12-23-2006, 02:07 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | البيانات | التسجيل: | Oct 2006 | العضوية: | 397 | المشاركات: | 1,531 [+] | بمعدل : | 0.23 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
الإسلامي العام البدعة البدعة في اللغة: قال ابن فارس: «الباء والدال والعين أصلان: أحدهما ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال، والآخر: الانقطاع والكلال».[مقاييس اللغة: بدع]
والبدعة: الشيء المخترع على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى: ﴿قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مّنَ ٱلرُّسُلِ﴾ [الأحقاف:9]. [لسان العرب: بدع]
البدعة في الشرع: قال الشافعيُّ: «والبدعة ما خالف كتابًا أو سُنة أو أثرًا عن بعض أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-» [إعلام الموقعين: 1/80].
قال العزُّ بن عبد السلام: «فعلُ ما لم يُعهد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» [قواعد الأحكام: 2/172].
قال ابن الجوزي: «البدعة عبارة عن فعلٍ لم يكن؛ فابتدع». [تلبيس إبليس: ص 16]
قال ابن رجب: «والمراد بالبدعة: ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه، فليس ببدعة شرعًا، وإن كان بدعة لغة». [جامع العلوم والحكم: 2/127].
قال الشاطبيُّ: «طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى». [الاعتصام: 1/51].
- طريقة في الدين، الطريقة: ما أُعِدَّ للسير عليه، وقُيِّدت بالدين لأنَّ صاحبها يضيفها إليه.
- مخترعة: أي جاءت على غير مثالٍ سابق، لا تعرف في الدين.
- تضاهي الشرعية: تشبهها وليست منها.
- يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد: لأنه المقصود منها.
ثانيًا: قواعد عامة لمعرفة البدعة:
1. كل عبادة ليس لها مستندٌ إلاَّ حديث مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي بدعة مثل صلاة الرغائب.
2. إذا ترك الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعل عبادة من العبادات مع كون موجبها وسببها المقتضي لها قائمًا ثابتًا، والمانع منتفيًا؛ فإن فعلها بدعة. مثل التلفظ بالنية عند الدخول في الصلاة، والأذان لغير الصلوات الخمس، والصلاة عقب السعي بين الصفا والمروة.
3. كل تقرب إلى الله بفعل شيء من العادات أو المعاملات من وجه لم يعتبره الشارع فهو بدعة، مثل اتخاذ لبس الصوف عبادة وطريقة إلى الله، والتقرب إلى الله بالصمت الدائم، أو بالامتناع عن الخبز واللحم وشرب الماء البارد، أو بالقيام في الشمس وترك الاستظلال.
4. كل تقرب إلى الله بفعل ما نَهى عنه سبحانه فهو بدعة، مثل التقرب إلى الله –تعالى- بالغناء.
5. كل عبادة يُتعبد اللهُ بِها يجب أن تتحقق فيها المتابعة للرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا يتحقق فيها ذلك إلاَّ بموافقتها للشريعة في ستة أوصاف، فتغيير صفةٍ من هذه الصفات بدعة، وهذه الصفات الست هي:
1- أن تكون العبادة موافقة للشريعة في سببها، فأيُّ عبادة ليس لها سببٌ ثابتٌ بالشرع مردودة، مثل الاحتفال بمولد النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.
2- أن تكون موافقة للشريعة في جنسها، فلو ضحى أحدٌ بفرس كان بذلك مخالفًا للشريعة.
3- أن تكون العبادة موافقة للشريعة في قدرها، فمَن زاد في الصلاة –الظهر مثلاً- ركعتين لم يكن موافقًا للشريعة بالعبادة في قدرها.
4- أن تكون العبادة موافقة للشريعة في كيفيتها، فمن ابتدأ في وضوئه بغسل الرجلين ثم مسح الرأس لم يكن موافقًا للشريعة في كيفيتها.
5- أن تكون العبادة موافقة للشريعة في زمانِها، فلا تصح صلاة الظهر قبل الزوال.
6- أن تكون العبادة موافقة للشريعة في مكانِها، فلا يصح في اليوم التاسع من ذي الحجة الوقوف بغير عرفة. [دروس وفتاوى الحرم المكي لابن عثيمين: 1/17-19].
ثالثًا: خطر البدعة، وما ينتج عنها من آثار:
1- إحداث في الدين. 2- البدعة بريد الكفر. 3- القول على الله بغير. 4- استدراكٌ على صاحب الشريعة. 5- تفريق الأمة. 6- هجر السنة. 7- الفتنة. 8- اتهام صاحب الرسالة. 9- مضاهاة الأنبياء في النبوة. 10- تحريف الدين وتبديله.
رابعًا: شبهات المبتدعة:
1- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: (من سنَّ في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بِها إلى يوم القيامة، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بِها إلى يوم القيامة).[أخرجه مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي مطولًا: 1017]
2- عن عمر -رضي الله عنه-، قال عن صلاة التراويح جماعة في المسجد: (نعمت البدعة هذه) [أخرجه البخاري في صحيحه: 2010].
3- قول ابن مسعود: «فما رأى المسلمون حسنًا، فهو عند الله حسنٌ، وما رأوا سيئًا فهو عند الله سيئ». [المسند (1/379)، وحسَّن الشيخ شعيب إسناده في طبعته: 6/84]
4- تقسيم العزّ بن عبد السلام البدعة إلى واجب ومستحب وحرام ومكروه ومباح.
خامسًا: الردّ على الشبهات على الترتيب:
1- قال الشاطبيُّ ردًّا على المستدل بالحديث: «يلزم منه التعارض بين الأدلة، على أنَّ السبب الذي جاء لأجله الحديث هو الصدقة المشروعة، بدليل ما في الصحيح من حديث جرير بن عبد الله -رضي الله عنهما-، قال: (كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صدر النهار فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار -أو العباءة- متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رأى بِهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالًا فأذَّن وأقام فصلَّى، ثم خطب، فقال: ﴿يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ﴾ إلى آخر الآية: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبً﴾ [النساء:1]. والآية التي في الحشر: ﴿ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: 18]. وبعد: تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة، قال: فجاءه رجل من الأنصار بِصُرَة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء) فتأملوا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من سنّ سنة حسنة) تجدوا ذلك فيمن عمل بمقتضى المذكور على أبلغ ما يقدر عليه، حتى بتلك الصرّة، فانفتح بسببه باب الصدقة على الوجه الأبلغ، فسُرّ بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى قال: (من سن في الإسلام سنة حسنة) الحديث، فدل على أنَّ السنة هاهنا مثل ما فعل الصحابي، وهو العمل بما ثبت كونه سنّة». [الاعتصام: 1/142-145]
2- قال ابن رجب: «وأمَّا ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر -رضي الله عنه- لمَّا جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك، فقال: نعمت البدعة هذه». [جامع العلوم والحكم: 1/129].
3- قال السندي: «ظاهر السَّوق يقتضي أنّ المراد بهم الصحابة، على أنّ التعريف للعهد، فالحديث مخصوص بإجماع الصحابة لا يعم إجماع غيرهم، فضلًا عن أن يعم رأي بعض، ثم الحديث مع ذلك موقوف غير مرفوع». [نقلًا عن تعليق الشيخ شعيب في طبعته للمسند: 6/85]، والسَّوق المراد منه: سياق الكلام.
4- قال الشاطبيُّ: «إنّ هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي، بل هو في نفسه متدافع؛ لأنّ حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي، لا من نصوص الشرع، ولا من قواعده؛ إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثم بدعة، ولكان العمل داخلًا في عموم الأعمال المأمور بها أو المخيَّر فيها، فالجمع بين عدِّ تلك الأشياء بدعًا، وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين متنافيين» [الاعتصام: 1/188-220].
سادسًا: أسباب الابتداع:
1- الجهل. 2- اتباع الهوى. 3- التعلق بالشبهات. 4- الاعتماد على العقل المجرد. 5- سكوت العلماء. 6- الاعتماد على أحاديث ضعيفة، أو موضوعة. 7- ردود الأفعال. 8- عدم التقيّد بفهم السلف الصالح. 9- التقليد الأعمى. 10- عدم اتباع العلماء الربانيين.
سابعًا: سبل القضاء على البدعة:
1- التعريف بخطر البدعة، والتحذير منها، وممّا ينتج عنها من آثار.
2- الدعوة إلى التمسك والاعتصام بكتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفهمهما كما فهمهما السلف.
3- الدعوة والعمل على تمييز صحيح السنة من ضعيفها.
4- تصفية المذاهب الفقهيّة من بدعة التعصب المذهبي.
5- نشر العلم وتصحيح المعتقدات والعبادات والمعاملات بين عامة الناس.
6- التحذير من أهل البدع والنهي عن مجالستهم، وعدم التمكين لهم.
7- الأخذ عن العلماء الربانيين، والأئمة المهديين.
ثامنًا: الآيات القرآنية :
1- ﴿وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعً﴾ [آل عمران: 103].
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: (حبل الله الجماعة) [أخرجه الطبري في تفسيره: 4/30].
قال القرطبيُّ: «فأوجب تعالى علينا التمسك بكتابه وسنة نبيه والرجوع إليهما عند الاختلاف، وأمرنا بالاجتماع على الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقادا وعملا، وذلك سبب اتفاق الكلمة وانتظام الشتات الذي يتم به مصالح الدنيا والدين، والسلامة من الاختلاف، وأمر بالاجتماع، ونَهى عن الافتراق الذي حصل لأهل الكتابين» [جامع أحكام القرآن: 4/164].
2- ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ﴾ [آل عمران:105].
قال القرطبيُّ: «يعني اليهود والنصارى في قول جمهور المفسرين، وقال بعضهم: هم المبتدعة من هذه الأمة» [تفسير القرطبيّ: 4/166].
3- ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: 106].
قال ابن عبَّاس -رضي الله عنهما-: (تبيض وجوه أهل السنة، وتسود وجوه أهل البدعة) [القرطبيُّ: 4/167، تفسير ابن كثير: 2/76].
قال القرطبيُّ: «فمن بدَّل أو ابتدع في دين الله ما لا يرضاه الله، ولم يأذن به الله فهو من المطرودين عن الحوض المبتعدين منه المسودي الوجوه، وأشدهم طردًا وإبعادًا من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم، كالخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضَلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائها، فهؤلاء كلهم مبدلون ومبتدعون، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وطمس الحق، وقتل أهله وإذلالهم، والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي، وجماعة أهل الزيع والأهواء والبدع، كلٌّ يُخاف عليهم أن يكونوا عُنُوا بالآية والخبر كما بيَّنا» [تفسير القرطبيّ: 4/168].
4- ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلَـٰفًا كَثِيرً﴾ [النساء:82].
أمر الله تعالى بالجماعة والائتلاف، ونَهى عن الفُرقة والاختلاف، والبدعة سبب من أسباب الاختلاف.
قال قتادة: «ولعمري لو كان أمر الخوارج هُدىً لاجتمع، ولكنّه كان ضلالًا فتفرق، وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه اختلافًا كثيرًا» [أخرجه الطبريّ في تفسيره: 3/178].
5- ﴿وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرً﴾ [النساء:115].
قال ابن كثير: «أي: ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- فصار في شقٍ والشرع في شق، وذلك عن عمدٍ منه بعدما ظهر له الحقّ، وتبيَّن له، واتضح له». [تفسير ابن كثير: 2/365].
6- ﴿ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ [المائدة:3].
قال مالك: «من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة؛ فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: ﴿ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾، فما لم يكن يومئذ دينًا؛ فلا يكون اليوم دينًا». [الاعتصام: 1/64].
قال ابن كثير: «هذه أكبر نعم الله عز وجل على هذه الأمة، حيث أكمل تعالى به لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرّمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق، ولا كذب فيه ولا خلل». [تفسير ابن كثير: 3/23]
7- ﴿يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ﴾ [المائدة:67].
قالت عائشة: (من حدثك أن محمدًا كتم شيئًا مما أنزل عليه فقد كذب). [البخاري: 4612].
وقالت: (لو كان محمد -صلى الله عليه وسلم- كاتمًا من القرآن شيئًا لكتم هذه الآية: ﴿وَتُخْفِي فِى نِفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَـٰهُ﴾ [الأحزاب:37]). [البخاري: 7420].
8- ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَـٰبِ مِن شَيْءٍ﴾ [الأنعام: 38]، ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَانًا لّكُلّ شَيْءٍ﴾ [النحل:89].
قال مجاهد: «تبيانًا للحلال والحرام» [تفسير القرطبيّ: 10/164].
قال القرطبيُّ: «أي ما تركنا شيئًا من أمر الدين إلاَّ وقد دللنا عليه في القرآن، إمَّا دلالة مبيَّنة مشروحة، وإمَّا مجملة يتلقى بيانَها من الرسول عليه الصلاة والسلام، أو من الإجماع، أو من القياس الذي ثبت بنص الكتاب، قال الله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَانًا لّكُلّ شَيْءٍ﴾ [النحل:89]. وقال: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذّكْرَ لِتُبَيّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل:44]. وقال: ﴿وَمَا ءاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُو﴾ [الحشر:7]. فأجمل في هذه الآية وآية النحل ما لم ينص عليه مما لم يذكره، فصدق خبر الله بأنه ما فرط في الكتاب من شيءٍ إلاَّ ذكره، إمَّا تفصيلًا وإمَّا تأصيلًا، وقال: ﴿ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة:3].» [تفسير القرطبي: 6/420].
9- ﴿إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ﴾ [الأنعام: 57].
10- ﴿وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام:153].
قال مجاهد عن السبل: «البدع والشهوات». [الدارمي: 1/68، الدر المنثور: 3/386].
وقيل لابن مسعود: ما الصراط المستقيم؟ قال: (تركنا محمد في أدناه، وطرفه في الجنة، وعن يمينه جواد، وعن يساره جواد، وثمّ رجال يدعون من مرّ بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة).
11- ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعً﴾ [الأنعام: 159].
قال البغويُّ: «هم أهل البدع والأهواء» [شرح السنّة: 1/210].
12- ﴿وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف:33].
قال ابن كثير: «وأغلظ من كلِّ ذلك، وهو القول على الله بلا علم، فيدخل في هذا كل كافر، وكل مبتدع أيضًا» [تفسير ابن كثير: 1/293].
13- ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء:36]. عن ابن عباس: (قوله: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾، يقول: لا تقل) [أخرجه الطبريُّ في تفسيره: 15/85].
14- ﴿قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَـٰلًا * ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعً﴾ [الكهف: 104].
روي أنّ ابن الكواء الخارجيّ سأل عن هذه الآية، فقال ابن عباس: (أنت وأصحابُك) [تفسير الطبريّ:16/34].
قال الطبريّ: «والصواب من القول في ذلك عندنا أن يُقال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ عنى بقوله: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَـٰلً﴾ كلَّ عاملٍ عملًا يحسبه فيه مصيبا، وأنّه لله بفعله ذلك مطيعٌ مُرْضٍ، وهو بفعله ذلك لله مسخط، وعن طريق أهل الإيمان به جائرٌ، كالرهابنة والشمامسة وأمثالهم من أهل الاجتهاد في ضلالتهم، وهم مع ذلك من فعلهم واجتهادهم بالله كفرة، من أهل أيِّ دينٍ كانوا» [تفسير الطبريّ: 16/34].
15- ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَ﴾ [النور:51].
قال ابن كثير: «أخبر تعالى عن صفة المؤمنين المستجيبين لله ولرسوله، الذين لا يبغون دينا سوى كتاب الله وسنة رسوله، فقال: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَ﴾».[التفسير 6/81].
16- ﴿فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور:63].
قال ابن كثير: «وقوله: ﴿فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ أي عن أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: سبيله هو، ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود وفاعله، كائنًا من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد)». [التفسير: 6/67].
قال ابن أبي العز: «كل فريق من أرباب البدع يعرض النصوص على بدعته وما ظنه معقولًا، فما وافقه قال: إنه محكم، وقبله واحتج به، وما خالفه قال: إنه متشابه ثم ردّه وسمّى ردّه تفويضًا، أو حرّفه، وسمّى تحريفه تأويلًا، فلذلك اشتد إنكار أهل السنة عليهم». [شرح الطحاوية: ص: 399].
17- ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ﴾ [القصص:50]. استفهام إنكاري بمعنى النفي، قال السيوطيُّ: "أي لا أضلَّ" [الجلالين: 515].
18- ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: 36].
قال الطبريّ: «يقول تعالى ذكره: لم يكن لمؤمن بالله ورسوله ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله في أنفسهم قضاءً أن يتخيروا مِن أمرهم من غير الذي قضى فيهم، ويخالفوا أمر الله وأمر رسوله وقضاءهما فيعصوهما، ومن يعص الله ورسوله فيما أمرَا أو نَهيَا ﴿فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلًا مُّبِينً﴾ [الأحزاب:36]. يقول: فقد جار عن قصد السبيل سبيل الهدى والرشاد» [22/11].
19- ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ﴾[لقمان:21].
قال ابن تيمية: «وصار الشيطان بسبب قتل الحسين -رضي الله عنه- يحدث للنّاس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم والصراخ، والبكاء، والعطش، وإنشاء المراثي، وما يفضي إلى ذلك من سبِّ الصحابة، ولعنهم ... وكذلك بدعة السرور والفرح». [منهاج السنة: 4/554].
20- ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَـٰهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ٱبْتِغَاء رِضْوٰنِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَـآتَيْنَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ﴾ [الحديد:27]
عن أبي سعيد الخدريِّ أنّ رجلًا جاءه، فقال: أوصني. فقال: (سألت عما سألت عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قبلك، أوصيك بتقوى الله، فإنّه رأس كل شيء، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن، فإنّه روحك في السماء وذكرك في الأرض) [المسند 11365].
تاسعًا: الأحاديث النبويَّة :
1- عن أنس بن مالك عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قال : (إنَّ الله احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته) [أخرجه الطبراني في الأوسط: 4360، والبيهقيُّ في الشعب: 2/308، وصححه الألبانيُّ في السلسلة الصحيحة: 1620].
قال سفيان الثوريُّ: «البدعة أحبُّ إلى إبليس من المعصية، المعصية يُتاب منها، والبدعة لا يُتاب منها» [شرح السنّة: 1/216].
2- قال -صلى الله عليه وسلم- : (إنِّي قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) [أخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة: 1/93، وسكت عنه الذهبيُّ، وصححه الألبانِيُّ - عليه رحمة الله - بمجموع شواهده في السلسلة الصحيحة: 1761].
قال ابن تيمية: «وما خالف النصوص فهو بدعة باتفاق المسلمين» [مجموع الفتاوى: 20/163].
3- قال -صلى الله عليه وسلم- : (ولكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، وآكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني) [أخرجه البخاري: 5063، ومسلم: 1401، من حديث أنس بن مالك].
قال الشاطبي: «والرأيُ إذا عارض السنة فهو بدعة وضلالة» [الاعتصام: 2/335].
4- قال -صلى الله عليه وسلم- : (فإنَّه من يعش منكم؛ فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) [أخرجه أحمد في المسند: 16694، وأبو داود في السنن: 4607، من حديث العرباض بن سارية، وصححه الألبانيُّ في صحيح سنن أبي داود: 3851].
قال ابن تيمية: «ومن تعبد بعبادة ليست واجبة ولا مستحبة، وهو يعتقدها واجبة أو مستحبة فهو ضال مبتدع بدعة سيئة لا بدعة حسنة باتفاق أئمة الدين؛ فإن الله لا يعبد إلا بما هو واجب أو مستحب» [مجموع الفتاوى: 1/160].
قال ابن رجب: «فكل من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه؛ فهو ضلالة، والدين منه بريء».[جامع العلوم والحكم: 2/128]
5- قال -صلى الله عليه وسلم- : (لا تجتمع أمتي على ضلالة) [هذا جزء من حديث أخرجه ابن ماجه: 3950 ، والضياء في المختارة 7/129، من رواية أنس بن مالك، وتمامه: (...فإذا رأيتم اختلافًا فعليكم بالسواد الأعظم)، وسنده ضعيف، ولكن موضع الشاهد منه صحيح، ورد من طرق عدة، ، فأخرج أبو داود نحوه عن أبي مالك الأشجعي: 4253، وورد عن ابن عمر نحوه أخرجه الترمذيُّ: 2167، والحاكم: 1/200، وصحح الألبانِيُّ موضع الشاهد من الحديث في صحيح الجامع:1848].
قال صاحب عون المعبود: «وفيه أنّ الإجماع حجّة، وهو من خصائصهم» [عون المعبود: 11/220].
6- عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ) [أخرجه البخاريّ: 2697، ومسلم: 1718].
قال النوويُّ: «قال أهل العربية: الرد هنا بمعنى المردود، ومعناه: فهو باطل غير معتد به». وقال: «وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه -صلى الله عليه وسلم-، فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات»، وقال: «وهذا الحديث مما ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات، وإشاعة الاستدلال به» [شرح مسلم: 12/16].
قال ابن رجب: «فمن تقرب إلى الله بعمل لم يجعله الله ورسوله قربة إلى الله فعمله باطل مردود». [جامع العلوم: 1/178].
وقال ابن حجر: «وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعده؛ فإن من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه». [الفتح: 5/302]
منقول --- يتبع ---
|
| |