06-07-2011, 12:27 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى :
الحكواتي من جاء بالحسنة فله خير منها الـمَـعْـُــــروف بقلم/ محمد عبد الشافي القوصي مـا عَرَفَ الراحةَ يوماً، وما هدأتْ نفسه ساعةً واحدة .. منذ أن خرج من رَحِم الأحزان، وتقاذفته صروف الزمان! فقد نَحَتَ الصخرَ بأظافره، ومشى على الشوك حافي القدميْن! وما ترك مهنةً إلا وقد عَمِلَ بها، حتى المخابز والوِرَش ومحطات البنزين! فكان يتكيّف مع مختلف الظروف التي تمر به ما استطاع إلى ذلك سبيلا .. مُتحدياً شبح الفقر، ومرارة الغربة ... في سبيل مواصلة دراسته للطب! في يومٍ ذي مَسْغَبة؛ طاف يميناً وشِمالاً عساه أن يجد عملاً .. فلم يجدْ! فتسلّلَ إليه شعور بالإحباط أكثر من ذي قبل .. وأصابه من الهَمّ والحزن ما أصابه؛ لسطوةِ الدَّيْن وتراكمه، وشبح الضياع الذي نسج خيوطه في طريقه! فقرر أن يقترض ما يكفيه للغد .. فذهب إلى أحد زملائه؛ فاعتذر له لعدم وجود أيّ نقود في تلك اللحظة! وذهب إلى غيره، فعلِمَ أنه سافر إلى أهله! فبلغ به اليأس مبلغه؛ لعجزه عن تحقيق مطلبه البسيط .. فتحاملَ على نفسه أكثر، وقام بمحاولةٍ أخيرة، وتوجّه إلى صديقٍ له في بلدةٍ نائية، فلما وصلَ إلى هناك .. لم يجده!! فضاقتْ نفسهُ من نفسِه، واستبدّتْ به الحيرة، وأحسّ بأنّ الدنيا أوصدتْ أبوابها في وجهه، بعدما أعياه البحث عن ثمن وجبة عشاء! فتمْتمَ: ليس هناك من خَيْرٍ يُرتجَى في هذا الزمان .. حتى راودته نفسه الأمّارة في الانتحار ابتغاء الخلاص من غَلَبة الدَّيْن وقهر الرجال! * * * وبينما هو يسير بين الحقول الشاسعة؛ ويجوب الآفاق بنظراته القلِقَة، فاقداً الأمل في إكمال دراسته، بلْ كارهاً البقاء في الدنيا كلها .. فإذا به يُبصِر من بين النخيل رجلاً نحيلاً، تكاد قِربة الماء التي على كَتفهِ تُرديه على الأرض! فانطلقَ نحوه ليحملها عنه .. وما إنْ وصلَ إليه، حتى تهلّلَ وجه الرجل بالسرور، فرحّبَ به بشدة .. وقدّم له في الحال طَبَقاً مملوءاً رُطَباً جَنيًّا .. فأكلَ بِنَهَمٍ حتى شبع. ثم ما لبثَ أن قَصَّ عليه مأساته .. فمسحَ الرجل على كَتفِه برفقٍ، وقال: دوام الحال من المحال .. ومادامَ رزقكَ على الله فلا تحزنْ، والأجرُ على قدر المشقّة! فـ(إدريـس) عَمِلَ خيّاطاً، و(نُـوح) نجّاراً، و(مُوسَى) راعياً، و(داود) حَدّاداً، و(مُحمّـد) تاجِراً ... ثم استدارَ الرجلُ، وتناول جرعة ماء، وأردفَ قائلاً: تفاءلْ -يا ولدي- ولا تقنطْ أبداً، فإنه عندما يجيء أَوانُ الفَرَج، فلا قيمةَ للأسباب .. فقد خرج «يهـودا» بالقميص، فسبقته الرياح بالبُشْرَى إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ! و»مريـم» التي َكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كان كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا المِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً! تسلّلتْ هذه الكلمات إلى أُذُن الشاب كاللّحنِ الجميل، فظلّ يستمع ويستمتع بتلك الوصايا الغالية، حتى أرخى الليل أسداله، وتلألأتْ نجوم السماء، وغطّتْ الزروعَ قطراتُ النَّدَى .. فتمنّى ألا يغادر المكان، بعدما استهوتْ مسامعه الحِكَم الرفيعة، وهَزتْ قلبه المواعظ الحسنة الجميلة! وقبل أن يقوم من مقامه، سأل: هل تمتلك كل هذه الزروع والأشجار والنخيل؟! فابتسم الشيخ، وقال: لا أحد يملكُ شيئاً .. والمؤمن الحق مَنْ ينسب كل خيرٍ لله، كما فعل ذو القرنيْن (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ!) وكما فعل سليمـان (فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ!) ثم أردف قائلاً: لا أخفي عليكَ سراً؛ إنني لم يكن لديّ سوى نخلة واحدة، فكنتُ أتصدّق بنصف طَلْعها، فرزقني الله هذا الكَرْم الكبير، فزدتُ في الصدقة .. فزادني في العطاء أكثر وأكثر! ففي الناموس الإلهي مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا! سأله مرةً أخرى: كيف تسمح لكَ صحتكَ بصعود النخل وأنتَ في شيخوختك؟! أجلْ، حفظناها في الصِّغَر، فَحَفِظَها الله لنا في الكِبَر. تعجّبَ الشاب من يقين الشيخ، كتعجّب مُوسَـى من الخضــر! فزالَ عنه القنوط الذي كان يغشاه، وتبخّر اليأس الذي كاد يقتله. ثمّ قال -وهو يَهِمّ بالرحيل: لوْ افتقدتُ سكني؛ هل تأذن لي أن أُقيمَ في خيمتكَ الصغيرة ؟ لا مانع .. مادمتَ تؤمن بأنه مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا! ازداد تعجّبه من إيمان الشيخ ويقينه! فتنزلتْ عليه السكينة، وغشيته الرحمة .. ثم ودّعه قائلاً: أشكركَ -يا سيدي- على كرمك .. وعسى أن نلتقي. أنا خادمك (رشـاد فـؤاد) طالب بكلية الطب. فقال: لا شكرَ على واجب يا بُنيّ .. جعلكَ الله عَوناً لعباده، وسِلْماً لأوليائه. * * * مرتْ الأعوام سِراعاً، وأصبح طالب الطب أحد الجرّاحين الذين يُشارُ إليهم بالبَنَان! وفي إحدى الليالي، تم استدعاؤه فوراً إلى «المستشفى الجامعي» لوصول حالةٍ حرجةٍ للغاية! اعتذرَ عنها «المستشفى الدولي» لأنها ميئوسٌ منها! كما رفضَ استقبالها «المستشفى الاستثماري» بحجّة أنها حالة شبه ميتة! وبمجرد أن اطّلَعَ الدكتور على اسم المريض واسم القرية التي ينتمي إليها .. تذكّره على الفور! فقرّرَ أن يفعلَ ما في وسعهِ لعلاجه. وبالفعل، فلمْ تمضِ ساعاتٌ قلائل حتى نجحَ في علاجه بمهارةٍ فائقة، وأعاده للحياة .. مُخيّباً ظن الآخَرين الذين توقعوا خِلاف ذلك! ثمّ ما لبِثَ أن اشترى له الدواء اللازم، وكتب عليه: هذه هديتي إليك؛ لأنه مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا! توقيع: خادمكَ الأمين (رشـاد فـؤاد) طالب كلية الطب. * * * في تلك الأثناء، كانت الظنون تحيط بالرجل من كل جانب، إذْ توقّع أنه سيبيع أرضه، بلْ سيقضي حياته كلها ليُسدّد أجر العملية الجراحية! فلمّا قرأ الورقة المرفقة بالدواء .. امتلأ بالبشرى، وراح يضمّها بشوقٍ ويُقبّلها، كأنها قميصُ يوسـفَ في أجفانِ يعقـوبِ! فتدفّقتْ منه دموع الفرح، ورفع يديْه إلى السماء قائلاً بصوتٍ خاشع: سبحانك .. سبحانك، إذا كان المعـروف لا يضيعُ في الدنيا .. فكيفَ يضيعُ في الآخرة؟! آمنتُ .. آمنتُ أنه مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا!
| ||||||||||||||||||||||||||||||||
06-07-2011, 10:42 AM | المشاركة رقم: 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
حفيدة العباس المنتدى :
الحكواتي رد: من جاء بالحسنة فله خير منها يااااااه مؤثرة يعطيكـِ العــاآفية آمنتُ .. آمنتُ أنه مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا!
| ||||||||||||||||||||||||||||||||
06-07-2011, 07:23 PM | المشاركة رقم: 3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
حفيدة العباس المنتدى :
الحكواتي رد: من جاء بالحسنة فله خير منها سبحانك .. سبحانك، إذا كان المعـروف لا يضيعُ في الدنيا .. فكيفَ يضيعُ في الآخرة؟! لا إله إلا الله الله يجزاك خير حفيدة العباس
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
06-07-2011, 10:50 PM | المشاركة رقم: 4 | ||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
حفيدة العباس المنتدى :
الحكواتي رد: من جاء بالحسنة فله خير منها
| ||||||||||||||||||||||||||||||
06-14-2011, 08:57 AM | المشاركة رقم: 5 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
حفيدة العباس المنتدى :
الحكواتي رد: من جاء بالحسنة فله خير منها سبحان الله العظيم قصة عجيبة الله يسعدك يا العباسية
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
العلامات المرجعية |
يشاهد الموضوع حالياً: 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
| |
المواضيع المتشابهة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | المشاركة الأخيرة |
دوماً غير الزاوية التي تنظر منها | الهاشمية القرشية | الحكواتي | 5 | 07-07-2010 12:32 PM |
أعلام بني خالد من قريش | شيبة الحمد | قريش | 7 | 07-20-2009 08:22 PM |
أسماء البنات وشخصياتهم....... | بنت الاشراف | الهاشميات | 10 | 06-21-2009 08:32 PM |
~¤ô§ô¤~ فهرسة مواضيع ارجوا الحذر منها ~¤ô§ô¤~ | داعي الى الله | الإسلامي العام | 2 | 04-09-2007 03:21 PM |
بيان مختصر لقبائل أو أسر يُظن أو قد يُشتَبه أنها من السادة العلوية وليست منهم | صريح للغاية | كل ما يخص آل البيت | 1 | 09-28-2006 06:48 AM |