09-14-2006, 01:39 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Feb 2006 | العضوية: | 22 | المشاركات: | 1,376 [+] | بمعدل : | 0.20 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
الكلمة الموزونة نبضٌ رمضانيٌ في ذاكرة الدّيوان العربيّ نبضٌ رمضانيٌ في ذاكرة الدّيوان العربيّ
بقلم/ علي زعلة
توطئـة :
( رمضان ) .. لهذا الاسم في ذاكرة اللغة العربية أصول ضاربة ومتجذرة في أعماقها ، وزاد هذا الاسم بهاءً وضياء تلك الغلالات الإسلامية الشفيفة التي جللت هذا الشهر ، حيث باركه الله تعالى وأمر بصيامه وجعله ركناً من أركان الدين الإسلامي الحنيف .
وبنظرة سريعة صوب كتب اللغة القديمة فإننا نجد ما ملخّصه :
( رمضان ) اسم من أسماء الشهور ، ويجمع على رمضانات ورماضين ورمضانون ..وغيرها ، وأما سبب التسمية فقد قيل إنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها ، فوافق ( ناتق ) من الشهور القديمة زمن الحر والرمض .. فسمي رمضان ، وقيل رمضان من رمض الصائم إذا اشتد حر جوفه ، أو لأنه يحرق الذنوب . مدخـل :
الشعر كما هو معلوم ديوان العرب ؛ فيه حربهم وسلمهم .. حلّهم ورحيلهم ..معاشهم وهمومهم .. لذا كان لا بد لمن يتصفّح هذا الديوان أن يلمس نبضا رمضانيا يطفو على سطح الذاكرة الشعرية الممتدة عبر مساحات الأدب العربي قديما وحديثا ، ولعلنا فيما يأتي من حروف نستعرض لمعات من الصور الرمضانية المبثوثة في شعر العرب وشعورهم عبر العصور الأدبية ، وقد تخذت هذه المطية التحقيبية في مقالي هذا لما لها من ظلال ودلالات لا تخفى على القارئ الكريم .. وخصوصا في مثل ما نحن بصدده من حديث . العصر الجاهلي والإسلامي.. رمضان الغائب!!
فيما وقفت عليه من مصادر الأدب التي أرخت لهذين العصرين لم أجد صدىً يومئ إلى شيء من انعكاساتٍ لشهر الصوم في شعر الشعراء !! وهذا ما جعلني أقرن العصرين ـ على تفاوت ما بينهما ـ في عنصر واحد وسبب انعدام ورود الشهر الكريم في شعر الجاهليين واضح وجلي ؛ فالجاهليون وثنيون لا يعني لهم رمضان شيئا إذ إنه كسائر الشهور ، والذي يظهر أن العرب الجاهليين لم يكونوا يقيمون اعتبارا لأيٍّ من الشهور سوى الأربعة الحرم ( رجب ـ ذي القعدة ـ ذي ا لحجة ـ محرم ) وذلك بالتوقف عن القتال فيها ، بل حتى هذه الأربعة كانوا يتصرفون فيها بتقديم أو تأخير بما يناسب نزقهم للسطو والإغارة !!
وأما في صدر الإسلام وبرغم أن رمضان قد صار ذا صبغة دينية وفضيلة ربانية إلا أن ذلك كله لم يظهر في أشعارهم ، ـ على الأقل فيما هو بين يدي من مصادر المرحلة ـ ولعل ذلك راجع إلى عدة أسباب من أهمها : انشغال المسلمين عموما عن اجتراح الشعر بالفتوح والجهاد في سبيل الله تعالى من جهة ، وبتعلم الدين الجديد والقرآن المجيد من جهة أخرى كما هو واضح في سير الشعراء المخضرمين ، وسبب آخر هو أن نفوس هؤلاء العرب لم تتشبع بعد بالإيمان أو تخضلّ قلوبهم به حتى يظهر ذلك في أشعارهم . العصر الأموي.. رمضان لم يكن سلطاناً
وإذا تحدّرنا قليلاً حتى سفوح العصر الأموي وجدنا صورة رمضانية مشوهة رسمها أولئك الماجنون وأهل الخمر والقيان ممن انصرفوا بعقولهم وقلوبهم عن روحانيات الدين والقيام بواجباته والتأدّب بآدابه ، فهذا الأخطل النصراني يقول في إحدى قصائده :
ولستُ بصائمٍ رمضان طوعاً ولست بآكل لحم الأضاحي !
إنه يعلن التمرد على كل أصول الدين وشرائعه ، وبمثل هذا البرواز أطّرت الصورة الرمضانية في شعر الأمويين ، فهاهو الأقيشر الأسدي ـ الذي وصفه الآمدي بصاحب الشراب ـ كان يأتي الحيرة ليشرب الخمر ، فلما دخل رمضان منعه ابن عمه أسيد فلقيه صاحب له فقال له : ما بالك شاحباً ؟ فأجابه بقوله :
إمّا تراني قد هلكت فإنمــا رمضان أهلكني ودِينُ أسيدِ
هذا يصرّدني فلست بشاربٍ وأخٍ يؤرقني مع التصريـدِ
والحقّ أن الأدب الأموي لم يهتمّ كثيرا بهذا الشهر ، وكان الشعراء في شغل عن مثله من الموضوعـات بمدائح الخلفاء ونصرة الأحزاب السياسية التي قامت في تلك الفترة ، والناظر إلى ساحة الأدب الأموي لا يستطيع بحال من الأحوال أن يتخلى عن استصحاب نظرية الصراع التي جلّلت هذه الحقبة من تاريخ الأمة ، بدءً بصراعات الخلافة بعد مقتل عثمان ـ رضي الله عنه ـ إلى تعدد المذاهب في نصرة الإمام علي ، إلى اختلاف الأحزاب السياسية والقبلية … وبالتالي فقد خرج علينا الشعراء بأغراض شعرية مسايرة للحالة التي يعيشونها ؛ فكل منهم يناصر مذهبه ويبجّل ممدوحه ويعلي من شأن حزبه الذي يواليه ، وعلى ذلك فقد وقف طابور طويل من صفّ الشعراء بباب الولاة والحكّام طلبا للنوال والعطاء ، وعلى حدّ تعبير أحد الأدباء فإنه لم يكن ثـمّة حاكم يدعى رمضان ليقال فيه الشعر !! العصر العباسي.. رمضان الصبّ !
تختلف الصورة في هذا العصر عن سابقه كثيرا ، فكثير من الشعراء ذكروا رمضان والصيام بشيء من الكره والتأذي ، فهاهو المرعّث ـ بشار بن برد ـ يتمنّى قدوم شوال وانسلاخ رمضان كي يعوّض النحول الذي براه جرّاء الصيام والجميع يعلم أن بشار كان ذا جثة عظيمة ومع ذلك يقول :
قلْ لشهر الصيام أنحلت جسمي إن ميقاتنا طلوع الهــــلالِ
اجْهد الآن كل جهدك فينــــــــــــا سترى ما يكون في شوال !!
وأما ابن الرومي فقد قال كارهاً الصوم ، متمنياً أن تطول ليالي رمضان وتقصر نهاراته :
إذا باركتَ في صوم لقــــوم دعوت لهم بتطويل العذاب !
فليت الليل فيه كان شهرا ومرّ نهاره مرّ السحـــــــــــاب
فلا أهلاً بمانع كلّ خـــــيرٍ وأهلاً بالطعام وبالشراب !!
ثم نحن نجد أبا منصور الثعالبي صاحب ( اليتيمة ) ينشد بيتين في شكوى رمضان ويحشد فيها فيضا من تصرفه بفنون البديع اللفظي قائلاً :
رمضان أرمضـني فأمرضـني بصا داتٍ على عدد الطباع الأربعــــةْ
صومٌ وصفراءٌ تجرعني الـــــردى وصبابةٌ وصدود مَن قلبي معـهْ
وإذا اقتربنا قليلا حتى زمن ابن رشيق القيرواني صاحب كتاب ( العمدة ) الشهير وجدناه يخاطب هلال رمضان مرحباً به لأجل الرياء والسمعة فحسب ..
لاح لي حاجب الهلال عشيـــــا فتمنّيت أنني من سحـــــــــــابِ
قلتُ أهلا وليس أهلا لما قـــــــلـ تُ ولكن .. أسمعْـتُها أصحابي
مظهراً حبّه وعنديَ بغــــــــضٌ لعدوّ الكؤوس والأكـــــــــوابِ !
والناظر في نصوص الشعر العباسـي التي قيلت في هذا الشهر الكريم يجد عجبا ؛ فقد قال بعض الشعراء – وهم غير معروفين بالفسق أو المجون كما مرّ معنا – أبياتا مشينة لا يليق ذكرها وهي مشتهرة عند من شدا من الأدب قليلا ، أصون شهرنا أن نسوّد بها سطورنا .. ولست أدري هل قيلت تلكم الأبيات وأمثالها من باب التّندر وإزجاء الحديث على ما فيها من تجاوز ؟ أم أن قائليها حين أنشؤوها كانوا يعتقدون معانيها وما تنطوي عليه من اجتراح للخطايا ؟! أحسب أن مراجعة سير أولئك الشعراء كفيلة بتجلية الأمر وبيانه .
وفي جانب آخر متضائل في هذا العصر تلوح نقاط مضيئة مع هذا الشهر المبارك ، من مثل قول ابن حمديس الصقلي ـ عبد الجبار بن أبي بكر ـ في هلال رمضان :
قلتُ والناس يرقبون هلالاً يشبه الصّبّ من نحافة جسمهْ
من يكن صائما فذا رمضانٌ خطّ بالنور للورى أول اسمـــــهْ
قلت : شتّان بين هلاله وهلال ابن رشيق !! منعطـف :
وبما أن رمضان شهر كسائر الشهور من حيث معاش الناس وضربهم في الأرض وممارسة شؤون حياتهم المعتادة وبخاصة في الزمن الأول ! فقد كان يحل الشهر وللناس فيه أحوال متباينة وظروف مختلفة ، وقد ظهر ذلك في أشعارهم التي تكون متعلقة في بعض الأحايين بهلاله أو بصيامه أو بتصرّمه وانسلاخه وحلول العيد .. أو غير ذلك ، وأرى أنه لا بأس من المكوث قليلا مع تلك الأحوال . أحـوال :
من الأحوال التي تكررت كثيرا في الشعر العربي اقتران التهاني الرمضانية والعيدية بمدائح الخلفاء والأمراء ، كما في قصيدة ابن سهل الأندلسي التي يمدح فيها أبا علي بن خلاص ويهنؤه بحلول عيد الفطر المبارك :
مضى رمضان كثير الثنـــــا ء عليك وودّع لا عن قِلـــى
فلو كان ينطق شهر الصيـــا م لقام بشكرك بين الملا !
ولو صافح العيد شخصاً إذن لصافحك العيد إذ أقبــلا !
وللشّاب الظريف ( محمد بن سليمان التلمساني ) حالة وقعت له في رمضان لخّصها في أبياته التالية :
لمّا دَرَتْ أن المحب بغيرهـــــــا وبغير ذكرى حبها لم يطــــــــربِ
هجرته حيناً ثم لمّا أنعمت جاءته في رمضان قبل المغرب !!
وفي العصر الحديث يصور الشاعر علي الجارم حال بعض الناس مع الصيام ويرى أنه ليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش !
أتى رمضان غير أن سَراتنـــــا يريدونه صوماً تضيـــــــــــق به النفسُ
يصومون صوم المسلمين نهاره وصوم النصارى حينما تغرب الشمس !
ومن أشهر الأحوال الرمضانية في الشعر الحديث تلك الصورة التي رسمها أحمد شوقي في شعره لمدمن الخمر حين منعه عنها الصيام ومنّ العيد عليهما بالتلاقي بعد لأي وشدة ..
رمضان ولّى هاتها يا ساقـــــــــي مشتاقة تسعى إلى مشتـــــــاقِ
ما كان أكثره على ألاّفهــــــــــــــا وأقلّه في طاعة الخـــــــــــــلاّق
بالأمس قد كنا سجيني طاعـــــة واليوم منّ العيد بالإطــــــــلاق
ضحكت إليّ من السرور ولم تزل بنت الكروم كريمة الأعراق!!
وهنا حالة شعرية وتجربة إنسانية مثيرة للشجن وباعثة للأسى .. قريبة هي من ذاكرتنا إذ ما زالت بعض الشعوب تعاني تبعاتها حتى يوم الناس هذا ، إنها الحرب العالمية الثانية بكل ما يهيجه هذا الاسم من مشاعر الألم والبؤس والدمار .. فما ظنكم بشاعر رقيق الإحساس يظلّه هلال رمضان وهو يكابد ويلات هذه الحرب الطاحنة لقد صوّر هذه الحالة الإنسانية شاعر السويس الشاعر المصري محمد فضل إسماعيل ( 1898ـ 1969 )م وهو شاعر مبدع لكنه مغمور ! فلم يظهر ديوانه إلا بعد رحيله ، وكتب الدكتور طه حسين في مقدمته ( على قدر ارتياحي لظهور هذه المجموعة الشعرية الخصبة بين دفّتي كتاب واستخلاصها من يد الشتات كان شعوري العميق بالأسف على ما لقي الشاعر الراحل في حياته من غبن وحرمان ..) وأما عن القصيدة فهي خطاب لهلال رمضان الذي يبدو من بين الركام ..
بُحْ يا هلال بما لديك ولا تخـــــــف فلديك عند الفصل ما لا نعــرفُ
نقمت على الأرض السماء فلم تزلْ ترمي جوانبها بما لا يؤلــــــف
مَن في السماء طغى ؟ وحلّق فوقهــا وهوى على الحرمات لا يتعفف
ما ذنب أمثالي ؟ وقد حرموا الكرى وأمضّهم في الليل همٌ متلـــــف
كم من عروسٍ تحت أنقاض البِلى ؟ خَفيتْ ونمّ رداؤها والمعطف !!
أشرقْ بوجهك يا هلال، وغنّنـــــــــا حن السلام فذاك لحنٌ يشغـف
للـه صمنا وابتهجنا خشّعــــــــــــــــاً والله بالشعب المسالم يلطـــف لوحـة :
لعل القارئ الكريم يلاحظ أننا لم نورد من النماذج الشعرية ما يندرج في خانة النظم ، وذلك أن هذا النوع من الشعر على كثرة ما تحدث عن رمضان ليس مما تشدّ إليه الرحال ، فهو قد أنشئ لأغراض معينة من الوعظ أو التعليم أو غيرها ، وكذلك فإن هذا النمط من الشعر كثير جدا لو انسقنا خلفه فلن نفرغ قبل العيد !! رمضان في الشعر السعودي المعاصر:
وبعد أن طوّفنا في الجزء الأول من هذا المقال في العصور الأدبية انتهاءً بالعباسي وما تلاه ، يجدر بنا أن نقف أمام مرآة الشعر السعودي المعاصر نستجلي موقع رمضان من خزانته الفياضة سيّما أن الأدب السعودي بعامة يصطبغ بحمد الله صبغة إسلامية تحفظ لمثل هذه الشعائر الدينية مكانتها ،لقد تحدّث شعراؤنا الكبار عن رمضان استقبالا وروحانية وشفافية بقصائد رائعة جمعت سمو الفكرة وجمال السبك الشعري فهاهو الشاعرالأستاذ عبد القدوس الأنصاري ـ رحمه الله ـ يصدح بقصيدة تعبق بروحانية رمضان وشوق النفوس إليه في كل عام :
تبدّيت للنفس لقمانهـــــــا لذاك تبثّك وجدانهــــــــا
وتنثر بين يديك الزهـــــور تحييك إذ كنت ريحانهـــا
إذا لُحت هبّ نسيم السماء فأنشر في النفس إيمانها
فأنت ربيع الحياة البهيـج تنضّر بالصفو أوطانهــــا
وأنت بشير القلوب الــــذي يعرّفها الله رحمـانهـــــا
وصديقه الشاعر الكبير الأستاذ محمد بن علي السنوسي ينشد قصيدة عذبة تجعل القارئ يعيش أجواء رمضان السامية ..
رمضان يا أمل النفوس الظامئات إلى الســـــلامْ
يا شهرُ، بل يا نهرُ ينـهل من عذوبته الأنــــــامْ
طافت بك الأرواح سابحة كأسراب الحمــــــــامْ
بيضٌ يجلّلها التقى نورا ويصقلها الصيــــــــــــامْ
تسمو بها الصلوات والدعوات تضطرم اضطرامْ
لله جلّ جلاله ذي البر والمنن الجســـــــــــــــــــامْ
وللشاعر المبدع الأستاذ حسين عرب قصيدة يستبشر فيها بحلول الشهر الكريم ويشير إلى أثره على المجتمع المسلم .. من أبياتها :
بشرى العوالم أنت يا رمضــــانُ هتفت بك الأرجاء والأكـــوانُ
والشعر والأفكار وهي عتيّـــــة ينتابها لجلالك الإذعـــــــان
لك في السماء كواكب وضّــــاءة ولك النفوس المؤمنات مكـــان
يا مشعلاً قبس الحقيقة بعد أن أعيت عن استقصائها الأذهان
ومبدّدا حلك الضلالة حينمـــــا عمّ الدنا من زيفها فيضـــــان
ونقرأ قصيدة أخرى للشاعر الأستاذ محمود عارف يبثّ فيها صورا من روحانيات هذا الشهر ..
بالطهر شهر الصوم أقبل مشرقا مسترفه الخطوات يرفل معنقا
رمضان محراب العبادة للــــــورى تعلو به الأرواح أطهر مرتقـى
فيه التراويح المضيئة مسبــــــحٌ للقلب للإيمان يعمر مرفقـــــا
ساعاته عمر الزمان مليئــــــــة بالذكر حيث العمر عاد محلّقا
ولشاعرنا المبدع الأستاذ محمد حسن فقي قصيدة بمناسبة الشهر المبارك ، الذي يحتفل الكون كله بمقدمه ..
حتى إنه ليشتم ريّا النعيم في مساءاته الندية المخضلّة بالذكر والدعاء لربّ العباد ..
رمضان.. في قلبي هماهم نشوة من قبل رؤية وجهك الوضّـــاءِ
وعلى فمي طعمٌ أحسّ بأنــــــــه من طعم تلك الجنة الخضراء
قالوا : بأنك قادمٌ فتهلّلــــــــــت بالبشر أوجهنا وبالخيـــــــلاء
لِم لا نتيه مع الهيام ونزدهــي بجلال أيامٍ ووحي سمـــاءِ !!
وهنا قصيدة رمضانية للشاعر الأستاذ أحمد سالم باعطب يصوغ فيها فرحة العالم بقدوم رمضان وانطلاق النفوس مسرعة في مساحات الاصطلاء بالدموع طلبا للمغفرة والرحمة ..
رمضان بالحسنات كفّك تزخــــرُ والكون في لألاء حسنك مبحــرُ
يا كوكباً أعلامه قدسيـــــــــــــــة تتزيّن الدنيا له وتعطّـــــــــــر
أقبلت رحمى فالسماء مشاعــــلٌ والأرض فجر من جبينك مسفر
هتفت لمقدمك النفوس وأسرعت من حوبها بدموعها تستغفـــــرُ
والذاكرة السعودية مترعة بأهازيج رمضان الشعرية ، تطالع المتصفّح لأيقوناتها مساحات عريضة للبوح الرمضاني الشفيف ، ولا غرابة في ذلك ؛ فهو شعر ينطلق من أرض النبوة ومهد الرسالة ، من أرض الحرمين الشريفين .. من بلاد تحمل الإسلام عقيدة وسلوكا ومنهج حياة ، ومما يلكز خاصرة الاهتمام في هذه النماذج التي اقتبسنا تلك القيمة الفنية العالية والسبك اللغوي الرائع بعيدا عن حبائل النظم المهترئة وآلياته البالية . ختـام :
في الختام لعلي أختم تجوالي بين القوافي الرمضانية بقصيدة للشاعر الأستاذ عبد الله بن سليّم الرشيد ، منشورة في ثقافة الجزيرة عدد ( 9933 ) بعنوان ( تهميش على أوراق رمضان ) وهي عبارة عن بوح ذاتي اشتعل في قلب الشاعر حين أظله شهر الصوم الكريم ..من أبياتها :
توغل الأيام في إيجافهـــا في صدى الأمس وعمق الأزلِ
وأسير الذنب مكبول الرؤى همّ بالرجعى ولمّا يفعــــــــل
مرّ شعبان فلم تحفل بــــه روحه الملقاة بين الهمـــــــل
عجباً من أغبر ذي شعــــــثٍ مرّ بالنهر فلم يغتســــل !!
هذا.. والبحث عن روحانيات شهر الصوم في أروقة الديوان العربي ما تزال مشرعةً.. والأمر ولا شكّ يحتاج إلى المزيد.. ولا أزيـد.
أخر تعديل بواسطة فاطمة الهاشمية ، 09-14-2006 الساعة 01:44 AM |
| |