03-27-2010, 08:52 PM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى :
علم - ثقافة - تطوير ذات النفس والروح للراحل مصطفى محمود النفس و الروح في اللغة الدارجة نخلط دائما بين النفس و الروح، فنقول إن فلاناً طلعت روحه.. و نقول إن فلاناً روحه تشتهي كذا، أو أن روحه تتعذب أو أن روحه توسوس له، أو أن روحه زهقت، أو أن روحه اطمأنت، أو أن روحه تاقت و اشتاقت أو ضجرت و ملت.. و كلها تعبيرات خاطئة، و كلها أحوال ت...خص النفس و ليس الروح. فالتي تخرج من بدن الميت عند الحشرجة و الموت هي نفسه و ليست روحه. يقول الملائكة في القرآن للمجرمين ساعة الموت: (( أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون )) (93 – الأنعام) و التي تذوق الموت هي النفس و ليس الروح. (( كل نفس ذائقة الموت )) (185 – آل عمران) و النفس تذوق الموت و لكن لا تموت.. فتذوقها الموت هو رحلة خروجها من البدن، و النفس موجودة قبل الميلاد، و هي موجودة بطول الحياة، و هي باقية بعد الموت، و عن وجود الأنفس قبل ميلاد أصحابها يقول الله: إنه أخذ الذرية من ظهور الآباء قبل أن تولد و أشهدها على ربوبيته حتى لا يتعلل أحد بأنه كفر لأنه وجد أباه على الكفر. (( و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل و كنا ذريةً من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون، و كذلك نفصل الآيات و لعلهم يرجعون )) (172، 173، 174 – الأعراف) فذلك مشهد أحضرت فيه الأنفس قبل أن تلابس أجسادها بالميلاد، و ليس لأحد عذر بأن يكفر بعلة كفر أبيه، فقد كان لكل نفس مشهد مستقل طالعت فيه الربوبية.. و بهذا استقرت حقيقة الربوبية فطرتنا جميعاً. ثم إن الروح لا توسوس، و لا تشتهي و لا تهوى و لا تضجر و لا تمل و لا تتعذب، و لا تعاني هبوطا و لا انتكاسا. إنما تلك كلها من أحوال النفس و ليس الروح. يقول القرآن: (( فطوعت له نفسه قتل أخيه)) (30 – المائدة) (( و لقد خلقنا الإنسان و نعلم ما توسوس به نفسه)) (16 – ق) (( و نفس و ما سواها، فألهمها فجورها و تقواها)) (7، 8 – الشمس) (( بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل)) (18 – يوسف) (( و ضاقت عليهم أنفسهم و ظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه)) (118 – التوبة) (( إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا و تزهق أنفسهم)) (55 – التوبة) (( و من يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه)) (130 – البقرة) (( و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)) (9 – الحشر) (( و أحضرت الأنفس الشح) (128 – النساء) (( و ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء)) (53 – يوسف) فالنفس هي المتهمة في القرآن بالشح و الوسواس و الفجور و الطبيعة الأمارة، و للنفس في القرآن ترق و عروج، فهي يمكن أن تتزكى و تتطهر، فتوصف بأنها لوامة و ملهمة و مطمئنة و راضية و مرضية. (( يأيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي، و ادخلي جنتي)) (27 – 30 الفجر) أما الروح في القرآن فتذكر دائما بدرجة عالية من التقديس و التنزيه و التشريف، و لا يذكر لها أحوال من عذاب أو هوى أو شهوة أو شوق أو تطهر أو تدنس أو رفعة أو هبوط أو ضجر أو ملل، و لا يذكر أنها تخرج من الجسد أو أنها تذوق الموت.. و لا تنسب إلى الإنسان و إنما تأتي دائما منسوبة إلى الله. يقول الله عن مريم: (( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا)) (17 – مريم) و يقول عن آدم: (( فإذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)) (29 – الحجر) يقول (( روحي )) و لا يقول روح آدم. فينسب ربنا الروح لنفسه دائما. (( و أيدهم بروح منه)) أي من الله (22 – المجادلة) و يقول عن القرآن و نزوله على النبي عليه الصلاة و السلام: (( و كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا)) (52 – الشورى) و يقصد بالروح هنا الكلم الإلهي القرآني. (( يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق)) (15 - غافر) (( ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده)) (2 – النحل) و الروح هنا هي الكلمة الإلهية و الأمر الإلهي. و الروح دائما تنسب إلى الله، و هي دائما في حركة من الله و إلى الله و لا تجري عليها الأحوال الإنسانية و لا الصفات البشرية.. و لا يمكن أن تكون محلا لشهوة أو هوى أو شوق أو عذاب. و لهذا توصف الروح بأوصاف عالية. فيقول القرآن عن جبريل: إنه روح القدس.. و الروح الأمين. و يقول عن عيسى إنه (( رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه)) أي روح من الله (171 – النساء) أما النفس فهي دائما تنسب إلى صاحبها. (( و ما أصابك من سيئة فمن نفسك)) (79 – النساء) (( و من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه)) (15 – الإسراء) (( و ضاقت عليهم أنفسهم)) (118 – التوبة) (( و ما أبرئ نفسي)) (54 – يوسف) (( و كذلك سولت لي نفسي)) (96 – طه) (( و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)) (9 – الحشر) (( و من يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه)) 130 – البقرة) و حينما تنسب النفس إلى الله فتلك هي الذات الإلهية. (( و يحذركم الله نفسه)) (28 – آل عمران) ذلك هو الله ليس كمثله شيئ و هو مما لا يستطيع الإنسان أن يتخيل له شبيها و لا يصح أن نقيس النفس الإلهية على نفوسنا.. فالنفس الإلهية هي غيب الغيب. يقول عيسى لربه يوم القيامة: (( تعلم ما في نفسي و لا أعلم ما في نفسك)) (116 – المائدة) فالنفس الإلهية لا تتشابه مع النفس الإنسانية إلا في اللفظ و لكنها شيء آخر البتة.. (( ليس كمثله شيء)) (11 – الشورى) (( لم يكن له كفوا أحد)) (4 – الإخلاص) و السؤال إذن: ما نصيب كل منا من الروح؟ و ماذا نعني حينما نقول إن لنا روحا و جسدا؟ ثم ما علاقة نفس كل منا بروحه و جسده؟ أما نصيبنا من الروح فهو النفخة التي ذكرها القرآن في قصة خلق آدم. (( إني خالق بشرا من طين، فإذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)) (71، 72 – ص) و ما حدث من أمر التسوية و التصوير و النفخ في صورة آدم يعود فيتكرر في داخل الرحم في الحياة الجنينية لكل منا.. فيكون لكل منا تسوية و تصوير، ثم نفخة ربانية حتى تتهيأ الأنسجة و يستعد المحل لتلقي هذه النفخة، و ذلك يكون في الشهر الثالث من الحياة الجنينية، و ينتقل الخلق بهذه النفخة من حال إلى حال.. يقول ربنا عن هذه المراحل: (( ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين)) (14 – المؤمنون) فيقول عند النفخة: ((ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين)).. إشارة إلى نقلة هائلة نقل بها المضغة المكسوة بالعظام إلى مستوى لا يبلغه و لا يقدر عليه إلا أحسن الخالقين.. و ذلك بالنفخة الربانية. و يتكلم عن هذا النفخ في الجنين بعد تسويته في آية أخرى عن نسل آدم. (( ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم سواه و نفخ فيه من روحه و جعل لكم السمع و الأبصار و الأفئدة)) (8، 9 – السجدة) و نفهم من هذا أن السمع و البصر و الفؤاد هي من ثمار هذه النفخة الروحية.. و إنه بهذه المواهب ينقل الإنسان من نشأة إلى نشأة و من مستوى إلى مستوى، و هذا هو معنى.. ((ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين)). إن نصيبنا من هذه الروح إذن هو نصيبنا من هذه النفخة.. و كل منا يأخذ من هذه النفخة على قدر استعداده. و بفضل هذه النفخة يصبح للواحد منا خيال و ضمير و قيم و عالم من المثل.. و الجسد و الروح فينا أشبه بأرض الواقع و سماء المثال. و علاقة نفس كل منا بروحه و جسده هي أشبه بعلاقة ذرة الحديد بالمجال المغناطيسي ذي القطبين. و الذي يحدث للنفس دائما هو حالة استقطاب، إما انجذاب و هبوط إلى الجسد، إلى حمأة الواقع و طين الغرائز و الشهوات، و هذا هو ما يحدث للنفس الجسدانية الحيوانية حينما تشاكل الطين و تجانس التراب في كثافتها، و إما انجذاب و صعود إلى الروح، إلى سماوات المثال و القيم و الأخلاق الربانية، و هو ما يحدث للنفس حينما تشاكل الروح و تجانسها في لطفها و شفافيتها.. و النفس طوال الحياة في حركة و تذبذب و استقطاب بين القطب الروحي و بين القطب الجسدي.. مرة تطغى عليها ناريتها و طينتها، و مرة تغلبها شفافيتها و طهارنها. و الجسد و الروح هما مجال الامتحان و الابتلاء، فتبتلى النفس و تمتحن بهاتين القوتين الجاذبتين إلى أسفل و إلى أعلى لتخرج سرها، و تفصح عن حقيقتها و رتبتها و ليظهر خيرها و شرها. و من هنا نفهم أن حقيقة الإنسان هي((نفسه))، و الذي يولد و يبعث و يحاسب هو نفسه، و الذي يمتحن و يبتلى هو نفسه، و ما يجري عليه من الأحوال و الأحزان و الأشواق هي نفسه.. أما جسده و روحه فهما مجرد مجال تماما مثل الأرض و السماوات في كونهما مجال حركة بالنسبة للإنسان لإظهار مواهبه و ملكاته.. فكما أعطى الله لهذه النفس عضلات (جسدا) كذلك أعطاها روحا لتحيا، و تعمل و تكشف عن سرها و مكنونها و تباشر خيرها و شرها. و بهذا المعنى تكون كلمة ((تحضير الأرواح)) كلمة خاطئة، فالأرواح لا تستحضر، و لا يمكن لأي روح أن تستحضر، لأن الروح نور منسوب إلى الله وحده، و هو ينفخ فينا هذا النور لنستنير به.. و هذا النور من الله و إلى الله يعود و لا يمكن حشره أو استحضاره.. أما ما يحشر و يستحضر فهي الأنفس و ليس الأرواح.. هذا إذا صح أن هؤلاء الناس يستحضرون أنفسا في جلساتهم.. و أغلب الظن أن ما يحضر يكون من الجن المصاحب لهذه الأنفس في حياتها (القرناء)، و كل منا له في حياته قرين من الجن يصاحبه، و هو بحكم هذه الصحبة الطويلة يعرف أسراره و يستطيع أن يقلد صوته و إمضاءه، و هذا الجن هو الذي يلابس الوسيط في غرفة التحضير المظلمة، و يدهش الموجودين بما يحسبونه خوارق. أما الأرواح فلا يمكن استحضارها. أما الأنفس فلا يحشرها و لا يحضرها إلا ربها. و النفس لا يمكن أن تتحول إلى روح، و إنما هي في أحسن أحوالها ترتقي حتى تشاكل الروح و تجانسها بقدر ما تتخلق بالأخلاق الربانية، و بقدر ما تقترب من المثال النوراني (الروح التي نفخها الله في الإنسان). كذلك يمكن لهذه النفس أن تتدنى و تهبط حتى تشاكل الشياطين، و تجانس إبليس في ناريته. و النفس التي تتطهر و تتزكى حتى تشاكل و تجانس الروح في لطفها هي التي يقربها الله من عرشه يوم القيامة، و هي التي يقول عنها إنها ستكون (( في مقعد صدق عند مليك مقتدر)) (55 – القمر) .. لأنها بهذا التطهر و الترقي تصبح نفسا ربانية مكانها إلى جوار الله. أما النفوس المظلمة التي تهبط بفجورها و غلظتها إلى الدرك الشيطاني فهم الذين يقول عنهم ربهم يوم القيامة: (( إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)) (15 – المطففين) و هؤلاء سيكون مكانهم مع النفوس النارية السفلية في قاع الظلمة و الجحيم. أما الروح فلا مكان لها في جنة أو جحيم، و إنما هي نور من نور الله تنسب إليه، و هي منه و لايجري عليها ابتلاء و لا محاسبة و لا معاقبة و لا مكافأة.. و إنما هي المثل الأعلى في الآية: (( و له المثل الأعلى و هو العزيز الحكيم)) (60 – النحل) (( و له المثل الأعلى في السماوات و الأرض و هو العزيز الحكيم)) (27 – الروم) و ذلك عالم المثال النوراني الذي يستمد قدسيته و نورانيته من كونه من الله و من أمر الله. (( و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا)) (85 – الإسراء)
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
03-28-2010, 10:40 AM | المشاركة رقم: 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
alabasi المنتدى :
علم - ثقافة - تطوير ذات رد: النفس والروح للراحل مصطفى محمود مقال روعة تشكوراتنا لك
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
03-28-2010, 08:16 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
alabasi المنتدى :
علم - ثقافة - تطوير ذات رد: النفس والروح للراحل مصطفى محمود إقتباس:
"اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" . جزاك الله خير الجزاء عبد الله عالموضوع
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
03-29-2010, 03:15 AM | المشاركة رقم: 4 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
alabasi المنتدى :
علم - ثقافة - تطوير ذات رد: النفس والروح للراحل مصطفى محمود جزاك اللــه كل خيــــــــر على الموضوع تقبـــــــل تواجـــــدي تحياتي لك
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||
03-29-2010, 09:27 PM | المشاركة رقم: 5 | |||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
alabasi المنتدى :
علم - ثقافة - تطوير ذات رد: النفس والروح للراحل مصطفى محمود إقتباس:
النفس تخرج ويموت الانسان والروح باقيه فيه ...! يموت والروح في جسده باقيه مافهمت ولا اقتنعت
| |||||||||||||||||||||||||||||||||
03-29-2010, 11:41 PM | المشاركة رقم: 6 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
alabasi المنتدى :
علم - ثقافة - تطوير ذات رد: النفس والروح للراحل مصطفى محمود
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
03-29-2010, 11:42 PM | المشاركة رقم: 7 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
alabasi المنتدى :
علم - ثقافة - تطوير ذات رد: النفس والروح للراحل مصطفى محمود إقتباس:
ابنة الاسلام وإياك إن شاء الله ، الله يجزيك بالمثل وشكراً لمرورك الكريم
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
03-29-2010, 11:43 PM | المشاركة رقم: 8 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
alabasi المنتدى :
علم - ثقافة - تطوير ذات رد: النفس والروح للراحل مصطفى محمود إقتباس:
دمكم المغترب وإياك إن شاء الله ، الله يجزيك خير ، وشكراً لمرورك الكريم
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
03-30-2010, 12:01 AM | المشاركة رقم: 9 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
alabasi المنتدى :
علم - ثقافة - تطوير ذات رد: النفس والروح للراحل مصطفى محمود إقتباس:
حفيدة عبدالله بن العباس شكراً لمرورك الكريم ذكر الكاتب بآخر كلامه قول الله تعالى (( و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا)) يعني هو عارف أن كلامه قد يصيب وقد يخطئ ، ولو قرأنا تفسير الآيه : (( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" )) تفسير الآيه هذي في تفسير القرطبي وتراني أول مرة أقرأه : قوله تعالى: "الله يتوفى الأنفس حين موتها" أي يقبضها عند فناء آجالها "والتي لم تمت في منامها" اختلف فيه. فقيل: يقبضها عن التصرف مع بقاء أرواحها في أجسادها "فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى" وهي النائمة فيطلقها بالتصرف إلى أجل موتها؛ قال ابن عيسى. وقال الفراء: المعنى ويقبض التي لم تمت في منامها عند انقضاء أجلها. قال: وقد يكون توفيها نومها؛ فيكون التقدير على هذا والتي لم تمت وفاتها نومها. وقال ابن عباس وغيره من المفسرين: إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتتعارف ما شاء الله منها، فإذا أراد جميعها الرجوع إلى الأجساد أمسك الله أرواح الأموات عنده، وأرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها. وقال سعيد بن جبير: إن الله يقبض أرواح الأموات إذا ماتوا، وأرواح الأحياء إذا ناموا، فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف "فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى" أي يعيدها. قال علي رضي الله عنه: فما رأته نفس النائم وهي في السماء قبل إرسالها إلى جسدها فهي الرؤيا الصادقة، وما رأته بعد إرسالها وقبل استقرارها في جسدها تلقيها الشياطين، وتخيل إليها الأباطيل فهي الرؤيا الكاذبة. وقال ابن زيد: النوم وفاة والموت وفاة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كما تنامون فكذلك تموتون وكما توقظون فكذلك تبعثون). وقال عمر: النوم أخو الموت. وروي مرفوعا من حديث جابر بن عبدالله قيل: يا رسول الله أينام أهل الجنة؟ قال: (لا النوم أخو الموت والجنة لا موت فيها) خرجه الدارقطني. وقال ابن عباس: (في ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس، فالنفس التي بها العقل والتمييز، والروح التي بها النفس والتحريك، فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولم يقبض روحه). وهذا قول ابن الأنباري والزجاج. قال القشيري أبو نصر: وفي هذا بعد إذ المفهوم من الآية أن النفس المقبوضة في الحال شيء واحد؛ ولهذا قال: "فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى" فإذاً يقبض الله الروح في حالين في حالة النوم وحالة الموت، فما قبضه في حال النوم فمعناه أنه يغمره بما يحبسه عن التصرف فكأنه شيء مقبوض، وما قبضه في حال الموت فهو يمسكه ولا يرسله إلى يوم القيامة. وقوله: "ويرسل الأخرى" أي يزيل الحابس عنه فيعود كما كان. فتوفي الأنفس في حال النوم بإزالة الحس وخلق الغفلة والآفة في محل الإدراك. وتوفيها في حالة الموت بخلق الموت وإزالة الحس بالكلية. "فيمسك التي قضى عليها الموت" بألا يخلق فيها الإدراك كيف وقد خلق فيها الموت؟ "ويرسل الأخرى" بأن يعيد إليها الإحساس. وقد اختلف الناس من هذه الآية في النفس والروح؛ هل هما شيء واحد أو شيئان على ما ذكرنا. والأظهر أنهما شيء واحد، وهو الذي تدل عليه الآثار الصحاح على ما نذكره في هذا الباب. من ذلك حديث أم سلمة قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه، ثم قال: (إن الروح إذا قبض تبعه البصر) وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألم تروا الإنسان إذا مات شخص بصره) قال: (فذلك حين يتبع بصره نفسه) خرجهما مسلم. وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تحضر الملائكة فإذا كان الرجل صالحا قالوا اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب راض غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء...) وذكر الحديث وإسناده صحيح خرجه ابن ماجة؛ وقد ذكرناه في التذكرة. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: (إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدان بها...). وذكر الحديث. وقال بلال في حديث الوادي: أخذ بنفسي يا رسول الله الذي أخذ بنفسك. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مقابلا له في حديث زيد بن أسلم في حديث الوادي: (يا أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولوشاء ردها إلينا في حين غير هذا). والصحيح فيه أنه جسم لطيف مشابك للأجسام المحسوسة، يجذب ويخرج وفي أكفانه يلف ويدرج، وبه إلى السماء يعرج، لا يموت ولا يفنى، وهو مما له أول وليس له آخر، وهو بعينين ويدين، وأنه ذو ريح طيبة وخبيثة؛ كما في حديث أبي هريرة. وهذه صفة الأجسام لا صفة الأعراض؛ وقد ذكرنا الأخبار بهذا كله في كتاب التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة. وقال تعالى: "فلولا إذا بلغت الحلقوم" [الواقعة: 83] يعني النفس إلى خروجها من الجسد؛ وهذه صفة الجسم. والله أعلم. خرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليأخذ داخلة إزاره فلينفض بها فراشه وليُسم الله فإنه لا يعلم ما خلفه بعد على فراشه فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن وليقل سبحانك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فاغفر لها). وقال البخاري وابن ماجة والترمذي: (فارحمها) بدل (فاغفر لها) (وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) زاد الترمذي (وإذا استيقظ فليقل الحمد لله الذي عافاني في جسدي ورد علي روحي وأذن لي بذكره). وخرج البخاري عن حذيفة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده؛ ثم يقول: (اللهم باسمك أموت وأحيا) وإذا استيقظ قال: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور). قوله تعالى: "فيمسك التي قضى عليها الموت" هذه قراءة العامة على أنه مسمى الفاعل "الموت" نصبا؛ أي قضى الله عليها وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد؛ لقوله في أول الآية: "الله يتوفى الأنفس" فهو يقضي عليها. وقرأ الأعمش ويحيى بن وثاب وحمزه والكسائي "قضي عليها الموت" على ما لم يسم فاعله. النحاس، والمعنى واحد غير أن القراءة الأولى أبين وأشبه بنسق الكلام؛ لأنهم قد أجمعوا على "ويُرسِلُ" ولم يقرؤوا "ويُرسَلُ". وفي الآية تنبيه على عظيم قدرته وانفراده بالألوهية، وأنه يفعل ما يشاء، ويحيي ويميت، لا يقدر على ذلك سواه. "إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" يعني في قبض الله نفس الميت والنائم، وإرساله نفس النائم وحبسه نفس الميت وقال الأصمعي سمعت معتمرا يقول: روح الإنسان مثل كبة الغزل، فترسل الروح، فيمضى ثم تمضى ثم تطوى فتجيء فتدخل؛ فمعنى الآية أنه يرسل من الروح شيء في حال النوم ومعظمها في البدن متصل بما يخرج منها اتصالا خفيا، فإذا استيقظ المرء جذب معظم روحه ما انبسط منها فعاد. وقيل غير هذا؛ وفي التنزيل: "ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي" [الإسراء: 85] أي لا يعلم حقيقته إلا الله. وقد تقدم في "سبحان". الآية: 43 - 45 {أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون، قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون، وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون} قوله تعالى: "أم اتخذوا من دون الله شفعاء" أي بل اتخذوا يعني الأصنام وفي الكلام ما يتضمن لم؛ أي "إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" لم يتفكروا ولكنهم اتخذوا آلهتهم شفعاء. "قل أولو كانوا لا يملكون شيئا" أي قل لهم يا محمد أتتخذونهم شفعاء وإن كانوا لا يملكون شيئا من الشفاعة "ولا يعقلون" لأنها جمادات. وهذا استفهام إنكار. "قل لله الشفاعة جميعا" نص في أن الشفاعة لله وحده كما قال: "من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه" [البقرة: 255] فلا شافع إلا من شفاعته "ولا يشفعون إلا لمن ارتضى" [الأنبياء: 28]. "جميعا" نصب على الحال. فإن قيل:"جميعا" إنما يكون للاثنين فصاعدا والشفاعة واحدة. فالجواب أن الشفاعة مصدر والمصدر يؤدي عن الاثنين والجميع: "له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون". قوله تعالى: "وإذا ذكر الله وحده" نصب على المصدر عند الخليل وسيبويه، وعلى الحال عند يونس. "اشمأزت" قال المبرد: انقبضت. وهو قول ابن عباس ومجاهد. وقال قتادة: نفرت واستكبرت وكفرت وتعصت. وقال المؤرج أنكرت. وأصل الاشمئزاز النفور والازورار. قال عمرو بن كلثوم: إذا عض الثقاف بها اشمأزت وولتهم عشوزنة زبونا وقال أبو زيد: اشمأز الرجل ذعر من الفزع وهو المذعور. وكان المشركون إذا قيل لهم "لا إله إلا الله" نفروا وكفروا. "وإذا ذكر الذين من دونه" يعني الأوثان حين ألقى الشيطان في أمنية النبي صلى الله عليه وسلم عند قراءته سورة "النجم" تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهم ترتجى. قاله جماعة المفسرين. "إذا هم يستبشرون" أي يظهر في وجوههم البشر والسرور. الآية: 46 - 48 {قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} قوله تعالى: "قل اللهم فاطر السماوات والأرض" نصب لأنه نداء مضاف وكذا "عالم الغيب" ولا يجوز عند سيبويه أن يكون نعتا. "أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون" وفي صحيح مسلم عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف قال: سألت عائشة رضي الله عنها بأي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل "فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون" اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) ولما بلغ الربيع بن خيثم قتل الحسين بن علي رضي الله عنهم قرأ: "قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون". وقال سعيد بن جبير: إني لأعرف آية ما قرأها أحد قط فسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه، قوله تعالى: "قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون". قوله تعالى: "ولو أن للذين ظلموا" أي كذبوا وأشركوا "ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة" أي من سوء عذاب ذلك اليوم. وقد مضى هذا في سورة "آل عمران" و"الرعد". "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" من أجل ما روي فيه ما رواه منصور عن مجاهد قال: عملوا أعمالا توهموا أنها حسنات فإذا هي سيئات. وقاله السدي. وقيل: عملوا أعمالا توهموا أنهم يتوبون منها قبل الموت فأدركهم الموت قبل أن يتوبوا، وقد كانوا ظنوا أنهم ينجون بالتوبة. ويجوز أن يكونوا توهموا أنه يغفر لهم من غير توبة فـ "بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" من دخول النار. وقال سفيان الثوري في هذه الآية: ويل لأهل الرياء ويل لأهل الرياء هذه آيتهم وقصتهم. وقال عكرمة بن عمار: جزع محمد بن المنكدر عند موته جزعا شديدا، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال: أخاف آية من كتاب الله "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" فأنا أخشى أن يبدو لي ما لم أكن أحتسب. "وبدا لهم" أي ظهر لهم "سيئات ما كسبوا" أي عقاب ما كسبوا من الكفر والمعاصي. "وحاق بهم" أي أحاط بهم ونزل "ما كانوا به يستهزئون". وفي النهاية راح أخذ الآية : (( و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا)) ، هي أمر يخص الله ، ومهما وصل العلم والذكاء والتطور ماراح يعرفون حل لغزها ، وسبحان الله كل البشر يعرفون ويؤمنون بأن الروح والنفس موجودة ولا يعرفون أين مكانها وما هو سرها
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
03-30-2010, 01:43 AM | المشاركة رقم: 10 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع :
alabasi المنتدى :
علم - ثقافة - تطوير ذات رد: النفس والروح للراحل مصطفى محمود إقتباس:
قال تعالى : "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و أدخلي جنتي" فيه من قال أن الروح والنفس شئ واحد ومنهم من قال أنهم شيئان مختلفان وفيه تفاصيل في هذا الموضوع لكني اطلعت على مقال رائع مثل الموضوع بهذا الشكل السيّارة وهيكلها = جسد الإنسان السائق = النفس الطاقة التي تـُحرّك السيّارة = الروح أترككم مع المقال فيه الاجابة والتوضيح http://www.5life.info/alakah.html
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||
العلامات المرجعية |
يشاهد الموضوع حالياً: 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
| |
المواضيع المتشابهة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | المشاركة الأخيرة |
100نسبه من الجمامزه الحسينيين - النوائل وبعض ابناء مهنا بن جماز الدين جماز ص 62 ملحق | السيد الغازي | كل ما يخص آل البيت | 0 | 08-20-2015 10:31 PM |
تربية النفس ع العبادة | ريحانة الوادى | مناسبات دينية | 0 | 08-10-2010 02:00 AM |
من ذريه يعقوب بن عبد المحسن -طنطاطهطا القاهره تلا ساقلته القنابره ص 68 ملحق ج3 | السيد الغازي | كل ما يخص آل البيت | 1 | 11-30-2009 12:47 AM |
ال قاسم بن عبد العزيز مصطفي( حسنيون) من الجامع ص 55 ملحق ج 3 | السيد الغازي | كل ما يخص آل البيت | 0 | 11-27-2009 03:01 AM |
أثر القرآن في الأمن النفسي | الهاشمية القرشية | المكتبة الهاشمية | 2 | 02-09-2006 07:27 PM |