كان لديّ صديق مدمن على مسرحية عادل إمام (شاهد ما شفش حاجة). وكان كلما دخلنا عليه وجدناه جالساً أمامها "فاطساً" من الضحك وكأنه يراها لأول مرة. وذات يوم زرناه أنا وابن عمي - وكان يراقب المسرحية كالمعتاد - فطلبنا منه إغلاق الفيديو كي نستطيع التحدث.. وحين رفض ذلك دخلنا معه في عراك حقيقي في محاولة لإغلاق الفيديو ونزع الشريط. وفي النهاية استطعت الوصول إلى زر الإيقاف ورميت الشريط من النافذة.
العجيب هنا أن التلفزيون في تلك اللحظة بالذات كان يعرض نفس اللقطة (وتحديداً: كل واحد يأخذ خياررريايا) بحيث استمرت المسرحية بنفس النسق على التلفزيون رغم إغلاق الفيديو.. وبالطبع تعرضنا للشماتة والتشفي من صديقنا الطريف واضطررنا لإكمال المسرحية على القناة المحلية.. هذه الحادثة على بساطتها مجرد نموذج لصدف وتوافقات عجيبة مررنا بها كلنا، فحين تخرج من منزلك وتصادف جارك ذاهباً للعمل فهذا ليس بالشيء الغريب، ولكن حين تتذكر صديقاً قديماً ثم فجأة يجلس بقربك على نفس الطائرة فهذا هو الغريب فعلاً.. والمصادفات المعقدة من النوع الأخير يطلق عليها علماء النفس مصطلح "متزامنات".. والمتزامنة تركيبة زمنية ومكانية أكثر تعقيداً من لقاء جارك في الصباح.. وقد تكون المتزامنات نادرة ويصعب تكرارها (صعوبة تكرار المشهد السابق) إلا أنها ليست مستحيلة وتحدث للجميع!!

@ وهناك عالم نفس استرالي يدعي كين اندرسون وقع في متزامنة مدهشة أثناء محاولته تأليف كتاب عن طبيعة المتزامنات نفسها. فذات يوم وصلته رسالة بعثها شخص يدعى "غلين كوبر" يروي فيها مصادفة غريبة وقعت له.. ولأن الرسالة لم تضم رقم العنوان أو الهاتف قرر اندرسون الاتصال بالاستعلامات والاستفسار عن رقم "غلين كوبر" وحين يطلب الرقم من عامل الاستعلامات سأله الأخير متعجباً "ومن يريده؟".. صعق اندرسون من وقاحة السؤال ولكنه تجاهله وكرر طلب رقم "غلين كوبر" إلا أن عامل الهاتف أصر على موقفه وسأله مجدداً: من يريده.. فأنا غلين كوبر!!

.. وحين قرر الحلفاء تحرير فرنسا من الاحتلال النازي في مايو 1944قرروا اختيار أسماء سرية لمواقع الإنزال البحري. واتفقوا على اختيار أسماء كورية واغريقية غريبة (مثل "أوتوا" و"أوماها" و"نبتون").. الغريب فعلاً أن محرر الكلمات المتقاطعة في صحيفة الديلي تلغراف اللندنية أورد اسم أوتوا ضمن إجابات الكلمات المتقاطعة في عدد 3مايو 1944ثم أورد اسم أوماها في عدد 23مايو ثم اسم نبتون في عدد 2مايو (أي قبل أربعة أيام فقط من بدء الغزو السري).. عند ذلك الحد اضطرت المخابرات البريطانية إلى اختطاف المحرر واستجوابه عن هذه الأسماء (وحتى حين تأكدت من براءته لم تطلق سراحه إلا بعد اكتمال الإنزال العسكري على شاطئ النورماندي)!!

@ ومن الباحثين الذين اهتموا بتوثيق المصادفات الغريبة الأديب الألماني فيلهام فون شولتس. ومن القصص التي ذكرها (في كتاب الصدفة) أن امرأة شابة من ستراسبورغ التقطت صوراً لطفلها الأول ثم أودعت الفيلم في أحد محلات التظهير. ولكنها لم تعد لاستلام الصور بسبب نشوب الحرب العالمية الأولى وهروبها من المدينة. وبعد انتهاء الحرب استقرت في مدينة فرانكفورت وأنجبت طفلها الثاني.. ولنفس الغرض ذهبت لشراء فيلم جديد ففوجئت بأنه فيلمها القديم أعيد تغليفه (بطريقة ما) كفيلم جديد!!

.. وأخيراً، تقول الأديبة الانجليزية ربيكا ويست في مذكراتها: حين جلست في أول يوم إلى الطابعة لكتابة رواية "الهدهد الحزين" سمعت صوتاً مكتوماً يرتطم بنافذة الغرفة. وحين قمت لاستكشاف السبب فوجئت برؤية هدهد مريض اصطدم بزجاج النافذة وخر صريعاً من ساعته!

على أي حال كلي ثقة بأن معظمكم مر - أو سمع - بحوادث أكثر غرابة.. لدرجة تخشى أن يكذبك الناس إن تحدثت بها.. هذه بالذات ما أود سماعها!

نسيت اكتب منقوووووووووووووووول