عالجوا المواطن بكرامة

2-9-2006م
بقلم د. عبد الله بن موسى الطاير

متى يمكن ان تحل حاجات الناس دون الحاجة إلى اراقة ماء وجوههم وتسول حقوقهم التي يكفلها النظام لهم؟ متى نصل إلى الدرجة التي نشعر فيها بآدميتنا وانسانيتنا عندما نكون في اشد حالات الحاجة إلى العلاج؟ ان اضعف اللحظات هي التي يكون فيها الإنسان مريضاً، واشدها ألماً على النفس عندما يكون عزيز عليك مريضاً، فيجتمع الحزن والالم والحرقة مع الإحساس بالعجز عن فعل شيء لمريض ينهشه الالم ويقصف المرض مساحات الأمل.

الستشفيات المجهزة لاستقبال الحالات الصعبة قليلة، وتلك التي تعالج امراضاً مستعصية تعد على اصابع اليد الواحدة. وعليك ان تشد الرحال، وان تستجدي اللجان الطبية وان ترفع البرقيات، وان توسط من تعرف ولا تعرف في سبيل ان تجد العلاج المناسب.

إلى متى سنبقى بهذه الحال التي تجاوزها الزمن؟ هناك مشكلة حقيقية يراها الجميع سوى وزارة الصحة. وعلى الوزارة ان تقنعنا بأنه لا مشكلة، وان تشرح لنا تفاصيل المسألة. ان كانت المشكلة في المواطن فلتدشن الوزارة حملة اعلامية متكاملة تشرح فيها الإجراءات الطبية للناس حتى يعرف الناس حقوقهم. اما ان نقول بأن حق العلاج مكفول مجاناً للمواطن ثم لا يجد مستشفى يقبل حالته أو حالة قريب له حتى يفوت الاوان، فإن ذلك معناه خطير وخطير جداً. وان كانت هناك مشكلة مالية لدى الوزارة لا تمكنها من اداء واجبها عن الوجه الاكمل فعلى المسؤولين عنها ان يوضحوا ذلك للناس، وان كنت اعتقد ان هذا هو أفضل الأوقات لحل المشكلات المالية. اما ان كانت المشكلة متعلقة بسوء إدارة وتخطيط ونظرة دونية للمواطن الذي يرتاد المستشفيات العامة على اعتبار انه لو كان مهماً لذهب لمستشفى من مستشفيات النجوم الخمسة أو مستشفى اهلي فإن على الاجهزة المسؤولة ان تتدخل انتصاراً لارواح الناس وصوناً لكرامتهم واحقاقاً لحقوقهم.

لماذا لا يفهم بعض المسؤولين عن الصحة بأن العلاج حق مكفول في النظام وليس منة من أحد؟ لقد تعبت الاقلام، وبحت الاصوات بعد فضيحة مستشفى شهار للامراض النفسية، ومع ذلك لم نجد من يقول لنا ماذا حدث تحديداً ولماذا حدث؟ أين نتائج التحقيقات؟ سواء اكانت وزارة الصحة أو جهة أخرى مسؤولة عنها، فانه من حقنا ان نعرف ما حدث ولماذا حدث ومن عوقب من جراء الاهمال الذي هز المجتمع السعودي.

ماذا حدث في موضوع رزان التي ابكت مأساتها المواطن، ومع ذلك لم نكرم بمعرفة مصير من تسببوا في تلك الفاجعة الانسانية؟ لا اعلم لماذا هذا الصمت على قضايا تثير المواطن؟ ولماذا التغاضي عن مسؤولين يجب ان يدانوا بالتقصير علناً؟

فعندما يكون طفلي مريضاً بين الحياة والموت، ولا يجد العلاج المناسب في الوقت المناسب والمكان المناسب بشكل تلقائي فإن ذلك يعني ان المواطن لا يمثل هماً ولا رقماً في معادلة بقاء المسؤول في منصبه من عدمه.

إذا كان المسؤول لا يقال من عمله بسبب تقصيره في حق المواطن فمتى يقال؟

لست معنياً، كمواطن بحاجة إلى الخدمات الطبية، بظروف الوزارة المالية ولا بالظروف النفسية ومزاج المسؤولين. هذه امور تحل بعيداً عن التأثير على نوع وكم الخدمة الصحية المقدمة لي.

هناك مشكلات كثيرة في بعض القطاعات الحكومية ولكن وضع وزارة الصحة حساس جداً لانه يتعامل مع المواطنين في ظروف صعبة، ومعاناة قاسية.

كل الذي نتمناه ان يكون لدينا إجراءات واضحة. نريد ان نرى حقوقنا مطبقة عملياً. إن كان المريض يحتاج تحويلاً فليحول دونما حاجة إلى واسطة. ان كان يحتاج إلى مستشفى متخصص فليتح له ذلك بشكل تلقائي دون ان يمر عبر بوابة (أهلية العلاج) في بعض المستشفيات التخصصية والتي تمثل بيروقراطية أخرى في سلسلة اللجان الطبية. فالمعيار الذي يطبقونه أنهم لا يتقبلون الحالات عندما تكون حرجة خوفاً من ان يموت المريض في المستشفى وتتأثر سمعة المستشفى بعدد المتوفين فيه. وهم ايضاً لا يقبلون الحالات عندما تكون في بداياتها لأن هناك مستشفيات أخرى يمكن ان تداويها.

يا جماعة الخير، المواطن السعودي يريد خدمات صحية تليق بمستواه، وتلبي حاجاته الانسانية، فهل هذا كثير عليه؟ نحن نتحدث عن واقع مرير لا تجدي معه تصريحات القسم الإعلامي النشط في وزارة الصحة.