:: New Style ::
التسجيل البحث لوحة العضو دعوة اصدقاء تواصل معنا

الإهداءات

         
 
عودة للخلف   منتدى الهاشمية > منتديات عامة > المنتدى العام المفتوح
 
         

المنتدى العام المفتوح يهتم بنشر المواضيع ذات الطابع العام

رد
 
LinkBack أدوات الموضوع أنماط عرض الموضوع
قديم 05-14-2023, 08:58 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية فراشة الحجاز

فراشة الحجاز غير متصل

البيانات
التسجيل: Jan 2006
العضوية: 7
المشاركات: 1,814 [+]
بمعدل : 0.26 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
فراشة الحجاز غير متصل
وسائل الإتصال:

المنتدى : المنتدى العام المفتوح
إفتراضي تكثير القليل

تَكثِيرُ القَلِيلِ

د فهد ابراهيم البكر

جُبِلت أكثر النفوس على حب الكثير من كل شيء، كحب المال مثلاً، قال تعالى: «وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا»، أي كثيراً كما قال المفسرون، ويتبع ذلك حب الشيء الكثير من صحة، وعافية، ورزق، وولد، وبناء، وعِلم، وأشياء أخرى لا يمكن عدّها؛ إذن فالإنسان بطبعه ميّال إلى الكثرة كلما كانت في صالحه، وكان الشعراء منذ القديم يرون في الكثرة معياراً لكل شيء جميل، فالخنساء مثلاً كانت تقول في أخيها: (طويلُ النّجَادِ رَفيعُ العِمَادِ / كثيرُ الرَّمَاد إذا ما شَتَا)، وكان المتنبي يقول في أحد مدائحه: (لَهُ أيَادٍ عَليّ سَابِغَةٌ / أُعَدُّ مِنْهَا وَلا أُعَدّدُهَا)، أي لكثرة عطاياه يعدّ منها، ولا يستطيع أن يعددها.

هكذا تكون الكثرة -في أغلب الأحيان– أمراً يحبه الإنسان، ويسعى إليه، وربما كانت هي أبرز المعايير التي تقاس بها الأمور، وتوزن من خلالها المقادير، ويكفي أنها دليل على سخاء الإنسان من بخله، وعلى علمه من جهله، وعلى تميزه من عدمه، وليست الكثرة معياراً خاصاً بالأفراد، بل هي كذلك مقياس يمكن حمله على النطاق الجمعي الإنساني، وغير الإنساني، على أنها ربما كانت على عكس ذلك الأمر المحمود، أي أنها قد تكون دليلاً سلبياً، وليست دليلاً إيجابيّاً على الإطلاق، كأن يقاس بها مثلاً كثرة الإخفاق من المخفق، وكثرة البخل من البخيل، وكثرة الإساءة من المسيء، وهكذا؛ لذلك فإن الكثرةَ معيارٌ ذو حدين، ويمكن أن تقاس بها الأحوال من جانبين.

غير أن الأمر الأكثر فلسفةً وعمقاً هو أن يُنظَر إلى القليل بوصفه كثيراً، ولا سيما في هذا الزمن الاستهلاكي المادي، وقد لفتت انتباهي عبارة لــ(مارك مانسون) في كتابه (فن اللامبالاة لعيش حياة تخالف المألوف)، حيث يقول: «إن المزيدَ أحسنُ دائماً، لقد عشتُ سنوات كثيرة مقتنعاً بهذه الفكرة، اجمعْ مزيداً من المال، وزُر مزيداً من البلدان، وعِش مزيداً من التجارب .. لكن المزيد ليس بالشيء الأفضل على الدوام، بل إن العكس هو الصحيح في واقع الأمر، وغالباً ما نكون الأكثر سعادةً بالأقل لا بالمزيد..».

ولقد لمسنا في الشعر العربي نماذج بديعة تشير إلى (تكثير القليل)، وتلمح إليه كما لو كان كثيراً جداً، وقد أثار أبو الطيب المتنبي هذا الملمح الفلسفي في شعره، حيث يقول مثلاً في أحد مدائحه: «وَجُودُكَ بالمُقَامِ ولو قليلاً / فما فيما تَجُودُ به قليلُ»، وقد علق شارح الديوان (البرقوقي) على هذا البيت قائلاً: «يقول: جُد بالإقامة عندنا ولو كانت قليلة، فإن الذي تجود به لا يُعدّ قليلاً؛ لأنَّ كل ما كان من جهتك فهو كثير، وإن قلّ».

وقريب من هذا الملمح ما نُسِب ليزيد بن الطَّثْرِيِّةِ القشيري، وهو شاعر أموي (ت 126هـ) حيث يقول: «وليس قليلاً نظرةٌ إن نظرتُها / إليكِ، وَقُلٌّ منكِ غيرُ قَليلِ»، ومما ورد في (تكثير القليل) أيضاً قول إسحاق بن إبراهيم الموصلي -وهو شاعر عباسي (ت 235هـ)-: «إن ما قلّ مِنكَ يَكثُرُ عندي / وكثيرٌ ممن تحبُّ القليلُ)، ولعل في الشطر الثاني من هذا البيت ما يمكن اجتزاؤه ليكون شعارًا جميلاً بين من يقدّرون الآخرين، ويجبرون الخواطر، فكما أن تقليل الكثير قد يعد عيباً وإجحافاً، وبخاصة إذا توجه إلى ذوي الفضل والمعروف؛ فإن تكثير القليل في حق من يستحق هو خُلُق جميل، وعمل نبيل.












عرض البوم صور فراشة الحجاز   رد مع اقتباس
رد

العلامات المرجعية


يشاهد الموضوع حالياً: 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code هو متاح
الإبتسامات نعم متاح
[IMG] كود متاح
كود HTML معطل
Trackbacks are متاح
Pingbacks are متاح
Refbacks are متاح


المواضيع المتشابهة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات المشاركة الأخيرة
اللهم اجعلني من عبادك القليل فاطمة الهاشمية الإسلامي العام 0 10-26-2018 09:03 PM
وسط تكبير المسلمين يتوقف العرض ويهرب الرسام المسىء للرسول عليه الصلاه والسلام.. ابو مروان الشريف نصرة القرآن والسنة ونبي الأمة 0 05-13-2010 04:49 AM
لما لا مادامت الحسنات افضل من المال بكثير المتقي لله الإسلامي العام 1 07-28-2009 12:18 PM



كل الأوقات هي بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:15 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009

تشغيل بواسطة Data Layer