08-03-2022, 01:42 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Jan 2006 | العضوية: | 10 | المشاركات: | 1,412 [+] | بمعدل : | 0.21 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
المنتدى العام المفتوح المباني التي تشكلنا المباني التي تشكلنا
د زياد ال الشيخ
طالب أعضاء من مجلس العموم البريطاني قبل الحرب العالمية الثانية إعادة بناء مبنى المجلس لتوسيعه، فالمساحة المخصصة للعضو صغيرة، والتصميم العام قديم وبحاجة إلى تصميم أكثر عصرية، كان المناصرون للتحديث يرغبون في شكل دائري للمجلس بدل الشكل المستطيل القديم، وكان المعارضون في الجانب الآخر، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء تشرشل يرون أن في بقاء الشكل القديم محافظة على التقاليد السياسية التي قام عليها المجلس.
كان الشكل المستطيل وضيق المساحة في نظرهم من أسباب الحفاظ على تقليد الحزبين، وفي وجودهم جلوسا وجها لوجه تحفيزا لهم على المواجهة المباشرة في جلسات النقاش الساخنة التي تعلو فيها أصوات المتحاورين من الحزبين، عندما حانت الفرصة لإعادة بناء مجلس العموم بعد الحرب العالمية الثانية، قرر المجلس إعادة البناء على الشكل القديم، وفي خطبة شهيرة لتشرشل حول الموضوع أطلق مقولته الشهيرة: "في البداية نشكل مبانينا وبعد ذلك هي التي تشكلنا".
العلاقة بين الشكل والمعنى هنا دائرية، وهي كذلك في معظم الحالات، نغير الشكل بحثا عن معنى، حتى إذا استقر الشكل بدأ في تغيير المعنى الذي شكله ابتداء، وكما مر بنا في البرمجيات، كانت المتطلبات تشكو من مشكلة أساسية لم تحل، حتى وجد المحللون والمصممون وسيلة للتأقلم مع المشكلة، ويبدو أنهم اليوم نسوا المشكلة التي تأقلموا معها منذ البداية، إذا كان شكل مجلس العموم البريطاني قد ولد نمطا سياسيا تقليديا، فإن من المتوقع أن يحافظ المنهج التقليدي على نفسه من خلال الشكل الذي كونه، وقد كان أمام مجلس العموم البريطاني فرصة للتغير عندما تهدم مجلس العموم، ومع وجود الفرصة كان القرار هو البقاء على النمط القديم.
على هذا المنوال نرى العلاقة بين المشكلة والحل، فإذا دفعت المشكلة لتبني حل ما فإن زوال المشكلة يعزز من بقاء الحل حتى وإن زالت المشكلة من الأساس، فإن بقاء الحل باعتباره تقليدا مهما كانت المشكلة التي جاءت من أجلها، يضع التقليد عائقا عند تبني منهج جديد، ولا يبدو أن فرصة الانتقال من المنهج القديم إلى منهج جديد مواتية إلا عندما يصل إلى طريق مسدودة، حينما يتعثر المنهج التقليدي في حل مشكلات جديدة.
الانتقال الكبير من منهج قديم إلى منهج جديد تماما غير متوقع، لأن التقليد قادر على إعادة اختراع نفسه بحلول فرعية وتحسينات محدودة، فكلما واجه التقليد مشكلة محدودة، راجع نفسه قليلا لحل المشكلة بإضافة تحسينات تعالج المشكلة الجديدة، ما نراه في البرمجيات مثلا هو ذلك بالضبط، المنهج القديم ما زال يعيد تعريف نفسه بطرق مختلفة على مدى عقدين أو أكثر، إنما التقدم الذي تحرزه هذه الحلول طفيف، والمدى الأقصى لها لا يبدو بعيدا، فما زالت الأدوات التي تستخدم تفترض التطوير البرمجي اليدوي جزءاً من الحل ولا ترى وسيلة أخرى إطلاقاً .
توقيع : بسمة بني هاشم | لا إله إلا الله محمد رسول الله | |
| |