا يصل مفهومها –بالرغم من ثبوت وجودها فى معظم الأديان-إلى المجتمع الغربي المادى الرافض للغيبيات..أما الأسئلة التى وجهت لتلك المسلمات الجدد فهى عن رأيهن فى الشواذ جنسياً وردة فعلهن إن أصبح أى من أبنائهن كذلك..بينما كانت الأسئلة لذويهن تتركز فى قبولهم لبناتهن بهذا الشكل الغريب والأزياء العجيبة التى يرتدينها وتقبلهم لطريقة زيجاتهن التى لاتعتمد بالأساس على معرفة مسبقة طويلة بين الزوجين قبل الزواج تشمل كل النواحى التى تشكل تلك العلاقة للتمكن من الحكم على نجاح الزواج من عدمه؟؟

وكما نرى فالفيلم عبارة عن عدسة مكبرة للخلافات والاختلافات بين المجتمعات والمرجعيات وكأنه يقول للعين الغربية ..إن الإسلام مصيبة جاءت لتدمر كل ماوصلت إليه من حرية فكرية ومادية ..الأمر الذى يتطلب أن تتيقظي لتقيديه
قبل أن يقيدك)..

لم يكن فيلم ((نصيب من من الجنة)) هو أول فيلم تسجيلى أراه بنفس المضمون بل قد تابعت من قبل برنامجاً أمريكياً آخر أذيع على الإم بي سي يدعى (الجنة) وكان يناقش مفهوم الجنة فى جميع الأديان ..وحرصت المذيعة المشهورة على أن تقدم صورة الجنة الإسلامية من داخل المعتقلات حيث قابلت من يقومون بالعمليات الاستشهادية(الانتحارية من وجهة نظر الغرب) ليتكلموا عن أنهم يقومون بهذه العمليات من أجل الجنة..ولما ناقشتهم فى ماهية الجنة من وجهة نظرهم ركز النقاش من جهتها وبالتالى فى إجاباتهم على أن الجنة تحوى كل مايخطر ببال من شهوات ومشتهيات..وخاصة قضية الحور
العين..ولم تحاول المذيعة أن تأتى بمفكر إسلامي أو بدعاة مثقفين واسعى الأفق ليناقشوا مفهوم الجنة فى الموروث الإسلامي مثلما فعلت حين ذهبت بنفسها إلى الدالاى لاما والكاردينالات الكاثوليك وكبار رجال الدين فى كل مجال..

وأقول..عندما يفعل الغرب ذلك فهو حر فيما يقدمه..وهو إنما يعكس نظرته للإسلام والمسلمين الذى يتلخص فى كلمة (التطرف والإرهاب)..ويستخدم فى ذلك كل الطرق المباشرة وغير المباشرة لتأكيد قولبة العقل الغربي وتنميطه ليظل محبوساً مسجوناً فى نظرته الضيقة للإسلام..أما نحن الذين لا نفتقر إلى التمويل ولا الجوانب التقنية والخبراتية التى تظهر عندما نصور فيديو كليب بملايين الجنيهات.. فلماذا لا نحاول أن نقدم أفلاماً تسجيلية تلعب على نفس الوتر ولكن من وجهة نظرنا نحن ومن مفهوم أوسع وأشمل للإسلام لايرى من ثقب إبرة وإنما من نافذة الماضى والحاضر والمستقبل..وإذا أردنا أن نكون أكثر تحضراً وأعمق تأثيراً فليكن العمل من مرجعية بحثية وليست تنميطية..لأن أول قواعد البحث العلمى هو التجرد.. لا الحكم من وجهة نظر راسخة ورأى مسبق....وليكن العمل مبنياً على أصل الإسلام ومراجعه وفكره لا على الواقع السلبي للشعوب الإسلامية السلبي وزلاته التى يحاول الآخرعلى سبيل التدليس إلصاقها بالإسلام لا بالمطبقين..وعلى حركة استغرابية (موازية لمثيلتها الاستشراقية)لإظهار الخلفية المجتمعية للغرب وثقافته للوصول إليه من أقصر الطرق لا من أكثرهاً طولاً وأعقدها التواء منقول

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو حذيفه فلماذا لا نحاول أن نقدم أفلاماً تسجيلية تلعب على نفس الوتر ولكن من وجهة نظرنا نحن ومن مفهوم أوسع وأشمل للإسلام لايرى من ثقب إبرة وإنما من نافذة الماضى والحاضر والمستقبل..؟! وإذا أردنا أن نكون أكثر تحضراً وأعمق تأثيراً فليكن العمل 1- من مرجعية بحثية وليست تنميطية..لأن أول قواعد البحث العلمى هو التجرد.. لا الحكم من وجهة نظر راسخة ورأى مسبق.... 2- وليكن العمل مبنياً على أصل الإسلام ومراجعه وفكره لا على الواقع السلبي للشعوب الإسلامية السلبي وزلاته التى يحاول الآخرعلى سبيل التدليس إلصاقها بالإسلام لا بالمطبقين.. وعلى حركة استغرابية (موازية لمثيلتها الاستشراقية)لإظهار الخلفية المجتمعية للغرب وثقافته للوصول إليه من أقصر الطرق لا من أكثرهاً طولاً وأعقدها التواء