09-08-2006, 03:04 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Jan 2006 | العضوية: | 6 | المشاركات: | 1,369 [+] | بمعدل : | 0.20 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 10 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
لحياة اجتاعية أفضل لا تجعلي الفراغ يأكل من فكرك كل الأهداف والمعاني الجميلة لا تجعلي الفراغ يأكل من فكرك كل الأهداف والمعاني الجميلة
-------------------------------------
وقت الفراغ مشكلة قائمة بذاتها بل هي أم المشاكل أو السبب الجوهري وراء الكثير من المصائب. فالانسان الذي يعرف كيف ينظم وقته وينسق حياته بطريقة منظمة، بحيث يستغل كل طاقاته لنفع ذاته ولفائدة الناس سيقضي على شيء اسمه البطالة التي تدفعه إلى الاستغراق في التفكير والقلق والحرمان وبالتالي الشعور بالكآبة.
وسأتناول المرأة على وجه الخصوص باعتبارها العنصر الحيوي في دفع دفة المجتمع إلى الأمام لأنها الطاقة الكامنة وراء حيوية المجتمعات وتطور الشعوب، فبمقدار ما تكون شخصيتها وكيانها ونضوجها الفكري تتحدد نوعية الأسر وبالتالي التشكيلة الواضحة للمجتمع فنابليون بونابرت يقول: (إذا أردت معرفة مقدار تمدن الشعوب وتطورها فما عليك إلا أن تنظر إلى أخلاق نسائها).
فالأسرة لابد لها من مهام عظيمة من ترتيب وتنسيق وتنظيم الأدوار تقوم بها الزوجة رغم وجود الخادمة، لأنها ـ أي الزوجة ـ هي التي تشرف على أعمال الخادمة وتوجيهها والتعاون معها في البحث عن أماكن القصور التي تنساها الخادمة، أضف إلى ذلك تربية الأولاد الصغار وتعليم الكبار ومداراة الزوج، ثم الارتباط بوظائف اجتماعية من زيارات ونزهات ومشاغل كثيرة، ورغم كل هذه المهام يبقى وقت فراغ كبير لا تعرف أغلب النساء كيف تستغللنه فبعضهن يقتلن الوقت دون فائدة، كالتسكع بالشوارع والأسواق ولقاءات تافهة مع شخصيات مريضة ليس لها همّ إلا الثرثرة والاستغابة والنميمة التي تعكس آثاراً سلبية من حيث هدم المبادئ ومسخ الشخصية، لتصبح المرأة إنسانة عاطلة وعبئاً على نفسها وزوجها وأولادها، يأكل الفراغ من فكرها كل المعاني الجميلة والأهداف السامية فتراها تعيش حياة قلقة غير مستقرة تنظر إلى الحياة نظرة سوداوية، لأن العمل والإنتاج سواء داخل البيت أو خارجه يضيفان حالة من الحيوية والنشاط والسعادة في الاتجاه نفسه وهذا يجره بالتالي إلى المزيد من العطاء والإنتاج لخدمة الآخرين ونفعهم. فالوقت شيء ثمين لابد أن نغتنمه ونستفيد منه، فلقمان الحكيم يوصي ولده: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، صحتك قبل مرضك، فراغك قبل شغلك، مالك قبل فقرك، حياتك قبل موتك).
هذا العمر الثمين الذي سوف نحاسب عليه يجب أن يستغل بكل ما هو مفيد فالبطالة تدفع إلى الملل والروتين والإحساس بالإحباط لأن العاطل انسان ناقص لا قيمة له في الحياة، مشلول الإرادة، عاجز عن اللحاق بالآخرين من أجل زرع بذرة الخير والأمل في طريقه، فيقع ضحية للوسواس والحزن، وبالتالي يقع في شراك المشاكل والويلات.
المرأة الذكية تستطيع أن تنظم حياتها اليومية وتحدد ساعات خاصة للمطالعة في الكتب القيمة والبحث في أمور تفيد بيتها وأولادها مثل موضوع الإسعافات الأولية لتفادي المخاطر الصحية التي تهجم فجأة على البيت، كذلك الاهتمام بالأمور التربوية التي تفيد الأولاد مع تنمية العقيدة فيهم منذ نعومة أظفارهم.
لماذا لا تفكر المرأة في تطوير نفسها فكرياً وتهذيب شخصيتها وصقل مواهبها؟ متى تعرف كيف تستغل فراغ الوقت في قضايا مفيدة وبنّاءة؟
هناك الكثيرات ممن يعرفن كيف ينظمن حياتهن ويسخرن فراغ أوقاتهن في القراءة والكتابة والبحوث العلمية وتجاربهن الشخصية في مجالات متعددة، حيث يكتبنها في مقالات أو قصص ويبعثنها إلى الصحف والمجلات لفائدة الناس وهذا مثال للسيدة (دورتي كارنيجي) فهي ربة بيت لكنها ألفت كتاباً مهماً ذا قيمة عالية فنفذ من الأسواق بسرعة فائقة. لقد أرادت البيتية رغم مشاغلها أن تساعد زوجها مادياً، وفي الوقت نفسه ستسخر فكرها لخدمة المجتمع فكتبت تقول: (لقد كتبت القسم الأعظم من كتابي هذا عندما كان طفلي الصغير ينام ساعتين في النهار، فأستغل تلك الفرصة وأمضي في عملي العلمي وان الكثير من مطالعاتي كنت أقوم به حينما أذهب إلى الحلاقة لأجلس تحت جهاز تجفيف الشعر). المصدر: نظام الحياة الزوجية، الشيخ ابراهيم الأميني. فإن لم تستطع المرأة أن تخوض هذا المجال الرائع عليها أن تفهم طبيعة عمل زوجها وتقرأ معه الكتب أو القضايا التي تخص مجال عمله فتساعده وتناقشه وتشاركه فكرياً وتفهم كل ما يطرحه عليها.
هناك مجالات كثيرة تستدعي أن تخوضها المرأة بدراية وفهم كتفسير القرآن الكريم وسيرة الأنبياء وتعاليم الدين وأصوله وتجارب التاريخ والقضايا التربوية والنفسية، كذلك تتبع المقالات السياسية لتعرف التطورات العالمية أولاً بأول، المرأة الفارغة ليست هي تلك التي تجلس في البيت دون وظيفة خارجية، بل هناك موظفات وعاملات في قطاعات مختلفة يسقطن في وحل الفراغ والرتابة، المهم هو مقدار ما تستطيع فيه المرأة أن تستغل كل لحظة من لحظات حياتها لخدمة بيتها أولاً والمجتمع الانساني ثانياً، فالرسول (ص) يقول: (إن الله يبغض كثرة النوم، وكثرة الفراغ). هناك مجالات كثيرة تستطيع فيها المرأة أن تبدع وتنتج وتساهم في تقدم مجتمعها كالخياطة، الرسم، التصوير، التطريز، فيها شيء من اللهو والمتعة البريئة لكنها في الغالب تنمي المواهب وتذكي العقل، وقد تكون مورداً مالياً لميزانية الأسرة. فالمرأة طاقة عظيمة من العقل والعاطفة والإبداع، تكسب من خلال استغلالها لهذه الطاقة احترام زوجها وتقدير مجتمعها، فليس كل عمل يتطلب خروجك من البيت بل من خلال وجودك في عقر دارك وفي حضن أسرتك تستطيعين أن تكوني كاملة وعالمة وعنصراً نشطاً في معترك الحياة طالما سخرت كل ما وهبك الله في النفع العام.
فالإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنة) يقول: (إن الله يحب المؤمن العامل الأمين) فلا خير في أن تبدد المرأة سحب الملل من حياتها وتغير مجالس الاسترخاء أمام التلفزيون ومع الأخريات اللاتي يعشن على فتات الآخرين ونقائصهم الدفينة إذ ان هناك في الحياة وجهاً آخر أكثر عمقاً وأنبل هدفاً يستحق منا أن نحتويه ونستغله، فلا نتلف عمرنا ونبدده بالضياع والبطالة والاسترخاء والنوم والكسل، فالمجتمعات المتقدمة وصلت إلى ما هي عليه من حيث التطور العلمي والفكري نتيجة هذا النظام المنسق للحياة واستيعاب المفهوم الحقيقي لها ومحاولة المرأة أن تكشف كل النقاط المبهمة والغامضة وتسخيرها لملء هذا الفراغ لتحقيق أكبر فائدة ممكنة.
* خولة القزويني
توقيع : بلقيس الهاشمية | | |
| |